البيت الآرامي العراقي

أحمد رفيق عوض : هذه خيبة أمل في اليسار الفلسطيني Welcome2
أحمد رفيق عوض : هذه خيبة أمل في اليسار الفلسطيني 619888zqg202ssdr
البيت الآرامي العراقي

أحمد رفيق عوض : هذه خيبة أمل في اليسار الفلسطيني Welcome2
أحمد رفيق عوض : هذه خيبة أمل في اليسار الفلسطيني 619888zqg202ssdr
البيت الآرامي العراقي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

البيت الآرامي العراقي

سياسي -ثقافي-أجتماعي


 
الرئيسيةالرئيسيةبحـثس .و .جالتسجيلarakeyboardchald keyboardدخول

 

 أحمد رفيق عوض : هذه خيبة أمل في اليسار الفلسطيني

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Dr.Hannani Maya
المشرف العام
المشرف العام
Dr.Hannani Maya


أحمد رفيق عوض : هذه خيبة أمل في اليسار الفلسطيني Usuuus10
أحمد رفيق عوض : هذه خيبة أمل في اليسار الفلسطيني 8-steps1a
الدولة : العراق
الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 60486
مزاجي : أحب المنتدى
تاريخ التسجيل : 21/09/2009
الابراج : الجوزاء
العمل/الترفيه العمل/الترفيه : الأنترنيت والرياضة والكتابة والمطالعة

أحمد رفيق عوض : هذه خيبة أمل في اليسار الفلسطيني Empty
مُساهمةموضوع: أحمد رفيق عوض : هذه خيبة أمل في اليسار الفلسطيني   أحمد رفيق عوض : هذه خيبة أمل في اليسار الفلسطيني Icon_minitime1السبت 25 سبتمبر 2010 - 4:54

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
مناطق إشكالية

أحمد رفيق عوض: هذه خيبة أملي في اليسار الفلسطيني

في رواية 'العشاق والتجار' كنت أول من انتقد السلطة الفلسطينية والوضع السياسي الاجتماعي قبل أن ينتقدها الآخرون.
ميدل ايست اونلاين
حاوره: توفيق العيسى


للتاريخ سطوته وللأمكنة رهبتها وجمالها، فكيف إذا ما أضفنا إليهما الأسطورة! فمن رواية "العذراء والقرية" إلى "قدرون آخر القرن"، "القرمطي"، "العشاق والتجار" و"عكا والملوك" وأخيرا "بلاد البحر"، يسافر الروائي أحمد رفيق عوض إلى عوالم ومدن نعرف بعضها والبعض الآخر ندركه بذاكرتنا الجماعية، يرسم شخصيات يتمثلها ويحاورها باحثا عن أجوبة لأسئلة كثيرة وكبيرة تطرح نفسها من خلال واقع عربي متردٍّ، لا يحتمل الترف الفكري، يطرح أسئلته ويعلن مواقفه من كل شيء، كمواطن عادي وككاتب روائي (عينه على واقعه ومجتمعه).



* يلاحظ القاريء المتتبع لأعمالك الروائية أنك تسير بطريقين متوازيين "الكتابة التاريخية" وذلك من خلال رواية "القرمطي عكا والملوك بلاد البحر". والطريق الثاني هو الحدث الفلسطيني السياسي والاجتماعي كرواية "آخر القرن قدرون مقامات العشاق والتجار حتى بلاد البحر كانت مزيجا من التاريخ القديم والحديث والمعاصر، فما هو مشروعك الروائي؟



ـ بداية أود أن أنوه إلى أنني لا أكتب التاريخ بالمعنى الإحترافي، أنا أكتب روايات التاريخ موضوعها، حقيقة أنا منشغل بقضية الهزيمة والفساد، مشغول بسؤال الحضارة العربية والإسلامية الكبير، مشغول بعذابات العربي المسلم. هذه انشغالاتي الكبرى وبالتالي كتبت في موضوع التاريخ كما كتبت بالأحداث الآنية والحالية لأنني أرى الصورة واحدة وهي أن هناك عصور هزيمة وعصور قوة وأنا مشغول بهذه الثنائية. ثنائية القوة والضعف، ثنائية الهزيمة والنصر، والإذلال والحرية، لذلك عند ذهابي إلى التاريخ لا أذهب من أجل أن أعيد لهذا التاريخ نصاعته بقدر ما ذهبت حتى أسأل وأتلقى الأجوبة وبالتالي – ومع احترامي لما قلته وهو توصيف صحيح - ولكننا نختلف بالنتيجة، أنا أكتب عن الإنسان العربي المسلم في مواقعه التاريخية المختلفة.



* العربي المسلم، قد يهيأ للقاريء أن غير العربي وغير المسلم لا يكتب عنه؟



ـ لا لا .. العربي والمسلم هذا ما أعنيه، شعوب الحضارة العربية والإسلامية هم العرب وغير العرب، فهي لا تقتصر على العرب فقط، فمثقفو القرن الرابع الهجري وحتى العاشر الهجري كانوا في معظمهم من غير العرب، ويخطيء من يظن أن الإسلام يجب أن يكون عربيا، الذين خدموا الإسلام لم يكونوا عربا دائما، وأنا منتم إلى ذلك أضف أيضا العرب المسيحيين الذين قدموا للحضارة الإسلامية الكثير جدا، فمن الأخطل الكبير حتى الأخطل الصغير، وهناك المترجمون المسيحيون. النهضة العربية الجديدة أقامها المسيحيون بمعنى أن هذه الحضارة عميقة، وهذه حضارة ماصة وليست طاردة، أي أنها تستوعب الآخر وتندغم معه وتدغمه، تدمجه وتندمج معه هي حضارة منفتحة وليست مغلقة.



* استكمالا للسؤال الأول ابتعدت في رواياتك عن الدارج أو التقليدي من القصص في رسم الشخصيات وسرد الأحداث، فمثلا شخصية صلاح الدين، وهي شخصية ذات بعد أسطوري في ذهنية وذاكرة المجتمع العربي والإسلامي، نرى أن صلاح الدين هُزم في عكا ولم تتحرر إلا بعد مماته بمئة عام على عكس ما هو راسخ في أذهان الناس فهل تتعمد كشف حقائق جديدة أو ملتبسة على القاريء؟



ـ نعم ذهبت في التاريخ إلى مناطق أكثر إشكالية والمناطق الأكثر إعتاما والتي لا يتحدث عنها الوعي العام الشعبي فأذهب – أو على الأقل أدعي ذلك - إلى المناطق الإشكالية تماما بمعنى ماذا نريد من تاريخنا؟ ماذا نريد من أبطالنا؟ كيف نرى الأبطال؟ وكيف تصنع البطولة؟ كيف يصنع البطل سؤال مشغول به تماما.

البطل في التاريخ ليس فردا، عندما يظهر البطل في التاريخ لا يظهر كفرد، هو نتاج حاجة مجتمعية، هناك حاجة ضرورية لظهور بطل في رواياتي، أحاول أن أجد مفاعيل البطولة، البطولة معقدة جدا والبطل معقد، كيف يظهر البطل؟ متى يظهر؟ ما هي الشروط المناسبة لظهوره؟ هل هو فرد أم جماعة؟ هل هو مزايا شخصية؟ لذلك ذهبت إلى صلاح الدين أثناء هزيمته، وذهبت للأشرف بن قلاوون في لحظة انتصاره وغبائه!



* وذهبت إلى بطل نقيض في رواية القرمطي؟



ـ نعم هو أبو سعيد الجنابي لم يكن بطلا بالمعنى الحضاري، وهذه أيضا مشكلة النصر بحاجة إلى أبطال البطولة معقدة جدا، المجد معقد جدا، أنا لم أصل إلى نتائج حتى أفرح بها لأنه عندما تظهر البطولة يظهر النصر، كيف يمكن أن تظهر البطولة والنصر معا؟! لماذا أسأل هذه الأسئلة كفلسطيني يعيش تحت الإحتلال؟!



* لأننا بحاجة إلى بطل...



ـ نحن بحاجة إلى بطل تخيل الآن – لا سمح الله – نحن على أبواب حرب أهلية حرب بين الأخوة. في حرب كهذه لا يظهر أبطال يظهر أنصاف رجال أنصاف أشخاص أنصاف قلوب.



* يمكن أن نقول يظهر بطل لكن مشوه؟



ـ لا البطل ليس مشوها، لو كان مشوها لما كان بطلا، البطل يجب أن يكون بريئا وساذجا، يرى الألوان أبيض وأسود فقط لا يعرف الألوان الأخرى. البطل يجب أن يعبر عن الجماهير تماما هو مرآتهم. لاحظ مانديلا مثلا يعبر عن شعبه لدرجة أنه عندما وصل إلى قناعة مفادها عدم جدوى بقائه في الحكم، رحل! البطل هو الروح الشعبوية وليس النخبة، هو صريح وواضح، وقد يبدو ساذجا. أنا عندما أسأل هذه الأسئلة وانشغل بها عمليا تكون عيني على واقعي ومجتمعي.



* إذن هل تقبل بالقول إن رواياتك إسقاط تاريخي؟



ـ أنا لا أحب مقولة إسقاط تاريخي، أفضل أن أقول إن التاريخ متشابه، ودائما هناك نفس النتائج، وليس بمعنى الإسقاط دائما هناك عدل وظلم، ظالم ومظلوم، أسياد وعبيد، وحركة البشر على امتداد التاريخ والقيم واحدة والصراع واحد المشكلة في الماديات فقط. كان الإنسان يقتل بالحجر ثم بالسيف ثم الصاروخ والله أعلم بماذا بعد أيام!

التاريخ واحد هناك مقولة لطيفة جدا لهيغل، وهي "إن التاريخ حلزوني نفس الدوائر لكنها تكبر وتتسع لا أكثر ولا أقل". وهذا جزء من إبداع الله _ سبحانه وتعالى _ بحيث نبقى نقول دائما هناك أمل أتعرف لو لم يكن هناك نفس النتائج في التاريخ لانعدم الأمل. المظلومون دائما يقولون إننا سننتصر على الظالمين، والظالمون يقولون سنطور أدواتنا لقمع المظلومين، رغم أن التاريخ يعطي نفس النتائج كما قلنا، ولكن كلا الفريقين لديه أمل للإنتصار. فأنا لا أذهب للتاريخ كي أسقط وإنما لأجد أجوبة فمثلا في رواية "بلاد البحر" – وأنت كتبت مقالا جميلا عنها- أقول – ببساطة - جاءنا احتلال مجرم احتلنا ما يقارب 300 عام ثم جاء سلطان - غبي- اسمه الأشرف حرقهم بل نسفهم عندما كان يأتيه وفد الصليبيين لم يكن يفاوضهم أو يتكلم معهم ولا ينظر إليهم حتى أنه قتل رسلهم، قطع رؤوسهم هو لا يريد أن يسمعهم وفي النهاية أخرجهم عراة هذه هي النقطة الرئيسية أتيت غازيا احتللتنا 300 عام وخرجت عاريا، عاريا بما تعنيه الكلمة وليس بالمعنى المجازي، ثم أحرق الأشرف المدينة.

أريد أن أقول أو لست أنا بل التاريخ الذي يقول المحتل الذي لا يعرف أسرار هذه البلاد سيعود من حيث أتى عاريا (مشلح) فهل سيخرج اليهود عراة؟! هل سيظهر أشرفا ما؟ رجل اسمه الأشرف؟



* هل سنحرق عكا مرة أخرى؟!



ـ نعم سؤال جميل، حسنا سأسأل سؤالا باعتباري أدعي أنني روائي يحب الإنسانية، لماذا يا أخو الـ.... توصلنا لمرحلة تجعلنا معها نحرقك فيها ونحرق عكا، أنا لا أريد أن أحرقك لذا قلت في نهاية الرواية يا عكا يا جميلة يا كل شيء لماذا نحرقك؟!

لماذا نندفع إلى حرق مدينتنا؟ هل نحرق مدننا حتى يفهم عدونا أننا لا نريده؟! الظالم يحرق ما فيه من إنسانية يدفعني كي أدمر مدينتي، الأشرف كان واضحا قال: أنا أيضا بلا كبد إذا كان المحتل بلا كبد إذن أنا أيضا بلا كبد. نحن الاثنين اندفعنا خارج دائرة الإنسانية البعض يقول خاصة - المسلمون جدا- ممنوع أن نخرج من دائرة الإنسانية حتى لو كان عدونا غير إنساني، أنا كأحمد رفيق عوض لست شيخا ولست ابن حنبل، أنا مواطن عادي ومن حقي أن أقول إنه يرد على الظلم بظلم الذات أيضا.

التاريخ يعطيني نتيجة مرعبة، التاريخ ليس لأحد لا يقل لي (المستر) بوش أو موفاز (العبقري) أن التاريخ له الماضي والمستقبل والحاضر (يا حبيبي مش الك) الله من خلق التاريخ ليس أنت جزءا من ذهابي إلى التاريخ كي أرى كيف يتكلم الجلاد وكيف تتكلم الضحية.



* لذلك قلت في روايتك لا وقت لدينا كي نقدم نموذجا إنسانيا فريدا؟!



ـ بالضبط وعلى فكرة يحيى يخلف انتبه إلى نفس هذه النقطة. قال لي إنك تشاؤمي فقلت له بالعكس الأمل قوة غامضة ليست حقيقية لكني أفترضها كي أعيش، الاحتلال لا يسمح لي أن أقدم نموذجا، وهذه جزء من أوهام المنظمات غير الحكومية والسلطة أيضا هذا كلام فارغ واعتباطي. إسرائيل لن تسمح لنا أن نقدم نموذجنا لماذ؟ لأنه أولا محتل خاص في التاريخ فريد من نوعه لا يشبه الاحتلال الفرنسي أو الاحتلال الأبيض لروديسيا، هو يقول أنه خاص وأن التاريخ مطلق له، وأن الله أعطاه صك الوجود والتفوق، لذا نحن نرفع من مستوانا الأخلاقي والروحي في نضالنا لأن المجرم الذي يحتلنا مستواه رفيع.

العالم يسمع بنا وبقضيتنا لأننا نقاتل احتلالا فريدا، لو كنا نواجه احتلالا آخر لما اهتم بنا أحد، محتلنا يحتل التاريخ أيضا! هناك من يقول إن التاريخ يهودي يا صديقي لاحظ ما يقولون "السيد المسيح يهودي"! لاحظ نشوء عقيدة جديدة تسمى الصهيونية المسيحية هناك فكر "قيامي" يعتقد بنهاية العالم ونهاية العالم تفترض قيام دولة اليهود وظهور المسيح مباشرة فلسطين هي مسرح هذه الأحداث وهذا الفكر القيامي. ما اكتبه في رواياتي جزء من هذه الصورة.



* ننتقل إلى سؤال آخر وان كنا سنبقى في الإطار التاريخي. في روايتي "بلاد البحر" و"عكا والملوك" استعنت بشخصيتين تاريخيتين كي تساعداك في سرد الروايتين ابن جبير في "عكا والملوك" وأبو الفداء في "بلاد البحر" ما رمزية هاتين الشخصيتين؟



ـ هناك تشابه كبير، ابن جبير الرحالة المغربي الذي قدم إلى المشرق إبان فترة الحروب الصليبية كان عصبيا متدينا، كان لا يخاف أو يخجل من أن يشتم حتى الفرنجة. رأى الاحتلال بأبشع صوره وحالاته وصوره لنا كان إذا دخل حواضر الفرنجة المحتلين يبدأ بشتمهم وكذلك الحال إذا دخل حاضرة عربية وقال أعجب من ذلك، قال: "إن الدين في المغرب أما المشرق فبدع وضلالة". عندما رأى الفلسطينيين يعملون عند الفرنجة تماما كما يحدث معنا الآن مع اليهود فعندما رأى ذلك قال: "الناس في عافية والدنيا لمن غلب!". وقال بما معناه: عندما أدخل حواضر الفرنجة أرى النظافة والعدل والقانون، وعندما أدخل حواضر المسلمين أرى وساخة المكان والظلم وغياب القانون، فابن جبير كشف الواقع البنيوي الاجتماعي المهزوم في العصر الصليبي، شعرت أني أشبه هذا الرجل بشكل من الأشكال كمواطن ناقد - لكني لست متصوفا مثله طبعا فابن جبير حج مرتين حافي القدمين لأنه سكر مرة فما بالك بالذي يجب أن أفعله أنا؟ ابن جبير انتبه للأشياء ويقول عن قرب شديد كيف كانت الحياة تحت الاحتلال.

أبو الفداء كان أيضا في دائرة الحدث هو أمير ومؤرخ ومقاتل مثقفا ودمثا وكان ابن مدينة محتلة مطرود منها وصديق للسلطان الأشرف أبو الفداء لديه نزعة إنسانية جميلة على عكس ابن جبير أو ابن الأثير، ففي كتابه "مختصر تاريخ البشر" كتب أنه كان يغضب اذا قتل المسلمون المئات من الفرنجة، وعندما فتح المسلمون طرابلس حزن لرؤية عشرة آلاف جثة وكتب عن مدى تأثره بهذا المشهد، أعجبني أن مؤرخا إسلاميا استطاع أن يفهم أن الحرب بشعة ولكنها ضرورية. أعجبتني فكرة أن لا بد من حرب ما لتقنع ابن كلب ما بعدم حربنا واحتلالنا!

لذلك جعلت أبو الفداء يقول لي على امتداد الرواية ما الذي نريده من التاريخ قلت على لسانه في "بلاد البحر" جملة ذكية أن لا العادل ولا الظالم يستطيعان أن يمتلكا شيئا مجرد أوهام كبرى. أبو الفداء رأى الآخر لا أدعي أنه أحبه لكن حاول أن يسحبه إلى صفه أن يعطيه فضاءً إنسانيا مثل محمود درويش عندما كتب عن اليهود، أما ابن جبير فقد رأى الأنا وانتقدها.



* المرأة .. الدين .. الجنس. هذا الثلاثي المحرمُ محرم الحديث عنه في المجتمعات المحافظة والتقليدية كيف تعمل على توظيف هذه العناصر الثلاث؟



ـ في عصور القوة في الحضارة العربية والإسلامية لم يكن المجتمع يرى الحديث في الجنس والسياسة والدين (تابوهات) أو أمور محرمة، الشعر الأموي والعباسي تحدث بكلمات وألفاظ لا نجرؤ حاليا أن نذكرها. عندما يكون الإنسان ضعيفا ومهزوما يخاف من كل شيء من الكلمة والحركة. عدم الحديث عن الجنس هو هزيمة كبرى، وكذلك السياسة عندما يكون الشعب قويا وحرا يتكلم في السياسة مثله مثل الحاكم في عصور القوة. الحاكم لا يعني شيئا. في التاريخ الإسلامي هناك قصة بين السلطان قطز والإمام العز بن عبدالسلام تخيل هدد السلطان قطز ببيعه بسوق النخاسة إذا لم يقاتل المغول في فلسطين وعندما رفض قطز غادر العز مصر فلحقه الكثيرون، الأمر الذي أجبر قطز أن يلحقه ليسترضيه فلم يرضَ عنه إلا بعد إن قبل قطز حذاء العز وتعهد بمقاتلة المغول!

عندما لا نتحدث في الجنس والدين والسياسة نكون أضعف ما يكون، حاولت أن أتحدث في هذه المواضيع دون أن أكون مبتذلا أو مسفا وبعيدا عن الإثارة الجنسية تحدثت عنها باعتبار هذه القضايا الثلاثة إشكالية في مجتمعنا العربي والإسلامي.



* أريد أن أسأل هذه المرة سؤالا من صديقنا القاص زياد خداش، دائما تستلهم التاريخ تضيئه تكشف أسراره هذه أمور رائعة نحترمها لكني أتساءل أين أحمد رفيق عوض الإنسان بهواجسه الشخصية وأحلامه وأين أسئلة الوجود لديك؟



ـ الشخصيات التي أرسمها وأتحدث عنها في التاريخ هي أيضا تحمل هواجسي وأسئلتي وتأملاتي وأنا أدعي الآن أني كاتب محترف، فالرواية بالنسبة لي ليست أحلاما شخصية أو من أجل مجد شخصي، الرواية أصبحت جزءا من عملي الذي أعيش منه وأقتات منه، فأصبحت الكتابة احترافا لدي، الفرق بيني وبين زياد هو أن قصصه جزء منه أنا لست كذلك روايتي بعيدة عني النص الأدبي الآن على الأقل بهذه المرحلة لا علاقة له إطلاقا بسلوكي اليومي، ولكن له علاقة بتأملاتي ونظرتي للأشياء. قصص زياد خداش مثل القصائد لها علاقة بمشاعره الشخصية وباتصال وجداني ما به لكن روايتي لها هدف محدد ويكفي أن نقول نحن هواة. هذه المرحلة انتهت عاملني كمحترف فعندما أكتب رواية أكتبها بأقصى ما يمكن من (الوظيفية) بين قوسين حتى لا أفهم خطأ.



* الحديث في السياسة والفساد والوطن والحروب وموقفنا منها يدعي البعض أن هذا عمل مباشر، وليس حداثويا، ومنهم من يقول "شعاراتي" كيف لنا أن نكتب أو نذكر فلسطين في عمل إبداعي ما دون أن نتهم بالشعاراتية؟



ـ هذا ظلم للمشروع الأدبي الفلسطيني ككل. أنا مثلا من جيل كبر ونما وعيه في منطقة تعج بالحروب منذ السبعينيات حتى اليوم، هناك حروب وصراعات أنا لست من الأرجنتين، أنا ابن هذه المنطقة التي تنهشها النزاعات، وبصراحة أنا لا أفهم ما هي الحداثوية بالضبط، وأرى أن فلسطين والقضية الفلسطينية والثورة الفلسطينية تحمل أهدافا كثيرة والكتابة عن فلسطين مرعبة جدا ومؤلمة، أما الشعاراتية فهي تعتمد على الموهبة، فالموهبة الكبيرة تصوغ الواقع بطريقة إبداعية والموهبة الصغيرة تصوغه بطريقة إلى حد ما فجة، لكن أنا مع الوضوح والصراحة ومع السياق الفني الجميل. أنا لا أعرف الفرق بين الشعاراتية والتسجيلية والوثائقية وما بين الحداثوية، أنا أعرف أن الدبابة الإسرائيلية واضحة جدا في الشارع الفلسطيني، لذا علي أن لا أقابلها بنص موارب أو رخو نحن بحاجة إلى نص قوي وواضح.



* في رواية "العشاق والتجار" تحدثت عن خلل في البنى الثقافية في المجتمع الفلسطيني، وأستطيع القول إنك وجهت اتهاما لليسار الفلسطيني بالنكوص عن المشروع التحرري والوطني، ووجهت أيضا اتهاما للمثقف الصامت والمتخاذل.



ـ بداية أنا رجل أعتبر نفسي يساريا، وأنا تربيت على يد اليسار الفلسطيني، وهذه خيبة أملي الشخصية منه، وكي أكون صريحا فاليسار الفلسطيني متردد وغير واضح وانتقل انتقالات غير مفهومة بالنسبة لي، فتحدثت عن اليسار بمرارة شديدة وشعرت أنه قد تمت خيانتي بشكل شخصي وسألت مالذي تفعلونه؟! وتعجبت للإنقسامات الأميبية في صفوفه وتبريراته المتكررة فانتقدت بشدة ولست وحدي هناك كتاب يساريون غيري كتبوا وانتقدوا بشكل أكثر حدة مني، أنا كتبت خيبتي الشخصية، أما المثقف الفلسطيني فقد كان تابعا للسياسي، دائما كان يتلقى أجر كتاباته اذا دفع له السياسي كتب واذا لم يدفع لم يكتب. الثورة الفلسطينية دللت المثقف الفلسطيني والعربي على امتداد الثورة ولكن للأسف هذا التراكم لم يؤد إلى نوع الكم لم يعط نوعا، ظل كما فقط، أنا أتمنى أن يكون للمثقف موقع ودور غير دور السياسي، إن ما كتبته لا علاقة له بالسياسة وأستطيع أن أدعي أنني برواية "العشاق والتجار" كنت أول من انتقد السلطة الفلسطينية والوضع السياسي الاجتماعي قبل أن ينتقدها الآخرون حتى أنه تم استدعائي من قبل السلطة طبعا ليس بمعنى الإعتقال بالعكس. وقلت أيضا إن المثقف الفلسطيني كان يجب أن يتخذ موقفا في مواجهة السياسي لأن السياسي لن يمنحنا شيئا واذا لم نتقدم بخنادقنا سيتقدم هو بخنادقه علينا وقد يلتهمنا!



* هل نعيد بذلك نظرية غرامشي المثقف والمثقف العضوي؟



ـ تماما. غرامشي كان على حق على المثقف أن يكون نبض شعبه والجماهير وألا يكون مؤجرا لجهة ما.



* هل تعتقد أننا نعيش أزمة ثقافية؟



ـ نحن نعيش أزمة كبيرة أكبر من الثقافة بمفهومها الخاص، أزمة انكسار وهزيمة فالمثقف الصغير ينتج أدبا صغيرا والمجتمع المهزوم ينتج أدبا وثقافة مهزومة.



* ما رأيك أن نخرج من هذا الإطار قليلا ونتحدث عن المكان. فمن المعروف أن الكاتب يتحدث دائما عن المكان ويصوره باعتباره رمز الوجود أو يتحدث بحميمية ما كالطفولة والنشأة. حسب قراءتي لرواياتك أرى أنك أوجدت ما يسمى بـ "غزل المكان" تغزلت بمكة في رواية "القرمطي" في وصفك للحجيج قبيل المذبحة التي ارتكبها القرامطة، وتغزلت بنفس المكان في رواية "بلاد البحر" لماذا مكة؟! وما هو المكان عند أحمد رفيق عوض؟



ـ أولا أعجبني تعبير "غزل المكان" أنا مسحور جدا بهذه الأماكن لا أعرف أنا فلاح حقيقي عشت حياة الفلاحين وعملت بها طوال عمري، ولغاية فترة ليست بعيدة. الأمكنة فيها أرواح وهي مثل النساء "الأمكنة هي النساء" فيها حنين ما "وبها حنان أيضا". وإذا أضفنا إلى ذلك أيضا أسطورية ما فستكون عجبا عجاب!

فلسطين .. مكة .. بلاد غير عادية فيها أساطير وذكرت في القرآن بلاد تحب بالرغم من فقرها فلا ماء ولا خضرة فيها. اذن ما هي هذه الأمكنة؟! بلاد فيها أسطورة و"تأسطرت" بعد تاريخ طويل، أمكنة قديمة جدا، الأمكنة مثل الأهل أيضا، أحبها مثلما أحب أهلي، وأكتب عنها كما قلت بتعبيرك، أتغزل بها كما أتغزل بالنساء، وهي جديرة بذلك،

القاهرة زرتها وأحببتها، مكة لم أزرها لكني أحن إليها، حتى أكتب عنها سألت الكثير من الأصدقاء الذين زاروها وحاولت أن أمزج بين حبي وحنيني إليها وحديث أصدقائي عنها ومشاعرهم في الحديث عنها.



* في الآونة الأخيرة انتشرت الرواية القادمة من أميركا اللاتينية باعتقادك انتشار هذه الرواية هل هو ناتج عن حرفيتها أم هو العامل السياسي؟ خاصة وأننا نشهد محاولات عدة من قبل تلك الدول للتحرر والخروج عن السيطرة الأميركية.



ـ هذه الرواية تمتاز بأمور كثيرة، هي نص جميل وهي تعطي نوعا من الحياة المفقودة لدينا، فيها الكثير من الحريات والأنماط، العالم الغربي أصبح مأزوما، لم يعد بمقدوره أن يقدم لنا روايات كما في الخمسينيات والستينيات. أميركا اللاتينية مشغولة بالخارج بينما أوروبا مشغولة بالداخل وهذا ما لا يحبه الشرقي. روايات أميركا اللاتينية، مشغولة بالكون والظلم، لا تأتي بهواجسها الذاتية والوجودية وهذا يشبه المزاج الشرقي. هناك أيضا العنصر التجاري الربح والخسارة.

أما عن محاولة ربطك بين المشروع النهضوي في أميركا وانتشار الرواية فأنا لا أعتقد ذلك. شعوب أميركا اللاتينية ما زالت بدائية حتى الطبيعة لديهم ليست مكتشفة بعد وهي مجتمعات إثنية تختلط فيها الديانات والمذاهب والتيارات، وأرى أن هذا أحد أسباب التنوع في الرواية، وسبب الحريات فيها لكن السيطرة الإمبريالية كبيرة عليهم، وهم أيضا شعوب غير مستقرة بعد وقد يكون هذا هو سبب للبحث عن الهوية، والرواية جزء من البحث عن الهوية وتكوين الهوية، وهذا كما قلت يشبه المزاج لدينا. نحن نتشابه معهم، أما الثورة بمفهومها الثوري نحن في عالم يسمونه العالم المعولم وهذا العالم له قوانينه وشروطه.



* هل يمكن للرواية أن تكون ديوان العرب بدل الشعر؟



ـ لا أعتقد ذلك. الشعر دائما متفوق ونحن أمة تحب الشعر، الرواية تشترط وجود قراء ونحن لدينا نسبة أمية عالية ونسبة طباعة متدنية وبيع كتب أقل.



* لماذا تكتب إذن؟!



ـ حتى أرتاح. أشعر أن قلبي مثقل وإذا لم أكتب فسأجن، أكتب كي لا أجن، أكتب لأني أحب الكتابة، أما أن تكون الرواية ديوان العرب بدلا من الشعر فلا، الشعر أجمل وأقوى.



* كيف ترى مستقبل الرواية العربية والفلسطينية خصوصا؟

ـ الرواية عندما تكتب يكون المجتمع في حالة من النمو والنضج ليحاسب ذاته ويحدق بنفسه ويجلد ذاته ويستطيع أن يبلور فكرة ويضع حدودا لخارطة الثقافة، وأن يسأل أسئلة كبرى. طبعا بالإضافة إلى وظائفها الفنية والجمالية والوجدانية، وسيبقى هناك قراء وكتاب للرواية، وستظل الرواية هي مكان تحديق الجماعة بنفسها وتظل عاكسة للصراع المجتمعي السياسي، وللتحديات الكبرى التي يواجهها المجتمع، فالرواية هي ترتيب الحكاية وسردها من جديد بمعنى أن الروائي عندما يصوغ روايته يكون على الأقل قد استوعب ردة فعل شعبه ويصوغ ردة الفعل بأسلوب جمالي ووجداني
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
أحمد رفيق عوض : هذه خيبة أمل في اليسار الفلسطيني
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
البيت الآرامي العراقي :: الثقافية , الادبية , التاريخية , الحضارية , والتراثية Cultural, literary, historical, cultural, & heritage :: منتدى النقد والدراسات والاصدارات Monetary Studies Forum& versions-
انتقل الى: