المرحوم الاستاذ قاسم نعمان السعدي 1929-1965 من اشهر وألمع مذيعي العراق، بل هو كبير مذيعي العراق في الخمسينيات والستينات من القرن الماضي. وهو من مواليد محلة سوق الجديد في الكرخ ببغداد يوم الاثنين 6 مايس -مايو سنة 1929.
اشتهر المرحوم قاسم السعدي بتوجهه العروبي الإسلامي ، كان ذا صوت رخيم، ويمتلك لغة عربية متقنة وإلقاءً غاية بل آية في الدقة والاتقان. أحَبّه مستعموه في العراق والوطن العربي كثيراً. كانت له مواقف سياسية مشهودة، وكان صديقاً شخصياً للرئيس العراقي المرحوم عبد السلام محمد عارف منذ طفولتهما في نفس المحلة. درس في مدرسة الفيصلية الابتدائية للبنين ثم في ثانوية الكرخ فالاعدادية المركزية ببغداد وكان الاول على طلبة العراق في الفرع العلمي . دخل كلية الحقوق - جامعة بغداد وتخرج فيها ومارس المحاماة لفترة قليلة، ولكنه كان يعشق العمل الاذاعي فتقدم للإذاعة وتم اختباره واجتاز الإختبار بمهارة وكفاءة، فعيّن في دار الاذاعة العراقية سنة 1948 . خلال العدوان الثلاثي البريطاني الفرنسي الصهيوني على مصرسنة 1956 مُنع من قراءة نشرات الاخبار لاذاعته تكذيباً لخبر سقوط بور فؤاد الميناء المصري المعروف بأيدي الغزاة المعتدين. ارسل الى القاهرة سنة 1958 للدراسة في معهد التدريب الاذاعي فنال هناك الدرجة الاولى في الفن الاذاعي على زملاءه في الدورة. وبعد ثورة الموصل في 8 اذار سنة 1959 امتنع عن قراءة التعليقات التي تتسم بالتهجم على الجمهورية العربية المتحدة فعوقب بقطع راتبه وعندما قامت حركة 14 رمضان 8 شباط 1963 لاسقاط نظام حكم الزعيم عبد الكريم قاسم تعاون مع القائمين على الحركة، فأصبح رئيساً للمذيعين في الاذاعة والتلفزيون. وبعد حركة 18 تشرين 1963 كان في القاهرة، فأذاع بيانات الحركة من اذاعة صوت العرب، وقد ارسل إليه الرئيس عبد السلام محمد عارف رئيس الجمهورية طائرة لاعادته الى بغداد. نقل الى وكالة الانباء العراقية وسافر الى القاهرة في 21 شباط 1964 وعاد بعد ذلك الى بغداد حيث عيّن "ملحقا صحفيا " في بيروت ومديراً لمكتب وكالة الانباء العراقية هناك بالوكالة ... وحين تم نقله ملحقا اعلاميا بسفارة العراق في بيروت وَدَّعه زملاؤه بمطار بغداد، ولم يعلموا ان هذا هو اخر توديع له حيث توفي في بيروت واعيدت جنازته للعراق ودفن ببغداد يرحمه الله..
المرحوم الاستاذ قاسم نعمان السعدي كان رجلا مستقلا عروبيا، ولكنه كان يمقت الحزبية، فهو احب الحرية وآمن بالقومية العربية ..انسان نبيل ذا خلق قويم لذلك حظي بأحترام ومحبة الجميع.
عندما توفي استعادت جريدة "صوت العرب " البغدادية الذكرى الثانية لوفاته في عدد خاص صدر في 26 شباط - سنة 1966 تضمن مقالات عدة عن الراحل، وتصدرت الصفحة عبارات كتبتها الجريدة كالآتي: (مرت يوم أمس الذكرى الأولى لوفاة المرحوم قاسم نعمان السعدي الذي كان يعتبر في طليعة العاملية بالإذاعة والتلفزيون، وجريدة "صوت العرب" وفاءً منها للرجل المخلص الذي خدم الاذاعة أكثر من خمسة عشر عاماً والذي فقد فيه رجلاً من أكفأ من عرف العمل الإذاعي..ومن أكثر من عمل فيه إيماناً بالقومية العربية والوحدة العربية، والدين الإسلامي الحنيف، والمثل العليا التي كانت ألفاظها لا تسقط عن لسانه، لحظة واحدة، فكانت مواقفه مع أبناء العروبة فخراً وشرفاً لكل عربي. وكتب شقيقه (سعد نعمان السعدي) رثاء مؤثراً منه: (أخي العزيز المرحوم قاسم.. من بين أحزاني وآلامي ومن ظلام الليل الذي لَفّ وجودي، من بين أنيني ودموعي، من نبض قلبي المفعم بالأسى والحزن، أبعث إلى روحك الطيبة الطاهرة في الذكرى السنوية لرحيلك بتحية عطرة ملؤها الشوق والحنين، ولا أدري ماذا أقول لأنني أمسي وأصبح على جراح البعاد..)
(أخي قاسم ستظل ذكراك في مخيلتي حتى نجتمع مرة أخرى في عالم الخير والفضيلة، عالم لا باطل فيه ينتصر ولا حق فيه يضيع، ولا خداع ينجح). وكتب السيد محمد عبدالجليل الحديثي رثاء بالمناسبة وقصيدة اخرى بعنوان (بلبل المذياع)، ومقالة بعنوان (قبلة الوداع) : (اخي قاسم: ترى هل كانت قبلة وداع، وهذا هو العام الاول لذكراها، احقاً هذا يا قاسم؟ الم تكن قبلة الوداع تلك التي ودعتك فيها في مطار بغداد يوم سفرك الى بيروت والتي لم تعد منها الا جسدا بلا روح)..رحم الله الاستاذ قاسم نعمان السعدي وجزاه خير الجزاء.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] قاسم نعمان السعدي مع عبدالكريم قاسم في البصرة على اليخت الملكي
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] المذيعون القدامى الجالسون من اليمين ناظم بطرس، صبيحة المدرس، محمد علي كريم، الواقفون سعاد الهرمزي، عادل نورس، فيصل حمدون، قاسم السعدي
قاسم نعمان السعدي خلف مدير الموانيء مزهر الشاوي يرحمه الله بالبصرة في احتفالية حضرها عبدالكريم قاسم في 26 اذار 1961 زيارة الزعيم عبد الكريم قاسم للبصرة لوضع الحجر الاساس لميناء ام قصر.