واصِلْ تدخينكَ .. يُغريني رجلٌ في لحظةِ تدخينِ هي نقطةُ ضَعْفَي كامرأةٍ فاستثمرْ ضَعْفي وجُنُوني ما أَشهى تبغكَ والدنيا تستقبلُ أولَ تشرينِ والقهوةُ .. والصُحُفُ الكسلى ورؤىً .. وحُطامُ فناجينِ دخنْ .. لا أروع من رجُلٍ يفنى في الركن .. ويُفنيني رَجُل ..تنضمُّ أصابعُهُ وتُفكرُ من غير جبينِ أشعلْ واحدةً من أُخرى .. أشعلْها من جمرِ عيوني .. ورمادُكَ ضعهُ على كفِّي نيرانُكَ ليستْ تؤذيني فأنا كامرأةٍ .. يُرضيني أنْ ألقي نفسي في مقعدْ ساعاتٍ .. في هذا المعبدْ أتأملُ في الوجه المُجهدْ وأَعُدُّ .. أعُدُّ .. عروقَ اليدْ فعروقُ يديكَ .. تُسليني وخيوطُ الشيبِ .. هُنا ..وهُنا تُنهي أعصابي ..تُنهيني دخنْ .. لا أروع من رجُلٍ يفنى في الرُكنِ .. ويفنيني احرقني .. احرِقْ بي بيتي وتصرفْ فيهِ كمجنونِ .. فأنا كامرأةٍ .. يكفيني أنْ أشعرَ أنكَ تحميني أن أشعرَ أنَّ هناكَ يداً تتسللُ من خلف المقعدْ .. كي تمسح رأسي .. وجبيني تتسللُ من خلف المقعدْ لتداعب أُذْني بسكونِ ولتتركَ في شعري الأسودْ عِقداً من زَهَرِ الليمونِ دخنْ .. لا أروع من رجُلٍ يفنى في الرُكْنِ .. ويفنيني
نزار قبّاني
==========================
عيد ميلادها
بطاقة من يدها ترتعد تفدي اليد تقول : عيدي الأحد ما عمرها؟ لو قلت .. غنى في حبيبي العدد إحدى ثوانيه إذا أعطت، عصورا تلد وبرهة من عمرها يكمن فيها .. أبد ترى إذا جاء غد وانشال تول أسود واندفعت حوامل الزهر.. وطاب المشهد ورد..وحلوى ..وأنا يأكلني التردد بأي شيء أفد إذا يهل الأحد بخادم ..بباقة؟ هيهات. لا أقلد أليس من يدلني؟ كيف .. وماذا أقتني؟ ليومها الملحن أحزمة من سوسن؟ أنجمة مقيمة في موطني؟ أهدي لها الله .. ما أقلها؟ .. من ينتقي؟ لي من كروم المشرق من قمر محترق حقا غريب العبق آنية مسحورة خالقها لم يخلق.. أحملها ..غدا لها الله ..ما أقلها لو بيدي الفرقد والدر والزمرد فصلتها جميعها رافعة لنهدها ومحبسا لزندها هدية صغيرة .. تحمل نفسي كلها لعلها إذا أنا حملتها غدا لها ستسعد يا مرتجي .. يا أحد ..
==========================
غابة اللوز
كنت أعدو في غابة اللوز .. لما قال عني، أماه، إني حلوة وعلى سالفي .. غفا زر ورد وقميص تفلتت منه عروة قال ما قال .. فالقميص جحيم فوق صدري، والثوب يقطر نشوة قال لي : مبسمي وريقة توت ولقد قال إن صدري ثروة وروى لي عن ناهدي حكايا.. فهما جدولا نبيذ وقهوة وهما دورقا رحيق ونور وهما ربوة تعانق ربوة.. أأنا حلوة؟ وأيقظ أنثى في عروقي ، وشق للنور كوه إن في صوته قرارا رخيما وبأحداقه .. بريق النبوة جبهة حرة .. كما انسرح النور وثغر فيه اعتداد وقسوة يغصب القبلة اغتصابا .. وأرضي وجميل أن يؤخذ الثغر عنوة ورددت الجفون عنه .. حياء وحياء النساء للحب دعوة تستحي مقلتي .. ويسأل طهري عن شذاه .. كأن للطهر شهوة أنت .. لن تنكري على احتراقي كلنا .. في مجامر النار نسوه
==========================
غـرنـاطـة
في مدخل الحمراء كان لقاؤنا ما أطـيب اللقـيا بلا ميعاد عينان سوداوان في جحريهما تتوالـد الأبعاد مـن أبعـاد هل أنت إسبانـية؟ ساءلـتها قالت: وفي غـرناطة ميلادي غرناطة؟ وصحت قرون سبعة في تينـك العينين.. بعد رقاد وأمـية راياتـها مرفوعـة وجيـادها موصـولة بجيـاد ما أغرب التاريخ كيف أعادني لحفيـدة سـمراء من أحفادي وجه دمشـقي رأيت خـلاله أجفان بلقيس وجيـد سعـاد ورأيت منـزلنا القديم وحجرة كانـت بها أمي تمد وسـادي واليـاسمينة رصعـت بنجومها والبركـة الذهبيـة الإنشـاد ودمشق، أين تكون؟ قلت ترينها في شعـرك المنساب ..نهر سواد في وجهك العربي، في الثغر الذي ما زال مختـزناً شمـوس بلادي في طيب "جنات العريف" ومائها في الفل، في الريحـان، في الكباد سارت معي.. والشعر يلهث خلفها كسنابـل تركـت بغيـر حصاد يتألـق القـرط الطـويل بجيدها مثـل الشموع بليلـة الميـلاد.. ومـشيت مثل الطفل خلف دليلتي وورائي التاريـخ كـوم رمـاد الزخـرفات.. أكاد أسمع نبـضها والزركشات على السقوف تنادي قالت: هنا "الحمراء" زهو جدودنا فاقـرأ على جـدرانها أمجـادي أمجادها؟ ومسحت جرحاً نـازفاً ومسحت جرحاً ثانيـاً بفـؤادي يا ليت وارثتي الجمـيلة أدركـت أن الـذين عـنتـهم أجـدادي عانـقت فيهـا عنـدما ودعتها رجلاً يسمـى "طـارق بن زياد"
==========================
في المقهى
في جواري اتخذت مقعدها كوعاء الورد في اطمئنانها وكتاب ضارع في يدها يحصد الفضلة من إيمانها يثب الفنجان من لهفته في يدي ، شوقا إلى فنجانها آه من قبعة الشمس التي يلهث الصيف على خيطانها جولة الضوء على ركبتها زلزلت روحي من أركانها هي من فنجانها شاربة وأنا أشرب من أجفانها قصة العينين .. تستعبدني من رأى الأنجم في طوفانها كلما حدقت فيها ضحكت وتعرى الثلج في أسنانها شاركيني قهوة الصبح .. ولا تدفني نفسك في أشجانها إنني جارك يا سيدتي والربى تسأل عن جيرانها من أنا .. خلي السؤالات أنا لوحة تبحث عن ألوانها موعدا .. سيدتي! وابتسمت وأشارت لي إلى عنوانها.. وتطلعت فلم ألمح سوى طبعة الحمرة في فنجانها
==========================
قصيدة الحزن
علمني حبك أن أحزنْ وأنا محتاجٌ منذ عصورْ لإمرأةٍ تجعلني أحزنْ لإمرأةٍ أبكي فوق ذراعيها مثل العصفورْ لإمرأةٍ تجمعُ أجزائي كشظايا البللورِ المكسورْ
علمني حبكِ سيدتي أسوأ عاداتْ علمني أفتحُ فنجاني في الليلةِ آلافَ المرّاتْ وأجرّب طبَّ العطارينَ..وأطرقَ باب العرّافاتْ علمني أخرجُ من بيتي..لأمشط أرصفة الطرقاتْ وأطاردَ وجهكِ في الأمطارِ..وفي أضواءِ السياراتْ وأطاردَ ثوبكِ..في أثوابِ المجهولاتْ وأطاردَ طيفكِ..حتى..حتى..في أوراقِ الإعلاناتْ علمني حبكِ كيف أهيمُ على وجهي..ساعاتْ بحثاً عن وجهٍ..عن صوتٍ.. هوَ كلُّ الأوجهِ والأصواتْ
أدخلني حبكِ سيدتي مدنَ الأحزانْ وأنا من قبلكِ لم أدخلْ مدنَ الأحزانْ لم أعرفْ أبداً أنَّ الدّمعَ هوَ الإنسانْ أنَّ الإنسانَ بلا حزنٍ..ذكرى إنسانْ علمني حبكِ أن أتصرّفَ كالصبيانْ أن أرسمَ وجهكِ..بالطبشورِ..على الحيطانْ وعلى أشرعةِ الصيادينَ..على الأجراسِ على الصلبانْ علمني حبكِ..كيفَ الحبُّ يغيرُ خارطةَ الأزمانْ علمني أني حينَ أحبّ.. تكفُّ الأرضُ عنِ الدورانْ
علمني حبكِ أشياءً.. ما كانت أبداً في الحسبانْ فقرأتُ أقاصيصَ الأطفال..دخلتُ قصورَ ملوكِ الجانْ وحلمتُ بأنْ تتزوجني بنتُ السلطانْ تلكَ العيناها..أصفى من ماءِ الخلجانْ تلكَ الشفتاها..أشهى من زهرِ الرّمانْ وحلمتُ بأني أخطفها مثلَ الفرسانْ وحلمتُ بأني أهديها أطواقَ اللؤلؤِ والمرجانْ علمني حبكِ يا سيدتي..ما الهذيانْ علمني..كيفَ يمرُّ العمرْ ولا تأتي بنتُ السلطانْ
علمني حبكِ كيفَ أحبكِ في كل الأشياءْ في الشجرِ العاري.. في الأوراقِ اليابسةِ الصفراءْ في الجو الماطرِ..في الأنواءْ في أصغرِ مقهى..نشربُ فيهِ مساءً..قهوتنا السوداءْ
علمني حبكِ أن آوي..لفنادقَ ليسَ لها أسماءْ وكنائسَ ليس لها أسماءْ.. ومقاهٍ ليس لها أسماءْ علمني حبكِ..كيفَ الليلُ يضخمَ أحزانَ الغرباءْ علمني كيف أرى بيروت..إمرأةً طاغيةَ الإغراءْ إمرأةً..تلبسُ كلَّ مساءْ.. أجملَ ما تملكُ من أزياءْ وترشُّ العطرَ على نهديها للبحارةِ.. والأمراءْ علمني حبكِ أن أبكي من غيرِ بكاءْ علمني كيفَ ينامُ الحزنْ..كغلامٍ مقطوعِ القدمين في طرقِ الروشةِ والحمراءْ
.. عندما قررت أن أكتب عن تجربتي في الحب، فكرت كثيرا.. ما الذي تجدي اعترافاتي؟ وقبلي كتب الناس عن الحب كثيرا.. صوروه فوق حيطان المغارات، وفي أوعية الفخار والطين، قديما نقشوه فوق عاج الفيل في الهند.. وفوق الورق البردي في مصر ، وفوق الرز في الصين.. وأهدوه القرابين، وأهدوه النذورا.. عندما قررت أن أنشر أفكاري عن العشق. ترددت كثيرا.. فأنا لست بقسيس، ولا مارست تعليم التلاميذ، ولا أؤمن أن الورد.. مضطر لأن يشرح للناس العبيرا.. ما الذي أكتب يا سيدتي؟ إنها تجربتي وحدي.. وتعنيني أنا وحدي.. إنها السيف الذي يثقبني وحدي.. فأزداد مع الموت حضورا.. 2 عندما سافرت في بحرك يا سيدتي.. لم أكن أنظر في خارطة البحر، ولم أحمل معي زورق مطاط.. ولا طوق نجاة.. بل تقدمت إلى نارك كالبوذي.. واخترت المصيرا.. لذتي كانت بأن أكتب بالطبشور.. عنواني على الشمس.. وأبني فوق نهديك الجسورا.. 3 حين أحببتك.. لاحظت بأن الكرز الأحمر في بستاننا أصبح جمرا مستديرا.. وبأن السمك الخائف من صنارة الأولاد.. يأتي بالملايين ليلقي في شواطينا البذورا.. وبأن السرو قد زاد ارتفاعا.. وبأن العمر قد زاد اتساعا.. وبأن الله .. قد عاد إلى الأرض أخيرا.. 4 حين أحببتك .. لاحظت بأن الصيف يأتي.. عشر مرات إلينا كل عام.. وبأن القمح ينمو.. عشر مرات لدينا كل يوم وبأن القمر الهارب من بلدتنا.. جاء يستأجر بيتا وسريرا.. وبأن العرق الممزوج بالسكر والينسون.. قد طاب على العشق كثيرا.. 5 حين أحببتك .. صارت ضحكة الأطفال في العالم أحلى.. ومذاق الخبز أحلى.. وسقوط الثلج أحلى.. ومواء القطط السوداء في الشارع أحلى.. ولقاء الكف بالكف على أرصفة " الحمراء " أحلى .. والرسومات الصغيرات التي نتركها في فوطة المطعم أحلى.. وارتشاف القهوة السوداء.. والتدخين.. والسهرة في المسح ليل السبت.. والرمل الذي يبقي على أجسادنا من عطلة الأسبوع، واللون النحاسي على ظهرك، من بعد ارتحال الصيف، أحلى.. والمجلات التي نمنا عليها .. وتمددنا .. وثرثرنا لساعات عليها .. أصبحت في أفق الذكرى طيورا... 6 حين أحببتك يا سيدتي طوبوا لي .. كل أشجار الأناناس بعينيك .. وآلاف الفدادين على الشمس، وأعطوني مفاتيح السماوات.. وأهدوني النياشين.. وأهدوني الحريرا 7 عندما حاولت أن أكتب عن حبي .. تعذبت كثيرا.. إنني في داخل البحر ... وإحساسي بضغط الماء لا يعرفه غير من ضاعوا بأعماق المحيطات دهورا. 8 ما الذي أكتب عن حبك يا سيدتي؟ كل ما تذكره ذاكرتي.. أنني استيقظت من نومي صباحا.. لأرى نفسي أميرا ..
كلمــاتٍ تقلـبُ تاريخــي .... تجعلني امـــرأةً في لحظــاتْ
يبني لي قصـــراً من وهـمٍ ... لا أسـكنُ فيهِ سوى لحظاتْ
وأعــودُ.. أعــودُ لطـاولـتي ... لا شيءَ معي.. إلا كلمــاتْ
كلمـــــــــاتٍ ليســـــــت كالكلمـــــــاتْ
==========================
لا تحبيني
هذا الهوى ما عاد يغريني فلتستريحي..ولتريحيني إن كانَ حبكِ في تقلبهِ ما قد رأيتُ..فلا تحبيني حبي هو الدنيا بأجمعها أما هواكِ فليسَ يعنيني أحزانيَ الصغرى تعانقني وتزورني..إن لم تزوريني ما همّني ما تشعرينَ بهِ إن افتكاري فيكِ..يكفيني فالحبُّ عطرٌ في خواطرنا كالعطر في بالِ البساتينِ عيناكِ..من حزني خلقتهما ما أنتِ..ما عيناكِ من دوني فمكِ الصغيرُ أدرته ُ بيدي وزرعته ُ..أزهارَ ليمونِ حتى جمالكِ ليسَ يذهلني إن غابَ من حين ٍ إلى حينِ فالشوقُ يفتحُ ألفَ نافذةٍ خضراءَ..من عينيكِ تغنيني لا فرقَ عندي يا مُعذبتي أحببتني..أم لم تحبّيني أنتِ استريحي من هوايَ أنا لكن..سألتكِ لا تريحيني
==========================
الحب المقارن
أنا لا أشبهُ عشاقكِ يا سيدتي فإذا أهداك غيري غيمةً أنا أهديك المطرْ وإذا أهداكِ قنديلاٌ..فإني سوفَ أهديكِ القمرْ وإذا أهداكِ غصناً فسأهديكِ الشجرْ وإذا أهداكِ غيري مركباً فسأهديكِ السفرْ
==========================
لا تسألوني
لا تسـألوني... ما اسمهُ حبيبي أخشى عليكمْ.. ضوعةَ الطيوبِ
ماذا أقول له لو جاء يسألني .. إن كنتُ أكرههُ أم كنتُ أهواهُ .. ماذا أقولُ لو راحت أصابعهُ .. تلملمُ الليل عن شعري وترعاهُ .. وكيف أسمح أن يدنو بمقعدهِ .. وأن تنام على خصري ذراعاهُ .. غداً إذا جاء أعطيهِ رسائلهُ .. ونطعمُ النارَ أحلى ما كتبناهُ .. حبيبتي .. هل أنا حقّاً حبيبتهُ ؟ وهل أصدّقُ بعد الهجر دعواهُ ؟!! أما انتهت من سنين قصّتي معهُ .. ألم تمت كخيوط الشمس ذكراهُ ..؟ أما كسرنا كؤوس الحبّ من زمنٍ .. فكيف نبكي على كأسٍ كسرناهُ .. ربّاهُ .. أشياؤهُ الصغرى تعذّبني .. فكيف أنجو من الأشياء ربّاهُ .. هنا جريدتهُ في الركن مهملةً .. هنا كتابٌ معاً كنا قرأناهُ .. على المقاعدِ بعضٌ من سجائرهِ وفي الزوايا بقايا من بقاياهُ .. مالي أحدّقُ في المرآة أسألها .. بأيّ ثوبٍ من الأثوابِ ألقاهُ ..؟ أأدّعي بأنني أصبحتُ أكرههُ .. وكيف أكره من في الجفن سكناهُ ؟ وكيف أهرب منه إنه قدري .. هل يملكُ النهر تغييراً لمجراهُ .. أحبّهُ لستُ أدري ما أحبّ به حتى خطاياهُ ما عادت خطاياهُ .. الحبّ في الأرض بعضٌ من تخيّلنا .. لو لم نجدهُ عليها لاخترعناهُ .. ماذا أقولُ له لو جاء يسألني .. إن كنتُ أهواهُ .. إنّي ألف أهواهُ ..
==========================
__________________
ياصديقي يارفيق الطريق ... أنا الشــفتان وأنت الصـــدى ســألتك بالله كــن ناعمــاً ... إذا ما قـــرأت حروفي غـــدا تذكــر وأنت تمرّ عليهــــا ... عذاب الحروف لكي تولـــدا.
محاولات لقتل إمرأةٍ لا تُقتلْ
وعدتكِ..أن لا أحبّـك ثـمّ أمامَ القرارِ الكبيرِ جَـبُنـتْ وعدتكِ أن لا أعودَ وعُـدتْ وأن لا أموتَ اشتياقاً ومُـتْ وعدتُ مرارا ً..وقررتُ أن أستقيلَ مراراً ولا أتذكرُ أني استقلتْ
وعدتُ بأشياءَ أكبرَ مني فماذا غدا ً ستقولُ الجرائدُ عنـّي أكيدٌ ستكتبُ أني جُننتْ أكيدٌ ستكتبُ أني انتحرتْ وعدتكِ أن لا أكونَ ضعيفا ً..وكنتْ وأن لا أقولَ بعينيكِ شِعرا ً..وقلتْ وعدتُ بأن لا..وأن لا..وأن لا وحينَ اكتشفتُ غبائي..ضحكتْ
وعدتكِ أن لا أبالي بشعركِ حينَ يمرُّ أمامي وحينَ يتدفقَ كالليلِ فوقَ الرصيفْ صرختْ وعدتكِ أن أتجاهلَ عينيكِ مهما دعاني الحنين وحينَ رأيتهما تـُمطران نجوما ً..شهقتْ وعدتكِ أن لا أوجهَ أيّة َ رسالة َ حبٍّ إليكِ ولكنني..رغمَ أنفي..كتبتْ
وعدتكِ أن لا أكونَ بأيّ مكان ٍ تكونينَ فيهِ وحينَ عرفتُ بأنكِ مدعوّة للعشاءِ !!ذهبتْ وعدتكِ..أن لا أحبـّك كيف؟وأين؟ وفي أيّ يوم ٍ تراني وعدتْ لقد كنتُ أكذبُ من شدّة الصدقِ والحمدُ للهِ أني كذبتْ
وعدتُ..بكلّ برودٍ وكلّ غباءِ بإحراق ِ كلّ الجسور ِ ورائي وقررتُ بالسرّ..قتلَ جميع ِ النساءِ وأعلنتُ حربي عليكِ وحينَ رأيتُ يديكِ المسالمتين ااختجلتْ وعدتُ بأن لا..وأن لا..وأن لا وكانت جميعُ وعودي..دُخاناً وبعثرتهُ في الهواءِ
وعدتكِ أن لا أتلفنَ ليلا وأن لا أفكرَ فيكِ..إذا تمرضينْ وأن لا أخافَ عليكْ وأن لا أقدّمَ ورداً وأن لا أبوسَ يديكْ وتلفنتُ ليلا ً..على الرغم ِ مني وأرسلتُ وردا ً على الرغم ِ مني وبستكِ من بين ِ عينيكِ حتى شبعتْ وعدتُ بأن لا..وأن لا..وأن لا وحينَ اكتشفتُ غبائي ضحكتْ
وعدتُ..بذبحكِ خمسينَ مرّة وحينَ رأيتُ الدماءَ تغطي ثيابي تأكدتُ أني الذي..قد ذبحتْ فلا تأخذيني على محملِ الجدِّ مهما غضبتُ ومهما انفعلتْ ومهما اشتعلتُ..ومهما انطفأتْ لقدْ كنتُ أكذبُ من شدّة الصدقِ والحمدُ لله..أني كذبتْ
وعدتكِ أن أحسمَ الأمرَ فوراً وحينَ رأيتُ الدموعَ تهرهرُ من مقلتيكِ ارتبكتْ وحينَ رأيتُ الحقائبَ في الأرضْ أدركتُ أنكِ لا تـُقتلينَ بهذي السهولة فأنتِ البلادُ..وأنتِ القبيلة وأنتِ القصيدةُ قبلَ التكوّن أنتِ الدفاتِرُ..أنتِ المشاوير أنتِ الطفولة
وعدتُ وعدتُ بإلغاءِ عينيكِ من دفتر ِ الذكرياتِ ولمْ أكُ أعلمُ..أني سألغي حياتي ولم أكُ أعلمُ..أنكِ رغمَ الخلافِ الصغيرِ..أنا وأنيَ أنتْ وعدتكِ أن لا أحبكِ يا للحماقةِ!! ماذا بنفسي فعلتْ لقد كنتُ أكذبُ من شدّة ِ الصدقِ والحمدُ لله..أني كذبتْ
وعدتكِ أن لا أكونَ هُنا بعدَ خمس ِ دقائقْ ولكن!!إلى أينَ أذهبُ؟؟ إن الشوارعَ مغسولة ٌ بالمطرْ إلى أينَ أدخلُ؟؟ إنَّ مقاهي المدينةِ مسكونة ٌ بالضجرْ إلى أينَ أبحرُ وحدي؟؟ وأنتِ البـِحارُ..وأنتِ القلوعُ وأنتِ السفرْ فهل ممكنٌ أن أظلّ..لعشر دقائقَ أخرى لحين ِ انقطاع ِ المطرْ أكيدٌ..بأني سأرحلُ بعدَ رحيلِ الغيومِ وبعدَ هدوء ِ الرياحْ ..وإلا سأنزلُ ضيفا ً عليكِ إلى أن يجيءَ الصباحْ
وعدتكِ وعدتكِ أن لا أحبكِ مثلَ المجانينْ في المرّة ِ الثانية وأن لا أهاجمَ مثلَ العصافيرْ أشجارَ تـُفاحكِ العالية وأن لا أمشط َ شعركِ..حينَ تنامينْ يا قطتي الغالية وعدتكِ أن لا أضيعَ بقية َ عقلي إذا ما سقطتِ على جسدي نجمة ً حافية وعدتُ..بكبح ِ جماح ِ جنوني ويُسعِدني أنني لا أزالْ شديدَ التطرّف ِ حينَ أحبُّ تماما ً..كما كنتُ في السنة ِ الماضية
وعدتكِ أن لا أعودَ وعُدتْ وأن لا أموتَ اشتياقا ً ومُـتْ وعدتُ بأشياءَ أكبرَ مني فماذا بنفسي فعلتْ؟؟ لقدْ كنتُ أكذبُ من شدّة ِ الصدقِ والحمدُ لله أنّي كذبتْ
نزار قباني منقول شبكة الحسين
حبيب حنا حبيب عضو فعال جداً
الدولة : الجنس : عدد المساهمات : 21916مزاجي : تاريخ التسجيل : 25/01/2010الابراج :
موضوع: رد: أحلى القصائد لنزار قباني الجزء الثاني الأحد 26 ديسمبر 2010 - 13:30
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] عاشت الأيادي أخونا العزيز ~ عــلاء البصـــراوي ~ على هذه القصائد الجميلة للشّـــاعر الوطنــي الكبير ــ نِزار القبّانــــي ــ ! خالص تقديرنــــــــا ...