مهزلة الاحتفال المئوي لخرابة شارع الرشيد !
الخميس 08 ـ 12 ـ 2016
بقلم / جمعة عبدالله :
كان شارع الرشيد قبلة الانظار , ومحط اهتمام السواح والزائرين , وعشاق التراث البغدادي الاصيل ,
فكان وجه الحضاري والثقافي والترفيهي , مرموق بالجمال والحياة وروعة الابداع ,
بما يمتلك شارع الرشيد من خصوصية فريدة من جمال الفن المعماري , بالتصميم والزخرفة والشناشيل البغدادية ,
التي تحمل عبق الزمن الجميل , فكان يشكل مفخرة شامخة للعراق وبغداد ,
وكما هو شاهد حي على الاحداث السياسية العاصفة التي مرت على العراق ,
فكان طوال اليوم مزدحم بنشاط والحركة التي لم تهدأ وتتوقف , وعامر بالفتنة البغدادية بلياليها الاثيرة والجميلة ,
وكل زعيم عربي حينما يزور شارع الرشيد , يشعر بالحسد من الذق البغدادي الرفيع ,
في الحضارة والتمدن الثقافي , وجمال الفن البغدادي الاصيل , الذي لايضاهيه جمال في اي عاصمة عربية ,
ويشعر بالندم , لانه لم يكن هناك شارع في العواصم العربية , ينافس شارع الرشيد , بما يمتلك خصوصية ,
يفتخر بها اهل بغداد , لكن هذا الشارع العراقي والبغدادي , فقد وهجر الفتنة والجمال ,
وحل الخراب والاهمال , في عهد العراق الجديد , في نظام المحاصصة الفرهودية الطائفية ,
فحولت احزاب الطائفية المتزمتة والمقيتة الحاكمة , الشارع الى مكب للازبال والقمامة ,
والعفونة التي تعط بروائحها الكريهة , فطاله الخراب الكبير , وهجرته المعالم الحضارية والثقافية والترفيهية ,
وتحولت الكثير من الابنية الى خراب وآلية للهدم , كأنه اصبح مقبرة مجهولة ,
واصبحت اطلال خربة الكثير من الابنية , وتشوه بالمسخ , الفن المعمار البغدادي ,
فقد عصفه الخراب بالسقوط والهدم , فصار الشا رع مهجور وموحش ,
صالح فقط لسكن الجرذان والحشرات والذباب والبعوض والازبال , انها سياسة متعمدة ومقصودة ,
في معاقبة شارع الرشيد من قبل الاحزاب الطائفية , لانها تعتقد بهذه المعاقبة الصارمة والوحشية ,
بأنها تطالب بأخذ الثار والانتقام , ورد الصاع بصاعين , لانه يحمل اسم الفاجر العدواني ( هارون الرشيد ) ,
ولا يغتفر له أبداً الجرائم التي ارتكبها , إلا في اصدار حكم الاعدام بشارع الرشيد وتطبيقه ,
بشكل حاسم , دون استئناف الحكم , وهذا وقت الحساب والحسم والعقاب ,
باعدام واغتيال شارع الرشيد , دون رحمة وشفقة , هكذا تتصور العقول السياسية المتعفنة والكريهة ,
التي تتشبث باذيال وخرق الماضي العتيق والذميم , وهكذا تبرهن على عقليتها المتعصبة ,
المملوءة بروث الحمير , بأن يصبح شارع الرشيد , ملعون ومهجور ومحكوم بالاعدام والفناء ,
بتحويله الى مزبالة للقمامة , نكاية بالفاجر الملعون ( هارون الرشيد ) حتى يشفي غليلهم بأخذ ثار ,
هذه العقول التي تحمل روث الحمير , هي التي جلبت البلاء والمصائب للعراق ,
هي التي جلبت الخراب والارهاب والفساد , وعفونة العقول التي لا تعرف سوى الحقد والانتقام ,
وهم موجودين في كل زمان , وكما قال عنهم الامام علي ( ع ) لقد ملئتم قلبي قيحاً ,
وهاهم يملئون قلوب العراقيين قيحاً ومرارة , من كان يتصور , رونقة العراق الحضاري والثقافي والترفيهي
لشارع الرشيد , يتحول الى خرابة آلية للسقوط والهدم , وان يتحول الى مكب الفضلات
والازبال والقمامة , لذلك تصاعدت , النداءات والمناشدات بحملات تضامن ,
من سبيل انقاذ شارع الرشيد من الخراب والاهمال , وبعد جهد جهيد ,
خصصت الحكومة العراقية قبل اكثر من ثماني اعوام , مبلغ قيمته 500 مليون دولار ,
تخصص لترميم والصيانة والتأهيل لشارع الرشيد , واعادة بعض شرايين الحياة له من جديد ,
لتعود بعض رونقته الشبابية , ولكن المبلغ المالي الذي خصص , ذهب الى جيوب حيتان الفساد ,
ولم يصرف دولاراً واحداً لشارع الرشيد , فظل يتراكم الخراب والهدم والاهمال ,
ومن جديد يتم الضحك على الذقون بمسرحيات كوميدية هزيلة , تعودنا عليها في هذا الزمن
والقدر اللعين والاسود والمصخم , بعفونة المكر الثعلبي , تقوم امانة العاصمة بمهزلة الاحتفال المئوي لشارع الرشيد ,
ومكان الاحتفال كان في ساحة الشاعر معروف الرصافي , بعدما نظفت وكنست وغسلت الشارع
من الازبال والقمامة ومن الروائح الكريهة وصبغت الارصفة والابنية المحيطة بالساحة ,
بالبوية البيضاء الرخيصة , وطلبت من اصحاب المحلات , بصبغ واجهة محلاتهم والاعمدة
بالصبغ ( البوية البيضاء ) من مكان الاحتفال حتى ساحة الميدان . طبعاً ليوم واحد فقط ,
لتعود الازبال والقمامة والجرذان والذباب , لتصول وتمرح , حتى تتم قراءة سورة الفاتحة على المغدور عليع ,
المحكوم بالاعدام , شارع الرشيد , هذه الالاعيب حرامية المنطقة الخضراء ,
في اعدام شارع بالوحشية المفرطة .
والله يستر العراق من الجايات .