ثورة الشواف آذار 1959/ الجزء الاول

                                                         

                           

               

الموقف قبل الثوره

بعد نجاح الثوره في 14 تموز 1958 قرر الضباط الاحرار حل التنظيم السري لانتفاء الحاجه اليه بالرغم من عدم تحقيق جميع الاهداف المتفق عليها وخاصة تشكيل مجلس قيادة الثوره ولكنها حققت اسمى اهدافها وهو القضاء على النظام الملكي والتحرر من الاستعمار ولكن حل التنظيم لم يمنع بقاء العلاقات بين الضباط بعضهم البعض وبقاء العلاقات بينهم الامر الذي كان يتم فيه بصوره لااراديه مناقشة مايجري من احداث وتطورات على الساحه السياسيه خاصة وان الكثير من ضباط التنظيم كلفوا بمناصب ثانويه وبعيده عن التأثير في حين تسلق العديد من الانتهازيين والمنتفعين الى مناصب مهمه وهؤلاء لم يكن لهم دورا ولو ضئيلا في الثوره بل قسما منهم من كان على علاقه وطيده وقريبه من النظام الملكي والانكليز .

           

التخبط الذي اصاب العمل السياسي والاداري للدوله والاحداث التي تلت فيما بعد وفي مقدمتها قضية عبد السلام عارف وتجريده من منصب نائب القائد العام للقوات المسلحه في يوم 11 أيلول 1958 بحجة تعارض قدمه مع قادة الفرق العسكريه ومعاوني رئاسة اركان الجيش ثم اتبعها قرار اخراجه من وزارة الداخليه في يوم 30 أيلول 1958 وبوادر ابعاد الضباط الاحرار الى مناصب عقيمه غير ذات تأثير يذكر وتقريب مجموعه من الشيوعيين الى السلطه على حساب القوميين العرب والاستفراد بالقرارات ,, كل ذلك ادى الى ظهور فكرة اعادة تنظيم الضباط الاحرار تحت هدف ( تصحيح الثوره )..

                                 

بعد ان سمع عبد الوهاب الشواف هذه الاخبار وخاصة تمزيق القرأن في بغداد هرع مسرعا لمقابلة قاسم وهو ساخطا لما يجري وقال لقد مزق القرأن الكريم من قبل هولاكو واليوم يمزقه حفنه من الملحدين في بغداد ويهان الدين الاسلامي في زمانك ؟؟ وكان جواب قاسم:انا غير قادر على ادخال الدين في عقول الناس بالقوه!! .

استمرت الحمله الغوغائيه والمنظمه وخاصة بعد اجازة (جريدة اتحاد الشعب) الناطقه بلسان الحزب الشيوعي العراقي غير المجاز واصدرت جريده اخرى باسم (صوت الشعب الكردي ) لتساهم هي الاخرى ببث الاخبار والاكاذيب والتهم الباطله وتشويه الوحده بين مصر وسوريا وهيمن على الشارع بعض الهاربين من احكام قضائيه ومن المطلوبين للقضاء العراقي وكانوا خارج العراق وعادوا يحملون حقدا مضاعفا على العراق وعلى العرب كما هو حال ابنائهم اليوم والذين دخلوا مع بسطال الامريكان ,, كل ذلك دفع مجددا حركة الضباط الاحرار للتفكير جديا بتغيير الحكم وخاصة بعد مقابلة المرحوم رفعت الحاج سري لقاسم ومطالبته بتشكيل مجلس قيادة الثوره المتفق عليه ولكن قاسم رفض ذلك وانفرد بالسلطه (كان قاسم يشغل منصب رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحه ووزير الدفاع ) ..

         

خطة الثوره

كانت الخطه تقضي بقيام الفرقه الثانيه بقيادة العميد الركن ناظم الطبقجلي بالتحرك وتأمين الالويه والاقضيه والنواحي التي تحت مسؤوليته ومن ثم التحرك باتجاه بغداد اذا اقتضى الامر ولكن هذه الخطه استبعدت خوفا من التاثير على حقول النفط مما يستدعي تدخل خارجي ..

تحولت الانظار الى الموصل وتمت مفاتحة العقيد الركن عبد الوهاب الشواف فأبدى استعداده لذلك بعد ان تأكد كما يقول من عدم امكانية اصلاح الامور وقاسم على رأس السلطه في بغداد ..

اما في بغداد فقد وضع العقيد رفعت الحاج سري اربعه من الرجال الاشداء من القوميين المخلصين لاغتيال عبد الكريم قاسم اثناء اجتماع مجلس الوزراء او في غرفته وقد تمت تهيئة الاسلحه والقنابل اليدويه وحفظت في خزانه حديديه في مديرية الاستخبارات العسكريه التي كان رفعت مديرها ويقوم هو بقيادة تنفيذ العمليه للاجهاز على قاسم واجباره على الاستقاله وتسفيره خارج العراق او الاضطرار الى تصفيته .

وضعت خطه ثانويه للسيطره على مرسلات ابو غريب الاذاعيه من قبل بعض القطعات العسكريه وكذلك تهيئة قطعات عسكريه في جنوب وشمال العراق للسيطره على الاوضاع .

تم الاتفاق مع الاحزاب القوميه والتنظيمات الشعبيه للخروج في تظاهرات تأييد للثوره حال قيامها ..

كان مقررا ان يكون موعد الثوره في 6 آذار 1959 .

تم الاتصال مع الجمهوريه العربيه المتحده والتنسيق معها .

في اليوم المقرر 6 آذار انتظر الجميع في ثكناتهم للقيام بما هو مقرر ولكن لم يسمع شيئا عنها وقد حلل المنتظرون ان هناك بعض المندسين على الثوره وتم التاجيل خوفا من فشلها ,, الا ان الشواف بعد ان تأكد من كل شيء اصبح جاهزا وخشية من انكشاف امرها بعث برساله شفويه الى رفعت الحاج سري بيد الملازم نافع محمود يقول فيه (( جحفل لواء الخامس والفئات القوميه في مدينة الموصل والعشائر المواليه جاهزه ومستعده والاذاعه جاهزه ونحن بانتظار تحديد الموعد من قبلكم )) ..

استلم رفعت الرساله واعاد الجواب بيد الملازم نافع محمود قائلا (( تعلن الثوره يوم 7\8 أذار 1959 وفي الساعه الثانيه عشره وسوف نعمل في اليوم التالي فلا ينبغي ان تنهار معنوياتكم لاننا سنعمل حتما في اليوم الذي يليه ,, سلم لي على الاخوان في الموصل )) ..

مما يجدر الاشاره اليه ان العقيد الشواف قابل عبد الكريم قاسم قبل الاحداث خمسة مرات يشكو فيها الحاله وخاصة بعد القرار على ارسال انصار السلام في القطار الى الموصل لاجراء مهرجانهم بدلا من مدينة الحله كما كان مقررا والحاح قاسم على نقله الى الموصل بالرغم من طلب ومواجهة الشواف له وتحذيره من انهيار امني وصدامات سوف تقع وحمامات دم ووعده في اخر مرة خيرا ولكنه ارسل اليه رساله يحمله مسؤولية امن الموصل لانه القائد العسكري فيها والابقاء على مهرجان انصار السلام في الموصل ..

اجتماع دير ماركوركيس

نظم الحزب الشيوعي العراقي مؤتمرا في دير مسيحي ( ماركوركيس ) وهو يقع على بعد 30 كم عن الموصل وحضر الاجتماع كل من :

1 . اعضاء اللجنه المحليه للحزب الشيوعي في الموصل

2 . خمسة اعضاء من اللجنه المركزيه للحزب الشيوعي العراقي .

3 . خالد بكداش السكرتير الاول للحزب الشيوعي السوري .

4 . غالب العياش السكرتيرالاعلى لرابطه الاحزاب الشيوعيين في الشرق الاوسط .

5 . بشرى الخوري عن الحزب الشيوعي السوري .

6 . فأجير الياهو سكرتير الحزب الشيوعي الاسرائيلي.

7 . سايم رضا سايم سكرتير حزب تودا الايراني مع عشرين عضو .

8 . احمدوف خير الدينوف عن الحزب الشيوعي السوفيتي .

9 . ممثلين عن المقاومه الشعبيه وبعض العناصر النسويه .

اول من تحدث في الاجتماع ( فأجير الياهو ) باللغه العربيه قائلا :

( ان الشيوعيه الطالعه تخوض اليوم اهم قسم من حربها ضد اعدائها انها اليوم تقرر ان تنتصر على الرجعيه المتمثله بمن يسمون انفسهم بالقوميين العرب وهم الذين يعسكرون اليوم في الموصل افواجا ووحدانا ومن حسن المقادير ان تكون الظروف ملائمه لكي يثبت حزبنا حسن مقاصده ونواياه للحكومه الحاليه اذ ان الموصل مقبله على تمرد عسكري مسلح ضد الوضع القائم وهو تمرد رجعي .. وعلى اية حال فسوف يثبت حزبنا البطل وجوده كقوه رئيسيه في البلد لها معيارها الوطني .. ان حزبنا قرر سحق العناصر التي سوف تتمرد من قبل ان تعلن تمردها كما انه سوف يسحق اولئك المتمشدقين بالقوميه العربيه المعروفين في رجعيتهم )..

لكن كيف تمكن هذا الصهيوني من معرفة هذه العمليه ؟؟ هناك احتمال ان تكون سرية العمل غير رصينه كما تبين مدى اهتمام الدوائر الاستعماريه بالعراق والحركه القوميه فيه..
وبعد ذلك تحدث سكرتير حزب توده (سيام رضا سيام) فقال :

( ان مشاركة حزبنا لحزبكم في حربه التي يخوضها ضد الرجعيه المتمثله بمن يسمون بالقوميين العرب ,, اقول ان مشاركتنا لكم فعليا في معركة الموصل المنتظره ليست بالجديده ولا بالمبتكره ولكنها حصيلة آخاء ) ..[/size]

  

    خالد بكداش هو الثاني من اليمين مع زوجته السيدة وصال فرحة بكداش

اما (خالد بكداش) فقال : (جئنا اليوم لنتفق على الكيفية التي نزيح بها الفئات الرجعيه من امامنا ) ..

تم الاتفاق في هذا الاجتماع على ابادة القوميين العرب في الموصل بالقتل والسحل والتأكيد على التمثيل بالجثث لاثارة الرعب وقد تم تهيئة ( 850 ) عنصر من اعضاء الحزب الشيوعي المتدربين على احدث الاسلحه لخوض المعركه المقبله(منهم اعضاء من حزب توده الايراني )وسميوا هؤلاء بالمنتدبين وقد وضعت خطه مفصله لذلك سميت ( N28 )..

الخطة .. N28

وضعت هذه الخطه من قبل حزب توده الشيوعي الايراني وتتضمن مايلي :

1 . تقسيم مدينة الموصل الى مثلثات والمقصود بالمثلث هي مناطق القوميين العرب المراد ابادتها .

2 . طريقة الاباده هي السحل والتمثيل بالجثث .

3 . تشكل محاكم بروليتاريا لمحاكمة القوميين والحكم بابادتهم .

4 . تشكل مجموعات لاستفزاز الجيش .

5 . تبدأ عملية التطهير بمدينة ( تلكيف ) واعتبارها قاعدة تموين .

6 . فرض الشيوعيين في الوظائف المهمه في الموصل ..

7 . استفزاز الاهالي وجرهم للمعركه ..

ولقد تم وضع علامة ( x ) على دور القوميين المراد ابادتهم وسلمت الى قيادة المثلث الرئيسي .

لقد كانت هناك خطة مماثله لهذه الخطه في بغداد قد تم تسليمها الى عبد الكريم قاسم وقد ذكر ذلك في مؤتمر صحفي عقده يوم 29 / 7 / 1959 اي بعد احداث الموصل باكثر من اربعة اشهر وهو لم يحرك ساكن في حينه . وقد قال ان هناك نسخ اخرى من هذه الخطه لانها مطبوعه بالكاربون ..

لقد كانت اسباب الثوره كثيره منها :

الفوضى التي سادت البلاد

التغلغل في الجيش

شق وحدة الصف العربي

الاقتراب من الحرب الاهليه

الطعن بالشخصيات القوميه

نشر الافكار والمنشورات الملحده

التعرض للدين الاسلامي

محكمة الشعب

معاداة التيار العروبي

الاستفراد بالسلطه وبداية تأسيس للديكتاتوريه


والى الجزء الثاني من ثورة الشواف وهي صفحة التنفيذ

صديق المجله / بغداد