الحياة الثقافية التونسية تستعد لاستقبال الدورة 28 لمعرض تونس الدولي للكتاب لطفي العربي السنوسي - ليس في الحديث مغالاة اذا ما اعتبرنا معرض تونس الدولي للكتاب اكبر تظاهرة ثقافية ومعرفية في تونس وهي كذلك ـ على الاطلاق ـ دون مجازفة أو مزايدات لأسباب موضوعية أهمها أنّ المعرض يجمع ضمن فعالياته المتعددة ما تختصّ به بعض التظاهرات الوطنية والدولية في تونس. فهو يضمّ ضمن اشغاله ندوات فكرية بمحاور وقضايا مختلفة (وهذه تظاهرة على حدة) وكذلك جلسات ولقاءات حوارية مع عدد من ضيوف المعرض من العرب والعجم ( وهذه أيضا تظاهرة دولية على حدة) اضافة الى الجلسات المفتوحة الخاصة بتقديم المؤلفات الحديثة التونسية والعربية (وهذه أيضا فعالية على حدة) اضافة الى الندوات الخاصة بصنّاع الكتاب من المهنيين والأمسيات الشعرية وفضاءات الترفيه الخاصة بالأطفال، زد على ذلك سوق الكتاب المفتوحة على مشارق الدنيا ومغاربها وعلى أوروبا واسيا وأمريكا، كل هذه التظاهرات تجتمع تحت عنوان واحد هو معرض تونس الدولي للكتاب الذي اختار منذ سنوات عدم الاكتفاء بسوق الكتاب و بمنطقي العرض والطلب وإنّما اختار فتح المجال شاسعا أمام الثقافي والفكري والمعرفي حتى يلعب دورا أساسيا في صياغة أسئلة الفكر والثقافة العربيتين وحتى يكون طرفا منتجا لهذه الأسئلة لا مجرد تظاهرة تجارية لعرض وبيع الكتاب وقد ترسخ الهامش الثقافي والمعرفي ضمن تظاهرة معرض تونس الدولي للكتاب بل ان هذا الهامش توسّع الى حدّ يكاد يطغى فيه على سوق الكتاب ونذهب الى أكثر من ذلك لنشير الى أنّ عددا من المعارض العربية الدولية احتذت بمعرض تونس الدولي للكتاب وانتبهت الىمدى أهمية الانشطة الثقافية والفكرية الموازية لسوق الكتاب.
معرض تونس الدولي للكتاب ينطلق يوم 23 افريل ويتواصل الى غاية 2 ماي 2010 ليواصل تأكيد ما أنجز وما ترسخ وما تطمح اليه الحياة الثقافية التونسية والعربية وهو يصل هذه السنة الى دورته الثامنة والعشرين ويكاد بذلك يعانق عقوده الثلاثة وهو ينعقد وتونس اختتمت لتوّها مائويات اعلامها وأنهت ـ لتوّها ـ أيضا تظاهرة القيروان عاصمة للثقافة الاسلامية وكذلك اشغال الاستشارة الوطنية حول الكتاب والمطالعة وهي بصدد الاعداد للسنة الدولية للشباب بتظاهراتها واحتفالياتها الكبرى ومائوية مصطفى خريف (2010) والسنة الوطنية للسينما والفنون البصرية كما ينعقد المعرض مع انطلاق خماسية الثقافية التي وضعها سيادة رئيس الدولة تحت عنوان كبير ودال وهو «تونس منارة ثقافية على الدوام». ومعرض تونس الدولي للكتاب احدى منارات تونس الحديثة، تونس مجتمع المعرفة وهو واجهة مضيئة تعكس ما حققته البلاد ضمن مسارات التحديث وبما أنّ معرض تونس الدولي غير معزول عن الحياة الثقافية التونسية والعربية فإنّه يتحرك ضمن انجازاتها وضمن أطروحاتها مساهما بذلك في تطوير هذا المنجز وفي اعلاء أطروحات التحديث بما يتوافق مع خصوصياته محافظا في نفس الوقت على توجهاته وخياراته الكبرى علّ أهمها التأكيد باستمرار على البعد الدولي للمعرض بآفاقه المختلفة في اشارة الى الانفتاح على مختلف الثقافات وبالتالي تمكين القارئ التونسي من الاطلاع على نتاجات الثقافة العالمية. لكل هذا أصبح معرض تونس الدولي للكتاب مقصدا سنويا للناشرين والعارضين والمهنيين ورجال الفكر والثقافة والأدب ولذلك أيضا تزايد التهافت على فضاءاته من قبل دور النشر العربية والدولية وبرغم ذلك فإنّ المعرض حافظ على مساحته دون توسيع (لأغراض تجارية) لهذه المساحة في تجاوز لطاقة استيعابه وذلك حفاظا على مصداقيته وأهدافه بحيث تم تغليب الكيف على الكمّ بعقلية انتقائية تراعي ما يطمح اليه القارئ والمثقف وما تطمح اليه دور النشر ولذلك يبقى معرض تونس الدولي للكتاب مقصدا ومنارة تضيء حياة الثقافة التونسية بكل أصناف الكتب والمؤلفات والمحامل المعرفية الأدبية والفكرية والعلمية والقانونية والتكنولوجية اضافة الى المؤلفات الموجهة للطفل فهو فضاء مفتوح لكل المضامين دون استثناء مع الاحتراز والتحفظ تجاه الكتب الصفراء وكتب السحر والشعوذة وكل المؤلفات التي تتناقض مع جوهر العقل التونسي الذي يؤمن بالحوار والتسامح ويرسخ مقولات الحداثة والتنوير دون تطرف ومغالاة...
الحياة الثقافية تستعد لأستقبال الدورة 28 لمعرض تونس الدولي للكتاب