الدولة : الجنس : عدد المساهمات : 6997مزاجي : تاريخ التسجيل : 02/01/2010الابراج :
موضوع: في رحيل مطران بين نينوى وروما وبيروت • حبيب افرام الثلاثاء 11 ديسمبر 2012 - 12:25
في رحيل مطران بين نينوى وروما وبيروت • حبيب افرام كلما سقطت ورقة خضراء من شجرة المسيحية المشرقية نشعر أننا نتعرَّى. هكذا قدرنا. في ظلّ أخطر أزمة وجود وحضور وبقاء تصيب الشعوب المسيحية يغيب المطران ميخائيل جميل السرياني العراقي الكاثوليكي اللبناني. ليست أهمية الراحل في أنه مطران وأديب وكاتب وعالم وضليع بالالحان السريانية مع صوت رخيم، وليس في تخرجه من جامعة تولوز باطروحة في الحق القانوني حول "الاحوال الشخصية لأهل الكتاب في الدولة العثمانية"، وليس في خدمته أمين سر للبطريرك حايك في عز حروب لبنان، بل في كونه تجسيداً لوحدة هذه المسيحية المعذبة. من قرقوش بغديدا في سهل نينوى المنبسط هناك في بلاد ما بين النهرين تبكي تاريخاً لحضارة تندثر وتنتظر أياماً سوداء دون أمل ولا أفق، الى لبنان في جراحات أهله وعذاباته نموذجاً مشلعاً لحياة واحدة بين طوائف ومذاهب يلمع أحياناً واحة في صحراء، ويندفن أحياناً حقداً وقتلاً وذبحاً وتهجيراً، الى روما في سعيها الى وقف نزيف ابنائها من الشرق، دون نتيجة، الى صراخها وحراكها وقلقها ارشاداً رسولياً وزيارات. لكن على مَن تقرأ روما ارشادها؟ ميخائيل جميل: عمره سؤال الشرق. وحتى جوهر اطروحته هو سرّ مصيرنا. احوالنا الشخصية، نحن من يسموننا هنا أهل الكتاب، في الدول التي استقلت بعد انهيار الامبراطورية العثمانية، نحن ماذا في ظل امبراطورية الاخوان السلفيين والجهاديين الذين يفجرون الكنائس ويذبحون المطارنة ويرفضون المساواة ويهزؤون بحقوق انسان وجماعات. هو كتب تاريخ الأدب الآرامي. لكن احداث المنطقة تكتب مصير الشعوب الآرامية، في اقتلاعها من اور وبابل، من القامشلي وحلب، تماماً كما في أول القرن الماضي من اورفا وماردين في مجازر "سيفو". هل يرحل المطران جميل مرتاحاً؟ لوزناته؟ أكيد. هو ايماننا بالقيامة. بأننا نطأ الموت على صليبه. لمسيحيي الشرق؟ يبدو ان الحجر الذي نأمل ان ندحرجه صار ثقيلاً جداً. ربما من قلة ايماننا. ربما من مسيح دجال هو هجرة شعبنا الى الغرب ليرتاح. ربما من تلهي نخبنا في زواريبنا. لكن من يدري؟ ربما من كثرة قديسينا فوق وملافنتنا تسطع عجيبة ما! يا سيدنا ميخائيل الجميل صلي لنا من هناك.