المتاجرة بالمشاعر المذهبية وهدر الأموال .. د . عزيز الحاج
كاتب الموضوع
رسالة
anton عضو شرف الموقع
الدولة : الجنس : عدد المساهمات : 1319تاريخ التسجيل : 25/08/2011الابراج :
موضوع: المتاجرة بالمشاعر المذهبية وهدر الأموال .. د . عزيز الحاج السبت 3 مارس 2012 - 1:54
المتاجرة بالمشاعر المذهبية وهدر الأموال..
الأحد 22 يناير / كانون الثاني 2012 - 21:37
د. عزيز الحاج
كشف محافظ كربلاء عن مدى الخسائر المادية التي أحدثتها الزيارات المليونية الأخيرة [ الأربعينية] في البنى التحتية للمدينة، مقدرا الخسائر بمائة مليون دولار. وقد عدّد المحافظ مختلف الأعمال والتصرفات المؤذية التي يقوم بها كثيرون من الزوار في تجاهل صارخ للحرص المطلوب على ممتلكات الدولة ومنشآتها ووسائلها الخدمية.
على صعيد آخر، تعرض باحث أكاديمي عراقي، هو قاسم حسين صالح، لحملة تخويف وتهديد وتشهير واتهامات كبيرة وواسعة ردا على دراسة له عن الزيارات المليونية، وما تكلفه من أموال مهدورة يمكن صرفها على بناء المستوصفات والمستشفيات وبقية الخدمات. مثلا، على طول الطرق المؤدية لكربلاء، كان الطعام والماء والخيام والتسهيلات الأخرى مؤمنة للملايين: وجبة الفطور من صمون وأجبان مثلثة وبيض مسلوق وعلب حليب وبسكويت وجُرَكْ وشاي؛ الغداء من رز[ في بلم] وفاصوليا وقيمة وبرياني بلحم وخبز وخضروات وبرتقال وموز؛ وجبة العشاء: لفات فلافل وشيش كباب وسلطة وبيض مسلوق ، ألخ..
تقول الدراسة إنه لو افترضنا أن ثمن هذه الوجبات الثلاث للفرد الواحد هو عشرون ألف دينار، فكم مبلغ إطعام 15 مليونا؟؟ بالمليارات طبعا، وليوم واحد. ولك أن تضاعف المبلغ بحسب عدد أيام الزيارات. فمن أين هذه الموال؟؟ يقال إن الأحزاب الدينية الشيعية هي أحد هذه المصادر. والبقية؟! ثم من أين لهذه الأحزاب كل تلك الأموال؟!
يروي لنا الفقيد جعفر الخليلي أن العالم الديني الشيعي الكبير الشيخ محمد عبد الحسين آل كاشف الغطاء سألوه عن تنفيذ وصية رجل أوصى بعد وفاته بصرف ماله على بناء مسجد. وكان في مدينته الصغيرة من المساجد ما يكفي؛ فأفتى الشيخ بأن الأصوب صرف المبلغ على بناء غرف إضافية في مستشفى لبناني لمعالجة مرضى السل من العراقيين.
الزيارات المليونية تحولت في هذا العهد العراقي العتيد إلى متاجرة ومزايدة سياسيتين ومذهبيتين لكسب الأصوات الانتخابية ولحشد الانصار. كما يستخدمها الكثيرون من خطباء الحسينيات لتخريب الوعي العام بنشر قصص وحكايات من الخيال، ولزرع بذور التفرقة الطائفية.
لقد كتبنا، وكتب آخرون من مثقفين شيعة، أن أداء الفرائض المذهبية يمكن ان تتم بطرق أخرى تراعي الوضع الأمني المتدهور وعدم هدر المال العام أو تعطيل دوائر الدولة والمدارس، أوقطع الطرقات حتى أمام سيارة إسعاف تنقل حاملا لمستشفى. ولكننا في زمن يقال إنه زمن "حاكمية الشيعة"، مع أننا لو نظرنا، لوجدنا أن الملايين من أبناء الشيعة يعيشون في أوضاع معيشية وصحية مزرية، وأن العيش الرغيد الموعود به لا يتمتع به غير زعماء الأحزاب الحاكمة ومليشياتها وغير طبقة معروفة من رجال الدين. وفي بيوت هؤلاء لا ينقطع الكهرباء، ولا يفتقدون الماء الصالح للشرب، ولا المال لشراء ما يشتهون. إنها عمليا حاكمية نخب هي أقلية من الشيعة في حين أن أحوال الأكثرية ليست أفضل من أحوال أكثرية أبناء السنة والشرائح الأخرى في بغداد والوسط والجنوب. فلا هو حكم الشيعة اليوم ولا كان حكم السنة بالأمس بل في كل الحالات حكم الأقلية من ساسة وحاشية ومنتفعين.
التجارة بالمذهب وبعواطف البسطاء تسير متوازية مع النهب العام والفساد المستشري، ومع استمرار أساليب صدام في التعذيب وبث الاعترافات التلفزيونية والسجون السرية، ومع هذه الحمى العاصفة الصاخبة من الصراعات السياسية والقتال على المناصب. وهي تستمر مع تفاقم التدخل الإقليمي في شؤون العراق، والتدخل الإيراني خاصة، لدرجة أن جنرال فيلق القدس سليماني يصرح بأن جنوب لبنان والعراق " يخضعان لنفوذ إيران في أدائها وفكرها"!!
الباحث العراقي قاسم صالح تعرض لشتائم وحملات " مردشوريةِ" الأحزاب الطائفية، فكل من يختلف في الرأي هو إما بعثي أو قاعدي أو هو طائفي ولو كان شيعيا. ومفهوم التشيع أو الشيعي عند هؤلاء لا يعني إلا أن يكون مع هؤلاء حزبيا أو مؤيدا متعاطفا أو بواقا بأجر أو مجانا. ورحم الله أيام السيد محمد الصدر ومحمد رضا الشبيبي وسعد صالح وجعفر حمندي والسيد أبي الحسن وآل كاشف الغطاء وعلي الوردي وجعفر الخليلي والجواهري وجعفر أبي التمن وسلام عادل ومحمد حسين الشبيبي، وغيرهم من أعلام الدين والسياسة والأدب والثقافة من رجالات الشيعة في عهود هي غير عهد المحاصصة السياسية الطائغية، وغير عهد نشر رسوم خميني وخامنئي في ساحات مدينة عراقية كبرى كالبصرة!
المتاجرة بالمشاعر المذهبية وهدر الأموال .. د . عزيز الحاج