البيت الآرامي العراقي

افكار حول ما يجري في عالمنا العربي : القس لوسيان جميل        Welcome2
افكار حول ما يجري في عالمنا العربي : القس لوسيان جميل        619888zqg202ssdr
البيت الآرامي العراقي

افكار حول ما يجري في عالمنا العربي : القس لوسيان جميل        Welcome2
افكار حول ما يجري في عالمنا العربي : القس لوسيان جميل        619888zqg202ssdr
البيت الآرامي العراقي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

البيت الآرامي العراقي

سياسي -ثقافي-أجتماعي


 
الرئيسيةالرئيسيةبحـثس .و .جالتسجيلarakeyboardchald keyboardدخول

 

 افكار حول ما يجري في عالمنا العربي : القس لوسيان جميل

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Dr.Hannani Maya
المشرف العام
المشرف العام
Dr.Hannani Maya


افكار حول ما يجري في عالمنا العربي : القس لوسيان جميل        Usuuus10
افكار حول ما يجري في عالمنا العربي : القس لوسيان جميل        8-steps1a
الدولة : العراق
الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 60577
مزاجي : أحب المنتدى
تاريخ التسجيل : 21/09/2009
الابراج : الجوزاء
العمل/الترفيه العمل/الترفيه : الأنترنيت والرياضة والكتابة والمطالعة

افكار حول ما يجري في عالمنا العربي : القس لوسيان جميل        Empty
مُساهمةموضوع: رد: افكار حول ما يجري في عالمنا العربي : القس لوسيان جميل    افكار حول ما يجري في عالمنا العربي : القس لوسيان جميل        Icon_minitime1الخميس 10 فبراير 2011 - 21:20


القس لوسيان جميل . تلكيف . نينوى



المقدمة:

عندما لا يكون كاتب ما رجل سياسة، مثل كاتب هذه الصفحات، فان مثل هذا الكاتب يرى عادة بأن عليه ان لا يتسرع في اعطاء رأيه فيما يحصل، في مثل هذه الأمور السياسية التي نتكلم عنها، والتي تخص ما جرى في تونس وما يجري في مصر، وما قد يجري في امكنة اخرى، ليس انتظارا لانجلاء الغبار، ولكن طلبا لمزيد من معطيات تعطي الكاتب حصانة اكبر ضد اخطاء التحليل المتسرع، الذي يمكن ان ينساق مع العواطف.

الكاتب ليس محايدا:

ومع ذلك نؤكد بأن كاتب هذه الصفحات ليس محايدا تجاه بعض الثوابت، لا بل تجاه جميع الثوابت التي تسير حياة الانسان وتضعها في اطارها الصحيح، أي ان الكاتب ليس محايدا، عاطفيا ووجدانيا، تجاه ما يجري في العراق وفي سائر اقطار الأمة العربية، وان لم يكن ملتزما بحزب معين، ولا حتى بأي عمل سياسي منظم. غير ان الكاتب يجد نفسه، من حيث الفطنة العقلانية، ان لا يكون متسرعا في احكامه على الأمور السياسية ومجرياتها، ومنها ما جرى وما يجري في تونس ومصر، ليس من باب التشكيك في الروح الثورية التي انبثقت هناك، ولكن فقط من باب معرفة ما يجري بموضوعية واستقلالية، قدر الامكان.

اما الآن،

وبعد مرور فترة كافية علـى اول انتفاضة عربية حقيقية في تونس، وبعد ان شاهدنا ما يجري في ايامنا هذه في مصر، وما نتوقع ان يحصل في امكنة اخرى من العالم العربي، ارى نفسي مضطرا لأقول كلمة فيما يحصل، محاولا اعطـاء ما حصل ويحصل حقه، بدون زيادة او نقصان، قدر المستطاع.

الانسان يميل الى التشاؤم:

على الرغم من وجود قوانين يعرفها الكثيرون، وتسمى احيانا حِكمة او خبرة متوارثة، او تسمى احيانا مقولات وتعاليم دينية، او قوانين انثروبولوجية ثابتة، تقول لنا مثلا ان الأمور سوف تجري في كذا وكذا مجرى، او أن الظلم لا يدوم، او أن الزمن دوار، او تقول لنا أن الخير يجب ان ينتصر أخيرا، إلا اننا نحن البشر الضعفاء، غالبا ما لا نريد ان نصدق مثل هذه المقولات، وكثيرا ما ينتابنا اليأس والتخدير والتشاؤم، وكأننا قد دخلنا نفقا لا نرى بصيص الضوء في جهته الثانية.

دور المشاعر:

والحقيقة ان ما ينقصنا في هذه الحال، هو نوع من اليقين الذي يجعلنا نؤمن بان التغيير ممكن ومعقول. اما هذا اليقين فلا يأتي عادة من برهان عقلي، ولكنه يأتـي من تحسس وجدانـي، وان كان العقل يعطـي احيانا مـا يطمئن القلب، بحسب مقولة اسلامية، او بحسب مقولة انثروبولوجية تتكلم عن التشابك الطبيعي القائم بين العقل والقلب.

بين العقل والمشاعر:

وفي الحقيقة اذا كان للعقل قواعده المنطقية الخاصة به، فان للمشاعر قواعدها الخاصة بها هي الأخرى. وإذا كانت قواعد العقل المنطقية ادق وأكثر صرامة من قواعد القلب، فان قواعد القلب والوجدان والمشاعـر الأقل موضوعية بطبعها، هي الأكثر انتشارا واتساعا، والأكثر عمقا في حياة الانسان، مكونة قاعدة واسعـة للنشاط المعرفي. علما بأننا لا نقول هذا الكلام استنادا الى ما يقول به الفيلسوف شوبنهور حسب، لكننا نقول ذلك استنادا الى ابسط قواعد التحليل العلمي: النفسي و الأنثروبولوجي، او حتى ما يسمى بالحس العام Sens commun .

طبيعة المعرفة الخاصة بالمشاعر:

وبما ان مشاعر الانسان، تنتج عن متحسساته بتركيبتها البنيوية، هذه التركيبة التي لا اريد ان اركز عليها في هذا المقال، وبما ان هذه المتحسسات وان كانت واحدة عند الجميع انثروبولوجيا، أي من حيث طبيعتها الأساسية، إلا انها بالحقيقة متباينة من حيث قوتها وضعفها، وهي بالتالي متباينة، من حيث فاعليتها ونشاطها الخاص، وليس من حيث طبيعتها العامة.

وعليه نرى الانسان مماثلا لأي انسان آخر في عالمنا، وربما في عوالم اخرى، في حين لا يكون فـي المعمورة فردان متساويان في كل شيء، ولاسيما من حيث مشاعرهما وتتطور قدراتهما، وبالتالي من حيث خياراتهمـا الخاصة، كمـا اننا لا نجد مجتمعين متساويين في كل شيء، على الرغم من التماثل القائم بين المجتمعات البشرية كلها. لذلك فان الظاهرة البنيوية نفسها تجعل الحرية، بمفهومهـا الأنثروبولوجي المختلف عن المفهوم الفلسفي، متفاوتة بين البشر، كما تعمل على ان تكون خيارات هؤلاء البشر وخيارات مجتمعاتهم، ومنها خياراتهم السياسية، وحتى اسباب توراتهم، متفاوتة ايضا.

خيارات البشر حقيقة معقدة:

بما ان التفاوت في قدرات التحسس عند البشر حقيقة قائمة وواضحة، يكون من البديهي ايضا ان تكون مشاعر الانسان وخياراته الحياتية امرا معقدا للغاية، كما تكون حياة الناس الوجدانية الذاتية Subjective والتي تعمل بتكامل، وأحيانا بتنافر، مع حياة الانسان العقلية معقدة، هي الأخرى، حتى انه يصعب علـى الانسان ان يتنبأ بخيارات الانسان الآخر، لا بل يصعب عليه ان يتحكم فـي خياراته الذاتية نفسها، كما يشير بذلك علماء النفس، الأمر الذي يجعلنا نملك، نحن البشر، قدرا معينا من الحرية، حتى وان لم تكن هذه الحرية بالمطلقية التي تكلم بها الفلاسفة القدماء، كما يجعلنا نملك حاشية لا بأس بها من اللاعقلانية، لا بل من الحياة الخاضعة لتحكم ما يسمى بالعقل الباطن، او الـ لا شعور، والذي هو عبارة عن متحسسات اولية متخصصة بالقاعدة العريضة والبدائية المبهمة من المعرفة الانسانية، فضلا عن تحكم البيئة والمجتمع، وأحيانا تحكم العقائد الدينية غير المدروسة بكفاية والمقبولة اثر قراءة غير معمقة، او قراءة حرفية، او قراءة شعبية وسطحية للنصوص الدينية، في جميع الأديان.

الانسان بين الفيزيائي والإنساني:

على الرغم من عدم وجود فاصل حقيقي بين البنى والوظائف المسببة للمعرفة عند الانسان، لا بل على الرغم من ان جميع المتحسسات عند الانسان تتدرج من الأصغر الى الأعلى، مشكلة وظائف حياتية ومعرفية متدرجة، إلا اننا نحاول ان نضع مصطلحات لهذه الحقيقة الغامضة، ومنها المصطلح الذي يميز بين الثنائي: فيزيائي – انساني، ومصطلح: بنى تحتية وبنى فوقية، في حين تكلم من سبقنا عن المادي والروحي، او الجسدي والنفسي، وغير ذلك من المصطلحات الثنائية الأصل، هذه الثنائية التي تقسم العالم الى عالم الروح وعالم المادة.

وفي الحقيقة نحن نعاني من غموض المصطلحات وعدم كفاءتها، لكون ما هو موجود منها يرقى الى اجيال معرفية مختلفة، دون ان تتمكن اجيالنا العلمية الراهنة من ايجاد المصطلح الخاص بها. لكننا، على الرغم من هذا النقص الحالي، سوف نكتفي بما هو موجود، مع ما اضفنا اليه من ملاحظات ومقاربات مصطلحية، نأمل ان تكون كافية، كما نأمل ان نجد ما هو ادق منها مع تطور معرفتنا بطبيعة الانسان.

الانسان على ضوء المصطلحات اعلاه:

وفـي الواقع يمكننا ان نعرف الانسان تعريفا وافيا، من خلال المصطلحات التي اشرنا اليها اعلاه، غير اننا سنكتفي بإلقاء الضوء علـى بعض من صفات الانسان التي تهمنا لموضوعنا الراهن، هذا الموضوع الذي يحاول معرفة اسباب ودوافـع الثورات في العالم، وبشكل خاص في عالمنا العربي، هذا العالم الذي يمر في ايامنا بمرحلة من التململ والاضطراب والثورات على الواقع المرير الذي يعيشه هذا الانسان.

ليس الانسان محكوما بالحتمية:

في هذا المجال يمكننا ان نلاحظ عموما ان الانسان، سواء كان فردا ام جماعة، ليس محكوما بالحتمية Déterminisme ، أي انه لا يخضع لقانون فيزيائي صارم، بل يخضع لقانون فيه كثير من المرونة وتعددية الاختيارات، مما يوهم الانسان بأنه حر في كل تصرفاتـه. وهكذا يفاجئ بعض الناس الآخريـن بمـا لا يتوقعونه، ان خيرا وان شرا، كما تحصل لهم مفاجآت من خيارات غير عقلانية وغير مفهومة إلا من قبل اصحابها، وربما تكون غير مفهومة حتى من قبل اصحابها، كما يؤكد ذلك كثير من علماء النفس، الأمر الذي يسبب احيانا كثيرة مشاكل كبيرة لأصحاب القرار.

الظاهرة البنيوية والحرية:

ولكن ممـا يزيد فـي الطين بلة، هو ظاهرة الانسان البنيويـة، او بالأحرى ظاهرة متحسسات الانسان البنيوية المختصة بالمعرفة والقرار، والتي تشكــل في مجموعها ما يسمى بالحرية ايضا، طالما ان البنيوية تعني الوحدة وتعدديـة البنى والأبعاد التي تسعى بتنسيقها الى هدف وقرار معين. ومن هنا يمكننا ان نستنتج انه كلما زادت الأبعاد المشتركة في المنظومة الواحدة Système كلما زاد تعقيدها، مما يعطي مجالا اوسع للاختيار عند الانسان، هذا الاختيار الذي هو الاساس النفسي لما يسمى بالحرية الفردية والاجتماعية.

البنيوية وصعوبة الاختيار:

غير ان تعقيد البنى ليس فقط اساسا لشعورنا الانساني بأننا احرار، لكنه اساس ايضا لشعورنا بصعوبة الاختيار، وهو بالتالي الأساس للتضليل، حيث يمكن ان يتم تضليل الانسان من قبل نفسه، ومن قبل الآخرين. وهنا تكون الطامة الكبرى ومشكلة كبيرة من مشاكل الحرية.

اما صعوبة الاختيار الناتجة عن تعقيد أية منظومة، فلا تأتي من صعوبة التنسيق بين هذه الأبعاد حسب، لكنها تأتي ايضا من امكانيـة اغفال دور احد ابعاد المنظومة، صغيرا كـان ام كبيرا. ذلك ان اغفال أي بعد يعني التقليل من المعرفة العلمية بأية منظومة، وبأي قرار حياتي يأخذه الانسان، كما يكون اغفال طبيعة البنى والأبعاد المكونة لأية منظومـة اساسية، وما فيها من قوة وضعف وتشابك مع بعضها، مخالفا لدقة العلمية ايضا، وعنصرا من عناصر الخطأ في الاختيار، كون الانسان لا يكون فقط امام جسم او منظومة Système بسيطة لكنه يكون ايضا امام منظومة معقدة جدا Complexe، أي غير بسيطة. ولذلك يمكننا تشبيه هذه المنظومة المعقدة بمنظومة المناخ بتعقيداتها المعروفة.

ففي هذه المنظومات كل شيء بقانون، ولكن هذا القانون من النوع المعقد، بسبب كثرة تعدد العوامل التي تدخل في انتاج فعل واحد هو مثلا: سقوط مطر في مكان معين. ولذلك تكون مثل هذه الحالات علمية بكل معنى الكلمة، لكن علميتها تبقى ناقصة بانتظار الحصول على معطيات اكثر، مع تأكيدنا علـى ان غالبية علوم الانسان تقع في هذا الباب.

عودة الى عنوان مقالنا:

فإذا عدنا الى عنوان مقالنا وأخذنا بالحسبان كل ما قلنا اعلاه، سوف نعترف بأننا لن نستطيع ان نعرف بدقة لماذا ثار اهل تونس مثلا قبل غيرهم. ولماذا ثار شباب مصر اليوم، ولماذا لم يستطع العراقيون ان يثوروا بوجه محتليهم الـى حد هذا اليوم، من حيث الظاهر على الأقل، طالما نعرف ان ثورة العراق على المحتلين قائمة من اليوم الأول للاحتلال، حتى وان لم تكن حاسمة.

اما الجواب على هذه التعددية فيكمن في ان لكل حالة من الحالات المذكورة، ومن غيرها من الحالات، منظومة معقدة ليس من السهل وضعها ضمن قانون ثابت ومحدد. ولذلك تكون لكل منظومة ثورية علاجاتها الخاصة وثورتها الخاصة، وان كنا نجد تماثلا بين كل انواع المنظومـات، أي الثورات، سواء كانت ثورات عالمية او ثورات عربية او ثورات اسلامية او كان الأمر يخص ثورة العراق تحديدا.

مشكلة تضليل الثورات:

اما الحقيقة اعلاه فتقدم لنا ايضا تفسيرا لإمكانية تضليل الثورات واستلابها من قبل اية جهة معادية للثورة. كما يمكن اصطناع ثورات يكون لها ظاهر الثورة، في حين انها لا تكون سوى تغيير للوجوه ولبعض التفاصيل. ومن هنا نقول بأن اية ثورة لا تعتمد فقط على زخم الثوار وسخائهم، وإنما تعتمد في نجاحها على علم، يمكن ان نسميه علم الثورات، هذا العلم الذي لا يكتفي بالقوانين العامة، بل يأخذ بنظر الاعتبار الأمور الجزئية والثانوية ايضا، لكي يكون الحكـم علـى اية ثورة، شموليا وصحيحا قدر المستطاع.

بعض الثوابت المسببة للثورات:

فإذا استثنينا حالات التضليل، وهي حالات كثيرة جدا، سواء اتى هذا التضليل من مظلوميات وهمية، قومية او طائفية او طبقية، او اتى نتيجة دعم خارجي ظالم، فان أي خلل في الثوابت الحقيقية يمكن ان يؤدي الى ثورات حقيقية، سواء كانت هذه الثورات تصل الى اهدافها ام لا.

اما طبيعة هذه الثوابت فيمكننا معرفتها من خلال معرفة جيدة بالإنسان يمكننا ان نحصل عليها من خلال دراسة معمقة للإنسان، على ضوء علوم الانسان نفسها. فإذا ما كان للمجتمع علماء كثيرون متبحرون في هذه الدراسة فإنهم سيرون ان الانسان كائن يتمحور حول نفسه بغريزة انسانية تسمى غريزة محورية الذات الانسانية Homo centrisme، وليس الـ Ego centrisme التي تعني التمحور الأناني حول الذات.

فالإنسان هو البداية والنهايـة لذاتـه، سواء كانت فردية ام اجتماعية، انه الالف والياء ( الالفا والاوميكا ). والإنسان لا يطلب شيئا خارج ذاته، ولا شيء يشغله غير ذاته، مع العلم ان هذا التمحور يشجع الانسان على ان ينفتح على الآخرين وليس العكس.

وعليه،

فإذا سألنا، ما هو هدف الانسان من الحياة، فان الجواب، حسب المبدأ المذكور، يجب ان يكون بأن الانسان لا يطلب شيئا غير تحقيق ذاته على احسن وجه. وقد تعبر مقولة لاتينية قديمة عن هذا الهدف معلنة ان الانسان يريد ان يعيش اولا، وأن يعش جيدا ثانيا.

وأخيرا يستطيع ان يتفلسف، أي يتفرغ لأمور الذات العليا الانسانية بقدر كبير مـن الحرية. وهكذا يكون هدف الانسان هو تحقيق ما هو الأسمى فيه، والأكثر تحقيقا لإنسانيته، من خلال علاقته مع الآخرين. علما بان هذا الهدف يدعو الانسان الى التسامي باستمرار من اجل نقل الانسان ومجتمعه من حالة دنية الى حالة اعلى، في سائر مجالات الحياة، بعد ان يصير هذا الهدف هو الثابت الأول والأخير الذي يأخذ صورا متعددة.

وعليه نرى ان آمال الانسان ومحبته وأهدافه تنحصر في هذه الذات التي تبغي تملك عالمها شيئا فشيئا وخطوة بعد خطوة، بعد ان تتخلص من الاستلابات والعبوديات الكثيرة، كمـا نرى ان قلق الانسان هو قلق حول ذاته، حتى عندما يقلق على الآخرين، بعد ان يتوحد هذا الانسان مع هؤلاء الآخرين، سواء كان الآخرون وطنا ام امة. لا بل لا يكـون قلق الانسان على ايمانه وعلى الهه، سوى قلق على الذات، هذه الذات التي ترى في الرمز الالهي رمزا لسموها وتقدمها والوظيفة الشاملة التي تحقق انتقالها من حالة دنية الى حالة اكمل.

الحاجة الى الثورة:

اذن متى يشعر الانسان بالحاجة الى الثورة على الحكام وعلى الأنظمة؟ الجواب عندما يشعر الانسان بخطر على ذاته وعلى سموها ورقيها وتقدمها، وكذلك عندما يستطيع هذا الانسان ان يوحد بين ذاته وبين وطنه، وبين ذاته وبين امته. وفي الواقع لا شيء يهدد تقدم الانسان واكتماله مثل الموت. ولكن بما ان الانسان يعرف ان الموت محتم على البشر فان البشر لا يثورون على الموت، ولكنهم يحاولون ان يعالجوه بطرق اخرى: مثل الاستسلام والإيمان بحياة اخرى، وغير ذلك من الحكَم والبدائل.

اما فـي الحالات الأخرى فان اية اعاقة لتقدم الانسان في تحقيق ذاته تعد اهانة لكرامة الانسان ولحقوقه وتستوجب ثورته على من يحرمه هذه الحقوق. علما بأن المعنى الحرفي للكرامة هو الرفعة والعلو والسمو. لذلك يترجم الانسان حبه لذاته الفردية والاجتماعية بالحرص على الكرامة. ذلك ان الكرامة تعني اصلا التقدم والصعود والسمو وتجاوز الذات الحالية الى الذات المستقبلية، سواء عندما نقرأ كلمة الكرامة قراءة حرفية لغوية، او عندما نقوم باستقراء هذه المفردة ومعانيها العميقة.

متى يثور الانسان بوجه الطغاة:

الجواب انه يثور عندما يشعر انه مكبل ولا يستطيع تحقيق ذاته وإمكاناته المشروعة، بما في ذلك ذاته الوطنية والقومية، وأحيانا الدينية ايضا. وفي هذه الحالة يشعر الانسان ان كيانه مهدد، معبرا عن ذلك بمصطلح اهانة الكرامة الذاتية الشخصية والوطنية والقومية، في حين تحدث الاعاقة او الاهانة بطرق ووسائل متعددة، تختلف من انسان الى آخر. اما الحاجات العملية التي يثور الانسان بسببها فيمكن ان نختصرها ببعض الحاجات التي نراها مهمة في عالمنا العربي، فيما نحيل الحاجات الانسانية الأخرى الى المنظمات الدولية، ومنها منظمة حقوق الانسان، من حيث مبادئها على الأقل.

ليس بالخبز وحده يحيا الانسان:

وفي الحقيقة نعتقد ان غالبية الدول العربية لا يموت انسانها من جوعه، لكي يثور بوجه من يجوعه. وإذا كانت المظاهرة التي قامت بوجه الملكية في فرنسا، مطالبة بالخبز، فان السبب الحقيقي لتلك المظاهرة التي ادت الى تفجر الثورة الفرنسية لم يكن هو الخبز المادي، بل خبز الانتقال من الملكية الاقطاعية المتهرئة الى نظام آخر.

اما في بلداننا فلا نعاني من الجوع المادي كثيرا، كما اننا لا نعاني من نقص الديمقراطية التي يتكلم عنها اليوم السيد اوباما ووزيرة خارجيته السيدة كلينتون بشكل يدعو الى السخرية والغضب في آن معا، بسبب ما في هذا الكلام من كذب وتضليل وفريسية Pharisaïsme ، لأن الأمريكان ومعهم الاوربيون لا يريدون لنا الديمقراطية بل العبودية المغلفة ببعض مظاهر كاذبة للديمقراطية.

وفي الحقيقة لو كان الأمريكان يريدون الديمقراطية لمصر لما اجهدوا انفسهم لإيجاد بديل في مصر عن السيد مبارك يستطيع ان يحمي التعسف الذي حققته امريكا في مصر منذ ايام مؤتمر كامب ديفيد والى حد هذا اليوم.

وقد ثبت بالملموس ان امريكا لا تهتم بحسني مبارك بقدر ما تهتم بنظامه الذي جعلت منه الولايات المتحدة حارسا للنظام العالمي الجديد وهيمنة امريكا على ضعفاء العالم، ومنهم الدول العربية والإسلامية.

من هنا نقول:

ان آخر شيء تفكر به امريكا للعالم العربي هو الديمقراطية، هذه الديمقراطية التي لا تتجزأ ولا تكال بمكاييل متعددة، والتي لو كان شيء منها لدى الادارات الأمريكية، لما احتلت العراق بالبربرية التي عرفناها، ولما اجتثت دستوريا حزبا حكم بملايينه البلد لمدة خمس وثلاثين سنة، ولما عملت على قتل كوادر هذا الحزب بوسائل تعسفية وإجرامية متعددة، لن ينساها التاريخ والإنسان العراقي الشريف لمدة طويلة، وأيضا لما استحوذت امريكا على نفط العراق وسائر ثرواته الأخرى بعد احتلاله بوحشية منقطعة النظير.

وأخيرا وليس آخرا نقول :

لو كانت امريكا تريد عراقا ديمقراطيا لما كررت اسلوب الاعتماد على المرتزقة والعملاء في ادارة البلدان المحتلة من قبلها، سواء باحتلال مباشر او عن طريق الضغوطات السياسية، كما حدث في مصر وأمكنة عديدة، في حين ثبت عقم هذا الاسلوب المكروه من الشعوب والذي لا احد يجد فيه شيئا من الديمقراطية.

وعليه نرى ان الثورات العربية، في حقيقتها الأصيلة، ليست ثورات ديمقراطية ولا ثورات دينية، ولا حتى ثورات قومية او طائفية بقدر ما هي ثورات تبحث عن الكرامة والسيادة المفقودة وعن قدرة الانسان العربي على ان يشعر بحرية التقدم. اما عيب الحكام فهو قبولهم بالسياسات الغربية التعسفية وتعاونهم مع الظلام.

وهكذا، وبهذا المعنى الاساسي للديمقراطية ( حكم الشعب )، تشكوا الأوطان العربية من خلل كبير في الديمقراطية التي تعني بالدرجة الأولى السيادة والكرامة الوطنية والقومية، في حين ان ما يريده لنا الغرب، في الحقيقة، ليس اكثر من امريكو- قراطية واوربو- قراطية واسرائيلو- قراطية و بوشو- قراطية واوبامو قراطية وكلينتو قراطية، وليس الديمو- قراطية.

ترى ألا تكفي هذه الحالة المزرية المفروضة على الشعوب لتكون سببا للثورة؟

نعم انها تكفي، لأن هذه الحالة تخالف طبيعة الانسان وتمنعه من الوصول الى حقوقه كلها بسبب السياسات المفروضة عليه من الخارج، وهي حالة تشمل كل المظالم الأخرى.

اما اذا اراد الثوار نصيحة لنجاح ثوراتهم فنعطيهم نصيحة بسيطة جدا وخلاصتها : ان يعمل الثوار عكس ما تريده امريكا لهم بدون تردد، ولكن ليكن ذلك بفطنة وعقلانية.

وليكن الله في عون الثوار.



القس لوسيان جميل

تلكيف – نينوى – العراق

8- 2- 2011


<A class=postlink href="https://iraqiaramichouse.yoo7.com/mailto:fr_luciendjamil@yahoo.com">fr_luciendjamil@yahoo.com[/email]

هذا البريد الإلكتروني محمي من المتطفلين و برامج التطفل، تحتاج إلى تفعيل جافا سكريبت لتتمكن من مشاهدته

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
افكار حول ما يجري في عالمنا العربي : القس لوسيان جميل
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
البيت الآرامي العراقي :: الاخبار العامة والسياسية General and political news :: منتدى المنبر السياسي والحوار الهادئ والنقاش الجاد الحر Political platform & forum for dialogue & discussion-
انتقل الى: