وثائقالبطريرك طوال "علينا أن ننتخب الذين نراهم الأفضل أمام ضمائرنا وأمام الله" رسالة غبطة البطريرك فؤاد الطوال، بطريرك القدس للاتين الى أبناء الابرشية في الاردن بمناسبة الانتخابات النيابية 2013الأردن, 14 يناير 2013 (زينيت) - أيها الأبناء الاحباء ، نحن على ابواب الانتخابات النيابية للمجلس التشريعي النيابي السابع عشر في مملكتنا الأردنية الهاشمية. ويسرّنا بدايةً أن نوجّه الشكر الى جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم الذي يهيب بالمواطن الأردني الى ممارسة حقّه الدستوري في المشاركة في الانتخابات النيابية. وكلّنا فخرٌ بما قاله جلالته في استقبال قداسة البابا بندكتس السادس عشر ، في أيار 2009 : "إن أبناء شعبنا، مسلمين ومسيحيين، هم مواطنون متساوون أمام القانون، يشاركون جميعاً في بناء مستقبل بلدهم".
إن الانتخابات النيابية فرصة ذهبية يستطيع فيها المواطن الاردني أن يمارس حقه وواجبه في هذا الوطن الحبيب الذي يعيش فينا، إذ أنه بعد عبادة الله الواحد، يبقى الاردن أولا، وتبقى مصلحة الوطن هي الأساس، وفوق كل مصلحة فردية أو مأرب فئوي .
طلب السيد المسيح من أتباعه أن يكونوا في العالم، لا خارجًا عنه، وطلب منهم أن يكونوا فيه ملحًا ونورًا وخميرة. وتشكّل هذه الآيات وغيرُها أساسًا لاشتراك كل مواطن أردني في تشييد وطنه وفي بناء مستقبله. فلا تناقض بين العبادة لله والانتماء للوطن.
وفي الانتخابات النيابية، علينا أن ننتخب الذين نراهم الأفضل أمام ضمائرنا وأمام الله، لكي يكون البرلمان القادم قادرًا على تحمل مسؤولياته، لاسيما والمنطقة تعيش متغيّرات جذرية. وعلى الناخبين أن يحكموا ضمائرهم لانتخاب الأجدر والأكثر كفاءة. كما على أخوتنا المرشَّحين المسييحيين أن يعلموا أنّهم يرشّحون أنفسهم ليخدموا الصالح العام وليخدموا إخوتهم قبل أن يخدموا أنفسهم. من هنا عليهم أن يعملوا بروح الانتماء والمسؤولية والمحبة التي يوصي بها السيد المسيح أتباعه والتي هي دستور حياة المسيحي في كلّ زمان ومكان . كما ينبغي تجنّب كلَّ ما من شأنه أن يعيق الانتخابات النزيهة أو يعيق انتخاب المرشحين الاكفاء القادرين على تقديم الخدمة السليمة لمجتمعهم ووطنهم . وما السلطة في الديانة المسيحية الا خدمة، والمسيرة الديمراطية التي خطاها الاردن، بحاجة الى كلّ الكفاءات لتعمل بتناغم وانسجام.
"وأما الكنيسة، فهي أمّ الجميع وكذلك الكهنة الرعاة فهم رعاة للجميع. ولهذا لا يجوز لهم أن يفرّقوا بين الأبناء في إرشادهم في هذا المجال. واجبهم يحتّم عليهم أن يتبنّوا الرؤية المسيحية للخدمة العامة والعمل السياسي. ويجب أن يبقوا هم بصورة خاصّة، رسل الكنيسة وعوامل وحدة بين المؤمنين وباقي المواطنين. وليمارسوا حقهم الإنتخابي وليتصرّفوا هم أيضًا في إدلاء صوتهم بموجب ما يمليه عليهم الضمير والواجب" (من رسالة البطريرك ميشيل صبّاح بمناسبة الإنتخابات البرلمانية عام 1993).
جاء في وثيقة العمل الاساسية لسينودس الكنيسة الكاثوليكية في الشرق الاوسط الذي عُقد في الفترة ما بين العاشر والرابع والعشرين من تشرين الاول لعام 2010: " للمسيحي إسهام نوعيّ لا غنى عنه في المجتمع الذي يعيش فيه، ليثريه بقيم الانجيل، فهو شاهد للمسيح وللقيم الجديدة التي حملها للبشرية. ولذلك ينبغي على التعليم المسيحي أن يكوّن، في الآن نفسه، مؤمنين ومواطنين، فعّالين في مختلف مجالات المجتمع؛ فالإلتزام السياسي الخالي من القيم الانجيلية شهادةٌ مضادة، ويسبب ضررًا أكثر ما يعمل خيرًا . وفي العديد من النقاط، تتلاقى هذه القيم مع قيم المؤمنين المسلمين، وبالأخص فيما يتعلق بحقوق الانسان، ممّا يثير الاهتمام بالعمل على تنميتها" ( وثيقة العمل الاساسية ، رقم 111).
وإذ نرفع الى الرب ، محب البشر، حارّ الدعاء من "أجل مليكنا المعظم، وكل ذي سلطة كي نقضي حياة وادعة مطمئنة، بكل تقوى وكرامة " ( تيموتاوس الاولى ، 2:1) ، فإننا نشكر الله تعالى على نعمة الأمن والاستقرار التي ترفل بهما مملكتنا العزيزة، كما نحث المواطنين على المشاركة في الانتخابات المقبلة وأخذها بكل جدية وروح انتماء صادق .
نسال الله أن يديم علينا نعمة الأمن، بقيادة العائلة الهاشمية الكريمة ، وبمساهمة شعبنا المميزة.
بارككم الرب وحفظكم جميعا .
عمان في 10/1/2013
+ البطريرك فؤاد طوال.
لقاءات الباباقداسة البابا يستقبل قادة وعناصر قسم التفتيش التابع لجهاز الأمن العام الإيطالي لدى دولة حاضرة الفاتيكان لتبادل التهاني لمناسبة حلول العام الجديد الفاتيكان, 14 يناير 2013 (إذاعة الفاتيكان) - استقبل قداسة البابا بندكتس السادس عشر ظهر اليوم الاثنين في قاعة كليمنتينا بالقصر الرسولي بالفاتيكان قادة وعناصر قسم التفتيش التابع لجهاز الأمن العام الإيطالي لدى دولة حاضرة الفاتيكان، كما جرت العادة في مطلع كل عام لتبادل التهاني بحلول السنة الجديدة. وجه الحبر الأعظم لضيوفه كلمة استهلها مرحبا بهم ومعربا عن سروره الكبير لاستضافتهم في الفاتيكان وخص بالذكر السيد إنريكو أفولا، الذي عُين مؤخرا قائدا عاما لهذا الجهاز الأمني. هذا ثم أعرب البابا عن عرفان الجميل وشكره على الخدمة التي يقدمها هذا الجهاز لدولة حاضرة الفاتيكان، خصوصا في ساحة القديس بطرس والشوارع المجاورة للفاتيكان بهدف ضمان الأمن العام. وقال إنه يفكر بالعمل الذي يقوم به هؤلاء الرجال والنساء خلال تجمعات المؤمنين والحجاج، الذين يتوجهون من أنحاء العالم كافة للقاء خليفة بطرس وزيارة ضريح أمير الرسل، والصلاة على أضرحة سلفائه المكرمين، لاسيما البابا الراحل يوحنا بولس الثاني. وأكد البابا أن هذه الخدمة تشمل أيضا الزيارات التي يقوم بها الحبر الأعظم إلى مختلف الرعايا الرومانية والزيارات الرعوية الأخرى داخل الأراضي الإيطالية، لافتا إلى أن هذه الخدمة تسلط الضوء على العلاقات الجيدة القائمة بين الدولة الإيطالية والكرسي الرسولي. بعدها قال البابا إنه يتمنى من صميم القلب أن يكون هذا الجهد والتعب، اللذين يتطلبان التضحية ومواجهة المخاطر، مرفقين بإيمان مسيحي صلب الذي هو أثمن كنز وقيمة روحية. واعتبر قداسته أن سنة الإيمان التي تعيشها الكنيسة حاليا، تشكل فرصة ملائمة للعودة إلى رسالة الإنجيل وجعله يدخل إلى الضمائر والحياة اليومية، من خلال الشهادة بشجاعة لمحبة الله في مختلف البيئات، حتى في بيئة العمل. بعدها عرّج الحبر الأعظم في كلمته على رسالته لمناسبة اليوم العالمي للسلام 2013 ولفت إلى أنه سلط الضوء في هذه الوثيقة على أن أعمال السلام المتعددة تشهد على الدعوة الإنسانية الفطرية للسلام، وأكد أيضا أن الرغبة في السلام هي تطلع أساسي من أجل حياة بشرية كاملة وسعيدة. ثم أمل أن يكون حضور رجال الأمن ضمانة للهدوء والطمأنينة اللذين هما ركيزتان أساسيتان من أجل بناء حياة اجتماعية مسالمة ورصينة، وهذا ما تعلمنا إياه رسالة الإنجيل ويشكل علامة لحضارة أصيلة. في الختام أوكل بندكتس السادس عشر جميع ضيوفه إلى حماية العذراء مريم الوالدية ومنح الكل بركاته الرسولية. أمير وأميرة موناكو بزيارة للحبر الأعظم نقاش حول مواضيع بيئية واجتماعيةالفاتيكان, 14 يناير 2013 (زينيت) - زار أمراء موناكو الفاتيكان يوم السبت الماضي، هذا ما ورد في بيان للكرسي الرسولي بعد الزيارة. وهو يتعلّق بعدّة مواضيع: الكنيسة، الحياة الإجتماعيّة، الوضع الدوليّ، التطوّر والبيئة. ورد في البيان ما يلي: "إلتقى الحبر الأعظم أمير موناكو ألبير الثاني وزوجته الأميرة شارلين. وبعدها التقى الأمير بالكاردينال تارشيزيو بيرتوني، أمين سرّ دولة حاضرة الفاتيكان، والمونسينيور دومينيك مامبيرتي، أمين سر العلاقات مع الدول. إلى جانب المساهمة التي تقدّمها الكنيسة الكاثوليكيّة للحياة الإجتماعيّة في الأمارة، كانت لقاءات المودّة هذه مناسبة لمناقشة بعض المواقف الدوليّة المتعلقة بالتطوّر المتناغم للشعوب ولحماية البيئة والموارد الطبيعيّة".
التبشير الملائكيلِمَ تقدم يسوع وهو البريء من الخطيئة، لينال معموديته على يد يوحنا؟ كلمة قداسة البابا بندكتس السادس عشر قبيل تلاوة صلاة التبشير الملائكي نهار الأحد 13 يناير 2013الفاتيكان, 14 يناير 2013 (زينيت) - ننشر في ما يلي الكلمة التي تلاها قداسة البابا بندكتس السادس عشر قبيل صلاة التبشير الملائكي في ساحة القديس بطرس أمس الأحد 13 يناير 2013. * * *
أيها الإخوة والأخوات الأعزاء،
يمثل هذا الأحد بعد عيد الدنح نهاية زمن الميلاد الليتورجي: زمن النور، نور المسيح الذي، وكشمس جديدة يظهر في أفق البشرية، ويمزق ظلمات الشر والجهل. نحتفل اليوم بمعمودية يسوع : هذا الطفل ابن العذراء، الذي تأملناه في سر ميلاده، نراه اليوم كبيرا مغمورًا بمياه نهر الأردن، مقدسا بذلك مياه الكون كله- وهذا ما تقوم به التقاليد الشرقية. ولكن لِمَ تقدم يسوع وهو البريء من الخطيئة، لينال معموديته على يد يوحنا؟ ولِمَ أراد أن يتمم رمز التوبة والارتداد، مع كل الأشخاص الذين أرادوا أن يتحضروا لمجيء المسيح؟ هذا الرمز الذي يشير الى بدء الحياة العامة للمسيح - هو أسوة بالتجسد – تعبير عن نزول الله من علياء سمائه الى هوة الجحيم. يلخص معنى هذا التواضع الإلهي بكلمة واحدة: المحبة، التي هي أيضًا اسم الله. يقول يوحنا الرسول: "بهذا أظهرت محبة الله فينا: أن الله ارسل ابنه الوحيد الى العالم لكي نحيا به"، وأرسله "كفارة عن خطايانا" (1 يو 4، 9-10). لهذا السبب فإن أول فعل علني قام به يسوع كان نيل المعمودية على يد يوحنا، الذي قال حين رآه: "هذا هو حمل الله الذي يزيل خطايا العالم." (يو 1، 29).
يخبر لوقا الإنجيلي أنه حين كان يسوع يصلي، بعد أن نال المعمودية، "انفتحت السماء. وَنَزَلَ عَلَيْهِ الرُّوحُ الْقُدُسُ بِهَيْئَةٍ جِسْمِيَّةٍ مِثْلِ حَمَامَةٍ. وَكَانَ صَوْتٌ مِنَ السَّمَاءِ قَائِلاً: "أَنْتَ ابْنِي الْحَبِيبُ، بِكَ سُرِرْتُ." (3، 21-22).
إن يسوع هو ابن الله الهائم كليًّا في محبة إرادة الآب. فيسوع هو الذي سيموت على الصليب ويقوم بقوة الروح الذي نزل عليه اليوم وقدسه. يسوع هذا هو الإنسان الجديد الذي يريد أن يحيا كابن لله أي في المحبة؛ الإنسان الذي في مواجهة شر العالم يختار طريق التواضع والمسؤولية، لا يختار أن ينجي نفسه بل أن يبذل حياته من أجل الحقيقة والعدالة. أن يكون المرء مسيحيًّا يعني أن يحيا بهذه الطريقة، ولكن نوع الحياة هذا يتطلب ولادة جديدة: أن يولد من عَلُ، من الله، من النعمة. هذه الولادة هي المعمودية، التي أعطاها المسيح للكنيسة ليجدد البشر ليحيوا حياة جديدة. وهذا ما يؤكده نص قديم ينسب للقديس هيبوليتس: "الذي ينزل بإيمان في غسل التجديد هذا، يكفر بالشيطان، ويقف مع المسيح، ينكر العدو ويعترف بأن المسيح هو الله، يخلع العبودية ويلبس البنوة" (Discours sur l’Epiphanie, 10: PG 10, 862).
فرحت هذا الصباح، لأني وبحسب التقاليد، احتفلت بمعمودية مجموعة من الأطفال الذين ولدوا منذ أربعة أو ثلاثة أشهر. أود في هذه المناسبة أن أصلي وأعطي بركتي لحديثي الولادة جميعًا؛ ولكن بشكل خاص علينا نحن أيضًا أن نتذكر معموديتنا، هذه الولادة الروحية التي فتحت لنا طريق الحياة الأبدية. ليستطع كل مسيحي في سنة الإيمان هذه، أن يكتشف من جديد جمال أن يولد من عَلُ، من محبة الله، ويعيش كابن لله.
* * *
نقلته الى العربية نانسي لحود- وكالة زينيت العالمية
جميع الحقوق محفوظة لدار النشر الفاتيكانية
أديانالحريّة الدينيّة والعلمنة (1) بحسب الكاردينال أنجيلو سكولا، رئيس أساقفة ميلانو - إيطاليا ورئيس مؤسّسة الواحة الدوليّة الخاصة بالحوار بين المسلمين والمسيحيين في العالم أجمعميلانو, 14 يناير 2013 (زينيت) - إنّ التحدّث اليوم عن الحريّة الدينيّة يعني مواجهة حالة طارئة تتّخذ طابعًا عالميًّا على نحو متزايد. فوفقًا للدراسة الدقيقة التي قام بها برايان ج. غريم وروجر فينك[1]، كانت هناك في الفترة الواقعة بين عامي 2000 و2007 123 دولة جرى فيها شكل من أشكال الاضطهاد الدينيّ، وهذا العدد يتزايد للأسف باستمرار.
إنّ هذه المعطيات، التي تشكِّل تعبيرًا مقلقًا عن حالة سيّئة وخطيرة للحضارة، تدفع إلى تكثيف التعمّق في الموضوع من دون إهمال المناقشات، المتأجّجة أحيانًا وغير الخامدة أبدًا، حول طبيعة إعلان “كرامة الإنسان” وتفسيره الصحيح وضرورة اعتماده.
بادئ ذي بدء، إنّ موضوع “الحريّة الدينية”، الذي يثير للوهلة الأولى إجماعًا واسعًا جدًّا حوله، له منذ القدم محتوى غير بديهيّ البتّة. فهو يقع في عقدة معقّدة بعض الشيء، تتشابك فيها ثلاث مشاكل خطيرة على الأقلّ: أ) العلاقة ما بين الحقيقة الموضوعيّة وضمير الفرد، ب) التنسيق ما بين الجماعات الدينيّة وسلطة الدولة، ج)، من وجهة النظر اللاهوتيّة المسيحيّة، مسألة تفسير شموليّة الخلاص في المسيح أمام تعدّد الأديان ورؤى العالم (رؤى أخلاقيّة “جوهريّة”).
ثانيًا، بجانب هذه المشاكل الكلاسيكيّة إذا جاز التعبير، في تفسير الحريّة الدينيّة، ينبغي أن نضيف اليومَ قضايا جديدة ليست أقلّ حسمًا.
أشير إلى ثلاثة منها. الأولى هي مشكلة العلاقة ما بين البحث الدينيّ الشخصيّ والتعبير الجماعيّ عنه. فغالبًا ما يُطرح السؤال التالي: إلى أيِّ مدى يمكن أن تختصر الحريّة الدينيّة على التعبير الفرديّ فحسب؟ من ناحية أخرى، يجب أن نتساءل تحت أيِّ شروط يمكن لِـ “مجموعة دينيّة” ما أن تطالب باعتراف عامّ في مجتمع تعدّديّ من الأديان والثقافات. نحن أمام المسألة الحسّاسة المتعلّقة بسلطة المؤسّسات العامّة القائمة شرعيًّا على التمييز بين ما هو دينٌ أصيل وبين ما ليس بذلك. تؤكِّد الوقائع بالتالي أنّ التمييز بين السلطة السياسيّة والأديان ليست بالبديهيّة كما قد يبدو للوهلة الأولى.
تَبرز بخصائص مماثلةٍ مشكلةُ التمييز بين الأديان و “البدع”: هذا موضوعٌ قديمٌ قدمَ المفهوم الرومانيّ للديانة المسموح بها religio licita ، لكنّه اكتسب في الآونة الأخيرة مظهرًا أكثر حدّة لعدّة أسباب: التفكّك وتكاثر “الجماعات” داخل العالم المسيحيّ؛ الموقف اللاأدريّ لغالبيّة التشريعات أمام الظواهر الدينيّة.
وأخيرًا، من المهمّ أن نلاحظ أنّ أحد المواضيع الأكثر إثارةً للجدل اليوم في إطار النقاش حول الحريّة الدينيّة هو ارتباطه بحريّة التحوّل إلى ديانة أخرى.
لكلّ هذه الأسباب، يبدو التأمّل بالحريّة الدينيّة وممارستها الآن أكثر صعوبة بكثير ممّا كنّا نتوقّع، بل سيّما بعد الإعلان المجمعيّ الصادر عن المجمع المسكوني الفاتيكان الثاني قبل خمسين عاما والمتعلق بالحرية الدينية. [1] The Price of Freedom Denied. Religious Persecution and Conflict in the Twenty-first Century, Cambridge University Press, New York 2011.
(يتبع)
عظات"ها هو حمل الله الذي يرفع خطيئة العالم" (يو1: 22) عظة البطريرك الكردينال مار بشاره بطرس الراعي - بكركي، الأحد 13 كانون الثاني 2013بكركي, 14 يناير 2013 (زينيت) - 1. في هذا الأحد الأوّل بعد عيد الغطاس أو الدنح، تتأمّلُ الكنيسة في شهادة يوحنا المعمدان عن يسوع المسيح، الذي بالأمس اعتمد على يده، فكان الظهورُ الإلهيّ – وهذا هو معنى لفظة دِنْح السريانية – يومها نزل الروحُ القدس واستقرَّ فوق رأس يسوع، وجاء صوتٌ من السماء يُعلن أنَّ يسوعَ هو ابنُ الله. هذا الروحُ إيّاه شملَ أيضاً يوحنا المعمدان، فإذا به في اليوم التالي، يتنبّأُ أنَّ يسوعَ "هو حملُ الله الذي يرفع خطيئة العالم"(يو1: 22). 2. يسعدني أن أرحّبَ بكم جميعاً، وقد أتيتم لكي نُجدّدَ معاً إيماننا بيسوع المسيح ابنِ الله الذي صار إنساناً، وكشف لنا قيمةَ الإنسانِ وكرامتَه، وافتدى البشريةَ جمعاءَ من الهلاك؛ حاملاً خطايا كلِّ إنسان، ومائتًا على الصليب. فجرى منه على العالم غفرانُ الخطايا للتائبين، وانتشرتْ ثقافةُ الغفران والمصالحة، التي تنادي بها الكنيسةُ وتمارسُها. فلنرفع أنظارَنا وقلوبَنا إلى صليب المسيح، وليتذكّرْ كلُّ واحدٍ منّا أنَّ في ذبيحةِ القداس تستمرُّ وتتواصل ذبيحةَ فدائه بشكلٍ أسراريّ، وأنّ يسوعَ يحملُ خطيئةَ كلِّ واحدٍ منّا حقيقةً وواقعاً ويفتدينا، مُقدِّماً لنا الحياةَ الجديدة. فلنتقدّمْ إلى مذبح الغفران ووليمةِ الحياةِ الإلهية، من أجل حياةٍ أفضل فينا وفي العالم.
تُخصّصُ الكنيسةُ هذا الأحد "يوماً عالميّاً للمهاجر واللاجئ". فوجّه قداسةُ البابا بندكتوس السادس عشر للمناسبة رسالةً كالمعتاد، موضوعُها: "الهجرات: مسيرةُ حجٍّ بالإيمان والرجاء".
وإنّنا نُصلّي في قداسنا اليوم مع غبطةِ البطريرك يوحنّا العاشر، بطريرك انطاكيه وسائر المشرق لكنيسة الروم الارثوذكس الشقيقة، الذي يرئسقداسَ الأربعين لراحةِ نفس المثلّث الرحمة البطريرك اغناطيوس الرابع هزيم. فنجدّدُ لغبطة البطريرك يوحنّا العاشر وللكنيسة تعازيَ الرجاء، سائلين لراعيها الراحلِ ثوابَ الرّعاة المخلصين، ولراعيها الجديد التأييدَ الإلهي في خدمته الرسولية الشاملة.
3. شهادةُ يوحنا المعمدان أنّ يسوعَ هو "حمل الله الذي يرفع خطيئة العالم"(يو1: 29) تتميّزُ بأنّها نبويّة تفسيريّة لما حدث بالأمس عندما تقدّمَ يسوعُ ليعتمدَ من يوحنا، فاعترض هذا الأخير معتبراً أنّه هو الذي يحتاجُ لأن يعتمدَ من يسوع، لكنَّ يسوع أجاب: "يحسن بنا أن نتمَّ كلَّ برّ(متى 3: 15). هذا البرُّ ظهرَ عندما مشى يسوعُ مع الخطأة، وأعلنه الصوتُ من السّماء أنّه ابنُ الله الوحيد، فإذا به فادي البشر أجمعين الذي يحملُ خطايا العالم، ويُصلَب فداءً عنهم، من دون أن يرتكبَ أيّةَ خطيئة شخصيّة.
هكذا تنبأ عنه أشعيا قبل 700 سنة أنّه خادمُ الله المتألّم الذي "حملَ آلامنا واحتمل أوجاعنا...طُعن بسبب معاصينا وسُحق بسبب آثامنا. نزل به العقاب من أجل سلامنا وبجرحه شُفينا...كحملٍ سيق إلى الذبح ... ولم يفتح فاه"(أشعيا 53: 4 و 5 و7).
4. هذه الشهادة تدعونا لنعيشَ حياةً مسيحية، في العائلة والمجتمع والدولة، تليق بثمن فدائنا، على ما كتب بطرس الرسول: "تعلمون أنّكم لم تُفتدوا بالفاني من الفضّةِ والذهب من سيرتِكم الباطلة، بل بدمٍ كريم، دمِ الحملِ الذي لا عيبَ فيهِ ولا دنس، دمِ المسيح(1 بطرس1: 19). بهذا أظهر المسيحُ الإنسانَ لذاته، وكشف سموَّ دعوته. فهو مُزيَّنٌ بنفْسٍ روحيّة وعقلٍ وإرادة، لكي يواصلَ كمالَه في البحث عن وجهِ الله، وفي عيشِ المحبّةِ والحقيقةِ والخير، سعيًا إلى السعادةِ الأبديّة، التي من أجلها خلقَهُ الله. والحريّةُ الحقيقيّة التي ينعم بها هي علامةُ الصورةِ الإلهيّة التي فيه. بفضل هذه الحريّة الداخليّة يستطيعُ اتّباعَ الشريعةِ الأخلاقيّة التي تُوَجّه ضميرَه وتستحثُّه ليعملَ الخيرَ ويتجنّبَ الشرّ. وعليه أن يُدركَ أنّه بمخالفتِه لهذه الشريعة، إنّما يُسيءُ استعمالَ حرّيتِه بسبب الخطيئةِ التي تجرحُ طبيعتَه وتميلُ بها إلى الشر(كتاب التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية، 1710-1714).
5. العالمُ بحاجةٍ إلى أشخاصٍ أحرار، ولاسيّما على مستوى المسؤولين السياسيّين والعاملين في القطاع العام، لكي ينكبّوا على العمل السياسيّ وممارسةِ الوظيفة العامّة بروح التجرّدِ من المصالح الشخصيّة والفئويّة، ومن المكاسب المادّيّة، ومن الفساد والرّشوة وسرقة المال العام. نحتاجُ إلى مسؤولين أحرار من ذواتهم ومن غيرهم، وبالتالي قادرين على اتّخاذ مواقف وقرارات جريئة وشجاعة بوجه التسلّط والهيمنة والظلم والاستقواء، ويبذلوا كل جهد في سبيل الخير العام بصدقٍ وعدلٍ وإنصاف.
وفي هذه الأيام، حيث الحديثُ والسعيُ إلى وضعِ قانونٍ جديدٍ للإنتخابات، يتجاوز قانونَ الستّين، لا بدّ لكلّ فريق من مُكوّنات المجتمع اللبناني، أن يتحرّرَ من حساباته الشخصيّة والفئويّة، ومن الهيمنةِ على غيره وعلى مواقع القرار الوطني. فالقاعدة هي التي يرسمها الدستور اللبناني في مقدّمته وفي المادّة 24 على مستوى المجلس النيابي أي العيش المشترك بالتساوي بين المسيحيين والمسلمين ونسبيًّا بين الطوائف والمناطق، والإقرار بلا شرعية لأيّة سلطة تناقض ميثاق العيش المشترك. المطلوب هو وجوبُ "التوصّلِ إلى قانون إنتخاب يؤمّنُ أفضلَ تمثيلٍ وعدالة وسلامة لكلّ الطوائف اللبنانيّة"، بحيث يُتاحُ لكلِّ مواطن لبناني أن يُمارس حقَّه في انتخابِ مَن سينوب عنه بحريّة ومسؤوليّة، ويشعر بأنّه يستطيع مساءلة ومحاسبة مَن ينتخبُه. فلا يُفرَض عليه فرضًا. كلّ ذلك من أجل أن يتمكّن لبنان، بجناحَيه المسيحي والمسلم، أن يكونَ بالفعل "نموذجًا ورسالة" لغيره من البلدان، فينعكسَ إيجابيًّا على بلدان الشرق الأوسط التي تبحث عن هويّتها وتصبو إلى إصلاحاتٍ في بُنيَتها، آسفين أن يلجأَ بعضُها إلى العنفِ والحرب والترهيب.
نقرأ في الإرشاد الرسولي: رجاء جديد للبنان: "إنَّ ازدهارَ العيشِ المسيحي – الإسلامي الواحد في لبنان، يُعطي نكهةً مميِّزةً لمجتمعاتِنا الشرق أوسطيّة، ويساعدُ على تحقيق الخطوة ذاتِها في هذه المجتمعات، ببناء مستقبلِ عيشٍ مشتركٍ وتعاون، يهدف إلى تطويرِ شعوبِها تطويرًا إنسانيًّا وأخلاقيًّا. وبهذا يُزهر لبنانُ من جديد. ويلبّي دعوتَه بأن يكون نورًا لشعوب المنطقة، وعلامةً للسلامِ الآتي من الله"(الفقرتان 93و125).
6. في رسالته بمناسبة اليوم العالمي للمهاجر واللاجئ، الذي تحتفلُ به الكنيسةُ في هذا الأحد، يؤكّدُ قداسةُ البابا بندكتوس السادس عشر، في خطِّ تعليم المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني والأحبارِ الرومانيّين سلفائه أنّ "الكنيسةَ تسير مع البشريّة جمعاء، تشاركُ جميعَ الناس في أفراحهم وآمالهم، حزنِهم وقلقهم، وبخاصّة الفقراء منهم والمتألّمين. وتجعلُ من كلِّ شخصٍ بشريّ طريقَها الأوّل حيث تمارسُ رسالتَها في الشهادة لمحبّة المسيح الذي خطّ هو أوّلاً هذا الطريقَ الهادفَ إلى إنماء الشخص البشري إنماءً أنسانيًّا شاملاً". وبالحديث عن موجات الهجرة، قال إنّها "ظاهرةٌ تضعُ الجماعاتِ الوطنيّة والجماعةَ الدوليّة أمام تحدّياتٍ مأساويّة بسببِ تنامي عدد المهاجرين واللاجيئين والنازحين، تنشأُ عن المعضلات والمشاكل الاجتماعيّة والاقتصاديّة والسياسيّة والثقافيّة والدينيّة والأمنيّة. وفي كلّ ذلك يبقى هؤلاء الأشخاص أصحابَ حقوقٍ أساسيّة غيرِ قابلة للإنتهاك، وتستوجبُ احترامَها من قِبَل الجميع وفي كلّ مناسبة.
7. بهذه الروح نحن في لبنان، فتحنا أبوابَنا واسعةً، تِباعًا للاّجئين الفلسطينيّين وللأسيويّين والأفريقيّين وللأخوة العراقيّين واليوم للأخوة السوريّين. وقَبِلنا التحديّات، ودفعنا الثمنَ الغالي. لكنّنا نريد أن تعملَ مثلَنا البلدانُ الأخرى، فلا تُقفل أبوابَها بوجهِ النازحينَ الهاربين من نار الحرب، المُشرَّدين من بيوتهم، والمحرومين من أدنى مقوّمات العيش، ولاسيما الأبرياء وبخاصّةٍ النساء والأولاد والأطفال. ولكن من واجبِ الدولة اللبنانيّة إتّخاذَ التدابير الوقائيّة اللازمة لكي لا تصبحَ استضافةُ النازحين واللاجئين عبوةً مؤقّتة أمنيًّا وسياسيًّا واجتماعيًّا واقتصاديًّا. أما الواجبُ الضميري الأساس فيقعُ على كلّ الذين يُغذّون الحرب في سوريّا، من الداخل ومن الخارج، ويستصرخهم ليضعوا حدًّا لها وللتعدّي على الاشخاص، ويجدوا الحلول السلميّة العادلة والشاملة لنزاعهم.
8. الكنيسة من جهتِها ملتزمة في خدمة هؤلاء جميعًا، الى أيّ دين انتموا، عبر مؤسّساتها الاجتماعيّة، ولاسيّما عبرَ جهازها الاجتماعي – الراعوي الذي هو رابطة كاريتاس لبنان. إنّها تصبُّ اهتمامَها على مساعدة الأخوة النازحين من سوريّا منذ شهر نيسان من العام الماضي عاملةً بعون الله والخيّرين وبالتعاون مع أجهزة الدولة والمؤسّساتِ الاجتماعيّة على تعزيزِ هذه المساعدة. وقد شملت عشراتِ الألوف من العائلات النازحة من سوريّا في أماكن تواجدها ولاسيّما في البقاع والشمال، مُوفِّرةً لأفرادها الموادَ الغذائيّة والألبسة والأغطية الشتويّة والفرش وموادَ التنظيف الشخصي والمنزلي والأدوية والمعاينات الطبيّة والتعليم للأولاد.
ونظرًا لازديادِ عدد النازحين للاسف وتكاثرِ الحاجات الرئيسة ولاسيّما في فصل الشتاء الشديد الوطأة إلى أدوية واستشفاء، تدعو رابطة كاريتاس لبنان إلى يومٍ تضامني مع النازحين السوريّين يُقامُ في الأحد 27 من الشهر الجاري، بحيثُ تباشرُ الرعايا والأديرة والمدارس والمؤسسات الكنسية والمدنية في جمعِ التبرّعاتِ والهباتِ الماليّة والعينيّة، وفقًا للتعليمات التي ستعمِّمُها كاريتاس – لبنان. والجميعُ مدعوّون للصلاة من أجل إحلال السلام في سوريّا والمنطقة.
9. ربُّنا يسوع المسيح فادي الإنسان، "حملُ الله الذي يرفع خطيئة العالم" يسيرُ إلى جانب كلِّ إنسان، ولاسيّما اللاجئ والمتألّم، ويدعوه إلى الإيمان والرجاء بحضوره، وإلى لقائه ورؤية وجهِه في مبادراتِ المحبّة والجودة والتضامن. فليكنْ كلُّ واحدٍ منّا نجمةَ محبّةٍ ورجاء، تعكسُ وجهَ يسوع، الشمسَ الساطعة على ظلماتِ الحياة والتاريخ. ولنرفع بأعمالِنا ومبادراتِنا نشيدَ الشكر والتسبيح للآب والابن والروح القدس إلى الأبد، آمين.
كتبالكنيسة في الصحافة العربية أطروحة دكتورا في جامعة الصليب المقدس الحبرية في روماروما, 14 يناير 2013 (زينيت) - كيف تنظر الصحف العربية إلى الكنيسة؟ ما هي الصورة التي تتأتى عنها؟ موضوعٌ مثير يتم طرحه في دراسة معمقة، من خلال أطروحة دكتوراه قدمتها سمر مسَيّح في جامعة الصليب المقدس الحبرية في روما في كانون الاول 2012. عنوان الأطروحة: "الكنيسة في الصحافة العربية". تسعى الدراسة لفهم كيف تنظر الصحافة العربية للكنيسة وللمسيحيين وباي شكل يتم تقديم المسيحية. خلال عمل الصياغة قامت الطالبة بمتابعة الصحف في الفترة الممتدة من تشرين الثاني 2007 الى نيسان 2008 مع حصيلة نهائية بلغت الـ 1371 مقالة . تم استعمال المواقع الالكترونية للصحف لصعوبة الحصول على الصحف المطبوعة في الاسواق الايطالية. بعد البحث و الانتقاء تم اختيار 18 صحيفة من اصل 22 دولة عربية تابعة لجامعة الدول العربية، تم اقصاء اربع دول: جزر القمر، جيبوتي، مورتانيا و لبنان.
وقد قسمت الاطروحة الى ثمانية فصول، مقدمة و خاتمة
الفصل الاول، "العالم العربي و المسيحية"
الفصل الثاني، "مدخل الى الصحافة في اللغة العربية"
الفصل الثالث، "عرض البحث"
الفصل الرابع، "أبعاد صحفية"
الفصل الخامس، "المجال و الموضوع"
الفصل السادس، "الحضور المسيحي"
الفصل السابع، "النزاعات"
الفصل الثامن، "وجهات نظر عن المسيحيين"
في الفصلين الاولين حاولت الباحثة تقديم رؤية شاملة، سواء عن تاريخ المسيحية في منطقة العالم العربي، سواء عن تاريخ الصحافة العربية.
شدد الفصل الاول "العالم العربي و المسيحية" على التمييز بين المصطلحين "عربي و مسلم". إذ ان المصطلح "عربي" لا يعني "مسلم" و العكس صحيح. من الواضح ان طفولة الكنيسة و مراهقتها و شبابها قد انقضت في ارض العالم العربي.
لقد رات ان العلاقة التاريخية و اللاهوتية بين المسيحية و الاسلام معقدة. فالمسيحييون عبر التاريخ قد عبروا من اغلبية الى اقلية. ويظهر من الفصل الاول انه يمكن تلخيص اسباب انخفاض عدد المسيحيين هذا ما بين "الاضطهاد الموجه ضد المسيحيين وضعف المسيحيين"
اكدت الكاتبة على دور المسيحيون في الحضارة العربية إذ يشكلون جزءا منها كان اساسيا سواء كاونوا اغلبية ام اقلية: في اللغة العربية، الادب، الترجمة، الطب و حتى في القومية العربية الخ. الكنيسة تشكل جزءًا من تاريخ العالم العربي، هذه الحقيقة غير معروفة. دائما يتم التكلم عن العالم العربي كعالم اسلامي و هذا لا يطابق الواقع. إن وصول الفلسفة اليونانية الى اوروبا تم عن طريق الحضارة العربية، المسيحيون قد لعبوا دورا حاسما في هذه المسالة.
حتى المطابع الاولى قد ادخلت الى العالم العربي عن طريق المسيحيين عام 1610 وكانت جميع الكتب المطبوعة ذات الطابع ديني مثل كتب المزامير، بينما العرب المسلمون استخدموا المطابع فقط في عام 1819 بفضل محمد علي (مؤسس مصر الحديثة).
وقد اوضحت في الفصل الثاني "مدخل الى الصحافة في اللغة العربية" ان تاريخ نشوء الصحف العربية غير واضح ومن الصعب تحديد على وجه اليقين أول صحيفة عربية، لكن ما هو اكيد ان نشوء الصحافة العربية يعود الى بداية القرن التاسع عشر. حتى هنا لا يمكن التغاضي عن دور الصحفيين المسيحيين: الصحفي العربي الاول الذي اسس صحيفة عربية داخل بلد عربي كان مسيحي في لبنان.
الوضع الحالي للصحافة العربية يتميز بالعديد من الاوجه الاشكالية كالرقابة و الرقابة الذاتية و القمع و الدعاية السياسية و نقص الوجوه النسائية. اشارت ايضا في الفصل الثاني كيف ان الصحافة في العالم العربي قد استعملت كوسيلة للسلطة، وأحد نتائجه المهمة فقدان مصداقية الصحفي العربي. في بعض الفترات التي تمتعت فيها الصحافة العربية بالحرية فكان لها زمن ربيعي كما حدث في لبنان و مصر. ولكن في أوقات أخرى، وخصوصا في النصف الثاني من القرن العشرين، قد مرت الصحف العربية بفترات من الظلام. في أيامنا هذه، وسائل الإعلام الرقمية اعطت للناس امكانية للتعبير عن أفكارهم. حاولت الفضائيات بصعوبة أن تجعل الناس ترى بعض الحقيقة، ولكن بالرغم من ذلك الطريق ما زال طويلا ومليئًا بالعقبات. وفي هذا السياق، تختم الفصل بذكر خاص لظاهرة القناة الفضائية "الجزيرة"، الفضائية العربية الأولى التي تعتبر مصدرا للأخبار للعالم.
انما في باقي الفصول قامت الطالبة بتحليل النصوص متبعة الطرق التقليدية لتحليل النصوص الصحفية لتصل الى النتائج التالية:
"على الرغم من ان الصحفي الذي يعمل في الصحف التي تم تحليلها يستخدم لغة جيدة، لكن مستواه المهني لا يرقى الى المستوى المهني العالمي، يتضح ذلك من كونه لا يزال يعتمد على وكالات الانباء الدولية. من الواضح الافتقار إلى الموارد و المراسلين. علاوة على ذلك، حتى لو كان الصحافي يكتب بشكل جيد، لكنه يفتقر إلى الشجاعة لكشف الحقيقة وترجمتها الى كلمات. كان من المستحسن أن يذهب أبعد من الصور النمطية و يحاول توفير معلومات التي من شأنها أن تأخذ في الاعتبار أكثر من وجهة نظر.
من الطبيعي، كل صحفي له اعتقاده السياسي أو الديني ومبادئه، المشكلة هي عندما لا يستطيع تجاوز مواقفه وشرح ووصف الواقع كما هو دون ان يتاثر بالسلطة السياسية والدينية. في العديد من المقالات لا يزال تتحسس الرقابة الذاتية، احيانا من قبل مالكي الصحف.
أود أن أشير بالتحديد الى "الظلم" في النصوص المتعلقة بالمواضيع التي تناقش الجماعة المسيحية. انا ابنة كنيستي، كنيسة الشهداء. أنا أعرف الظروف الصعبة التي يعيش فيها المسيحيون إيمانهم اليوم. شخصيا، لقد عشت حياتي في المجتمع العربي حيث يسيطر الإسلام " في أوقات تعتبر أفضل من هي عليه اليوم". لقد جربت الافتقار إلى حقوق للأقليات، حظر الحرية الدينية، حرية العبادة تعتبر انجاز في بعض البلدان المحظوظة. الصحفي لا يمكن ألا يرى هذه الحقيقة و يكتب ببساطة أن كل شيء على ما يرام، أنه لا يوجد مشكلة. لعل و عسى، البحث عن أسباب الأحداث السلبية في الخارج فقط. غالبا ما توصف باطلا اجتماعات خالية من النزاعات.
في كثير من الحالات يتم تقديم صورة عن للكنيسة لا تتوافق مع الواقع. يعترف بالكنيسة كمؤسسة دينية ولكن يتم اعتبار حضورها كحضور سياسي: هذا يعكس العقلية النموذجية للصحفي العربي والمسلم.
يجعلنا نفكر ايضا أن عدد قليل جدا من الصحفيين يواجهون أنفسهم وال