البيت الآرامي العراقي

طالب عبد العزيز قبل خراب البصرة Welcome2
طالب عبد العزيز قبل خراب البصرة 619888zqg202ssdr
البيت الآرامي العراقي

طالب عبد العزيز قبل خراب البصرة Welcome2
طالب عبد العزيز قبل خراب البصرة 619888zqg202ssdr
البيت الآرامي العراقي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

البيت الآرامي العراقي

سياسي -ثقافي-أجتماعي


 
الرئيسيةالرئيسيةبحـثس .و .جالتسجيلarakeyboardchald keyboardدخول

 

 طالب عبد العزيز قبل خراب البصرة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
كريمة عم مرقس
عضو فعال جداً
عضو فعال جداً
كريمة عم مرقس


طالب عبد العزيز قبل خراب البصرة Usuuus10
طالب عبد العزيز قبل خراب البصرة 8-steps1a
الدولة : المانيا
الجنس : انثى
عدد المساهمات : 24429
مزاجي : أحب المنتدى
تاريخ التسجيل : 31/01/2010
الابراج : الجدي

طالب عبد العزيز قبل خراب البصرة Empty
مُساهمةموضوع: طالب عبد العزيز قبل خراب البصرة   طالب عبد العزيز قبل خراب البصرة Icon_minitime1الأربعاء 13 مارس 2013 - 9:11


طالب
عبد العزيز

قبل
خراب البصرة



[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]



تطالع صحيفة "العالم" قراءها بكتاب الشاعر العراقي البارز
طالب عبد العزيز، الكتاب الذي يحمل عنوان (قبل خراب البصرة – كتاب الماء والنخل)
وهو "مدونة شخصية" على حد تعبير الشاعر، يتناول فيها المكان البصري وشخوصه بطريقة
بانورامية، بلغة فخمة عُرف بها عبد العزيز منذ نصوصه الشعرية الأولى، يحتفي الكتاب
بالذاكرة، الشخصية منها والثقافية والمكانية، كما نستطيع أن نعد صاحبه ناثرا مميزا
كما قرأه العراقيون شاعرا بارزا. إنه كتاب إبداعي بامتياز تنشره "العالم" في حلقات
بالاتفاق مع المؤلف، بعد صدوره عن دار آراس للطباعة والنشر في العراق

الحلقة الثانية

غابات نائية وغدران لا يتوقف ماؤها عن الخرير

باب النداف

في اليوم الثاني، حين عاد، سألته أين كنت البارحة؟ لمَ
نمت هكذا، بين الماء والماء قال: أوصاني أبي أن أتطلع بين فروج وبيبان النخل، علَّ
النداف يأتي، فالشتاء على البيبان، ولحافي قديم، بال،كذلك لحاف أبي وأمي وأخوتي،
نحن بردانين، أنظر السماء تغيم، ها قد وصل النداف وصل، وصل، تركني وأسرع نحوه..


من باب القطن جاء النداف بـ (قيثارته) السومرية الغليظة،
(الطنكة) بخروجه التي اشتبكت في عرواتها الخيوط وعيدان الحلفاء اليابسة وأوراق
الصفصاف الخضر، وزينتها زهور صفراء وبنفسجية..أشياء أخرى علقت بها عبر تجواله
الأبدي، في القرى والأديرة النائية، التي ظل يحملها أويعلقها على كتفه صبي له،
أرهقهُ حِملُها، كان يضع العصي بخرج من الخوص، يسميها الكنانة، فهي تتأرجح خلف ظهره
طوال النهار، (كيوبيد) الذي سربلته الغابات، يطوف الأماكن القصية،ينادي بجملته
الوحيدة (نداف..نداف.. أجعل الليل أعراسا... أجعل الدنيا أجمل وأبهى..).

شيخ في الستين، فارسي أو رومي لا يفصح عن وجهته في هذه
الأرض، لكنه، وبأصابع نحاسية مطواعة راحت تشقق وتخيط، تساوي وترأب القماش الأزرق..
بالأبيض والنيلي، البرتقالي المحمّر بالوردي المقدَّف، يعاونه صبيُّه الذي تنفرط
خصلات شعره على وجهه مثل خيوط من الزعفران.. راحا معا، وبقيثارة هرمة من الجوز،
وعصي خيزران نحيلة يصنعان أعراسا وأحلاما لا تنتهي.

كان أبي يستقدمه عندنا في البستان، وفي دارة الخطار، على
النهر، ليس بعيدا عن البيت الكبير، سور من الطين والقصب لا تدخله الشمس إلا ساعة في
النهار، يفصله عن سوباط التمر صفٌّ طويل من آس مقصوص، وشجيرات غرب كثيفة، محشوة
بعصافير، لا تطير بعيدا، بلابل وجنادب نائمة طوال النهار، وتفرقه شجرة توت عملاقة،
تحجب الشمس والنساء عن المسناة الصغيرة، على النهر الذي يروّيه المدُّ مرتين كل
ليلة..

يمكث أبو غلوم النداف في بيتنا أسبوعا أو أسبوعين، لينشغل
ومنذ اليوم الأول بأكداس مكدسة من القطن المغبر والرطب، بلحفنا ووسائدنا ومناماتنا
الواطئة المبقعة بالبول وأقداح الحليب، المسكوب عليها في الصباحات الباردة، بأسرتنا
الواطئة لتصبح فيما بعد أفرشة أثيرة، ناعمة ومسماة بأسمائنا، فهو لايبخل أن يوشيها
بكلمات من ألف ليلة وليلة، ثم يرسم عليها شهرزادات حزينات وجميلات نائمات
ومستيقظات، ثم أنه يدع الوعول تمرح على أغطية الموسلين الخضر. غابات نائية وغدران
لا يتوقف ماؤها عن الخرير.. وبخطوط شفيفة لا تكاد تُرى، مثل أعناق طيور مهاجرة، مثل
سيقان لقالق نحيلة، تشبه أجنحة بجعات طائرة مصفوفة، وبحروف كمناقير السنونوات
الخائفة، راح يكتب آيات من المصحف، على الوسائد الصغيرة..كلمات فارسية أوكوفية أو
بصرية قديمة، لغات لا يعرفها أحد، ربما هو حسب، لا تخلو من أخطاء، لكنها جميلة،
ناعمة ورقيقة تذكر بالسهر والحرمان، وتدعو للهمس والطمأنينة.

كنت أنا من أُوكل إليه جلب الطعام والماء والشاي ونقيع
الزبيب للنداف، هذا الذي طالما أشركني في مسراته تلك، فكنت الظم له الخيط، وأحصي
الأزرار، أو القم القيثارة المزيد من القطن، وكثيرا ما كنت أُرى وقد علا رأسي
َبرَدٌ أبيض، أو أني ألهو معه، فأصنع من نثيث القطن المتطاير عليَّ لحيةً كثة،
بشاربين أبيضين لا أخلو معهما من وقارٍ، ظلَّ حبيس وجه أبي.

في أخريات أيام وجوده بيننا،كنت أتقافز مع قيثارته، هي
التي راحت، عبر وترها الحزين تحيل حبات القطن وبالعصا الخيزران هضبة وفر بيضاء،
تغطي الباحة الظليلة، كنت أرى كيف تتقافز حبات القطن كعصافير حب ملونة فرحة، ومعه
رحت أصغي للوتر الوحيد وهو يرتج ألما، أية أنغام كان يبعث بها هذا الأعجمي الغريب،
أية غابات كان تركها هناك،كان أبو غلوم عصرا من الترحال والأسى، وحين كان يغط في
قيلولة النهارات كنت أبكي معه، أيامه ولياليه، تلك التي ظل يخبئها تحت وسادته كلما
انكسرت عصا صبره.

ولما كانت الوسائد والمنامات تملأ البيت ببلابلها
وعصافيرها وأزهارها، بحروفها التي بهتت، وقد عتقت تحت أيد كثيرة، في بيت الخطار أو
تحت رؤرسنا أو حين كنا نمتطيها كأفراس في برية الليل، هكذا وقد امتدت لها يد الدهر
الطويلة..كنت أرى أصابع أبو غلوم، أسمع قيثارته تتردد عبر الليالي الباردة،
والماطرة كنت أنظر من خلل الثقوب التي يحدثها الظلام في الأشياء، فأرى ثعالبه التي
كانت تنبحها كلابنا كل ليلة، خلف غابة النخل، أسمع ثغاء الحملان وشحوب الأقمار، كنت
أتحسس يده وهي تسلمني قارورة الزبيب الفارغة.

(مرة رأيت نحلة تغرق في عسلها فتعلمت درسا في السعادة
والحزن ..) لا أدري أين قرأت هذه، منذ ذلك اليوم وأنا مشدود لرائحة الأرض التي لا
مستها أقدامي أول مرة، قبل خمسين سنة، لرطوبة العشب والطين، أحسها، أستنشقها كلما
خلعت جوربي، كأني عائد من سفر طويل، وقد بعدت الطرق.. أتذكر الدرب الأخضر الضيق،
الذي لا يسع بقرتين ونعجة،كنت أسلكه خائفا مما تخبئه شجرة التوت الكبيرة، هذه
الطريق كانت تبدو أجمل وأبهى بعد يوم أو يومين من سقوط المطر،كنت اخط عليها أسماء
المراكبيين، حاملي التمر عبر البحار والخلجان، الذين يموتون في العواصف. اليوم، وفي
زحمة الأشياء التي تبدو بلا معنى، وقد أضل النداف طريقه إلينا، أو مات أبي الذي كان
يستقدمه مرة كل سنتين، أريد مطرا قبل يوم أو يومين، أريد طريقا لا يسع بقرتين
ونعجة، أرى في نهايته على النهر شيخا، ندافا، يحمل صبيٌّ له قيثارة عجفاء، طنكة
طويلة ومقطنة فيها الكثير من الخيوط الملونة، أريد كنانة عيدان تحكي عن السَّهر
والليالي الباردة الطويلة.. أريد ان أفتح له بيبان روحي!.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
طالب عبد العزيز قبل خراب البصرة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
البيت الآرامي العراقي :: الثقافية , الادبية , التاريخية , الحضارية , والتراثية Cultural, literary, historical, cultural, & heritage :: منتدى النقد والدراسات والاصدارات Monetary Studies Forum& versions-
انتقل الى: