استغراب
أتابع باهتمام بالغ ما تتناقله الأخبار عما يحدث في الموصل من عمليات تهجير وقتل لمواطنين أبرياء لا ذنب لهم سوى أنهم مسيحيون .
لقد زرت الموصل ولأكثر من 20 مرة وأعرفها وأعرف أهلها جيدا هي مدينة كبيرة وفيها جامعة عريقة منذ عشرات السنوات تعطي درجة الدكتوراه في مختلف التخصصات وتعتبر تلك الجامعة من أقوى الجامعات العراقية ولا يمكن أن يتخرج منها شخص في أي تخصص ما لم يكن كفؤا لتلك الشهادة .
منذ مئات السنين يعيش المسيحيون جنبا إلى جنب مع المسلمين عربا وأكرادا وتركمانا ولم أسمع في حياتي عن مشكلة أو فتنة طائفية حدثت في الموصل فما الذي يحدث الآن ؟
أنا أعرف من خلال تواجدي في العراق أثناء الدراسة والآن عبر النت أناسا كثيرين مسلمين ومسيحيين هم من أعز ـأصدقائي وحين أتكلم عن المسيحيين وأغلبهم من السريان والكلدان والآشوريين أعرفهم مواطنين صادقي الانتماء لبلدهم وفي كل معارك العراق التاريخية قدموا آلاف الشهداء للذود عن كرامة وطنهم ولم يسجل في التاريخ ولا خيانة لمسيحي واحد لوطنه ومدينته الحدباء وأن الجميع منصهرون في بوتقة الحب اللا نهاية له لبلدهم .
فأين حكومة العراق مما يحصل وأستغرب صمت الحكومة وأجهزتها الأمنية والعسكرية من هذا الصمت.
لماذا لا يحركون ساكنا لهذا الأمر فهل أصبح المواطن المسيحي في العراق بلا كرامة ؟ وهل وجود المسيحيين في العراق يشكل خطرا على الأمن القومي العراقي ؟ .
أما ما يجري في غزة فهو الأسوأ من كل هذا قتل عشوائي شيوخ وأطفال في عمر الورد يتساقطون والعالم يصمت صمت الموتى .
ثم
ما هذه الصواريخ الهزيلة التي يتم إطلاقها ؟ إنها مجرد فتاشات أطفال لا تقتل ولا تدمر بل قوتها تكمن في أنها تعطي ذريعة لإسرائيل لتهاجم وتقتل بدم بارد .
أين هي القوى الوطنية والتقدمية ؟ وأين هم الباحثين عن مناصب كاذبة وحكومات هزيلة ؟ ماذا فعلوا لزقف نزف الدم الفلسطيني في غزة الجريحة وماذا تفعل حكومة حماس لحماية من تدعي أنها ترعاهم .
لا يهمني كم عدد القتلى سواء من الفلسطينيين أو الإسرائيليين فكله قتل ورخص دماء وينبغي أن تكون للإنسان كرامة أكبر من هذا .
تدعي بعض القوى انتصارات .
ولكنها انتصارات في مخيلتهم المريضة فهم أعجز من الوقوف في وجه الآلة الحربية الإسرائيلية وهم المتسببون في قتل الأطفال والشيوخ بل هم المتسببون في قتل الشيخ أحمد ياسين وعبدالعزيز الرنتيسي وغيرهم ممن طالتهم يد الغدر بعملاء من داخلهم .
والمطلوب من أهل غزة ليس الوقوف كدروع بشرية في وجه إسرائيل بل في وجه حكومة لم تستطع وعبر سنوات تلبية أبسط حاجات من تحكمهم وباسم الدين ويجب أن يقال لهم كفى . كفى بطشا في الدم الفلسطيني فقد جعلتموه ارخص سلعة لديكم .
وفي سوريا حدث ولا حرج فسوريا جريحة بفعل التخريب القادم من الخارج وليس من داخل الشعب السوري البطل .
وعلى فيس بوك ما يزال الشباب الفارغ من كل مضمون يقومون بتنزيل البوستات والتعليقات المائعة وغير المسؤولة والتي تعبر عن استهتار الشباب العربي بكل ما يجري حولهم فتجد البوست التافه والمخزي يحصد آلاف التعليقات والبوستات الجادة إعجابات وتعليقات خجولة العدد .
متى سيحس شبابنا بما حولهم ويقفون لحظة تفكير وتأمل مع نفوسهم ؟
متى يكفون عن الميوعة والسذاجة والتخنث ويقدروا حجم ما حولهم من كوارث تحصد أرواح الآلاف ؟
أسئلة أطرحها على الجميع ولا أبرئ أحدا وأنا أولهم