| | ☚ السّـــجل النّصــــراني للفــرات الأوســــط !!! ☚ | |
| | كاتب الموضوع | رسالة |
---|
حبيب حنا حبيب عضو فعال جداً
الدولة : الجنس : عدد المساهمات : 21916 مزاجي : تاريخ التسجيل : 25/01/2010 الابراج :
| موضوع: ☚ السّـــجل النّصــــراني للفــرات الأوســــط !!! ☚ الأحد 13 يناير 2013 - 15:01 | |
| السّـــجل النّـصراني للفرات الأوسط :
الراهب عبد المسيح بن بقيلة يظهر من جديد !
جريدة المستقبل العراقي :
كاظم فنجان الحمامي :
تشعب العرب في دياناتهم قبل الإسلام , فاختاروا الديانات المسيحية واليهودية والصابئية
والوثنية , ومنهم من ظل متمسكاً بمذهب التوحيد حنيفاً مؤمنا بالله الواحد الأحد
الفرد الصمد على ملة سيدنا إبراهيم عليه السلام .
وتميزت أرض الرافدين في القرون الميلادية الأولى باحتضانها الكنائس والأديرة المسيحية
من نينوى إلى البصرة , فتركت بصماتها الأثرية شامخة فوق الأرض كشواهد
حية لحضارة { الميزوبوتاميا } , بيد أن أغلب الناس لا يعلمون أنّ مثلث الفرات الأوسط
المحصور بين الكوفة والنجف والحيرة , ضم في العصور القديمة حوالي ( 33 )
موقعا أثريا للكنائس والأديرة, التي كانت تدين بالديانة النصرانية النسطورية
على مذهب القديس ( نسطوريوس Nestorius ) المتوفى سنة ( 450) ميلادية ,
ولا يعلمون ان الراهب العربي عبد المسيح بن عمرو بن قيس بن حيان بن بقيلة ولد
في الحيرة وعاش فيها ودفن في الكوفة وكان عمره عند وفاته ( 350 ) عاماً ,
وهو من أحكم حكماء العراق في زمانه , وله مواقف وحكايات طريفة ظلت تتناقلها
المجالس الأدبية والفلسفية حتى يومنا هذا , لذا ستقتصر جولتنا هذه على زيارة
المواقع القديمة للكنائس والأديرة النصرانية في النجف والحيرة والكوفة ,
وسنتعرف من خلالها على بعض المواقف الفكرية والسياسية
للراهب الكبير عبد المسيح بن بقيلة .
كنائس الكوفة وأديرة الحيرة :
كان المسيحيون يتخذون من ظاهر الحيرة ملاذا لهم, يختلون فيه للتعبد ,
فبنوا كنائسهم ومعابدهم في بحر النجف , وثبتوا أركانها وأسوارها وجدرانها
بالآجر والمرمر والجص والقرميد والحجر , وطوقوها بالأسوار الحصينة الشاهقة ,
حتى زاد عددها على ( 33 ) كنيسة .
نذكر منها كنيسة ( عاقولا ) , وكنيسة ( هند الصغرى ) على خندق الكوفة بمحاذاة نهر
( كري سعدة ) ودير ( هند الكبرى ) قرب أطلال قصر الخورنق , ودير
( الأساقف ) ودير ( أبن مزعوق ) ودير ( الأعور ) ودير ( بيعة المزعوق )
ودير ( ابن براق ) ودير ( الأبلج ) ودير (ابن وضاح) المعروف بدير ( مار عبدا معري )
ودير ( أذرمانج ) ودير ( أبي موسى ) ودير ( بني صرينار ) ودير ( بني مرينا )
ودير ( بونا ) ودير ( الحريق ) ودير ( حنا ) ودير ( الأكيراح ) ودير ( الحرقة ) ودير
( الجرعة ) المعروف بدير ( عبد المسيح بن بقيلة ) ودير ( الجماجم ) ودير ( عبد يشوع )
ودير ( العذارى ) ودير ( اللّجـــة) ودير ( مار فانثون ) ودير ( الزرنوق ) ودير ( أم عمرو )
ودير ( سلسة ) ودير ( سرجس ) ودير ( الأسكون ) ودير ( مارة مريم ) التي يصفها أبو
الفرج الأصفهاني بهذه الأبيات :
بمارة مريم الكبرى وظل فنائها فقف بقصر أبي الخصيب المشرف الموفي على النجف فأكناف الخورنق والسدير ملاعب السلف إلى النخل المكمم والحمائم فوقه الهتف
وانتشرت الأديرة في بحر النجف , وفي منطقة ( الرهيمة ) وبين ( الحيرة ) و ( المناذرة )
وربما ستكشف لنا التنقيبات المستقبلية المزيد من المواقع الأثرية للكنائس ,
ومن بين الاكتشافات الحديثة مقبرة مسيحية في ضاحية ( أم خشم ) تبلغ مساحتها
(1416) دونم , تضم رفات العراقيين الذين افنوا أعمارهم على أديم هذه الأرض المباركة الطيبة .
أشهر الرهبان والقساوسة :
ربما كان الراهب عبد المسيح أكثرهم شهرة وأطولهم عمراً , ثم يأتي من بعده القديس
( حنا بن يشوع ) , وهو من القبيلة التي ينتمي إليها النعمان بن المنذر ملك الحيرة ,
ثم القديس ( مار يوحنا هوشاغ ) , الذي اشترك عام 410 ميلادية في الاجتماع الكنسي
بحضور الجاثليق إسحاق , يليه شمعون بن جابر , الذي لعب دوراً كبيراً في بناء الكنائس
عام 594 من الميلاد , ويتضح مما تقدم إن المناذرة كانوا على المذهب النسطوري النصراني .
وان ملك الحيرة النعمان بن المنذر بن ماء السماء كان نصرانياً
داعماً للكنيسة النسطورية في الفرات الأوسط .
كان المسيحيون المناذرة من خيرة علماء الحساب والطب والمنطق وعلوم الفلك والملاحة ,
وبرعوا كثيرا في هندسة البناء, ومنهم المعماري الكبير (سنمار), الذي شيد قصر الخورنق .
آخر الأديرة المكتشفة حديثاً :
عثرت دائرة الآثار والتراث في محافظة النجف الأشرف على دير مسيحي يعود
للراهب عبد المسيح بن بقيلة على بعد بضعة كيلومترات من الكوفة في موضع يقال له
( الجرعة) , وظهر من الفحص الموقعي ان العمر التخميني للدير هو ( 1700 ) سنة ,
وهناك من يقدر عمره الافتراضي بنحو 1450 سنة , لكن الثابت لدينا إن نصارى الحيرة
هم الذين شيدوه قبل الإسلام , ووجد المنقبون قبر الراهب الحكيم عبد المسيح في مكان ما
من الدير , وقد كتب على شاهد قبره عبارة تقول : (( رحم الله عبد المسيح ))
باللغة العربية وبالخط الكوفي .
كانت الكنيسة محصنة بسور رصين عرضه متر ونصف المتر , أقيمت حوله أبراج
عالية على قطعة مربعة لا تزيد مساحتها على ( 3600 ) متر مربع , على آعتبار أنّ
طول الضلع الواحد ( 60 ) متراً , وفيها أربع قاعات كبيرة , وردهة لإيواء الرهبان ,
وملاحق خدمية , وباحة كبيرة .
من مواقف الحكيم الراهب :
يعد الراهب عبد المسيح بن بقيلة من اكبر المعمرين سناً في عصره بإجماع معظم
المؤرخين العرب والأجانب , وقالوا انه بلغ من العمر ( 360 ) سنة ,
وهو ابن أخت سَطِيح كاهن العرب , واسم بقيلة الحقيقي ( الحارث ) أو ( ثعلبة ) ,
وإنما سمي بقيلة لأنه خرج على قومه في بردين أخضرين , فقالوا له :
ما أنت إلا بقيلة ( تصغير كلمة بقلة من البقوليات الخضراء ) فسمي هكذا ,
وذكر الكلبي وأبو مخنف وغيرهما انه عاش ثلاثمائة وخمسين سنة .
يحكى أن كسرى رأى في عالم الرؤيا إن إيوانه ارتجس , فسقطت منه أربع عشرة شرفة ,
فخمدت نارُ فارس , ولم تخمد قبل ذلك بألف سنةِ , ورأى إبلاً صِعاباً تَقودُ خيلا عِراباً ,
حتى عَبرَتْ دِجلةَ , وانتشرت في بلاد فارس , فجلس كسرى على سرير ملكه ,
ولبس تاجه , وأرسل إلى النعمان أن ابعث إلي رجلا من العرب يخبرني بما أسأله عنه ,
فبعث إليه الراهب عبد المسيح , فقال له كسرى :
هل عندك علمٌ مما أريدُ أن أسألك عنهُ ؟ , قال :
يسألني الملك , فأخبره كسرى برؤياه , فقال عبد المسيح :
علمه عند خال لي يسكن مشارف الشام , يقال له سَطِيحٌ , قال :
فـآذهب إليه , وسَـــــلهُ , فاخبرني بما يخبرك به , فخرج عبد المسيح حتى قدم على سَطِيح ,
وهو مشرفٌ على الموت, فسلم عليه, فلم يجبه سَطِيحٌ, فأنشد عبد المسيح :
أصمٌ أم يسمعُ غِطَريفُ اليمن أم فاز فَازلَمَّ به شأوٌ العَنَنْ يا فاصل الخطةِ أعيتْ منْ ومنْ إلى آخر القصيدة .
فرفع سَطِيحٌ رأسه إليه , وقال: بعثك ملك بني ساسان, لارتجاس الإيوان ,
وخمود النيران , رأى إبلا صِعابا , تقودُ خيلا عِرابا , قد قطعت دِجلةَ , وانتشرت في بلاد فارس .
ثم سكت برهة وقال : يا عبد المسيح , إذا ظهرت التلاوة ( إذا نزل القرآن ) ,
وغارت بحيرة ساوة , وفاض وادي السماوة , وخرج صاحب الهراوة , فليس الشامُ بالشام ,
يملك منهم ملوك وملكات , على عدد الشرفات, وكل ما هو آتٍ آت . ثم مات سَطِيح ,
فقام عبد المسيح من موضعه , وهو يردد هذه الأبيات :
شَمِّرْ فإنك ماضِي الدهرِ شِمِّيرُ لا يُفزعنكَ تشريدٌ وتغريرُ فرُبما كان قد أضحوا بمنزِلَةٍ يَهابُ صولَهُمُ الأسدُ المَهَاصيرُ إلى آخر القصيدة الطويلة
التحاور مع راهب العرب المستنبطة :
ويحكى أن خالد بن الوليد لما نزل بظاهر الحيرة , وتحصن منه أهلها, أرسل إليهم :
ابعثوا إلي رجلا من عقلائكم , فبعثوا إليه بعبد المسيح , فأقبل يمشي حتى دنا من خالد .
فقال عبد المسيح : أنعم صباحاً أيها الملك .
قال خالد بن الوليد: قد أغنانا الله عن تحيّـتك , فمن أين أقصى أثرك أيها الشيخ ؟
.قال عبد المسيح : من ظهر أبي .
قال خالد : فمن أين خرجـتَ ؟ .
عبد المسيح : من بطن أمي .
خالد : فعلام أنـتَ ؟ .
عبد المسيح : على الأرض .
خالد : ففيم أنــتَ ؟ .
عبد المسيح : في ثيابي .
خالد : أتعقل أنـتَ ؟ .
عبد المسيح : أي والله وأقيد .
خالد : ابن كم أنـتَ ؟ .
عبد المسيح : ابن رجل واحد .
خالد : ما رأيـتُ كاليوم قـطّ !! , أسألك في شيء وتنحو في غيره ؟
عبد المسيح : ما أجبتـكَ إلاّ عمّـــــا سألتَ , فاسأل عمّــــا بدا لـكَ .
خالد : أعرب أنتُــمْ أم نبط ؟
عبد المسيح : عرب إستنبطنا , ونبط إستعربنا .
خالد : فحرب أنتُــمْ أم ســـلمْ ؟
عبد المسيح : بل ســلمْ .
خالد : فما هذي الحصون ؟
عبد المسيح : بنيناها للسّــفيه ! نحذر منه حتّى يجيء الحليم فينهاهُ .
خالد : كم أتى لـكَ ؟
عبد المسيح : خمس وثلاثمائة سنة .
خالد : فما أدركـتَ ؟
عبد المسيح : أدركـتُ سفن الهند والصين تمخر في هذا البحر ( وأشار إلى بحر النّـجف ) ,
ورأيت المرأة تخرج من الحيرة وتضع مكتلها على رأسها لا تزود إلا رغيفاً حتى تأتي الشام ,
ثم قد أصبحت خراباً يباباً, وذلك دأب الله في العباد والبلاد .
ومكث عبد المسيح في ذلك الدير بعدما تصالح مع المسلمين حتى مات ,
فتعرض الدير للخراب بفعل تقادم الظروف والأيام , فظهر فيه أزج معقود من حجارة ,
فظنوه كنزاً , فإذا فيه سرير رخام عليه رجل ميّــت , وعند رأسه لوح مكتوب فيه : (( أنا عبد المسيح بن عمرو بن بقيلة )) :
حلبت الدهر أشطره حياتي ونلت من المنى فوق المزيد فكافحت الأمور وكافحتني فلم اخضع لمعضلة كؤود وكدت أنال في الشرف الثريا .
ولكن لا سبيل إلى الخلود لقد كان بن بقيلة شريفا في الجاهلية , ومن أعيان المناذرة ,
كثير التفاخر والتباهي بعلومه وحكمته , قال :
لقد بنيت للحدثان بيتاً لو أن المرء تنفعه الحصون رفيع الرأس أحوى مشمخراً
لأنواع الرياح به حنين ختاما يحق لنا أن نعتز ونفتخر بتاريخنا الزاخر بهذه الدرر
والإنجازات الحضارية الباهرة ! , التي سطرها أجدادنا العظام في القرون القديمة ,
ولا بد أن نقف وقفة إجلال واحترام أمام تفوقهم على الأقوام والشعوب الأخرى في العلوم
والفنون والآداب , بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية والمذهبية .
ينبغي أن لا نبخس حقوق أشقائنا المسيحيين ودورهم التاريخي المشرف في
صناعة هذا المجد الشامخ فوق أرض الميزوبوتاميا المقدسة ,
وينبغي أن لا يذهب هذا الإرث النفيس في مهب الريح , وأن لا نسمح لذوي
النفوس الضعيفة بطمس هذه المواقع الأثرية التي تمثل
إحدى الصور المشرقة لمهد الحضارات .
عربٌ استنبطنا : عربٌ يتكلمون اللغة الآرامية . نبط استعربنا : آراميون وسريانيون يتكلّمون العربيّـــة .
* مـن طرف الأخ شماشا ( فريد يوسف ) *
| |
| | | | ☚ السّـــجل النّصــــراني للفــرات الأوســــط !!! ☚ | |
|
| صلاحيات هذا المنتدى: | لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
| |
| |
| |