صَعد نوري المالكي من تصريحاته الهجومية على التيار العروبي في العراق في الفترة الاخيرة، وحذر من عودة حزب البعث الى الحياة السياسية العلنية عبر البوابة البرلمانية المقبلة، وراح أنصاره وأغلبهم ممن أقام وعاش في ايران سنوات طويلة وعدد منهم شارك في الحرب الايرانية على العراق (1980 ـ 1988) سواء في صفوف الجيش او الحرس الثوري او اطلاعات في تنظيم حملة دعائية وعقد ندوات حزبية في مناطق الثورة والشعلة والحبيبية والبلديات وشارع فلسطين ببغداد وبعض المحافظات يروجون شائعات عن مليارات الدولارات جاءت حسب زعمهم من الرياض والدوحة وابوظبي الى بعض القوائم والكتل الانتخابية التي يقودها ويشترك في عضويتها قوميون عرب أو بعثيون سابقون، ووصل الامر في التحريض على دول عربية آخرها السعودية التي وقت المالكي الهجوم عليها بعد ساعات من مغادرة علي لاريجاني رئيس مجلس الشورى الايراني لبغداد، واتهمها بالتآمر على العملية السياسية واتخاذ مواقف وصفها بالعدائية من حكومته. ورافق حملة المالكي وحاشيته على القوميين والبعثيين في العراق، اجراءات غير اخلاقية تنم عن خسة وجبن اتخذتها ألاجهزة الحكومية، تمثلت في شن عمليات اعتقال ليلية منظمة ضد عناصر قومية وبعثية واسلامية شابة ووجوه اجتماعية وقيادات عسكرية واكاديمية ومسؤولين حزبيين واداريين سابقين في محافظات الموصل وتكريت وديالى وكركوك والانبار وعدد من أقضية ونواحي محافظة بابل، كالاسكندرية وجرف الصخر على سبيل المثال، مع افتعال حوادث تفجير سيارات وجسور وتخريب طرق واغتيالات في الرمادي والفلوجة وبعقوبة والمقدادية والحويجة وبيجي والشرقاط، فيما عاد التوتر من جديد الى أحياء ومناطق معينة في العاصمة كالاعظمية وباب المعظم والفضل وشارع الكفاح وباب الشيخ والعدل والعامرية والغزالية والقادسية والمنصور والسيدية والمأمون والجامعة والدورة والوشاش و14 رمضان ، مما يؤكد ان حكومة نوري وأذرعها الامنية والمليشاوية تريد استباق الانتخابات وتخطط لترويع وارهاب المواطنين العراقيين ومنعهم من المشاركة والتصويت في الانتخابات المقبلة بعد ان ثبت لديها من خلال استطلاعات قامت بها منظمات مقربة من حزبي الدعوة والمجلس الاعلى ان الناخبين في محافظات الجنوب محبطون من الحكومة الحالية وقياداتها الشيعية، وعازفون عن الذهاب الى مراكز الانتخابات مرة أخرى، وثمة معلومات مؤكدة تفيد بان المرجع الشيعي الاعلى آية الله علي السيستاني غاضب جدا على أداء القيادات الشيعية الحكومية التي أعطت انطباعا بانها مصلحية وفاسدة، وتفتقرالى النزاهة والمسؤولية الوطنية، وأساءت الى الشيعة عموما، وأظهرتهم بانهم لا يصلحون للحكم، وتتداول أوساط نجفية نصيحة للسيد السيستاني الى مساعديه بشير النجفي واسحق فياض ومحمد سعيد الحكيم يوصيهم فيها عدم استقبال رؤساء الكتل والقوائم الانتخابية في هذه الفترة، حتى لا يساء فهم موقف المرجعية أو استغلال اللقاء مع أحد رموزها وتوظيفه دعائيا لصالح هذه القائمة او تلك، وقد التزم النجفي وفياض بنصيحة المرجع الاعلى باستثناء الحكيم الذي ما زال يقوم باستقبال وفود من القرى والقصبات الريفية ويدعوها الى انتخاب قوائم أتباع من يسميهم بـ(آل البيت) اشارة الى كتلتي الائتلاف ودولة القانون الشيعيتين الطائفيتين. وقد بات واضحا أن المالكي مرعوب من التوجيهات التي أصدرتها قيادة حزب البعث في العراق ودعت فيها البعثيين في الداخل والخارج الى المشاركة في الانتخابات المقبلة بكثافة والتصويت لصالح قوائم وشخصيات وطنية وقومية، تم تحديد أسمائها، وآخر إجراء أعلنه رئيس حكومة الفاسدين والمفسدين، تعهد بموجبه استخدام ما أسماها بـ(صلاحياته الدستورية) لمنع وصول البعثيين الى البرلمان المقبل، رغم ان هذه الصلاحيات غير موجودة في الدستور أصلا، ولم يكتف نوري المذعور من عودة البعثيين الى البرلمان وانما تدخل مباشرة في مفوضية الانتخابات المستقلة وزج بعدد من منتسبي مكتبه الخاص في ملاكها الوظيفي، مهمتهم كما أعلن بنفسه، التدقيق في أسماء المرشحين للانتخابات وشطب من أسماهم بالمشمولين بقوانين الاجتثاث، وهذا يعني انه الحق مفوضية الانتخابات (المستقلة) بمكتب رئيس الوزراء، وجعلها دائرة حكومية، الامر الذي دعا ممثلية الامم المتحدة ببغداد الى تسجيل اعتراضها على هذا الاجراء، وتبليغ المفوضية بعدم الاعتراف بشرعية الانتخابات. ومما فاقم مخاوف المالكي من خسارة الانتخابات المقبلة ان أنصار قائمته (ائتلاف دولة القانون) في محافظات الفرات الاسفل والجنوب أبلغوه صراحة بعدم قدرتهم على مواجهة قائمتين منافستين لهما ثقلا ملموسا في بعض هذه المحافظات، قائمة الائتلاف الشيعي وكتلة اياد علاوي وصالح المطلك، وهو ما دعا نائبه في حزب الدعوة علي الاديب الى حثه بالاندماج بقائمة الائتلاف، كوسيلة وحيدة للتصدي لكتلة علاوي ـ المطلك، ولكن اقتراح الاديب قوبل بتصلب من مقتدى الصدر رئيس التيار الصدري أقوى مكونات الائتلاف الذي أعلن انه لن يوافق على انضمام كتلة نوري الى الائتلاف، الا بعد اطلاق سراح المعتقلين والسجناء الصدريين وبعضهم محكوم عليه بالاعدام، وهو أمر يحرج المالكي وهو أصلا غير قادر عليه دستوريا وليس من صلاحياته، في الوقت الذي دعاه همام حمودي نائب رئيس كتلة الائتلاف الى اتخاذ قرار شجاع والالتحاق بالائتلاف كعضو فيه بلا إمتيازات، حاله حال المكونات الاخرى، وينسى انه رئيس وزراء ، ولا يطالب برئاسة ثانية اذا فاز الائتلاف في الانتخابات المقبلة، وهذا موضوع يصرعليه نوري ويعتبره أولوية بالنسبة اليه. وصار معروفا أن علي لاريجاني رئيس مجلس الشورى حاول خلال زيارته الاخيرة التوفيق بين الجانبين، الا ان قادة الائتلاف حسموا الامر، وكانوا هم أصحاب القرار هذه المرة، أهلا بكتلة المالكي في الائتلاف بلا مزايا او تمييز، بل انهم تصلبوا وأكدوا انهم اتفقوا سلفا بان ائتلافهم اذا فاز في الانتخابات المقبلة فان مرشحيه لرئاسة الحكومة هما عادل عبد المهدي المنتفجي أولا، وابراهيم الجعفري ثانيا، والمالكي لا يطيق الاثنين ويعتبرهما من خصومه الشخصيين والسياسيين. وفي محاولة من المالكي لاشعار قائمة الائتلاف بقوته الانتخابية، فانه سعى الى اجتذاب كتلة ائتلاف وحدة العراق التي يقودها جواد البولاني وزير الداخلية وأحمد ابو ريشة رئيس جماعة الصحوة في محافظة الانبار الى جانبه، غير ان البولاني رفض عرض نوري جملة وتفصيلا، الامر الذي أثار نقمة المالكي وأمر شلته ومن بينها محافظ بغداد صلاح عبدالرزاق بشن حملة على وزير الداخلية اتهمه فيها بالتواطؤ على مفجري الاحد الدامي وطالب باقالته من منصبه، وقد رد البولاني بانه مستعد للمساءلة ملوحا في الوقت نفسه بكشف المستور، في اشارة واضحة الى فشل قيادة قوات عمليات بغداد التي يرأسها الفريق عبود قنبرالمالكي وهو احد اقرباء نوري المالكي ومرتبط مباشرة برئيس الوزراء ولا علاقة لوزارتي الداخلية والدفاع عسكريا وامنيا واداريا به، وقد ابلغني شخصيا الشيخ أحمد ابو ريشة في لقاء بالعاصمة الاردنية ان نوري سعى الى استقطابه بعيدا عن البولاني عندما عرض عليه ان يكون الرجل الثاني في كتلة ائتلاف دولة القانون، وتقديم تسهيلات الى جماعة الصحوة بلا حدود، وقال ابو ريشة انه ابلغ المالكي بعد ان ألح عليه بالتحالف معه، ان موضوع التحالف متروك لما بعد الانتخابات. وقد اتسعت مخاوف المالكي كثيرا من هزيمته في الانتخابات المقبلة، عندما اتفق صالح المطلك واياد علاوي في تنظيم سياسي واحد (الحركة الوطنية العراقية) سيخوض الانتخابات باسمه، وقال لي أحد مساعدي المطلك ان نوري حاول اغراء صالح بالتحالف معه في كتلة انتخابية واحدة، واعدا اياه بمنصب رئيس الجمهورية اذا فازت الكتلة باعلى المقاعد في الانتخابات المقبلة، وكان رد المطلك ـ على حد قول مساعده ـ وماذا أقول للعراقيين وكيف أبرر لهم تحالفي معك، انا القومي العربي وانت الدعوي؟ نسبة الى حزب الدعوة المعروف بتوجهاته ** ومعاداته للعرب والعروبة. المالكي يتخبط في مواقفه وتصريحاته ومتوتر في سلوكه وممارساته، لقد أثبت انه ليس رجل دولة،هو سيخسر الانتخابات المقبلة لا محالة، قد يحرز مقاعد لا شك فيها، ولكن عددها لن يسمح له بتكليفه بتشكيل حكومة جديدة، ولن تنفعه مليارات الدنانير وملايين الدولارات التي ينفقها على شيوخ (نص كم) ومجالس اسناد كارتونية ومنظمات وعناوين خرافية، انهم يضحكون عليه ويقبضون منه، لقد اكتشفه العراقيون والشيعة في مقدمتهم على حقيقته، كائن من الاكاذيب، يصلح لادارة محل لبيع المسابح (جمع سبحة او مسبحة) في حي السيدة زينب بدمشق، او قيادة موكب حسيني للطم وليس للحكم، وعليه ان ينتظر مئات الدعاوى التي سترفع عليه، موثقة بالادلة والاحداث والارقام والتواريخ والشهود والشهادات، في رقبته دماء بريئة لن يفلت من طالبيها، وما ضاع حق وراءه مطالب.
من هنا 
من هنا 
من هنا 
العمل/الترفيه
الأحد 15 نوفمبر 2009 - 3:27
