لقاء عون والجميل
بيروت – حسن فحص
في وقت أكد فيه البطريرك الماروني في لبنان مار بشارة بطرس الراعي حصول لقاء قد يوصف بالمفصلي بين التيار الوطني الحر التابع للعماد ميشال عون ومرشح رئاسة الجمهورية التسوية النائب سليمان فرنجية "اليوم" – الثلاثاء، لبحث موضوع ترشيح الأخير، وما قد يحمله اللقاء من إمكانية التوصل إلى اتفاق بين الرجلين أو الدفع بعون إلى إعلان معارضته ورفضه لهذه التسوية بشكل قاطع.
يبدو أن التطورات التي شهدتها الساحة اللبنانية والمواقف المتشنجة والتصعيدية التي صدرت عن بعض الأطراف السياسية، قد أدت بشكل واضح الى تزايد الاعتقاد بتأجيل موضوع حسم الشغور الرئاسة وانتخاب رئيس جديد للجمهورية. خاصة مواقف حزب القوات اللبنانية من جهة، وتردد أو عدم تبني أي من القوى الأخرى من جهة ثانية مبدأ السير بالتسوية التي أعلن عنها رئيس الوزراء السابق زعيم تيار المستقبل سعد الحريري بترشيح سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية.
رئيس الجمهورية الأسبق وأحد المرشحين الأربعة أمين الجميل زار العماد عون في مقر إقامته في الرابية في خطوة جاءت تتويجا للحراك الذي بدأه نجله رئيس حزب الكتائب سامي الجميل، أكد على "ضرورة إيجاد مخرج في أسرع وقت وهناك مسؤولية على القيادات المسيحية بالتعاون مع كل القيادات لإيجاد أرضية ننطلق منها لإنقاذ البلد".
الجميل أكد أن "الحوار مستمر ودائم مع قيادات "التيار الوطني الحر" وكذلك مع النائب سليمان فرنجية والدكتور سمير جعجع والأفرقاء الآخرين لبلورة هذه الأرضية المشتركة التي لا بد من إيجادها لأن الفراغ قاتل للجميع ولن يوفر أحدا".
وتأتي مواقف الجميل في وقت أكد البطريرك الراعي أن بكركي "لا تتبنى أو ترشح أو تقف إلى جانب أي من الأقطاب الأربعة"، وشدد على ضرورة "أن يتوافق هؤلاء الأقطاب ويتفقوا على مرشح واحد وتسهيل عملية انتخابه لإخراج البلد من الفراغ"، مضيفاً أن "أبواب بكركي مفتوحة لعقد لقاء بين الأقطاب الأربعة والاعلان عن اتفاق ينقذ لبنان وينهي حالة الشغور الرئاسي".
أما الجميل فقد نفى من الرابية "أن تكون وصلته أي دعوة أو اتصال من بكركي لاجتماع القادة الاربعة" مؤكداً أنه "يجب التحضير للقاء بكركي ليكون ملموسا لكي لا يؤدي إلى خيبة أمل عند الناس".
الجميل لم يقفل الطريق أمام التوصل إلى تفاهم حول سليمان، كاشفاً أن حزب الكتائب سيشارك في الجلسة البرلمانية التي قد يطرح فيها موضوع انتخاب سليمان للرئاسة، مشدداً على أن الحزب مع "مبدأ المشاركة بكل جلسات مجلس النواب والمقاطعة ليست مقاطعة ايجابية" مشيرا إلى أن سياسة الكتائب ضد مسألة "الكرسي الفاضية – الخالية".
الجميل حذر من المخاطر التي تهدد لبنان جراء الفشل في انهاء الشغور الرئاسي، وقال إنه "لدينا مخاوف لأن المخاطر على الأبواب". ولم يقطع إمكانية التوصل إلى تمرير الاستحقاق واضعا شرطا خلاصته أنه "إذا استطعنا أن نتوصل إلى برنامج مشترك وحلول مشتركة فذلك يسهل قضية الانتخاب، والتراكمات التي نعيشها عقدت الحل وموضوع الانتخاب، لذلك يجب تذليل العقبات من خلال حوار". واعتبر أن "انتخاب رئيس للجمهورية تحصين للساحة الداخلية ومدخل للإصلاحات والاستراتيجية الوطنية المستقبلية"، معيدا التأكيد على انفتاح الكتائب على "جميع الحلول" تحت سقف مصلحة لبنان.
نائب رئيس الحزب الوزير السابق سليم الصايغ أكد أن الحزب "لم يرفض أو يوافق على مبادرة الحريري حول الرئاسة"، مؤكداً أن الحزب يدرس "عناصر نجاح أي رئيس للجمهورية، وخاصة إذا كان الطرح من قبل الزعيم السني لمرشح محسوب على 8 آذار". كما اعتبر أن "اقتراح زعيم السنة أحد الأقطاب المسيحية الأربعة لتولي رئاسة الجمهورية يعد زلزالاً سياسياً".
وأوضح الصايغ أنه "منذ تاريخ طرح المبادرة ونحن نتعامل معها بطريقة بناءة، ندرسها بطريقة موضعية ونستكشف بحوار قائم مع رئيس تيار "المردة" النائب سليمان فرنجية كي نحصل على إجابة لكل التساؤلات حول المبادئ العامة التي يختلف عليها اللبنانيون". مؤكدا أن "الحوار يتقدم لكنه لم يصل إلى الشكل الكافي لنقول اليوم إنه يمكن انتخابه رئيسا للجمهورية".
موقف جعجع والقوات اللبنانية
الانزعاج القواتي وخاصة لدى زعيمها سمير جعجع وصل إلى مستويات متقدمة، تحولت معه مواقع التواصل الاجتماعي ساحة صراع بين القوات وتيار المستقبل، ولم يسلم كل من جعجع والحريري من التراشق الذي تجاوز حدود الأدب في بعض الأحيان ووصل إلى حد الاتهام بالخيانة والطعن بالظهر، ما استدعى من قيادة الطرفين إصدار بيان واضح وصريح ومباشر يطلبان فيه من مناصريهما وقف الحرب الإعلامية على وسائل التواصل الاجتماعي، خاصة التعرض لزعيمي الحزبين، أي جعجع والحريري.
هذا التصعيد لم يمنع أو يعرقل المساعي التي تبذل على خط (معراب – بيت الوسط) مقر إقامة جعجع والحريري على التوالي، للتوصل إلى نوع من التفاهم وتقريب وجهات النظر لإقناع جعجع بالتسوية المطروحة وتقريب وجهات النظر.
وتعقد بعض الأوساط المتابعة لهذه الجهود المبذولة بين جعجع والحريري قد نجحت في لجم الاندفاعة القواتي ولدى جعجع من اتخاذ خطوة دراماتيكي تنتهي بتبني جعجع لترشيح العماد عون لرئاسة الجمهورية في وجه مرشح التسوية الحريرية بانتخاب فرنجية.
وترى هذه الأوساط أن جعجع منزعج جداً من لجوء حليفه الحريري إلى استبعاده عن اجواء هذه التسوية، ما قد يدفعه الى اعادة النظر في الكثير من مواقفه واعتماد سياسة جديدة في التعامل مع القوى التي كان يعتبرها حليفة في المرحلة السابقة.
الموقف المتشنج للقوات اللبنانية لم يمنعها من بحث بعض الشروط التي يجب أن تتوفر في أي تسوية سياسية تكون رئاسة الجمهورية مدخلا لها، من خلال تأكيد النائب جورج عدوان، في تغريدة عبر "تويتر": "التسوية يجب أن تتضمن في اول بنودها قانون انتخابات جديدا".