الكنيسة الخضراء في صلاح الدين تاريخ قديم وتحفة فنية رائعة

الكنيسة الخضراء في صلاح الدين تاريخ قديم وتحفة فنية رائعة

تعد الكنيسة الخضراء التي تقع إلى الجنوب الشرقي من مدينة تكريت، مركز محافظة صلاح الدين، احدى أكبر وأقدم الكنائس في العالم.وكانت الكنيسة المشيدة على ارتفاع 30 مترا عن مياه نهر دجلة مركزا مهما للسكان المعتنقين للمسيحية و الذين كانوا هناك في الوقت اشتهرت به تكريت بكرسي مفرانية المشرق في عهد ماروثه التكريتي،الذي أصبح مطران الكنيسة الشرقية العام ولقب بالمفريان.

والمفريان ، هو لفظ سرياني من مفريونو، وتعني الرئيس الروحي وهي درجة أدنى من البابوية.واختلفت الروايات عن تلك الحقبة الا ان الذي ثبت عنها ان تكريت كانت العاصمة ذات الأهمية والشأن وهي من تدور حولها النزاعات للسيطرة عليها بحسب الروايات. ويقول المؤرخ التأريخي والأستاذ الجامعي الدكتور محمد نعمان غني إن "الكثير من سكان تكريت في تلك الحقبة كانوا من يعتنقون الديانة المسيحية حتى ظهور الإسلام حيث اسلم جميعهم وكان في ذلك الزمان قبيلتان كبيرتان من معتنقي الديانه المسيحية وهن تغلب واياد".وأضاف غني ان "تكريت بسطت سيطرتها على أقاليم مترامية لفترة من الزمن من البحرين إلى أفغانستان في الوقت الذي كانت هي مركز لكرسي مفرانية المشرق في عهد ماروثه التكريتي الذي أصبح مطران عام ولقب بالمفريان". وتقع الكنيسة اليوم في جزء مهم من تكريت ألا وهو المجمع الرئاسي والذي تحولت في 2003 الى كجمع حكومي يتخذه المسؤولون المحليون مقرات عمل وسكن لهم مما منع السائحين والمثقفين والباحثين عن الآثار من زيارتها وذلك لموقعها المحاط بالكثير من الجدران والقصور الحديثة التي بالرغم من جمالها لم تحجب جمال الكنيسة العتيدة."وكانت تكريت محط تنازع قوى متعددة منها الفرس والرومان حيث تشير بعض الروايات إلى أن الديانة المسيحية دخلت تكريت منذ وقت مبكر من ظهور تلك الديانة على يد المبشرين النساطرة، وقد حاول الرومان الذين اعتنقوا الديانة المسيحية الاستفادة من موقعها المتقدم بوصفه ثغراً من ثغور الدولة الرومانية ليكون ظهيراً مناصراً لهم ضد الفرس ولم تفلح مناصرة الفرس للنساطرة ضد المذهب اليعقوبي الذي كان يناصره الرومان، فاستقرت هذه المدينة مقراً للمفريات منذ القرن السادس الميلادي وبقيت إحدى المراكز المسيحية المهمة حتى عام 1164م. إذ نازعتها هذه المكانة مدينة الموصل التي نقل إليها مقر أو كرسي المفريان اليعقوبي. وأشار غني ان "معظم الروايات تأكد أن موقع تكريت الملائم جعلها عرضة للنزعات لكن ذلك لم يمنع ان تقوم حضارة مهمة على أرضها التي بقى جزء منها خالد إلى هذه اللحظة."ولقد بنيت في تكريت عدة كنائس وأديرة وبقيت آثار تلك الأديرة شاخصة إلى فترة متقدمة من القرن العشرين في مواقع مختلفة من المدينة، وكان من أبرزها الكنيسة الخضراء حيث شيدت في عهد ماروثا بن حبيب الذي شاع ذكره في عموم البلاد المسيحية، إذ اشتهر بعلمه، وإرشاده، ومؤلفاته، كما اشتهر باهتمامه الواسع في إقامة الكنائس والأديرة في الجزيرة الفراتية وبلاد الشرق.وخلال سنوات أعمار القصور تم ترميمها وإعادة بناء الكنيسة عام 1994، ولا تزال شخوصها باقية إلى اليوم، ويوجد بمحاذاتها جامع كبير تم ترميمه أيضا.ويقول محمد عزيز موظف حكومي " أننا نتمنى زيارة الكنيسة والتمتع بروعة التصميم وقدرة القدماء على بناء تحف وأبنية تبقى على مدى الزمن بشكلها الجميل ورونقها لكن موقعها داخل القصور الرئاسية يحرمنا من ذلك نتمنى ان تهتم بذلك الحكومة المحلية نتمنى ان تفكر بطريقة تستطيع ان تستثمر هذه الأماكن السياحية لتحصد الأموال في خدمة المحافظة".اما حكومة المحافظة فترى انها مستعدة لتقديم مجمع القصور الرئاسية كله للاستثمار وليس فقط الكنيسة وافتتاحه إمام الجميع لكنها وحسب قولها فأن الأمر لا يعود لها.ويقول أمين سر مجلس محافظة صلاح الدين نيازي معمار اوغلو "أننا كمجلس محافظة السلطة التشريعية في تكريت مستعدين ان نقدم مجمع القصور الرئاسية للاستثمار ونخليه من جميع المؤسسات الحكومية في حال طلبت الجهة المسؤولة ذلك كما سنسمح للجميع ان ذلك بالدخول اليها والتمتع ليس فقط بالكنيسة وانما بجميع مفاصل المجمع". ويستطرد اوغلو ان "الجهة المسؤولة هي رئاسة الوزراء حيث ان القصور الرئاسية هي من اختصاص رئاسة الوزراء وهي التي تقرر مصيرها وإذا كان الموضوع يخص مجلس المحافظة فنحن سنختار ان تكون مشروع استثماري سياحي يستقطب الجميع".