نوادر شعبية موصلية : جمعها عامر حساني

نوادر شعبية موصلية :
جمعها :: عامر سالم حساني ::
ثانوية كرمليس للبنات

أخبار وحكايات وطرائف وأمثال وأشعار وعبارات موصلية شعبية نادرة أغلبها مما نقل إلينا شفاها جيل بعد جيل وهي جزء من تراثنا الشعبي الموصلي الأصيل لإناس بسطاء عاشوا حياة بسيطة خالية من كل تعقيد أقدم هذا المجموع لكل موصلي محب للموصل ولتراثها ولكل قاريء ومتابع . إنشاء الله تنال إعجابكم . عامر
.................

1- الجنيّةالموصلية ام عنقود :

كثيراً ما كنت أسمع والدي رحمه الله ( 1928 -2009 ) يترنم ببيت شعري هو :

يا أم عنقود إعذرينا ... مات عنقود وما درينا

ولتعلقه بهذا الشعر سألته في أحد الأيام . من أين لك هذا الشعر ؟ وأنا أعلم أن والدي لا يقرأ ولا يكتب . فأجابني : سمعت الشعر وأنا صغير من كبار السن الذين سمعوه مما كان قبلهم .
عدت إلى كتب التاريخ فوجدت المؤرخ الموصلي ابن الأثير يذكر في كتابه ( الكامل في التاريخ ) حكاية ام عنقود هذه فأيقنت أن هذه الجنية الموصلية قد عشعشت في الفكر الشعبي الموصلي مدة ثمانية قرون يتناقل أهل الموصل خبرها جيلاً بعد جيل .
قال ابن الأثير في حوادث سنة 600 للهجرة ما يلي :
( في هذه السنة ، في ربيع الأول ، ظهر بالعراق وخوزستان وكثير من البلاد جماعة من الأكراد ، خرجوا يتصيدون ، فرأوا في البرية خيماً سوداً ، وسمعوا منها لطماً شديداً ، وعويلاً كثيراً ، وقائلاً يقول : قد مات سيدوك ملك الجن ، وأي بلد لم يلطم أهله عليه ويعملوا له العزاء قلع أصله ، وأهلك أهله ، فخرج كثير من النساء في البلاد إلى المقابر يلطمن ، وينحن ، وينشرن شعورهن ، وخرج رجال من سفلة الناس يفعلون ذلك ، وكان ذلك ضحكة عظيمة .
ولقد جرى في أيامنا نحن في الموصل ، وما والاها من البلاد إلى العراق ، وغيرها ، نحو هذا ، وذلك أن الناس سنة ستمائة أصابهم وجع كثير في حلوقهم ، ومات منه كثير من الناس ، فظهر أن امرأة من الجن يقال لها أم عنقود ، مات ابنها عنقود ، وكل من لا يعمل له مأتماً أصابه هذا المرض ، فكثر فعل ذلك ، وكانوا يقولون :
يا أم عنقود اعذرينا ... قد مات عنقود ما درينا
وكان النساء يلطمن ، وكذلك الأوباش ) .

2- أنا الكبير فعظموني :

مثل شعبي يتداوله كبار السن البسطاء من أهل الموصل وهم يضربوه في كل مُتكبر . هل تعلمون أن هذا القول عمره أكثر من ألف سنة . جاء في الكتب التراثية القديمة ما يلي :
قال عبيد الله بن عبد الله بن طاهر ( ت 300 هـ ) في أخيه الحسين بن عبد الله :
يقول أنا الكبير فعظموني ... ألا هبلتك أمك من كبير
إذا كان الصغير أعم نفعاً ... وأجلد عند نائبة الأمور
ولم يأت الكبير بيوم خير ... فما فضل الكبير على الصغير

3- ( سعد السعود يورّد فيه كل عود ) ، ( سعد الخفايا اطَلع الدود والحيايا ) ، ( سعد البالع ) :

من العبارات النادرة جدا يعرفها المعمرون وشيوخ الموصل البسطاء . وصلتنا منقولة شفاهيا من عصر ما قبل الإسلام . وهما متعلقتان بالأنواء علماً أن ( سعد الخفايا ) مُحرفة عن ( سعد الأخبية ) الفصيحة ، وسعد البالع عن سعد بُلع .
جاء في كتب التراث العربي :
( إذا طلع سَعْدُ بُلَع اقتحم الرُّبَع ولَحقَ الهُبَع وصيد المُرَع وصار في الأرض لُمَع ، وإذا طَلَعَ سعدُ السُّعُود ذابَ كلُّ جمُود واخْضَرَّ كل عُود وانْتَشَرَ كلُّ مَصْرُود وإذا طَلَعَ سعدُ الأَخْبِيَة زُمَّتِ الأسْقِيَة وتَدَلَّتْ الأحوِيَة وتَجَاوَرتِ الأبْنِيَة ) وجاء في كتب اللغة : ( سُمّيَ بُلَعاً لأَنه كان لِقُرْب صاحِبِه منه يكاد أَن يَبْلَعَهُ . وسَعْدُ الأَخْبِيَةِ ثلاثة كواكب على غيرِ طَرِيقِ السُّعود مائلةٌ عنها وفيها اختلافٌ وليست بِخَفِيَّة غامِضَةٍ ولا مُضِيئة مُنِيرَة سُمِّيَتْ بذلك لأنها إذا طَلَعَتْ خَرَجَتْ حَشراتُ الأَرْضِ وهُوَامُّها من جحَرَتِهَأ جُعِلَت جِحَرَاتُهَأ لها كالأَخْبِيَة . وقيل : سَعْدُ الأَخْبِيَةِ : ثلاثةُ أَنْجُمٍ كأَنَّهَأ أَثافِيُّ ورابعٌ تحْتَ واحد منهن ) .

4- من نوادر رثاء الحيوان ما قاله الشاعر الموصلي مجيد بن خديري ( أرجح أنه من شعراء القرن التاسع عشر ) وهو يرثي ديكاً له حيث يقول :
يا ديك حسّك ونس كبل الفجر وعشاي
وكل الدجاج إبْهضم ما ضاكوا لكط وعشاي

5- ظلت عقدة إمتلاك بيت للسكن مستحمكة في الفكر الشعبي الموصلي جسدوها بقولهم ( دلال صايح بالبلد والبيت أعز من الولد ) بل ذهبوا أبعد من ذلك حين قالوا : ( الما عندو بيت ما عندو لادين ولا مذهب ) . وظلوا يتناقلون ويرددون على ألسنتهم هذه العتابا النادرة :

على مُـــــــــــــر الجفا يا كلب دامن ( 1 )
ولا تذكر ليالــــــــــــي المضت دامن ( 2 )
على من جان كاعدلو إبْوسط دامن ( 3 )
ولا مكشف أحوالو علـــى الإجناب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( 1 ) من الادمان ، ( 2 ) إستمرت ، ( 3 ) الدام : بيت طيني

7- من أغاني الأطفال التراثية القديمة والنادرة التي كان يرددها أطفال محلة الشيخ محمد في مطلع القرن العشرين وهي خاصة بهم الأغنية التالية :
كن جت جيجتنا – من بيت عَمتنا
خلّي الفرخ يكبر – وينادي العسكر
عسكر خضراوي – ما ياكل التمّن – إلا بخاشوكة
فوطة على فوطة – والعين مجلوطة

8- رويَ أن أحد ظرفاء بكات الموصل فيما مضى من الزمان كان لديه عربة يجرها حصانان يتنقل بها داخل الموصل . وفي يوم من الايام عنت له فكرة وهي أن يستبدل الحصانين برجلين يجرانها ويمثلان دور الحصانين . وبعد البحث وجد أثنين ( وكانا من الظرفاء ) وافقا أن يحلان محل الحصانين باجر معلوم . فكانا في كل يوم يخرجان بالعربة ويسحبانها كأنهما حصانين والبك تعلوه الفرحة . وفي أحد الايام مر الرجلان بالقرب من مجرى ( مجغي ) أحد الحمامات الموصلية الكبيرة في ذلك الزمان وفي غفلة من البك دفعوا بالعربة إلى الخلف فسقط البك في وسط مجرى الحمام الممتلي بالماء الآسن والأوساخ ، فعلته القذارة من أعلاه إلى أسفله وبدأ يسب ويشتم الرجلين بكل ما يعرفه من ألفاظ . فما كان من الرجلين إلا أن إلتفتا إليه وبكل برود قائلين : ( خيل وعنفصت تخلي عقلك مع الخيل ) .

8- ابن چنق قلعة :

العبارة من العبارات القديمة والنادرة وهي تقال في حق كل متكبر . و چنق محرفة عن جناق ، وجناق قلعة : حصن ضخم شامخ في مدخل المضيق المسمى باسمها ، النافذ من البحر المتوسط إلى بحر مرمرة ، وكان يُسمى بالقلعة السلطانية .
فمن الواضح أن هذه القلعة لا يدخلها إلا ذوو الشأن ولهذا ردد أهل الموصل العبارة .

9- تسمية الولد شعبياً بالنسبة لأبيه : المادة مستلة من كتابي المخطوط ( خَلق الإنسان في العامية الموصلية ) عامر

+ بْكغ ( بكر ) : أول أولاد الرجل ذكراً كان أو انثى . في اللغة العربية / بِكْرُ أبويه : أي أولهما .
+ وَسْطيني : أوسط أبناء الرجل ، مؤنثه ( وسطينيّي ) .
في اللغة / فلانٌ وَسيطٌ في قومه ، إذا كان أوْسَطَهُمْ وأرفعَهُم مَحَلاًّ .
+ أزغغ الكل : أصغر إخوته . أزغغ : أصغر .
+ أكبغ الكل : أكبر إخوته .
+ خْغْاطة : آخر مَن يولد بالنسبة للأب المتوسط العمر أو الكهل . يستوي فيه المذكر والمؤنث .
في اللغة / خرط العود : قشره .
+ القعْدة ، ولد القَعدي ، ابن القََعدي : ولد الشيخ والشيخة . والبعض يسميه : ابن الـگـعدة وفي ريف الموصل يسمى : بزر الـگعدة . في اللغة / قِعدة الرجل : آخرُ ولده ، للذكر والأنثى والواحد والجميع .
+ ابن العَجوز : ولد الشيخ والشيخة . في اللغة /العِجزة وابن العِجزة : آخر ولد الشيخ وولِد لعِجزة : أي بعد ما كبر أبوه .
+ ابن العجايب : ولد الشيخ .
+ ابن الهَرمة : في اللغة / ابن هَرمة : آخر ولد الشيخ والشيخة . أقول تغير مَدلول العبارة مع مرور السنين لتصبح نوعاً من السباب والشتيمة على ألسنة المواصلة .
+ ابن الكبَغ ( ابن الكبر) : ولد الشيخ والشيخة . في اللغة / فلانٌ كِبرةُ ولدِ أبويه :إذا كان آخرهم . وفي اللغة / الكِبَرُ : مَصدرُ الكبير السِّنِّ من الناس .
+ ابن الشيب : ولد الشيخ . جاء في المثل الشعبي : ابن الكبغ وابن الشيب إن تدلل أو إن دَلَّلتو ما هو عيب .
+ عِينة : يقولون ( فلان عينة أولاد أبونو ) أي هو خيرهم . في اللغة / العِيْنَةُ : خِيَارُ المال .
+ عين القليدي ( عين القلادة ) : وصف لمَن كان خير إخوته . في اللغة / واسِطَةُ القلادةِ : الجوهرُ الذي في وَسَطها .
+ مفتاح الباب : بكرُ أبويه .
+ فتحة العين : بِكْرُ أبويه .
+ وُحَيِّد : الوحيد لابيه . في اللغة / رجلٌ وَحَدٌ ووحِدٌ : أي مُنفرد .

10- لا الوَقّاد يُوقدني ولا الزبّال يزبلني :

مثل موصلي نادر يقوله كبير السن وهو لسان حاله . سمعته عن طريق والدي رحمه الله . حيث قال عندما كنت صغيراً ألعب في بيت جدتي كنت أراها لا تستطيع القيام لكبر سنها فكنت أقول لها ببراءة الأطفال لمَ لا تلعبين معي يقول : فكانت تجيبني : ( أنا لا الوَقّاد يُوقدني ولا الزبّال يزبلني ) . فكنت لا أعرف معنى ما تقول في حينها . الآن وقد بلغت الثمانين عرفت ما كانت تعني .
والوقاد هو الرجل المسؤول عن تسخين ماء الحمام . والزبال : هو الشخص الذي يشتري ويجمع الزبل من خانات الدواب ثم يذهب إلى كرخان الحمام ويلقيه عند التنور لحرقه عند تسخين الماء .

11- دَيْدَي :
مجنون من مشاهير مجانين الموصل في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين . كان يُرى بين المقابر المحيطة بالمدينة وبيده عصا بضرب بها كل قبر يمر به قائلاً : ( ابن ملعون الروح إسحب أخوك دناكل كباب )

12- مات أبو نفس العفيفة من يوم خَلّف هَل الخليفة :
هذا مثل موصلي نادر قالته امرأة موصلية توفي زوجها عنها وبعد فترة أساء إليها أولادها فصرخت بهذا القول الذي ذهب مثلا .

13- ينفخ جغبين :
الكلك كان وسيلة النقل المائي الرئسية بين الموصل وبغداد عن طريق نهر دجلة وهو عبارة عن أعواد كثيرة تربط مع بعضها بالحبال وتوضع على جلود منفوخة بالهواء تسمى شعبياً بـ ( الجغبين ) التي مفردها في الفصيح جراب ثم توضع فوقها الأحمال . إستعار أهل الموصل عبارة ( ينفخ جغبين ) ليطلقوها على كل كذاب يبالغ في قوله .

14- عمدت الدولة العثمانية غلى تجنيد عدد كبير من أبناء الموصل قسراً وزجت بهم في حروب لا ناقة لهم فيها ولا جمل في جبهات كثيرة وقد نقل مَن شارك في جبهات روسيا من أبناء الموصل هذا الشعر النادر جدا الذي قاله أحد أبناء بغداد ممن كان معهم في أرض جبلية قفراء مثلجة بعيدة عن ديار العراق :

نعلا بلد مــــــــــــوش وانها وازمير ( 1 )
كيعانها مـــــوحشة واجبالها إصعود
جلجل علينا البثل جل الكطيع إجبال
ناديت يا خالجي شنهو السكم بجبال
بغداد دار السعادة والمذلّة إبــــوان
( ملاحظة : الشعر متداخل ولكن هذا ما وصلني منه فأحببت تسجيله قبل ضياعه ) عامر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- 2 موش وأزمير مدينتان تركيتان

15- فلان كعبو امْدَوّغ :
مثل موصلي يُضرب في كل مَن لا يوفق في عمله . والمثل قديم حيث جاء في كتاب مجمع الأمثال للميداني : ( مُدَوَّرُ الكَعْبِ : يضرب في الشؤم ) .

شــــــــــكراً خوني شماشا يوسف حودي

على هاي النّوادر الشّعبيّة الموصليّــــة !

بارك الله فيـــك

تحياتنـــــا.