وفاة مراهقة تفجر قضية " ختان الإناث " في مصر
الجمعة 03 ـ 06 ـ 2016
arabic
يعتبر ختان الإناث قضية محورية في مصر تثور لها كل فترة منظمات المجتمع المدني وحقوق الإنسان ،
غير أنّ ضحاياه لا زالوا يتساقطون وآخرهم وفاة مراهقة منْ محافظة السويس .
" ميار محمد موسى " البالغة من العمر 17 عاما ، توفيت الأحد الماضي ، عقب عملية ختان
بمستشفى خاص أدى إلى إصابتها بنزيف حاد ، تبعه هبوط في الدورة الدموية .
ولم تمضي ساعات على خروج الفتاة منْ المستشفى لتلقى مصرعها ، والمؤسف أنّ والدة المراهقة
هي منْ أرسلتها لنصيبها فيما لم تحاول اللجوء للشرطة بل حاولت التستر على فعلتها
بالاشتراك مع المستشفى الذي أنكر إجراء أي عملية ختان .
وكشف مفتش وزارة الصحة بالسويس الواقعة بعد شكوك في سبب موت ميار نتيجة
التهابات حادة بجانب الجهاز التناسلي ، وبعد اطلاعه على جثة الفتاة وجدها وفاة نتيجة ختان .
ونقلت صحيفة " الوفد " المصرية عنْمصادر قضائية في مدينة السويس ، الثلاثاء 31 مايو/ أيار ،
قولهم إنّ النيابة العامة أمرت بالقبض على الطبيبة التي أجرت العملية فيما تم إغلاق المستشفى الخاص .
وأكدت مصادر طبية أن الطبيبة أجرت في نفس اليوم عملية مماثلة لشقيقة الضحية التوأم ،
لكن الأخيرة تتعافى حاليا ، والضحية وشقيقتها طالبتان في المرحلة الثانوية .
في غضون ذلك ، قال لطفي عبد السميع ، وكيل وزارة الصحة بالسويس ، إنّ مستشفى السويس الذي
تم إغلاقه بعد وفاة ميار كان قد صدر قرار قبل الواقعة بأسبوعين بإغلاقه ولكن لم ينفذ هذا القرار.
وأضاف خلال مداخلة على تلفزيون " دريم " المصري ، أنّ اللواء أحمد الهياتمى ، محافظ السويس ،
أصدر قرارا بإغلاق المستشفى ، وأمر بإعداد تقرير عن المرضى الموجودين بداخله
وتوزيعهم على مستشفيات المحافظة .
وتعيش الفتاة حالة من الرعب والفزع خلال إجراء عملية الختان لها ، حيث تحدث لها حالة نفسية
تسمى عصام ما بعد الصدمة ، وتدخل في حالة بكاء باستمرار ، واضطراب في الكلام ،
وكوابيس ، وعرق شديد ، وتظل هذه الحادثة مرتبطة بها طول العمر مع أي مشكلة
أو حادثة تمر بها ، حسب وصف أستاذ الطب النفسي جمال فرويز.
ونقلت صحيفة " الفجر" المصرية عن الطبيب قوله إنّ : " الفتاة تكتم داخلها كمية كبيرة من الأمر
قد يصل إلى تبول لا إرادي ، وتكون الفتاة هزيلة ،
والأمر يؤثر على تعاملها مع الدوائر المحيطة بها ، فتكون آنطوائية مع أصدقائها وعائلتها ،
ولا تفضل العلاقات المباشرة ، بسبب فقد جزء منْ الثقة بالنفس " .
قانون غير مفعل :
ويوجد أكثر من مادة في القانون المصري تجرم العنف ضد المرأة بشكل عام ،
وختان الإناث بشكل خاص وظاهر، ولكن البعض يلجأ إلى إجراء هذه العادات
التي يعتبرونها ترجع إلى نصوص دينية أو عادات متوارثة .
فالمادة 240 من قانون العقوبات ، تؤكد أنّ الختان جريمة جنائية تعاقب بالسجن
من 3 سنوات إلى 5 سنوات ، إذا نشأ عنْ الجرح قطع أو انفصال عضو أو فقد منفعته
أو نشأ عنه عاهة مستديمة ، فإذا كان هذا الجرح صادرا عن سبق إصرار أو ترصد تكون عقوبته ،
عقوبة الجناية بالسجن المشدد من 3 سنوات إلى 10 سنين .
وتكون العقوبة السجن المؤبد إذا نشأ عنْ الفعل وفاة المجني عليه أو عليه .
وفي سياق متصل ، أطلقت منظمة الصحة العالمية ولجنة حقوق الإنسان بالأمم المتحدة
مع الأمم الإفريقية والآسيوية دعوة لوقف عادة الختان للفتيات بشكل عام ،
فمنظمة الصحة العالمية ترى أنّ الختان هو إحدى العادات العنيفة
التي تمارس ضد الفتاة وتتسبب في مشكلات على مدار حياتها .
وهناك بعض الثقافات والعادات الدينية ، التي تعتبر أنّ ممارسة الختان أحد حقوقها ،
ويعتبر مؤيدوا الختان أنه مشابه لعمليات التجميل وعمليات تكبير الثديين التي تمارس في الغرب .
قضية الختان تتصدر الصحف العالمية :
وأثارت القضية اهتمام وسائل الإعلام الغربية ، حيث نشرت صحيفة " الجارديان " البريطانية ،
الثلاثاء ، تقريرا عن ميار محمد موسى ذكرت فيه أنه على الرغم من صدور القوانين المجرمة
لعملية الختان في مصر، إلا أن تلك العملية ما زالت منتشرة على صعيد واسع ، خاصه
في الأماكن الريفية ، وأنّ تلك عادة قديمة يمارسها المصريون المسلمون ، كما يمارسها بعض من الأقباط .
وأشارت الصحيفة إلى أول حكم ضد طبيب بسبب عملية الختان في العام الماضي ،
حيث حكم على الطبيب بعامين مع الشغل وغرامة 500 جنية ،
بينما حكم على والد الطفلة بثلاثة شهور مع إيقاف التنفيذ .
وأضافت الصحيفة أن 200 مليون امرأة وفتاة حول العالم يتعرضون لعملية الختان ،
ولكنها أكثر إنتشارا في مصر ، وليبيا ، وبوركينا فاسو ، وكينيا ،
بحسب ما ذكرته كلوديا كابا ، عضو وكالة الأطفال التابعة للأمم المتحدة .
ورغم تجريم الأزهر لعملية الختان ، وآعتبارها ليست منْ صحيح الإسلام ، وتمارس
في مجتمعات غير مسلمة ، وأنه لم يرد نص في القرآن ذكر فيه الختان ،
ولم يثبت أنّ الرسول ختن بناته يوما ، إلا أنّ هذه العادة تعتبر من العادات الموروثة شعبيا ،
وما زالت تمارس في الظلام حتى بعد القوانين التي شرعت للحد منها .