البيت الآرامي العراقي

مذكـرات مغتـرب Welcome2
مذكـرات مغتـرب 619888zqg202ssdr
البيت الآرامي العراقي

مذكـرات مغتـرب Welcome2
مذكـرات مغتـرب 619888zqg202ssdr
البيت الآرامي العراقي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

البيت الآرامي العراقي

سياسي -ثقافي-أجتماعي


 
الرئيسيةالرئيسيةبحـثس .و .جالتسجيلarakeyboardchald keyboardدخول

 

 مذكـرات مغتـرب

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Dr.Hannani Maya
المشرف العام
المشرف العام
Dr.Hannani Maya


مذكـرات مغتـرب Usuuus10
مذكـرات مغتـرب 8-steps1a
الدولة : العراق
الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 60603
مزاجي : أحب المنتدى
تاريخ التسجيل : 21/09/2009
الابراج : الجوزاء
العمل/الترفيه العمل/الترفيه : الأنترنيت والرياضة والكتابة والمطالعة

مذكـرات مغتـرب Empty
مُساهمةموضوع: مذكـرات مغتـرب   مذكـرات مغتـرب Icon_minitime1الأحد 26 ديسمبر 2010 - 1:58














مذكـرات مغتـرب

"بَسْ دقيقة"

بقلم: محمد عبد الوهاب جسري


كنت أقف في دوري على شباك التذاكرلأشتري بطاقة سفر في الحافلة إلى مدينة تبعد حوالي 330 كم، وكانت أمامي سيدة ستينية قد وصلت إلى شباك التذاكر وطال حديثها مع الموظفة التي قالتلها في النهاية: الناس ينتظرون، أرجوكِ تنحّي جانباً. فابتعدت المرأة خطوة واحدة لتفسح لي المجال، وقبل أن أشتري بطاقتي سألت الموظفة عن المشكلة، فقالت لي بأن هذه المرأة معها ثمن بطاقة السفر وليس معها يورو واحد قيمة بطاقة دخول المحطة، وتريد أن تنتظر الحافلة خارج المحطة وهذا ممنوع. قلتُ لها: هذا يورو وأعطها البطاقة. وتراجعتُ قليلاً وأعطيتُالسيدة مجالاً لتعود إلى دورها بعد أن نادتها الموظفة مجدداً...0

اشترت السيدة بطاقتها ووقفت جانباً وكأنها تنتظرني ، فتوقعت أنها تريد أن تشكرني، إلا أنها لم تفعل، بلانتظرتْ لتطمئن إلى أنني اشتريت بطاقتي وسأتوجه إلى ساحة الانطلاق ، فقالتلي بصيغة الأمر: احمل هذه... وأشارت إلى حقيبتها...0

كان الأمر غريباً جداً بالنسبة لهؤلاءالناس الذين يتعاملون بلباقة ليس لها مثيل . بدون تفكير حملت لها حقيبتها واتجهنا سوية إلى الحافلة، ومن الطبيعي أن يكون مقعدي بجانبها لأنها كانت قبلي تماماً في الدور...0

حاولت أن أجلس من جهة النافذة لأستمتع بمنظر تساقط الثلج الذي بدأ منذ ساعة وأقسم بأن يمحو جميع ألوان الطبيعة معلناً بصمته الشديد: أنا الذي آتي لكم بالخير وأنا من يحق له السيادة الآن ! لكن السيدة منعتني و جلستْ هي من جهة النافذة دون أن تنطق بحرف ،فرحتُ أنظر أمامي ولا أعيرها اهتماماً ، إلى أن التفتتْ إلي تنظر في وجهي وتحدق فيه ، وطالت التفاتتها دون أن تنطق ببنت شفة وأنا أنظر أمامي ، حتى إنني بدأت أتضايق من نظراتها التي لا أراها لكنني أشعر بها، فالتفتُ إليها...0

عندها تبسمتْ قائلة: كنت أختبر مدى صبركوتحملك...0

صبري على ماذا؟

على قلة ذوقي. أعرفُ تماماً بماذاكنتَ تفكر...0

لا أظنك تعرفين، وليس مهماً أنتعرفي...0

حسناً، سأقول لكَ لاحقاً، لكن بالي مشغول كيف سأرد لكَ الدين...0

الأمر لا يستحق ، لا تشغلي بالك...0

عندي حاجة سأبيعها الآن وسأرد لكَ اليورو، فهل تشتريها أم أعرضها على غيرك؟

هل تريدين أن أشتريها قبل أن أعرف ماهي؟

إنها حكمة. أعطني يورو واحداً لأعطيكالحكمة...0

وهل ستعيدين لي اليورو إن لم تعجبني الحكمة؟

لا، فالكلام بعد أن تسمعه لا أستطيع استرجاعه، ثم إن اليورو الواحد يلزمني لأنني أريد أن أرد بهِ دَيني...0

أخرجتُ اليورو من جيبي ووضعته في يديهاوأنا أنظر إلى تضاريس وجهها. لا زالت عيناها جميلتين تلمعان كبريق عيني شابة في مقتبل العمر، وأنفها الدقيق مع عينيها يخبرون عن ذكاء ثعلبي . مظهرها يدل على أنها سيدة متعلمة، لكنني لن أسألها عن شيء ، أنا على يقينأنها ستحدثني عن نفسها فرحلتنا لا زالت في بدايتها...0

أغلقت أصابعها على هذه القطعة النقدية التي فرحت بها كما يفرح الأطفال عندما نعطيهم بعض النقود وقالت: أنا الآن متقاعدة ، كنت أعمل مدرّسة لمادة الفلسفة ، جئت من مدينتي لأرافق إحدى صديقاتي إلى المطار. أنفقتُ كل ما كان معي وتركتُ ما يكفي لأعود إلىبيتي، إلا أن سائق التاكسي أحرجني وأخذ مني يورو واحد زيادة ، فقلت في نفسيس أنتظر الحافلة خارج المحطة، ولم أكن أدري أنه ممنوع. أحببتُ أن أشكرك بطريقة أخرى بعدما رأيت شهامتك ، حيث دفعت عني دون أن أطلب منك . الموضوع ليس مادياً. ستقول لي بأن المبلغ بسيط ، سأقول لكَ أنت سارعت بفعل الخير ودونما تفكير...0

قاطعتُ المرأة مبتسماً: أتوقع بأنك ستحكي لي قصة حياتك ، لكن أين البضاعة التي اشتريتُها منكِ ؟ أينالحكمة ؟

"بَسْدقيقة".

سأنتظر دقيقة...0

لا، لا.. لا تنتظر. "بَسْ دقيقة"... هذه هي الحكمة...0

ما فهمتشيئاً...0

لعلك تعتقد أنك تعرضتَ لعملية احتيال؟

ربما...0

سأشرح لكَ: "بس دقيقة"، لا تنسَ هذه الكلمة. في كل أمر تريد أن تتخذ فيه قراراً، عندما تفكر بهِ وعندما تصلإلى لحظة اتخاذ القرار أعطِ نفسك دقيقة إضافية، ستين ثانية. هل تعلم كم من المعلومات يستطيع دماغك أن يعالج خلال ستين ثانية ؟ في هذه الدقيقة التي ستمنحها لنفسك قبل إصدار قرارك قد تتغير أمور كثيرة، ولكن بشرط...0

وما هوالشرط؟

أن تتجرد عن نفسك ، وتُفرغ في دماغكوفي قلبك جميع القيم الإنسانية والمثل الأخلاقية دفعة واحدة، وتعالجها معالجة موضوعية ودون تحيز، فمثلاً: إن كنت قد قررت بأنك صاحب حق وأنا لآخر قد ظلمك فخلال هذه الدقيقة وعندما تتجرد عن نفسك ربما تكتشف بأن الطرف الآخر لديه حق أيضاً، أو جزء منه، وعندها قد تغير قرارك تجاهه. إنكنت نويت أن تعاقب شخصاً ما فإنك خلال هذه الدقيقة بإمكانك أن تجد له عذراً فتخفف عنه العقوبة أو تمتنع عن معاقبته وتسامحه نهائياً . دقيقة واحدة بإمكانها أن تجعلك تعدل عن اتخاذ خطوة مصيرية في حياتك لطالما اعتقدت أنها هي الخطوة السليمة، في حين أنها قد تكون كارثة. دقيقة واحدة ربما تجعلك أكثر تمسكاً بإنسانيتك وأكثر بعداً عن هواك . دقيقة واحدة قد تغير مجرى حياتك وحياة غيرك ، وإن كنت من المسؤولين فإنها قد تغير مجرىحياة قوم بأكملهم ... هل تعلم أن كل ما شرحته لكَ عن الدقيقة الواحدة لميستغرق أكثر من دقيقة واحدة ؟

صحيح، وأنا قبلتُ برحابة صدر هذه الصفقة وحلال عليكِ اليورو...0

تفضل، أنا الآن أرد لكَ الدين وأعيدلكَ ما دفعته عني عند شباك التذاكر. والآن أشكرك كل الشكر على ما فعلته لأجلي...0

أعطتني اليورو. تبسمتُ في وجهها واستغرقت ابتسامتي أكثر من دقيقة ، لأنتبه إلى نفسي وهي تأخذ رأسي بيدها وتقبل جبيني قائلة : هل تعلم أنه كان بالإمكان أن أنتظر ساعات دون حل لمشكلتي، فالآخرون لم يكونوا ليدروا ما هي مشكلتي ، وأنا ما كنتُ لأستطيع أن أطلب واحد يورو من أحد...0

حسناً ، وماذا ستبيعينني لو أعطيتك مئة يورو؟

سأعتبره مهراً وسأقبل بك زوجاً...0

علتْ ضحكتُنا في الحافلة وأنا أُمثـِّلُ بأنني أريد النهوض ومغادرة مقعدي وهي تمسك بيدي قائلة : اجلس، فزوجي متمسكٌ بيَّ وليس له مزاج أن يموت قريباً!

وأنا أقول لها: "بس دقيقة"، "بس دقيقة"...

لم أتوقع بأن الزمن سيمضي بسرعة. كانت هذه الرحلة من أكثر رحلاتي سعادة ، حتى إنني شعرت بنوع من الحزن عندماغادرتْ الحافلة عندما وصلنا إلى مدينتها في منتصف الطريق تقريباً...0

قبل ربع ساعة من وصولها حاولتْ أن تتصل من جوالها بابنها كي يأتي إلى المحطة ليأخذها ، ثم التفتتْ إليّ قائلة: على ما يبدو أنه ليس عندي رصيد. فأعطيتها جوالي لتتصل . المفاجأة أنني بعد مغادرتها للحافلة بربع ساعة تقريباً استلمتُ رسالتين على الجوال، الأولى تفيد بأن هناك من دفع لي رصيداً بمبلغ يزيد عن 10 يورو، والثانية منها تقول فيها : كان عندي رصيد في هاتفي لكنني احتلتُ عليك لأعرف رقم هاتفك فأجزيكَ على حسن فعلتك. إن شئت احتفظ برقمي، وإن زرت مدينتي فاعلم بأن لكَفيها أمٌ ستستقبلك . فرددتُ عليها برسالة قلت فيها : عندما نظرتُ إلىعينيك خطر ببالي أنها عيون ثعلبية لكنني لم أتجرأ أن أقولها لكَ ، أتمنى أنتجمعنا الأيام ثانية ، أشكركِ على الحكمة واعلمي بأنني سأبيعها بمبلغ أكبر بكثير...0

"بس دقيقة"... حكمة أعرضها للبيع، فمن يشتريها مني في زمن نهدر فيه الكثير.. الكثير من الساعات دون فائدة؟

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
مذكـرات مغتـرب
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
البيت الآرامي العراقي :: الثقافية , الادبية , التاريخية , الحضارية , والتراثية Cultural, literary, historical, cultural, & heritage :: منتدى القصة والخواطر والحكم والأمثال The story & music Forum & proverbs-
انتقل الى: