الشعب العراقي هو آخر من يُهنَّأ بحدث اليوم، وكاتب هذه الأسطر هو آخر من يُهنِّئ به. فإذا استحق أحد أن توجه له التهاني، فهو علي خامنئي ومحمود أحمدي نژاد أولا، لكن جمهورية إيران الإسلامية قد نجحت في جهودها ومساعيها لأن تكون رئاسة الحكومة للسنوات الأربع المقبلة لشيعي/إسلامي، بقطع النظر عن قربه منها أو بعده عنها. ثم يستحق المالكي التهنئة، لأن حقق مقولته «هو منو ينطيها حتى ياخذوها»، وحزب الدعوة يستحق أيضا التهنئة، لأنه سيمنح فرصة جديدة ليتحول إلى (الحزب القائد) لا قدر الله.
لم تكن هناك مؤامرة بعثية للقيام بانقلاب على المالكي، كما روّج الأخير بعد الانتخابات، بل نجحت المؤامرة الشيعسلاموية وتحقق الانقلاب الإيراني على العملية الديمقراطية.
نعم المالكي - صحيح إنه لم يكن يوما إيراني الهوى - مثل الخيار الإيراني، كما مثل الخيار التوافقي الأمريكي/الإيراني. فلكل من العدوين اللدودين مصالحهما المتناقضة فيما بينها لدى كل من الطرفين في معظم مفاصلها، إلا أن ثمة مصلحة إيرانية وثمة مصلحة أمريكية اجتمعتا - لسوء طالع الشعب العراقي - على المالكي كأفضل الخيارات السيئة بالنسبة لإيران، وأفضل الخيارات السيئة بالنسبة لأمريكا. فالمالكي من الناحية الاستراتيجية لا هو رجل إيران ولا هو رجل أمريكا، ولكنه لهذه المرحلة غدا من الناحية التكتيكية - ولا تناقض - رجل أمريكا ورجل إيران في آن واحد.
ما الذي يجعل يا ترى إيران ترحب بالمالكي رئيسا للوزراء، بينما الأقرب لها هو عادل عبد المهدي وباقر صولاغ الزبيدي وحتى حسين الشهرستاني أو إبراهيم الجعفري بل وحتى أحمد الجلبي، فكل من هؤلاء هو أكثر قربا لإيران وأضمن لمصالحها. لكن هناك مبدأ إيراني يمثل ثابتا من ثوابتها، فإيران إذا خيرت بين جهة شيعية وأخرى سنية فهي بطائفيتها المقيتة لا بد أن ترجح الجهة الشيعية، ولكنها إذا خيرت بين جهة سنية إسلامية وجهة شيعية علمانية، فسترجح السنة الإسلاميين، ولكن إذا خيرت بين إسلاميين معارضين لإيران وعلمانيين موالين لإيران فستختار الموالين. فالماكي، كمرشح للتحالف الوطني (الشيعسلاموي) يعني إبقاء السلطة في العراق بيد القوى الإسلامية الشيعية.
وأخيرا لا بد من القول أن التيار الصدري والمجلس الأعلى جديران بالتهنئة، لأنهما تغاضا عن كل التناقضات فيما بينهما وما بين كل منهما وحزب الدعوة، من أجل الانتصار لإيديولوجيتهما السياسية، ألا هي إيديولوجية (الشيعسلاموية)، والتي هي بالنقيض من مبدأ الديمقراطية وروح المواطنة وأساس الدولة المدنية.
لكوني على موعد عاجل أكتفي حاليا بهذه الأسطر على امل العودة للكتابة عن موضوع اختيار المالكي مرشحا لرئاسة الوزراء من قبل التحالف الوطني (الشيعسلاموي).
ضياء الشكرجي
مجموعة العراق فوق الخط الاحمر
عند النسخ او الاقتباس يرجى الاشاره الى مجموعة العراق فوق الخط الاحمر
المقالات والتقارير والاخبار المنشورة في مجموعتنا لا تعبر عن رأي االمجموعه بل عن راي الكاتب فقط