ضمن سلسلة من مقالات الكاتب ... رجال من بلدتي بخديدا... الحلقه الاولى : الشماس البصير بهنام شهارا

رجال من بلدتي (بخديدا) الشماس بهنان البصير



وانت تتناول سير وذكريات رجال خلدوا تاريخ بلدهم وتاريخ اهلهم ومدينتهم تشعر بدفء الوطن وشدك اليه فيسرك الحديث وتستانس بمثالبهم واعمالهم وكيف كرسوا حياتهم لخدمة هذه الاجيال فللكتابه عن رجال رحلوا طعم خاص ......ولكن وانت تتناول سير رجال دخلوا تاريخ بلدتهم ومازالوا ينبضون بالحياة دفقا وعطاءا يواصلون بكرم وسخاء ومنذ صباهم وحتى شيخوختهم ودون تكلف وعناء فلهذه السير طعم ومذاق اكثر خصوصية من سابقتها كيف لا وصاحب السيره حى يرزق اطال الله من عمره وحفظه وحفظ عائلته انه الشماس القدير((بهنان البصير )) والملقب فى بلدتى بهنان شهارا عفف الله من صحته وادامها لمواصلة عطاءه ومسيرته فى خدمة الكنيسه والمجتمع وبنفس الروحيه التى كان يتميز بها من بشاشه ومرح وحب النكته والبسمه لاتفارق محياه

هذه الشخصيه الفذه التى فقدت بصرها منذ الولاده غنية عن التعريف فى بلدتى بغديدا وهى اشهر من علم فى راسه نار كونه نشا منذ نعومة اظفاره فى قاعات الكنائس والاديره والجمعيات الكنسيه الخيريه والاخويات نشا متواضعا بسيطا وفى بيئه دينيه ....احب بلدته بغديدا حبا جما واحب كل اهلها فكان نبراسا يقتدى به ونموذجا فريدا فى العلاقات الاجتماعيه والانسانيه خدوما مطيعا لم يبرح الكنيسه طوال حياته تجده متصدرا كل القداديس يحمل مسبحته راكعا ساجدا امام المذبح متضرعا ليسوع وامه العذراء ان يحفظ بلدته وابنائها ويحفظ العراق كله من كل سوء منشدا مع الجوقات التراتيل والصلوات التى يحفظها عن ظهر قلب بشكل يثير الدهشه

وانت تكتب عن هكذا رجال تعجز من ان تحصى ماثرهم وحسناتهم هذا الرجل البصير الا يستحق ان توثقوا له ارشيفا يحفظ فى متاحف الكنيسه تقديرا لمسيرته وتثمينا لاعماله الخيريه فى خدمة كل الشرائح فى بغديدا بدءا من الفقراء والمعوزين ,اننا لو فعلنا ذالك سنكرم هذاالرجل بابسط منازل الكرم وبما يستحق ...هذا الشماس الذى لم يياس يوما او يتضجر طوال حياته ولم يحس بنوع من الالم لفقدانه حاسة البصر لان الله جل شانه منحه ذكاءا خارقا وموهبة كبيره وفطنة جعلته مقتدرا وسعيدا فى الوسط الاجتماعى الذى يعيشه هبة من الله فوجدناه سريع البديهه متمكنا حاذقا فى عمله بشوشا ضحوكا لاتفارقه النكته والطرفه والبسمه لاتفارق محياه ابدا

بهنان الشماس عرفته جيدا فى اوائل الستينات شابا مندفعا شغوفا فى عمله لخدمة الكنيسه وفى كل الميادين كان مطيعا ومحبا لكل مايوكل اليه...عرفت هذا الرجل مرات ومرات وهو يدفع عربته الخشبيه بثلاثة عجلات يقوده دليل من جيرانه او اقربائه قبل ان يشب اولاده ويكبرو فكان يملا عربته بمئات الكتب الادبيه والاجتماعيه والدينيه وقصص الانبياء والصالحين كان يطوف ارجاء بغديدا دون كلل او ملل يبيع الكتب او ينظم اليانصيب ويجمع ماثمنه قيمة الكتاب ليجرى القرعه فيفوز احد المشتركين بها ... كان يفعل ذالك مرارا فى المقاهى الشعبيه ونادى الموظفين وهو يحفظ اسماء وعناوين ومؤلفى الكتب عن ظهر قلب وبشكل ملفت للنظر, فكان يجمع اثمان الكتب المباعه لصالح الفقراء والمحتاجين كريع يدعم الجمعيات الكنسيه الخيريه

هكذا نشا الشماس بهنان اطال الله من عمره ليذكرنى برجال عظماء خلدوا تاريخهم فى كل الازمنه والعصور وليس غريب علينا الشاعر العباسى الكبير بشار بن برد

شاعر الغزل فاقد البصر والذى ملات اشعاره ودواوينه الكتب والمؤلفات حتى قيل عنه وسئل مرات ...كيف تحب وتتغزل فى حبيبتك وتعشق وانت لاترى النور فما كان منه الا ان يردهم بقصيدة مطلعها

ياقوم اذنى لبعض الحى عاشقة والاذن تعشق قبل العين احيانا

قالوا بمن لاترى تهذى فقلت الاذن كالعين توفى القلب ماكانا

هكذا كان الرجال فى الازمنه الغابره يعيشون وكلهم امل وثقه بانفسهم فلا يصابون بالقنوط او قطع الرجاء....ومن منا لايتذكر او يقرا او سمع عن العمياء الصماء البكماء(مدام كورى )التى خدمت الانسانيه بكل حواسها وماوهب الله لها من قدرة وموهبه هذة المراه صاحبة الماثر والبطولات

ولايخلو مجتمعنا العربى والعراقى من رجال افذاذ بصيرى الرؤيه اشتهروا ونالوا درجات علميه مرموقه فى هذا المجال امثال العلامه والكاتب والاديب المصرى المشهور الدكتور (طه حسين ) صاحب عشرات الكتب والمؤلفات الادبيه والعلميه فكان وزيرا للمعارف حينها ومتمكنا مقتدرا رغم فقدانه البصر

وكذا الدكتور العراقى محمد مهدى البصير الاستاذ فى جامعة بغداد حينها فهو اشهر من نعرف به وله عشرات المؤلفات والكتب

حقا انهم رجال صنعوا تاريخهم بجداره افلا يستحقون التخليد سواء فى دنياهم او فى اخرتهم. ؟؟؟؟؟؟

ودمتم فى حفظ الله ورعايته









منذ بدء العدوان وغزو الاشرار على البلد الامن العراق فى اذار عام 2003 وحتى يومنا هذا والنكسات تلاحق زعيم الصقور فى عقر داره وخارج