في أليوم ألثالث من شهر تّموز ألمشؤوم، في ألساعة ألسابعة إلا ربع مساءاً وتلبيةً لإرادة ألآب ألسّماوي ألحنّان. رفيقة ألعمر ألنبيلة، ألمخلصة وألوفية " أستيلا شاكر گوريا "، أودعت روحها ألطاهرة في يد ملاكها ألحارس لترحل إلى ألسماء ألعُليا، عائدةً من دار ألأحزان والآلام، دار ألغربة ..... هذه ألدنيا ألزائلة، إلى دار ألسلام حيث موطن ألأبرار ذوي ألقلوب ألنقية وألأيادي ألبيضاء، للإشتراكِ مع جحافل جند ألسماء ألملائكة والطوباويين في تمجيد الآب ألأزلي ونيل ألسّعادة ألروحية بمشاهدة مجد ألآبِ ألذي تتوق إليه كلُ نفسٍ مؤمنة..
أيتها ألزوجة ألنبيلة : كنتِ شجرةً باسقة مورقة نتفيَأ تحت ظلالِها..... مزدهرة ومثمرة بألإيمان وألمحبة ...وألحكمة... وألنبل.... نقتطف من ثمار حنانكِ وحلمكِ وهدوئ طبعكِ، وصبرك ألجميل ألمنقطع ألنظير..... وهكذا ستبقين خالدةً في أعماق قلوبنا وثنايا أحاسيسنا وصُلب وجداننا.
رمز سعادتنا أستيلا : كنتِ شمعة بلا دُخان، متوهجة في فضاءِ حياتنا. غير أن ألقدرَ قد نقل تلك ألشمعة ألمباركة إلى ألسماء ألعليا، فحُرِمنا من ألبهجة ألتي كانت تغمرنا في أجواءِ نورها ألهادئ أللطيف.
لقد تحلّيتِ بعناصر ألقداسة وألبرارة ألتي تجلّت في رسوخِ إيمانكِ .... قوة رجائكِ.... صدق محبتكِ .... هدوء طبعكِ.... رَزانة عقلكِ ..... حكمة وبلاغة منطقِكِ...... قلة كلامكِ ..... نقاوة قلبكِ....صَبرَكِ ألجميل ....عدم ألشكوى أو ألتذمر في أعسر ألأوقات وأشد ألملمات ..... عِفّتكِ ألطاهرة وقناعتكِ ألسامية في ألمأكلِ وألملبس وألمشربِ وعدم ألسعي نحو مجدِ العالم ألزائل بألتهافتِ وراء أللآلئ وألمجوهرات أوألمنفعة ألشخصية. إنما جًلّ هَمّكِ كان إسعاد أفراد العائلة، فحسب..... لم يصدر مِنكِ أي تصرّف يناقض شريعة ألمحبة ألطاهرة...... لم تنبسِ بكلمة نابية طيلة حياتكِ ..... ولم يخالجكِ شكُّ أو ريبة بحق أي إنسانٍ، هذا نزرٌ يسير من فضائلكِ .....
هذه ألفضائل ألتي تجسّدَتْ في مشوارِ حياتكِ ألطويل ألحافلِ بألأوجاع وألآلام وألمنغصات إنما هي من صفات ألأبرار وألقديسين..... ليكافئكِ ألرب من فيض رحمته وحنانه في دار النعيم.
عنوان بهجتنا أستيلا : لقد مرت أربعون يوماً علينا وكأنها أربعون دهراً منذ أن رَحَلتِ إلى جنات ألخُلدِ. ولأول مرة نشعر بألوحدة وألم ألفِراقِ، وستبقين يا أغلى ألغاليين دائما وأبدا في ألقلب وألوجدانِ، ولا يمكن للأيام وألسنين أبداً أن تمحوا ذكراكِ ألغالية..... ما حَيينا، إذ كُنتِ نِعمَ ألزوجة ألأمينة ألمخلصة ألنبيلة ألوفية.... صاحبة ألقلب ألكبير ألصّبور .... وأليد ألحانية..... لقد رحلتِ في طُرفةِ عينٍ، وكل يومٍ يمر علينا بعد رحيلكِ نخاله دهراً، فقد أضنانا ألسُّهاد ..... وعَفَتْ عيوننا ألنوم.
أيتها ألزوجة ألفاضلة : نحن لا نزال نعاني من هول الصّدمة. لقد نقلناكِ إلى ألمستشفى على أمل أن تعودي إلينا بعد فترةٍ قصيرة، أو في أليوم ألتالي كما أعتدنا سابقاً، غير ان ألقدر كان لنا بـألمرصاد ولم يُمهلكِ أكثر من سويعاتٍ قليلة، وإذا بذلك ألقلب ألكبير ألذي لم تُرعِبهُ أشد ألعمليات ألجراحية خطورة، إذا به يتمم نبضاتِهِ ألأخيرة، وكأنه يقول لنا، نحن ألمحيطين بك، أستودعكم ألله على أمل أللقاء بعد حين. نعم أيتها ألإنسانة ألسعيدة، لقد وصَلتْ رسالة قلبكِ ألحنون وفهمنا مغزاها؛ حقاً سوف نلقاكِ، ولكن من يعطينا ينابيع ألدموع كيما نبلل مآقينا؟!!.
ألنوم ...... من ألذي يستطيع أن يملأ ألفراغ ألذي تركتيه في حياتنا؟!! فكل شبرٍ في ألمنزلِ يحمل آثارَ لمَساتكِ أللطيفة وينبعثُ منه عطر محبتكِ وحنانِكِ. هيهات.... هيهات أن ننساكِ، مهما مرّت ألأيام وطالَ ألزمن.....
مضت مائة وعشرون يوماً بقسوة ألفراق و لوعته، ووجع ألبعاد وحرقته على رحيلكِ ألموجع ألمُحزِن.....وتمر ألايام ثقيلة وألجُرحُ ما زال ينزفُ.....وألقلبُ مازال يكتوي.....وألروح تلاشت. أربعون يوماُ وكأنها دهراً بلا نهاية..... هذا ألفراق ألأبدي ألذي لا عودة منه أبداً.
ألأيام تجري ومازالَ ألقلبُ يبكي................على فِراقـكِ يا أغـلى ألبشَـري
على أملِ لُقياكِ في يومٍ يأتـي.....................فـــي جَناتِ ألنّعيمِ عِـندَ رَبي
رفيقة ألعمر ألحبيبة .... ألبعيدة ... القريبة ... يا أنبل وأكرمَ زوجةٍ. كُنتِ مفخرة لبناتِ حواء....كُنتِ مَرْهَماً لآلامنا في أوقاتِ ألمِحنِ وألنوائب..... ستبقين في ألذاكرة ألإنسانة ألممتلئة تفاؤلاً ورجاءاً برحمةِ ألله وحنانهِ ألأبوي..... وفي قلوبنا ستظل تلك ألحسرة وألغصّة ألتي لن تعالجها ألأيام وألسنين..... كنتِ بكلماتكِ ألقليلة تريحين قللوبنا من هموم ألدنيا ألكثيرة..... يرحمكِ ألله ويعيننا على قطع بقية ألمشوار ألمظلم من حياتنا بدونكِ.
لقد إفتقدنا تحية ألصباح التي كُنتِ تباركين بها يومنا وتبعث فينا روح ألمحبة ألطاهرة ألعطرة وجوهر ألإكرام ألمتبادل .... تلك أللفظة التي تتفوق على أللآلئ ..... ستبقى ترن في ذاكرتنا ووجداننا، إذ أنها قد نُقِشتْ في قلوبنا بأحرفٍ من نور وعبير ألمحبة ألذي يُنعِش سعادة ألإنسان ويَبعثْ فيه ألطمأنينة.
وعهد ألأوفياء ..... أنكِ لن تغيبي عن قلوبنا وأفكارنا، سنذكُرُكِ في ألأصابح وألأماسي ومع هديل ألحمام وزقزقة ألعصافير، وعصفُ ألرياح وهدير الرعود.
مهجة قلوبنا أستيلا : قد ننسى أنفسَنا ونضيع في خِضَمِّ ألتفكير بهول ألمصيبة التي ألمّتْ بنا لرحيلك عن ظهرانينا .... لكن .... لا .... ولن ننسى أوفى وأحَن وأنبل وأخلص إنسانة عشنا معها نصف قرن ونيف، برابطة ألمحبة ألمقدسة وألإكرام ألمتبادل. كيف ننساكِ وقد شغلتِ كامل إحساسنا وأمتلكتِ ثنايا أفئدتنا بأبتسامتكِ ألمشرقة وطلعتكِ ألمهيبة؟!! سيبقى نور مُحيياكِ ساطعاً أمام ناظرينا مهما أكفهَرّت ألدنيا وتعاقبت ألنوائب.... في ألغداة نرى طيفكِ ألجميل وفي ألغسَقِ نتذكر هدوءَكِ وطمأنينتُكِ، رغمَ شدة ألآلام التي أختبرتيها خلال مشواركِ الطويل مع ألعمليات الجراحية المتعددة التي خُضتِ غمارها، بكل جلدً وصبرٍ منقطع ألنظير..... رابطة ألجأش ....قوية ألعزيمة.... كُنتِ كألجبلِ ألشامخ ألذي لا تهزه ألرياح ولا تحرِكهُ ألأعاصير.... كانت ثقتكِ بألله عظيمة ورجاؤكِ راسخاً ومحبتُكِ لانظير لها. كُنتِ أسطورة في ألصّبرِ.
يا أختَ روحي : ..... ألكلمات وحدها تعجز عن ألتعبير عن مدى شوقنا ألكبير لكِ، فألفرح أصبح بألنسبة لنا ضائعاً في عالم ألمجهول..... مازلنا نشعر بهمساتكِ ألهادئة ترن في أذاننا وحِكَمِكِ ألبليغة تتردد في أذهاننا .... ويظل صوتكِ ألحنون شاغلاً أعماقَ وجداننا وحَيّاً في ألقلب و ألروح..... وستظلينَ دوماً معنا في أحزاننا و أفراحنا، إذا قدّر ألله لنا أن نفرح، وفي كل لحظةٍ من لحظات ألعمر....فرحيلكِ ألمُوجع قد أحرَقَ ألقلبَ وأختصر ألعمر معاً..... يا من كُنتِ نوراً للعينِ، وبسمَة في ألوجه.....
هذه هي حقيقة ألحياة....... كم هي قاسية؟! عندما يمتزج ألالمُ وألحزن وألفقدان مع ألم ألانتظار وألشوق للأعِزاء..... لا يَسَعُنا إلا أن نفوِّضُ أمرنا للآب ألأزلي ونخضع لإرادته ألمقدسة ألسامية....و تظل ألذكريات ألجميلة هي ألشمعة ألتي تتوهج في ظلمة ألحياة، ألتي لسَعتنا بقسوَتها بوَجعِ فراقكِ ألمؤلم ألقاتل.
هنيئا لكِ يا خيرَ رفيقة ألعمر.... كُنتِ ملاكاً بهيئةِ إنسان، يليقُ بكِ تواجُدكِ في دار ألنور وألسعادة ألابدية، ألتي أعدها ألآب الازلي لمختاريه ألملتزمين بثوابت ألايمان وركائز ألمحبة...... ألتي تفوق كل ألنعم ألاخرى..... لأن الله محبة. (1 يوحنا 4 : 8 ، 16 )
فخرَ بناتِ حواء أستيلا: نامي قريرة ألعين في مثواكِ ألأبدي... إلى جنّات ألخُلد ودار ألنّعيم وألسّعادة ألأبدية،, تحرسُكِ ألملائكة، مع كوكبة ألقديسين ... لقد إرتحَلتِ إلى عالمٍ أرحَمَ وأطهر من هذا ألعالم ألذي نعيش فيه..... فهنيئاً لكِ إذ تَرَكتِ وادي ألدّموع وألآلام وألآهات، وادي ألموت، إلى دار ألبقاء، حيث لا شّبَحَ للموت هناك. إذ أن ألقدّيسين وألأبرار فيها سُعداء خالدين، فتبتهج روحكِ ألطاهرة بمعاينة مجدَ ألآب ألأزلي، وتشاركين جحافل ألملائكة وألشّهداء وألقديسين في تقديم ألسجود وألإكرام وألتسبيح لملك ألملوك وربُ ألأرباب..... وإلى أن نلتقي في دار ألخلود. وداعا … وداعا..... إلى حين. أيّتها ألزوجة ألفاضلة .... ألعفيفة ..... ألمخلصة..... ألوفية
أبانا ألذي في ألسّماوات ليتقدس أسمكَ، ليأت ملكوتك، لتكن مشيئتك ...... نسألكَ أيها الآب ألروؤف ألحنان أن تغمر إبنتك ألمؤمنة أستيلا بفيض رحمتك وتجمع شملها مع أبناء ألنور ألأبرار ألخالدين في نعيم مَلكوتِكَ، ونور وجهك ألبهي ألأزلي يشرق عليها، فترقد بسلام....... وأن تُنعِم علينا وعلى جميع ألحزانى بسلامكَ ألذي يُداوي ألقلوب ألمكتوية بنار رحيلِ شخصٍ عزيزٍ.