مناغاة الاطفال في كرمليس

مناغاة الاطفال في كرمليس

الى ينابيع المحبة والتضحية
نهضت الام من رقادها مذ تباشير الصبح، اخرجت دابتها من السرداب ، وضعت عليها الرشوانا ( البردعة ) ثم المحمل ، علقت عليه الجرار الاربعة واتجهت صوب ساقية ماء كرمليس لجلب الماء منها. وبعد عدة خطرات ، حان وقت احضار الفطور، فذهبت باتجاه "بي لخمي" اخذت عدة ارغفة من خبز الرقاق بللتهم بالماء. اتجهت صوب دانا د كوبتا اخذت فصا جبن، فاصبح الافطار جاهزا لذا نادت على زوجها واطفالها، وهنا بدأ رضيعها بالصراخ. اتجهت صوبه وهي تناغيه:
صباحُخْ بْريخى
عُمْرُخْ يَريخى
دُزْمانُخْ ( اعداؤك ) مْكُرْخى ( مكفونون ) و دْميخى
غَدايُخْ صيبا وْموبيخى
فتحول صراخ الرضيع الى نغنغة بعد سماع صوت امه فاستمرت بمناغاته:
غَدايُخْ ما بْدْهاوو
مْشْخا و لَخْما و حَلاوو
وْ أَرْؤورا بْذيرا بْكاوِحْ
واتكت على مهده فاخرخت ثديها واعطته للرضيع فابتدا بالرضاعة، واستمرت تناغيه:
صْحّة هاويلوخْ
شوؤا بْنوني هاويلوخْ
التفت الى الوراء ورأت ان الافطار كاد ينفذ، فعلى صوتها واكملت:
زورِدْ كُلَّيْ ماخيلوخْ
فنظر اليها الاب بغضب، فاخفضت صوتها واستمرت:
زوردْ كُلَّيْ ناشْقْ أيذوخْ
ابتسم الاب، غفا الرضيع، نفذ الفطور الا من بعض الفتات، جمعتها الام ، وضعتها في فمها وبدات تلوكها، ثم نهضت لاكمال اعمالها المنزلية.

كم كانت حياة الآباء والأجداد بسيطة وقلوبهم بيضاء ونياتهم صافية وضمائرهم حية , فرغم الظروف الصعبة التي كانوا يعيشون فيها بغياب التكنولوجيا والتطور اللذان ننعم بهما اليوم ألا أنهم كانو سعداء في معيشتهم وكان أيمانهم راسخا شعارهم في الحياة ,, القناعة كنز لا يفنى ,, بعكس اليوم تماما فرغم تطور الحياة وسهولتها أصبحت أصعب وأعقد وأنسان اليوم لا يعرف ماهي القناعة فكلما زاد ماله طلب أكثر ولا يهم كبف يحصل عليه مع تراجع للقيم والمبادئ بصورة عامة , عشت يا باش مهندس على هذا الجهد المميز وننتظر بشوق المزيد





أبو فرات


مع المودة الخالصة

تحية محبة وتقدير لكل من يحاول أن يسلط الضوء على تاريخ الآباء والأجداد لأيصال تاريخهم وتراثهم الى الأجيال الجديدة وخاصة في بلدان المهجر لينورا عقولهم بها لأنها مفخرة لهم ولكي يمزجوا الماضي بالحاضر ليخرجوا بعقلية متنورة تفيدهم في الحياة بالزمن الصعب الذي ضاعت فيه القيم والمبادئ وأصبحت المادة لدى الكثيرين المقياس الذي يعول عليه .