الخروف المتمرد

الخروف المتمرد

أعتلى الكبش الاكبر المنبر صائحا في الجموع - ومن يمنه ويساره يقف المتلونين المطبلين - .. قائلا :
يا خرافي الاعزاء .. يا خرافي المطيعين الأتقياء .. يا خرافي المعطاءين ، لكم حياة البقاء .. ولمن يخالفنا الموت الزؤام ..
عيشوا في جلبابكم لن ينفعكم سوى رداء الايمان الاعمى .. هو رداء يحميكم من الافات ويحقق لكم الامنيات .. لا تقرؤوا الكتب المسمومة انما ستغير عقولكم وأفكاركم وتهز ايمانكم هزا عنيفا يعريكم .. اقرؤوا كتابنا الوحيد والفريد الذي نزل لكم من كبد السماء .. كتابنا يحوي كل الاجابات لتساؤلاتكم .. كتابنا فيه ماء الحياة وخبزا لشظف العيش .. كونوا مطيعين ، سيروا في طريقنا لأنه الحق وباقي الطرق ما هي إلا ظلاله .. وسأضمن لكم حياة سعيدة بعد الذبح والممات .. انما الجهل نور والعلم ظلام .
خلفي تكمن شجرة الكمثرى ونسمها بشجرة المعرفة والتي تحوي افكارا مسمومة .. اياكم ان تقربوا لها .. هي شجرة معرفة الشر .. هي شجرة وارفة الظلال كثيفة الخضار مليئة الثمار .. لكنها ثمارا خادعة .
في احدى زوايا الحقل كان يجلس هناك احد الخراف المتمردة منزويا وهو يستمع للخطبة .. فقال مع قراره نفسه .. صدق كبير الكباش بخطبته .. انما العلم قد وضع بإياد قذرة ستفنى وجودنا نحن ألخراف ، انما دعواه بحفظ الجهل صحيحة من حيث النتيجة لأننا اسأنا استخدام عقونا وبدأنا لا نفكر إلا بالقتل والدمار .. ليتني عدت الى حظيرة الخراف بدلا من مستقبل واه ودموي .
وبعد ان انهى الكبش الاكبر خطبته العصماء ذهبت جموع الخراف الى اكواخها المتهرئة لتلفح برودة الايام ولتصلي الى السماء لتعطي لهم خبزا ..ولتنام دون عشاء .
و ذهب هو الى فراشه الوثير ليتنعم بثمار الكمثرى اللذيذه .. وكلما قضم من ثمرة القى بالمتبقى الى من هم في يمينه ويساره ليتلقفوها بلهفة المشتاق وليتباحث مع من معه على فصل رقبة الخروف المتمرد الضال .

الكاتب ماهر سعيد متي