الدولة : الجنس : عدد المساهمات : 1تاريخ التسجيل : 28/01/2010الابراج :
موضوع: حى بن يقظان و طال المطال جرأة يس الضـوى وخصوصيتـه الخميس 28 يناير 2010 - 10:22
منقول
حى بن يقظان و طال المطال
جرأة يس الضـوى وخصوصيتـه
[size=18]ضمن إصدارة ( نصوص مسرحية ) قرأت لكم مسرحيتين تحملان عنوان ( طال المطال ) للمؤلف/ يس الضوى وكل مسرحية يقدمها المؤلف على أنها ( شوفة ) فالشوفة الأولى بعنوان
( صبر أيوب ) والشوفة الثانية بإســم ( أطياف حكاية ) وتعالج الشوفتان موضوع التعدى والطغيان ، أو فلنقل أنهما تعالجان قضية الإحتلال والإستيطان بدون مباشرة ، وفى لغة شاعرة فى أبدع ما يكون الحوار ، وأقوى ماتكون الصور والدلالة ، وأجمل ما يكون الإيحاء والإلهام .
كتب التقديم للشوفتين د.مدحت الجيار ، وإليكم مقتطفة من هذا التقديم : ... ومن خلال الأحداث نجد لكل شخصية دورا يحولها إلى شخصية رئيسـة ، الأمر الذى إنعكس على المواجهات والحوار الساخن وصياغاته المكثفة . ويجد الناقد نفسه متابعا للنص من بدايته حتى النهاية . ويكشف المؤلف عرضه الدرامى خطوة خطوة ، تمثل كل خطوة مشهدا يمهد لما بعده ومبنى على ما سبقه . وتأتى الأحداث ـ لذلك ـ فى سيولة مدهشـة تجعلنا نفاجأ من تصرفات الشخصيات التى كنا نعرف سلفا أدوار بعضهم فى الحكاية الشعبية .
ويتحرك النص بين مجموعة من الأمكنة يصورها المؤلف على الورق قابلة للعرض منذ البداية ، مما يجعل تنفيذها بعد ذلك أمرا سهلا لأنه راعى خصائص العرض الفنية وهو يكتب بخبرتـه الإخراجيـة ، وبقدرته على تحريك شخصياته فى هذه الأماكن .
ولم يترك المكان غفلا ، بل أعطى لكل مكان صفات تلتصق بالذاكرة فتظهر الأماكن والصفات النقيضة واضحة بهذه الأضداد المكانيـة .
والزمان دائرى عند الضوى فى النصين ، يبدأ بقوة أيوب وينتهى بمشهد قيامة أيوب من الموت النسبى ، أو من الضعف التـام . ويصـوره وقد قـام فى لحظة تعرضت فيها ناعسـة ( والأخلاق والقيـم ) للإنتهاء . مما أفزع الظالم همـام وعصابته . مما جعل الزمن يعود دائريا ليعود همام إلى خوفه الأول على الرغم من تغيـر ظروف أيوب وناعسة .
والملفت للنظر ـ فى هـذه الشوفات ـ الروح الشعرى المغلف للدراما والذى يخترقها بمربعات شعرية تحمل روحا شعبيا من إبداع الضوى . ومن تمكن هذه النصوص فى شعبيتها تشعر أنك تقرأ نصا شعبيا يضاف إلى مانعرفه من مربعات ابن عـروس و واوه ، ومن روح الصبر فى العدودة المصرية . ولاعجب لأن هذا المسرحى ( شاعرا مؤلفا ومخرجا ) معجـون
ـ فى الصعيد ـ فى كل هـذه الأشعـار .
ويظهر التمكن فى تركيب البديع الصوتى ، أو التجنيس ، صعب المراس ، المركب من أصوات مختلفة المعانى كما فى قول عمـار وقد سال لعابه رغبة فى ناعسة :
ونستطيع أن نجد فى حوارات الشخصيات السريعة المتلاحقة التى تشبه التراشق بالنيران كما فى هذا المشهد :
ناعســة : حامـداه وراضيـه بالنصيب واللى قضـاه
الشيخ بكر: النـاس يا بنتـى فى الهمـوم صـاروا شتـَات
كـل واحـد مكوى ع اللقمـه وبيحصّـل فتـات
ما عـادش يجمعهـم يا نـاعسـه هـَـمّ واحـد
ما عـادش فيهم إيـد تشـِـد وإيـد تساعــد ....
ناعســة: قالـوا لفرعـون فى المثـل إيه فرعنــك
قـال طِحـت فيـكم لم نطـَق منـكم حَنـَك ....
حتى تقول ناعسـة :
يا ناس العلـَّه فيكم انتـو مــش فى أيــوب .
وندرك أن روح الشعر وإيقاعاته تولد فى السياقات الدرامية شعرا آخر حتى فى الحوار الذى يتخلى فيه المؤلف عن صوته الخاص لتخرج أصوات الشخوص .
وندرك ـ أيضا ـ الحكمة التى يرددها المصريون كلما حزبهم الظلم . لتقول لهم حكمتها أن الصبر على الظلم مفتاح زيادته ، كما قالت ناعسة لأيوب : الريح لو تحط ع الأرض يركبها الحشيش ، وقولة آه مهما اتقالت ماتشفيـش ...
وهذا الإيقاع وصوره الشعرية تغلف النصين لدرجة يمكن أن نعتبر النص كله شعرا ، فقد نجح الكاتب فى نسـق موسيقى جمع الشخصيات وحواراتها من البداية حتى النهاية . وهذه سمـة التوتـر الخلاق ، الناتج من حدة المواقف وشدتها فى نفوس المتحدثين .
وتظهر المشاهد ـ لذلك ـ متلاحقة تستكمل هذا النسق وحينما يجد المؤلف السياق اشتعل ، يتدخل بهذه المربعات وما يشبهها من روح الموال والعدودة ، ذلك أن الصبر والظلم والغليان ، صور قديمة أصيلة فى نفوس الناس خاصة فى أهل الصعيد .
ترى هل نقول بأننا أمام مسرحيتين شعريتين أم غنائيتين ؟! إنهما نصان غنائيان حولا الدراما إلى ( بوح ) و ( صراخ ) أحيانا فى لغة مختارة بحس الشاعر بعيدة عن المتداول فى لغة المسرح الآن . ومعجم المؤلف اللغوى هنا مختار يكشف عن اهتمام قديم ومستمرفى نفس المؤلف الذى يكتب بعد ان تستوى لغة النص فى ضميره ، فلا نجد كلمة نابية أو غريبة أو مهجورة ، على الرغم من تمثيلها للغة الصعيد من ناحية ، ولغة تراثنا الشعبى الحكائى .
نحن أمام كاتب مسرح شعرى متمرس جعلنا نتبنّى وجهة نظر ناعسة وأيوب ، وخرجنا من نصيه البديعين ضد الظلم وضد الضعف فى آن واحد .
إنها رسالة يس الضـوى التى تمثلت أمامنا فى هذين النصين .
كان هذا جزءا من الدراسة التقديمية للدكتور مدحت الجيار للكتاب .
**********
وتقدم فرقة مسرح الطليعة المصرى التابع لوزارة القافة عرضا لمسرحية ( حى بن يقظان ) من تأليف يس الضوى أيضا ، وإخراج سعد سليمان ، وهى مسرحية غنائية واستعراضية تعبيريـة تؤكد جرأة هذا الكاتب الشاعر ( الضـوى ) لأن موضوع ( حى بن يقظان ) هو رسالة الفيلسوف ( إبن طفيل ) الذى قام الضوى بكتابته شعرا للمسرح ، وهو عمل جرىء يتطرق إلى أفكار شائكة عند الشعرة الفاصلة بين الإيمان بالذات الإلهية الخالقة والكفر ، كما أن هذه الرسالة أو الرواية القديمة تحتوى على مادة تحليلية علمية للظواهر والمخلوقات عن طريق إعمال العقل البدائى الجامح وراء التساؤلات والإستفسارات والفضول .. ، فكيف استطاع الضوى والمخرج سعد سلمان أن يتوصلا إلى عرض مسرحى سلس وجميل ومكثف ـ وهو يتعرض لعمل فلسفى بهذا التعقيد ؟!
[/size]
Dr.Hannani Maya المشرف العام
الدولة : الجنس : عدد المساهمات : 60590مزاجي : تاريخ التسجيل : 21/09/2009الابراج : العمل/الترفيه : الأنترنيت والرياضة والكتابة والمطالعة
موضوع: رد: حى بن يقظان و طال المطال جرأة يس الضـوى وخصوصيتـه الجمعة 29 يناير 2010 - 0:26
عشت أختاه على هذا الأختيار الرائع لباكورة مساهماتك في الموقع , ننتظر منك المزيد , رعاك الرب وحفظك .