البيت الآرامي العراقي

تاريخ المسيحية في العراق Welcome2
تاريخ المسيحية في العراق 619888zqg202ssdr
البيت الآرامي العراقي

تاريخ المسيحية في العراق Welcome2
تاريخ المسيحية في العراق 619888zqg202ssdr
البيت الآرامي العراقي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

البيت الآرامي العراقي

سياسي -ثقافي-أجتماعي


 
الرئيسيةالرئيسيةبحـثس .و .جالتسجيلarakeyboardchald keyboardدخول

 

 تاريخ المسيحية في العراق

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
زائر
زائر
Anonymous



تاريخ المسيحية في العراق Empty
مُساهمةموضوع: تاريخ المسيحية في العراق   تاريخ المسيحية في العراق Icon_minitime1الأربعاء 19 ديسمبر 2012 - 19:30


تاريخ المسيحية في العراق




تاريخ المسيحية في العراق Behnam%20Afas%202009

بهنام عفاص 2009




الحضارة المسيحية

في

العراق عبر العصور


عني بتحريرها

الأستاذ بهنام فضيل عفاص


مقدمـــــــــة
هذا بحث
أردته أن يكون موجزاً و شاملاً، فالحضارة المسيحية في العراق وعبر العصور
تحتاج الى كتاب مُسهَب وذلك لعراقتها و أصالتها و تراثها، غير أن قصدي هنا
هو اعطاء فكرة موجزة، بعدها يستطيع المُتَتبّع ان يتوسّع و ذلك من خلال ما
أوردته من مصادر و دراسات في هذا الشأن.

و كلّي
أمل ان يكون هذا البحث بذرة طيبة لشبابنا و شاباتنا و هم عماد المستقبل كي
يعرفوا مدى ماقدّمه اجدادهم على مرّ العصور للتراث الإنساني و الحضاري ليس
على نطاق العراق فحسب، لكن لكل الأمم.



المسيحية في العصور الميلادية الاولى حتى القرن السادس
تمتّد جذور المسيحية عميقاً في بلاد مابين النهرين ( Mesopotamia ) و فيما بعدسمي
بالعراق، الى زمن الفِرثيين في العصور الميلادية الاولى بين سنة 153 ق.م –
سنة 217 ب.م بدءاً من تبشير مار توما الرسول و التلميذين مار ماري و مار
أدّي، حيث قاما بتأسيس كنيسة المشرق العريقة و بناء اول كنيسة في العراق
عُرفت بأسم كنيسة "كوخي" والتي أثبتت الحفريات الأخيرة وجود آثارها في منطقة المدائن قرب بغــــــــــــداد.

و يقترن
اسم كنيسة كوخي تأريخياً بأستشهاد الآلاف من المسيحين الاوائل في العهد
الساساني و بالتحديد زمن الاضطهاد الاربعيني الذي شنّه شابور الثاني الملقب
"بذي الاكتاف"، و الذي راح ضحيته الكثير من الشهداء و على رأسهم الجاثليق
مار شمعون برصّباعي و رفاقه في حدود سنة 341 م.

و توالت
الاضطهادات و استمرت اربعين سنة متتالية، وقد خلّد المطران أدّي شير
الكثير من هؤلاء الشهداء في كتابه الشهير "شهداء المشرق" بجزئيه الاول و
الثاني المطبوعين في الموصل سنة 1900 – 1906 .

و مما
يذكر ان الكثير من اولئك الشهداء كانوا يحتلون مناصب رفيعة في الدولة
الساسانية و كانوا مثالاً للوفاء و الاخلاص للوطن حيث يذكر المطران سليمان
الصائغ في روايته التأريخية " يزداندوخت " ان أبكرهان كان قائداً للجيوش و
الشهيدين كوشتازاد و آزاد كانا مستشارين للملك، كما يذكر ان فوسي كان رئيس
لدار الصنائع الملوكية مما يعطي فكرة عن دور المسيحين وبروزهم في العهود
الاولى في المساهمة الفعّالة في الامور الادارية و الحضارية و الفنون
المختلفة.

و يذكر
لنا التاريخ ان شابور الثاني وبعد ان وجد أنّ الاضطهادات لم تُجدِ نفعاً مع
المسيحين، عزم على ترحيلهم خارج البلاد، واغلب الظن أنّ جالية كبيرة منهم
هاجرت الى الهند التي سبق و أنّ بشّر فيها مار توما الرسول، وأستقرت في
المِلبار وما تعرف اليوم بولاية كيرالا التي تضم و حتى اليوم جالية كبيرة
من المسيحين حافظوا على طقوسهم و تراثهم ولازالوا يستخدمون اللغة السريانية
بلهجتيها الشرقية و الغربية في كنائسهم ويدّرسونها في جامعاتهم الكبرى في
ولاية كيرالا.

وفي شبه
الجزيرة العربية انتشرت المسيحية منذ القرون الميلادية الاولى اِلّا أنهم
كانوا على المذهب الابيوتي وهو مذهب مغاير لبعض المعتقدات الاساسية في
المسيحية اِلا أنهم في كل الاحوال اعتنقوا الديانة وسمّوا انفسهم بالنصارى
وهو سبب رئيسِ لورود هذه التسمية في القرآن والكتب الاسلامية فيما بعد، وقد
برز منهم القس ورقة بن نوفل ابن عم السيدة خديجة وهو الذي ترجم انجيل متى
المنحول من الآرامية الى العربية كما ورد على لسان عائشة بنت ابي بكر
الصديق في الصحيحين البخاري وكذلك في كتُب السيرة النبوية الاسلامية، كما
برز منهم الراهب جورجيوس بحيرة و عثمان بن الحويرث و زيد بن عمرو و غيرهم،
لذا فاننا نجد ان الكثير من القبائل العربية التي جاءت الى العراق و خصوصاً
من نجران كانت تحمل معتقداتها وتدين بالنصرانية وأبرزها قبائل تغلب وطَي
وتميم.

و عندما قامت دولة المناذرة في العراق يذكر الطبري ان إمرؤ القيس الاول 288 – 328 م كان اول الملوك المسيحين في الحيرة من اللخميين.
كما
شهدت الحيرة واحرامها فئة اجتماعية زاهدة متنسكة باسم " العباد" أو"
العباديين " قال عنهم الخزرجي في سياق حديثه عن الطبيب والمترجم حنين بن
اسحق انهم من قبائل شتى من بطون العرب اجتمعوا على النصرانية في الحيرة ،
ويؤكد الدكتور جواد علي فيقول عنهم انهم من قبائل شتى جمعت بينهم وحدة
الدين والوطن لذلك لم يطلق هذا الاسم اِلا على النصارى العرب من أهل
الحيرة.

ثم
تأرجح الملوك الذين أتوا فيما بين الوثنية و المسيحية حتى تنصّر النعمان بن
المنذر سنة 593 و اصبحت الحيرة حاضرة مملكة مقراً للمسيحية ومركزاً
مهماً، فأقيمت الكنائس و الأديرة التي اندثرت مع الأيام لكنّ "الشابشتي"
حفظها لنا مدونّة و موصوفة في كتابه الشهير "الديارات" الذي حققه البحاثة
كوركيس عوّاد و طبعه في بغداد، وقد وصف لنا 37 ديراً في العراق أشهرها دير
هند الكبرى وهند الصغرى اللذين قامت هند بنت المنذر ببنائها، وعند "الفتح
الاسلامي" يُروى ان خالداً بن الوليد التقاها و امّنها على ديرها الذي عاشت
فيه بقية أيام حياتها، كما يروى ان الجاثليق ايشوعياب الاول الارزتي زار الدير وقضى فيه فترة ثم مات وتولت شؤون دفنه هند الصغرى أخت النعمان.

وفي
مجال الحديث عن الاديرة يقول رشيد الخيون مؤلف كتاب "الاديان والمذاهب في
العراق" انها كانت مظهراً من مظاهر العراق الحضاري والثقافي على مّر
العصور، ولاتزال مظهراً حضارياً بفن بنائها و عمارتها ومحتوياتها وكنوزها
الآثرية والثقافية وحفظها للتراث.


الحياة الفكرية للمســـــيحين في العصور الميلادية الاولى

لقد
كانت اللغة الآرامية هي اللغة السائدة في مناطق واسعة منذ ظهر الآراميون
لسلاستها و سهولة تدوينها، وبقيت على هذه الحال حتى السيطرة الاسلامية
عندما أخذت اللغة العربية تأخذ مكانها تدريجياً، لذا نجدها و بكلتا لهجتيها
الشرقية و الغربية كانت لغة التخاطب و الكتابة و التدوين، وقد برز من
الادباء المسيحين الاوائل الذين كتبوا بالآرامية الكثير نذكر منهم أحيقار
الحكيم، و ططيانس المتوفي سنة 180 صاحب كتاب "الدياطسرون" اي الأنجيل
الموحّد، و برديصان المتوفي سنة 222 صاحب كتاب "شرائع البلدان"، و افراهاط
الحكيم سنة 346 ، و مار افرام المتوفي سنة 373 الذي يُعدّ بحق اِمام الشعر
السرياني وهو الذي ابتكر الوزن الشعري السباعي و ترك لنا القصائد الطوال و
المناظرات و الاغاني و الأناشيد الروحية، و يؤكد الباحثون انه نظم اثني عشر
الف قصيدة تُعّد من عيون الشعر السرياني، تدور معظمها حول القصائد
الايمانية المختلفة و القضايا اللاهوتية، ولازالت تُرتّل حتى اليوم في
الكنائس الشرقية و قد تُرجِمَ معظمها الى العربية و الفرنسية و حتى
اللاتينية. ويُذكر انّ البطريرك افرام رحماني و البطريرك برصوم و غيرهما
كنّ من الروّاد الذين أُعجبوا بها و بمضمونها.

و بعد
هؤلاء الروّاد تسلّم مشعل الثقافة أدباء آخرون أمثال رابولا أسقف الرها و
الملفان نرساي صاحب الخطب و القصائد الطويلة التي نشرها القس الدكتور
الفونس منكنا في مجلدين و طبعت في مطبعة الدومنيكان في الموصل سنة 1905، و
كذلك مار يعقوب السروجي في شعره الكنسي الرائع، وباباي الكبير المتوفي سنة
628 صاحب المؤلَّف اللاهوتي الشهير باسمه.

ولابد
ان نشير هنا الى مكانة المدارس المسيحية الشهيرة أمثال مدرسة نصيبين الكبرى
و مدرسة الرها و مدرسة دير قوني التي كانت تدرّس العلوم المختلفة و اللغات
السريانية و اليونانية، وعلم الشعر و النحو و المنطق و الموسيقى و
الفلكيات و الطب، و يؤكد المؤرخ الشهير ارنولد توينبي في كتابه "تأريخ
البشرية" على اهمية تلك المدارس و ما قدّمته للفكر و التراث، و يؤكد ان
سكان نصيبين كانوا يتكلمون السريانية و انهم تركوا لنا تراثاً جديراً
بالدراسة، و نظراً لهذه الأهمية فقد أفرد المطران أدّي شير بحثاً خاصاً
بمدرسة نصيبين الشهيرة طبعه في بيروت سنة 1905. و يعدّ الأب المستشرق شابو و
الأب بيجان من اوائل الذين اهتموا بهذا التراث و قاما بنشره و تحقيقه، كما
يُعدّ السمعانيون من اوائل الذين عرّفوا بالتراث السرياني المسيحي و
بالمخطوطات و المؤلفات التي تحفل بها مكتبة الفاتيكان الشهيرة و ذلك في
كتاب "المكتبة الشرقية" بأجزائه الاربعة كما قام روبنسن دوفال بنشر مؤلفه
"تأريخ الأدب السرياني" في باريس سنة 1907 وقد ترجمه مؤخراً الى العربية
الأب لويس قصّاب و طبعه في بغداد.

اما
الأب الدكتور جورج غراف فقد خلّد هذا التراث في كتابه" تأريخ الأدب المسيحي
العربي" في اربعةَ عشرَ جزءاً طبع في روما بين سنتي 1947-1953م.

كما نجد
تخليداً لهذا التراث في كتاب "عصر السريان الذهبي" للكونت فيليب طراز
المطبوع في بيروت سنة 1946، و كتاب "ذخيرة الاذهان في تواريخ المشارقة و
المغاربة السريان" للقس بطرس نصري المطبوع في الموصل بجزئين سنة 1905-1913،
و كتاب " اللولؤ المنثور في تأريخ العلوم و الآداب السريانية" للبطريرك
افرام برصوم المطبوع في حمص سنة 1943، و غير هذه الكتب كثيرة لا يمكن حصرها
و كلها تعطينا فكرة واضحة عن مدى مساهمة المسيحين الاوائل في الحضارة
الانسانية.



المسيحية عبر العصور الاسلامية
يبدو لنا من خلال تصفحنا
كتب التاريخ أنّ المسيحين رحبوّا بادىء الأمر بالفاتحين العرب وذلك لعدة
اسباب اهمها التخلص من الحكم الفارسي الذي اذاقهم مّر الاضطهادات، و ربما
ايضاً بسبب التقارب القومي و اللغوي فيما بينهم، وقد حصلوا على الأمان
مقابل دفعهم للجزية المفروضة على اهل الذمة وهي التسمية التي اطلقت عليهم
فيما بعد والتي كلفتهم الكثير في بعض الاحيان حيث أُستغلت هذه التسمية
لوضعهم في مرتبة ادنى و لممارسة بعض الضغوط و حتى الاضطهادات احياناً. غير
انهم استمرو في مساهمتهم الجادة كما في السابق، و يؤكد علماء النحو العربي
ان هذا العلم أُخذ عن السريان المسيحين لأن العرب لم يكن لهم في السابق
علماً يضبط لغتهم بينما كان للسريان الكثير من الكتب النحوية وقد استعانوا
بهم في وضع علم النحو كما يظهر لنا بوضوح بسبب تقارب المنهجين في طريقة
البحث و النهج.

وفي
العصر الأموي نجد الخلفاء يعتمدون في الشؤون المالية و الفنية و الادارية
على نخبة من المسيحين، كما اعتمدوا عليهم في امور الطبابة، فقد كان آثال
طبيب معاوية الخاص مسيحياً، و استمر المسيحيون على ممارسة هذه المهنة فيما
بعد وخصوصاً اثناء العصر العباسي ونالوا شهرة واسعة في هذا الميدان.

ونستطيع
القول ان الكثير من القبائل العربية التي كانت تسكن بادية الشام استمرت في
مسيحيتها، فقد كان الاخطل وهو من قبيلة تغلب شاعر الأمويين المفضل وهو
معروف بنصرانيته، وخير مرجع لنا في هذا اطروحة ماجستير قُدّمت الى جامعة
بغداد سنة 1974 للسيد جاسم الربيعي بعنوان "نصارى العراق في العهد الأموي"
حيث أوضح باسهاب دورهم وأسهاماتهم في تلك الفترة.

اما في
العهد العباسي وبعد تأسيس الدولة بقليل فقد اصبحت بغداد كعبة العلماء
والأُدباء يقصدونها من كل صوب، ونشطت حركة الترجمة منذ ايام الرشيد وبلغت
ذروتها ايام المأمون عندما كان على رأس الكنيسة الشرقية البطريرك طيماثاوس
الاول والملقب بالكبير الذي عاصر خمسة خلفاء عباسيين خلال مدة رئاسته بين
سنة 780-823م وكان على علاقة طيبة بهم وأشتهر بحوارات العقائدية مع الخليفة
المهدي، وكانت الخيزران زوجته تميل الى المسيحين وربما كان ذلك بتأثير ابي
قريش عيسى طبيبها الخاص، وقد ذكرها ماري في كتابه "المجدل" واثنى عليها
وعلى ترميم الاديرة وتوسيعها. ومما يذكر بهذا الصدد ان البطريرك خلال فترة
رئاسته الطويلة أرسل بعثات تبشيرية الى تركستان والهند والصين حيث بشّروا
وأنشأوا كنائس جديدة لازال قسم منها حيّةً حتى اليوم.

لقد
ساهم المسيحيون بالدور الأكبر في عملية الترجمة والنشر التي نشطت في العصر
العباسي الاول حيث قاموا بترجمة الكتب العلمية والطبية والفلكية عن
اليونانية والسريانية الى العربية، وكان على رأس المترجمين حنين بن اسحق
الذي يلقب بشيخ المترجمين والذي لأهميته ودوره الكبير هو والملفان مار
افرام، اقيم لهما في بغداد خلال السبعينات من القرن العشرين (الماضي)
مهرجان كبير حضره المئات من رجال العلم والمعرفة والتراث من كافة اقطار
العالم.

وحركة
الترجمة والنشر كان لها اهمية كبرى ذلك لانها قامت بنشر التراث والعلوم
والمعارف على اختلاف انواعها باللغة العربية في وقت كانت العربية احوج
ماتكون الى تلك المعارف فأغنت المكتبة العربية وكان لها أثر بالغ فيما تلا
ذلك من عصور.

وفي
العصر العباسي برز ادباء ومفكرون كان لهم دور كبير في نشر المعرفة والثقافة
نذكر منهم يحي بن عدي التكريتي المتوفي سنة 975، و ابو بشر متى بن بونس و
الجاثليق يوحنا بن عيسى، و ابو الفتح بن صاعد و عيسى بن زرعة ، و هنا لابد
وان نذكر ما كان لمدينة تكريت من اثر بالغ نظراً لكونها آنذاك مركزاً مهماً
من مراكز المسيحية حيث كانت مقراً للمفارنة الشرق وهو منصب يلي منصب
البطريرك، و مركز اشعاع حضاري، اعطت الكثير من الادباء والمفكرين واستمرت
في عطائها ردحاً من الزمن ليس بقصير حتى تبدل الاوضاع فيها و اضطر المفريان
على نقل كرسيه الى الموصل، وهجرها معظم سكانها شمالاً باتجاه دجلة الى
الموصل والقرى التابعة لها تخلصاً من الاضطهاد.

امّا في
الميدان الطبي فقد كان للمسيحين خلال العصر العباسي حضور واضح وفاعل
فالتاريخ يذكر لنا اسرة بختيشوع الطبية الشهيرة وكان اكثرهم قد تخّرج من
مدرسة جنديسابور في الاحواز، وهذه الاسرة قدّمت خدمات جلَّى في الامور
الطبية وفي ميدان الترجمة والتأليف وقد عاصروا خمسة خلفاء عباسيين يأتي
ذكرهم في كتاب "عيون الانباء في طبقات الاطباء" لأبن ابي اصيبعة الخزرجي
وقد حصلوا على مقام رفيع ونالوا حضوة لدى الخلفاء ولدى عامة الناس، وكدليل
على تمسك هذه الأسرة بدينها وتقاليدها يذكر الخزرجي ان الطبيب ابن جبرائيل
لم يقبل هدية الخليفة المنصور من الجواري اكراماً له ومكافأة لانه كما قال
"نحن معشر النصارى لا نتزوج بأكثر من اِمرأة".

وجدير
بالذكر ان كثيراً من رجال الدين وحتى نهايات القرن التاسع عشر كانوا
يمارسون هذه المهنة في الوقت الذي لم يكن هناك طبيب قانوني معتمدين على
المخطوطات والكتب التي كانت في ايديهم وحازوا على شهرة في هذا الميدان.


المسيحيون في العصور المتأخرة وحتى عصر النهضة

بعد
سقوط الدولة العباسية سنة 1258م ودخول العراق في حكم المغول ظل المسيحيون
(على صعوبة المرحلة) يمارسون نشاطهم الفكري في كافة الامور وبرز منهم في
هذه الفترة من كتبَ بالعربية الفصحى يذكر منهم ماري بن سليمان في كتابه
المعروف بالمجدل، وايليا الثالث البطريرك المعروف بأبي حليم الحَدَثي مؤلف
كتاب "الترجيم السنية للأعياد المارانية" الذي نشره وحققه المطران ميخائيل
نعمو وطُبع في مطبعة الدومنيكان في الموصل سنة 1873 مع خطب ومقدمات في 313
صفحة واسلوب الكتاب كما هو معروف بليغ وسجع حيث كان السجع والزخارف اللفظية
من الامور المسيطرة على النثر العربي.

اما في
القرن الثالث عشر فقد اشتهر ابو الفرج غريغوريوس ابن العبري المؤرخ الشهير
وصاحب المؤلفات في الطبيعيات والالهيات وفي ميدان الفقه واللغة والأدب، و
يُعدّ كتابه "مختصر تأريخ الدول" الذي حققه ونشره الاب انطوان صالحاني
اليسوعي في بيروت سنة 1890 من ادق وابرز المصادر التأريخية لتلك الفترة،
كما يُعد مؤلف في التأريخ الكنسي الذي يقع في ثلاثة اجزاء والذي طبع في
لوفان – بلجيكا في سنة 1872-1877 من المراجع الاساس في التأريخ الكنسي.

كما حقق
ونشر البطريرك افرام برصوم مؤلفاته الاخرى التي تتناول مواضيع دينية
ولاهوتية وفلسفية، وقد أُقيم له مؤخراً في بغداد مهرجاناً ادبياً حضره نخبة
من المثقفين تقديراً لمكانته.

هكذا
استطاع المسيحيون عبر العصور المختلفة واحلك الظروف ان يرسّخوا مكانتهم
الدينية والدنيوية وان يصمدوا امام التيارات المختلفة التي تعّرض لها
العراق، وحافظوا على عاداتهم وتراثهم وتقاليدهم.

ولابد
هنا ان نذكر ماللاديرة والكنائس القديمة ومكتباتها من فضل، فقد حفظت لنا
ذلك التراث وهي لحد الآن حافلة بتلك المخطوطات القيمّة والكتب القديمة في
مختلف العلوم والمعارف فأصبحت بذلك مصدراً للدراسات ومرجعاً للمعارف
والثقافات المختلفة نذكر منها دار البطريركية الكلدانية في الموصل والتي
انتقلت الى بغداد بإنتقال الكرسي البطريركي اليها، ودار مطرانية السريان
الارثودكس في الموصل ودير مار بهنام قرب نمرود ليُغني بمخطوطاته الثمينة
والتي اضيفت اليها مؤخراً مخطوطات مطرانية السريان الكاثوليك في الموصل،
ودير الشيخ متى في جبل مقلوب ودير السيدة والربان هرمز في ناحية ألقوش
..... هذه الأماكن تُعدّ من اغنى المكتبات الشرقية بالمخطوطات وقد فهرس
البعض هذه المكتبات وكتبها ومخطوطاتها تسهيلا للباحثين.

وفي
القرون التي تلت نجد ان تلك المساهمات خفَّت بعض الشيء وخصوصاً في أواخر
العصر المغولي وبدايات الاحتلال العثماني للعراق بين السيطرة الفارسية
احياناً ورجوع العثمانين اليه في اكثر الاحيان.

وعندما
قام نادرشاه بغزو العراق سنة1743 كان هناك دمار شامل، وقد وصل الموصل واعلن
الحصار عليها اِلا ان الاسرة الجليلية الحاكمة آنذاك وبقيادة محمود باشا
الجليلي استطاعت ان تجمع اهالي الموصل على اختلاف مللهم ونحلهم واديانهم
وصمدت بوجه الحصار. وقد وصف لنا هذا الحصار الأب لانزا الدومنيكي الذي عاصر
الحصار وشهد فشله وتراجع الغزاة، وقد نسب الكثير من اهالي الموصل ذلك الى
اعجوبة من العذراء مريم في مزارها القريب من اسوار المدينة، فما كان من
الحاج محمود باشا الجليلي اِلا أن أمر بعد فك الحصار بتجديد الكنيسة
وتعميرها مع كنائس اخرى، وقد خلّد لنا هذا الحدث الشاعر حسن عبد الباقي
العمري في قصيدة طويلة مطلعها:

عرِّج بنا ياأخا الاسرار متعسفاً لبيعة مَلئت عِزّأ وتقديسا
ويذكر
ستيفن لونكريك في كتابه "اربعة قرون من تأريخ العراق" ان عائلة الجليلي
التي حكمت الموصل ما ينيف عن قرن من سنة 1726-1834 تنحدر في الاصل من ديار
بكر وكانوا يدينون بالمسيحية قبل اعتناقهم الاسلام. ثم جاء دور المماليك
وتسلّم الحكم في العراق داؤد باشا ذو الاصل الارمني المسيحي وحكم العراق من
سنة 1817-1830 ، وفي عهده شهد العراق تطوراً ملحوظاً في كافة الميادين،
اِلا انه سرعان ماعُزِل ورجع الولاة العثمانيون للعراق يطبقون سياسة
التتريك على كافة الاصعدة ما خلا فترة حكم مدحت باشا من سنة 1869-1872 التي
امتازت ببعض الاصلاحات.

ولكن
عندما صدر الدستور العثماني في 23 كانون الأول/ ديسمبر سنة 1876 ايام الصدر
الاعظم مدحت باشا فقد ضمن الحرية لجميع الاديان وانهى مايسمى بضريبة
الجزية تلك الضريبة التي عانى منها المسيحيون كثيراً منذ الفتح الاسلامي.

وعند
اعلان الدستور العثماني الجديد سنة 1909 نجد حضوراً وتمثيلاً للمسيحين في
مجلس المبعوثان العثماني ولو بنسب قليلة، كما نجد حضوراً واسعاً للمسيحين
في الحركات التحررية والمناداة بالاستقلال والتحرر من السيطرة العثمانية.


العراق في عهد الانبعاث

يجمع
المؤرخون أنّ بدايات القرن الثامن عشر شهدت انبعاثاً ونهوضاً شمل اقطار
المشرق العربي اِلا ان تلك النهضة كانت تتفاوت من قطر لآخر فقد ظهرت
بوادرها في الشام بظهور الطباعة المبكر حيث دخلت الى لبنان سنة 1610 في دير
مار قزحيا، ومعروف ماللطباعة من أثر فعّال في نشر الثقافة والمعرفة، وكان
لظهور المطران جرمانوس فرحات 1670-1732 أثر كبير في تنشيط الدراسات اللغوية
والنحوية، واعقبه الشدياق وبطرس البستاني والشيخ ناصيف اليازجي الذين
تركوا لنا تراثاً جيداً في ميادين اللغة والادب، ويمكن اعتبارهم روّاداً
للنهضة الفكرية.

ولحقت
مصر بعد حملة نابليون ومجيء محمد علي باشا الى الحكم فشهدت هي الاخرى بوادر
نهضة ادبية وفكرية كان من ابرز روّادها الاوائل الطهطاوي، انعكست آثارها
على مظاهر الحياة العامة، ثم تابعها خلال القرن التاسع عشر مَنْ هاجروا من
بلاد الشام تخلّصا من الضغط العثماني وعملوا خصوصا في ميدان الصحافة
والطباعة نذكر منهم عائلة تقلا اللبنانية التي اسست جريدة الأهرام، وجرجي
زيدان مؤسس دار الهلال، وابراهيم اليازجي الشاعر وصاحب مجلة الضياء والشاعر
خليل مطران شاعر القطرين ويعقوب صروف وفارس الذين اسسا مجلة المقتطف سنة
1878، واديبة الشرق مي زيادة وغيرهم، وكل الذين ذكرناهم كانوا من مسيحي
بلاد الشام الذين قدِموا مصر تخلصاً من المضايقات العثمانية.

اما
العراق وفي بغداد بالذات فقد ظل بعيداً باديء الامر عن كل تلك التيارات
وكانت الدراسة لاتزال مقتصرة على المساجد، والتعليم محاكاة لنظام التعليم
في القرون الوسطى، اِلا اننا نلاحظ في بغداد والبصرة مجيء بعثتين رهبانيتين
بصورة مبكرة اولاهما الارسالية الكبوشية (الفرنسيسكان) التي قدمت سنة 1632
ثم الكرملية سنة 1716 ، وكان للاخيرة اثر كبير في تنشيط التعليم وتطويره
حيث اسست مدرسة القديس يوسف سنة 1732 والتي استمرت حتى نهايات القرن
العشرين، وكان لها دور فاعل وخصوصاً عندما ادخلت على مناهجها تحسينات
وتحديثات منذ منتصف القرن التاسع عشر.

واعطت
الرسالة الكرملية فيما بعد احد اقطاب اللغة والصحافة ليس على نطاق العراق
فحسب بل وعلى نطاق العالم العربي وهو العلامة اللغوي الأب أنستاس ماري
الكرملي صاحب مجلة لغة العرب والمؤلفات النفيسة في اللغة والمعاجم وكان في
الثلاثينات من القرن الماضي ممثلا للعراق في المجمع اللغوي في القاهرة.

اما
مدينة الموصل فقد اختلفت عن بغداد وذلك بسبب الحكم العربي لأسرة الجليلي
الذي دام ماينيف على المئة عام، ولقربها من حلب وبلاد الشام، ولتواجد
الطباعة الحديثة فيها قبل غيرها من المدن العراقية ومعروف ماللطباعة من أثر
بليغ في الازدهار الثقافي والفكري مما يجعلنا نبحثها مفصلاً وخصوصاً لأن
اللبنات الاولى كانت منطلقة من الرهبانيات المسيحية التي قدمت الى العراق
مبكراً كما أسلفنا.


دور المسيحيين في الطباعة

لعل
اقدم مطبعة تأسست في العراق تلك المطبعة الحجرية التي جاء بها الآباء
الدومنيكان من الاقليم الفرنسي الى الموصل في حدود سنة 1856-1857 وبدأوا في
طباعة بعض الكتب الدينية والمدرسية التي تساعدهم في التدريس في مدرستهم
الحديثة وقد أقاموا الخوري يوسف داؤد مشرفاً اول على المطبعة فأقدم على طبع
كتابه الاول في قواعد اللغة العربية سنة 1859 وسمّاه "خلاصة في اصول
النحو" وهو اول كتاب في نحو اللغة العربية يُطبع في العراق.

وفي سنة
1860 تمّ استبدال المطبعة الحجرية بمطبعة حديثة جلبوها من فرنسا وبدأت في
طبع الكتب على اختلاف أنواعها من دينية وأدبية وتأريخية ولغوية وبلغات
متعددة ابرزها العربية والفرنسية والسريانية والكلدانية وحتى التركية وشهدت
المطبعة بين سنتي 1867-1898 نشاطاً ملحوظاً في مطبوعاتها المنوعة حيث سجلت
هذه الفترة طبع ماينيف على المئة كتاب مابين صغير الحجم وكبيره وفيها ما
يشمل عدة مجلدات.

وقد
تولى ادارتها بعد سفر الخوري يوسف داؤد الى دمشق ليتسلم زمام ابرشيتها القس
لويس رحماني (البطريرك افرام رحماني فيما بعد) والمعلم نعوم سحّار وسليم
حسّون، اما المطبوعات السريانية والكلدانية فكانت بأشراف المطران يعقوب
اوجين منّا صاحب المؤلفات المشهورة بالكلدانية ( القاموس الكلداني –العربي )
(وقواعد اللغة الارامية شرقي غربي).

وقد
اوردتُ كل مطبوعاتها وبمختلف اللغات وطيلة مدة عملها في كتابي "تأريخ
الطباعة والمطبوعات العراقية" المطبوع في بغداد سنة 1985 مع غيرها من
المطابع والمطبوعات مما يعطي فكرة واضحة عن مدى مساهمتها في نشر التراث
وخدمة الفكر والمعرفة.

وفي سنة
1863 أقدم الشماس روفائيل المازجي على تأسيس المطبعة الكلدانية من ماله
الخاص بعد موافقة البطريرك يوسف اودو وتشجيعه وقد أرّخ لها وخلّدها الشاعر
شهاب الدين العلوي بقصيدة طويلة وقد استأجر لها دار في الموصل قرب دار
البطريركية واخذت في طبع الكتب الدينية والطقسية والادبية حتى وفاته
المفاجئة سنة 1865 ، واستمرت في العمل بأشراف المطران جرجس عبد يشوع الخياط
(البطريرك فيما بعد) الذي ادخل عليها تحسينات وتطويرات ملحوظة وطبع فيها
بعضاً من مؤلفاته الادبية والدينية نذكر منها كتابه "روضة الصبي الاديب" و
"قلادة الذهب في اركان الادب" الذي طبع سنة 1869.

واستمرت
هذه المطبعة في العمل حتى منتصف القرن العشرين تخللتها فترات توقف، اِلا
ان القس الصائغ (المطران فيما بعد) اهتمّ بها وجددها وطبع فيها بعضاً من
مؤلفاته، كما ان مجلته التي أصدرها باسم مجلة " النجم" كانت تطبع فيها.

ومن
الجدير بالذكر ان هاتين المطبعتين تأسستا قبل مطبعة الولاية في بغداد من
قبل الوالي مدحت باشا بما يقرب من عشر سنين لتكونا بذلك من اوائل المطابع
في العراق بوجه عام.

ونحن لو
استعرضنا اصحاب المطابع والعاملين فيها نجد الكثير من المسيحين البارزين
كانوا قد دخلوا هذا الميدان بصورة مبكرة نذكر منهم فتح اللّه سرسم وعيسى
محفوظ واسطيفان عزيزة الذين أسسوا مطابع في الموصل منذ بدايات القرن
العشرين، كما ان الآباء الكرملين أسسوا في بغداد سنة 1914 مطبعة دار
الأيتام، وأسس السريان الكاثوليك مطبعتهم في بغداد سنة 1922 وكانت مجلة
نشرة الاحد تطبع فيها مع غيرها من الكتب الادبية والدينية، والمطبعة
الآثورية التي تأسست سنة 1932 وفي بغداد ايضاً اسس رزوق غنّام وهو من
الصحفيين البارزين مطبعة العراق سنة 1921، كما اسس توفيق السمعاني مطبعة
الزمان سنة 1937. ويوسف هرمز أسس مطبعة الامة سنة 1935.

اما في
البصرة فقد تأسست مبكرا مطبعة العمل للأب يوسف كوكي، ثم المطبعة الوطنية
التي أسسها يوسف هرمز سنة 1925 ومطبعة الكاظمية لأسطيفان كجه جي وقد
استعرضتُ كل هذه المطابع مع مطبوعاتها في كتابي الآنف الذكر حول الطباعة
والمطبوعات في العراق منذ البدايات وحتى الحرب العظمى الثانية.


دور المسيحين في الصحافة

لعل ما
يجدر تدوينه ومعرفته ان اول مجلة تصدر في العراق كانت مجلة "اكليل الورود"
التي أصدرها الآباء الدومنيكان في الموصل سنة 1902 والتي استمرت حتى سنة
1909 وساهم في تحريرها نخبة من المثقفين ورجال الدين، وامتازت مقالاتها
بالتنوع على مختلف الميادين.

وبعدها
أصدر الآباء الكرمليون في بغداد سنة 1905 مجلة "زهيرة بغداد" بالعربية
والفرنسية وساهم في تحريرها نخبة من الكتاب وابرزهم الأب انستاس الكرملي
اللغوي الشهير والذي اقدم بعد ذلك في سنة 1911 على اصدار مجلته المعروفة
"لغة العرب" التي خدمت اللغة والادب والتراث على مدى سنين عديدة وحازت على
شهرة واسعة ليس في العراق فحسب وانما على نطاق الاقطار العربية، وساهم في
تحريرها نخبة من الكتاب من مختلف المذاهب والاديان.

وأصدر
الصحفي المعروف داؤد صليوا في شباط سنة 1913 مجلة "الخرائب" وهي مجلة ادبية
انتقادية، كما أسس الاستاذ رزوق عيسى وهو من تلامذة الكرملي مجلة "خردلة
العلوم" وربما كانت اولى المجلات العلمية اِلا انها لم تدم طويلاً.

واقدم
البطريرك افرام رحماني في بيروت – وهو العراقي أصلاً ومولداً – على اصدار
مجلة "الآثار الشرقية" سنة 1922 وكانت تصدر بالعربية وتترجم بعض مقالاتها
الى الفرنسية وقد حفلت بكثير من المقالات التاريخية والأثرية والتراثية
واستمرت في الصدور حتى وفاة مؤسسها سنة 1929.

وفي
بغداد أصدر الخوري عبد الاحد جرجي سنة 1922 مجلة "نشرة الاحد" التي استمرت
في العطاء فترة طويلة وصدر منها 16 مجلة ثم توقفت بسبب مرض مؤسسها وتقاعده
سنة 1937؟

في سنة
1927 أصدرت طائفة السريان الارثودكس في القدس مجلة "الحكمة" وكان اكثر
كتابها من السريان العراقين ويدعمها البطريرك افرام برصوم بمقالاته
التاريخية والتراثية. اما في نهاية سنة 1928 فقد صدرت مجلة "النجم" لصاحبها
ورئيس تحريرها القس سليمان الصائغ (المطران فيما بعد) وكان لها صدى واسع
في الاوساط الادبية والدينية وقد استمرت فترة طويلة في العطاء ومجلداتها
الكثيرة الزاخرة خير شاهد على ماقدّمته من خدمات جلّى في ميدان الفكر
والتراث، وساهم في تحريرها ابرز الادباء المسيحين آنذاك.

اما في
خمسينات القرن العشرين فقد صدرت مجلتان في بغداد الاولى باسم مجلة "النور"
التي أصدرها القس يوسف بابانا (المطران فيما بعد) واستمرت ست سنوات، ومجلة
"الفداء" التي أصدرها الأب نوئيل ايوب ولم تدم طويلا.

كما نشط
السريان الارثودكس في الموصل عندما تولّى زمام الابرشية المطران بولص
بهنام حيث افتتح معهداً كهنوتياً وأصدر مجلة "لسان المشرق" التي حفلت في
اعدادها الاولى بالمقالات التأريخية والتراثية اِلا انها لم تدم طويلاً.

وفي سنة
1964 أصدرت جمعية يسوع الملك في الموصل مجلة "الفكر المسيحي" وكان رئيس
تحريرها الأب زهير عفّاص ونائبه الأب جرجس القس موسى (المطران فيما بعد)
كانت في البدء على شكل نشرة ثم تطورت حتى اصبحت مجلة مرموقة. استمرت في
العطاء والصدور ماينيف عن اربعين عاماً ولازالت حتى اليوم غير ان ادارتها
سلمت مؤخراً للآباء الدومنيكان في بغداد برئاسة الأب يوسف توما الدومنيكي،
وتعدّ اول مجلة مسيحية عراقية تصمد طوال هذه الفترة الطويلة على ما صادفها
من مصاعب وعقبات، اضافة الى انها كانت مجلة منفتحة على كل المسيحين وامتازت
مقالاتها بالانفتاح على جميع الميادين.

وفي
الموصل ايضاً صدرت سنة 1972 مجلة "بين النهرين" لصاحبها الأب جاك اسحق
(المطران فيما بعد) ورئيس تحريرها الأب الدكتور يوسف حبّي وهي مجلة فكرية
وتأريخية وتراثية استمرت فترة طويلة.

اما سنة
1975 فقد اصدر مجمع اللغة السريانية التابع للمجمع العلمي العراقي مجلة
تحمل اسمه خصصت للدراسات السريانية والتراث السرياني وساهم في تحريرها نخبة
من الكتاب والباحثين.

كما
اصدرت بطريركية بابل الكلدانية سنة 1995 مجلة "نجم المشرق" وعهد تحريرها
الى مجموعة من الآباء والادباء المتخصصين ولازالت حتى يومنا هذا.

وجدير
بالذكر ان هناك الآن وفي المهجر وفي دول مختلفة مجلات تصدرها الجاليات
المسيحية نذكر منها مجلة "نجم الكلدان" في ديترويت، ومجلة نوهرا في –
استراليا وربما كان هناك غيرها في دول اوربية متعددة يتواجد فيها مهاجرون
مسيحيون من العراق.

ومما
يذكر ان كثيرا من الكتّاب والادباء المسيحيين كانوا يكتبون ويساهمون في
مجلات مختلفة ولم يقتصروا على المجلات المسيحية وخصوصاً خارج القطر العراقي
نذكر منها مجلة المشرق والصفاء اللبنانيتين، والمقتطف والهلال والضياء
المصرية، ومجلة المسّرة اللبنانية، كما ان بعض المتخصصين والباحثين كتبوا
مقالات بالغة الأهمية في مجلات تراثية اجنبية مثل مجلة الشرق المسيحي
الايطالية، والمجلة الآسيوية الفرنسية، وموسوعة المسيحين الشرقيين في
بلجيكا وغيرها من المجلات المرموقة.

أما في
ميدان الصحف فقد أصدر داؤد صليوا ويوسف غنيمة جريدة "صدى بابل" سنة 1909
وهي من أوائل الصحف العراقية، وكانت تعنى بالجوانب الادبية والثقافية ونشر
النتاج الحديث.

كما
أصدر الاديب جورجي خياط جريدة "الفيحاء" في حلب حيث كان يشغل منصب ترجمان
الولاية في بدايات القرن العشرين وهو عراقي الأصل من الموصل كما يؤيد ذلك
الكونت طرازي في كتابه "تأريخ الصحافة العربية".

وفي عام 1920 أصدر رزوق غنّام جريدة "العراق" وكان يطبعها في مطبعته التي تحمل نفس الاسم.
اما في
عام 1923 فقد برز روفائيل بطي كصحفي محترف وأصدر مع زميله عبد الجليل اوفي
جريدة "الحرية" وكانت تعنى بالمواضيع الادبية الى جانب السياسة. ثم أصدر
روفائيل بطي جريدة "البلاد" التي دامت فترة طويلة.

ثم دخل
الحلية سليم حسّون الذي كان استاذاً في مدرسة الدومنيكان في الموصل ومؤلفا
لكتب اللغوية والنحوية فأصدر جريدة "العالم العربي" وتبعه جبران مكلون
فأصدر جريدة "الاخبار" وهي جريدة يومية اخبارية وسياسية.

وفي عام
1937 اشترى توفيق السمعاني مطبعة كانت لحزب العهد وأصدر فيها
جريدته"الزمان" التي استمرت فترة طويلة وحتى ثورة 14 تموز 1958. ومن
الصحفين المساهمين نذكر اسكندر معروف، وميخائيل تيسي صاحب النقرات المشهورة
والتي عنوانها "كنّاس الشوارع" حيث يمكن ان نعدّها بداية لفن الكاريكاتير
المكتوب.

اما
خارج العراق فقد أصدر الاب الدكتور الفونس شوريز في الولايات المتحدة جريدة
اسبوعية باللغتين العربية والانكليزية واستمرت فترة طويلة.

وفي
الموصل يعّد عيسى محفوظ اول من أصدر جريدة سنة 1927 وهي جريدة "صدى
الجمهور" ويذكر عن صاحبها أنه كان من اوائل الذين عملوا في حقل الطباعة
وخصوصاً في مطبعة الدومنيكان ثم عمل لحسابه في مطبعته الخاصة وأصدر ابراهيم
حدّاد جريدة "صوت الامة" سنة 1939 استمرت حتى الخمسينات.

وفي
البصرة نجد ابرز الصحفيين هو يوسف هرمز الذي أصدر ومنذ سنة 1925 جريدة
"الحياة"، وعندما انتقل الى بغداد أصدر جريدة "صوت الشعب" سنة 1935. وفي
سنة 1934 أصدر أسطيفان كجه جي جريدة "الأيام".

وجدير
بالذكر ان المرأة المسيحية كان لها دور مهم في الصحافة العراقية فقد أصدرت
بولينا حسّون سنة 1927 مجلة نسوية تحمل عنوان "ليلى" وربما كانت اول مجلة
نسوية تصدر في العراق، ثم اعقبتها الصحفية البارزة مريم نرمة التي عملت في
الحقل الصحفي مايزيد عن ربع قرن حتى وفاتها في خمسينات القرن العشرين.

هذا ومن
الجدير بالذكر ان خير مرجع لتأريخ الصحافة العراقية تلك المحاضرات التي
ألقاها روفائيل بطي على طلبة معهد الدراسات العليا التابع لجامعة الدول
العربية والتي جمعها في كتاب بعنوان "تأريخ الصحافة العراقية" طبع في
بغداد.

وبنفس
العنوان كان المؤرخ عبد الرزاق الحسني قد اصدر كتاباً ثم طبعه ثانيةً سنة
1957 اضافة الى كتاب تأريخ الصحافة العربية للكونت فيليب طرازي المطبوع في
بيروت بين سنة 1913-1933 في اربعة اجزاء.


نشاط المسيحين في ميدان التأليف والترجمة والنشر

منذ
القرن السابع عشر وهناك رغبة تراود المفكرين في التأليف والترجمة والنشر
لمعرفتهم مدى أهمية الكتب في تثقيف المجتمع وتنويره، اِلا انهم كانوا
يصطدمون بعقبة الطباعة التي لم تكن قد تواجدت في العراق، فبقيت أكثر
مؤلفاتهم مخطوطة، بينما تسنّى للبعض منهم طبعها في مطابع الغرب، ومن هؤلاء
نذكر المطران اسحاق بن جبير (ولد في الموصل 1634 وتوفي في رومة سنة
1721)مؤلف كتاب "الاقتداء بالمسيح" الذي طبع في رومة، كما طُبعت مجلداته
الفلسفية واللاهوتية المترجمة عن القديس توما الاكويني، بينما بقيت مخطوطته
في قواعد اللغة السريانية محفوظة من دون طبع وكذلك بقية مؤلفاته.

كما
يذكر في هذا الصدد القس خدر بن القس هرمز (ولد في الموصل 1679 وتوفي في
رومة سنة 1755) الذي ترك الموصل في ظروف المنازعات الطائفية ليذهب الى رومة
مع معجمه الشهير الذي ظل مخطوطا ولم يكتب له الظهور فبقيت نسخ منه في
مكتبة البطريركية الكلدانية ونسخ اخرى في رومة ولبنان، وقد قدمتُ عنه بحثا
نشرته مجلة نجم المشرق في السبعينات. اما في منتصف القرن الثامن عشر وعند
تأسيس مطبعة الدومنيكان والمطبعة الكلدانية وبقية المطابع الاخرى فقد
ازدهرت حركة التأليف والترجمة والنشر ازدهاراً ملحوظاً وكان رائدها الاول
الخوري يوسف داؤد (المطران اقليميس يوسف داؤد فيما بعد) (1829-1890) الذي
أشرف على مطبعة الدومنيكان في الموصل وقام بترجمة الكتاب المقدس وطبعه في
عدة مجلدات ابتداءاً من سنة 1871 وتعد هذه الطبعة والترجمة من اولى الطبعات
وادقّها، وقد فتح مجال التأليف المنهجي للمدارس في مختلف المعارف والفنون
واللغات اضافة الى تحقيق كتب التراث المختلفة، والتأليف في مجالات المعرفة
الدينية، كما أسهم في الدراسات اللغوية، ويعدّ كتابه "خلاصة في أصول النحو"
الذي طبعه سنة 1859 اول كتاب في قواعد اللغة العربية يطبع في العراق
وتتواجد الآن منه نسخة في مكتبة المتحف العراقي، كما يعد كتابه الثاني في
النحو الذي أسماه "التمرنة في الاصول النحوية" من الكتب اللغوية الجديرة
بالدراسة وقد صدّره في طبعته الثانية سنة 1875 بتقريظ اربعة من علماء
الموصل اللغويين والدينين من المسلمين وكلهم يثنون على الخوري يوسف داؤد
وينعتونه بالعلاّمة، وقد صوّرتُ هذه الكتب ومقتطفات منها في كتابي الذي
يتناوله بالدراسة والتحليل والذي يحمل اسمه وقد طبعته في بغداد سنة 1985
مبيناً دور هذا الرجل في الفكر العراقي فقد ترك لنا خمسة وثلاثين مؤلفاً في
مختلف ميادين الفكر طبع منها اربعون وبقيت الاخرى في عداد المخطوطات
محفوظة في مكتبات رومة ودير الشُرفة في لبنان.

ومن
المعاصرين له وزميله في الدراسة في رومة البطريرك جرجس عبد يشوع الخياط
الذي أشرف على المطبعة الكلدانية في الموصل بعد وفاة مؤسسها وطبع فيها بعضا
من كتب التراث وشيئاً من مؤلفاته.

وتابع
المسيرة بعض ممن تتلمذوا عند اولئك الروّاد فساروا على نفس النهج ، برز
منهم القس لويس رحماني (البطريرك افرام رحماني) بمؤلفاته الكثيرة التي تزيد
على الثلاثين والمطران أدّي شير صاحب تأريخ كلدو وآشور والمؤلفات
التأريخية والتراثية الكثيرة اضافة الى مقالاته وبحوثه في مختلف المجلات
الفرنسية والايطالية. كما برز المطران يعقوب اوجين منّا كمشرف على مطبعة
الدومنيكان للكتب السريانية والكلدانية اضافة الى مؤلفاته الكثيرة في قواعد
وآداب اللغة الآرامية.

[font:
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
تاريخ المسيحية في العراق
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
البيت الآرامي العراقي :: كرملش , ܟܪܡܠܫ(كل ما يتعلق بالقديم والجديد ) وبلدات Forum News (krmelsh) & our towns :: منتدى تاريخ شعبنا وتراث الاباء والاجداد Forum the history of our people-
انتقل الى: