صدرت الترجمة الفرنسية لديوان المصري الشاعر أحمد الشهاوي "باب واحد ومنازل" عن دار لال الفرنسية، وجاء الديوان بترجمة الشاعر الدكتور محمد ميلود غرافي الأستاذ بجامعة تولوز الفرنسية.
وفي تقديمه للترجمة يقول المترجم: "أن نقرأ شعرَ الشهاوي معناهُ أن ندخلَ معبد الشعر بدون طقوس. أن نوقِظ َكل حواسّنا ونعرضها لتمرين جديد، روحيٍّ بشكل عميق. فنشمّ فيه رائحة الثمرِ المحرّم ونذوق فيه رغيفَ الصوفيِّ المتقادمَ ونسمع فيه السكونَ المتناغمَ ونتصفّحَ فيه الكتبَ المقدَّسةَ ونرى فيه أبوابا عديدة و..منزلا واحداً: منزلَ الشعرِ. ولا بأسَ (أو ربما هذا أفضلُ) إن حلّت أعضاؤنا الحسّاسةُ بعضُها مكان بعضٍ:
"لساني ينظر/عيناي تكتبان/أذناي تريان".
يسافر بنا أحمد الشهاوي حتى بدء هذا الكون، حتى باب الخطيئة الأولى مرورا بالقصص النبوي ومختلف الأمكنة والحالات الصوفية دون أن ينتشلنا ولو لحظة واحدة من أوجاع اليومي فينا. كل شيء تمّ إعداده كي تظهر الأنا وعشقُها المنكسر وعزلتها وعدم رضاها وكلامُها الذي بلا معنى وسكونها الأقوى معنىً وخيبتها... في متوالية دلالية نرى فيها أنفسنا بشكل حقيقي.
وعلى غرار زاهد يقنع بشظف العيش وهو يبتغي الوصول إلى الحقّ، فإن الشهاوي يلج بنا إلى اللاقناعة والبحث الدائم عن المعنى الخفيّ عبر مفردات مألوفة. ففي العشق، اللغة وحدها هي الكائن الأبدي :
إنها تقرأ بهذا المعنى حين تريد لنفسها أن تكون شيئا آخر غيرها. شيئا آخر غير المفردات والصور المعهودة. إنها أبديةٌ ونبعُ الإشراق الشعريّ حين يتمّ الإمساك بها في جانبها الخفيِّ واللامرئيّ.
الصمت جزء في الآن نفسه من التعبير الشعريّ والبحث عن الحقيقة المتعالية. إنه في الآن نفسه منبع المعرفة (أنا المتكلم الذي لا يعرف/الصامت الذي يعرف) وأحد وعود الشاعر المقدسة تجاه محبوبته، ذاته المُختارة (أعدك بالصمت/ لا بالكلام). الصمت كمصدر للتأمّل هو تحدٍّ للغة. إذ يبدو أكثر تعبيراً وأكثر دلالة منها : (صَمْتي اشْتَهَاك / لأَنَّ الكَلاَمَ عَاجِزٌ).
وفي وسط المعنى العميق والخفي نجد النقطة. لا قصيدة بدون نقطة مركزية تخلق العلاقة بين الظاهر والخفي، "بين الأرض والسماء، بين المقدس والمدنس" كما يقول الشهاوي في موضع آخر. النقطة عند الصوفي هي الحقّ. وعند الشاعر هي جوهر العملية الشعرية. الحدس يحل محلّ العين. كل شيء يبدأ من النقطة المركزية وكل شيء يؤدي إليها. لذلك فإن عناوين عديدة في مجموعته الشعرية تلح بوضوح عن هذا العنصر الثابت في الرؤية الشعرية عند الشهاوي (جزيرة الكون، سرّة الدنيا، بيضة كونية...) بدون أن يعني ذلك أن العنوان يحيل على محتوى القصيدة. إن عناوين الشهاوي تبدو دائما في قطيعة مع القصيدة. ولكي يتم الإمساك بالعلاقة بين العنوان وباقي النص، يجب أن نأخذ بنصيحة الشاعر : "اذهب إلى ماوراء الشيء".
تجدر الإشارة إلى أن الطبعة العربية من الديوان الذي يقع 84 صفحة من القطع المتوسط ويتضمن ستين قصيدة كانت قد صدرت في القاهرة عن الدار المصرية اللبنانية عام2009.
يُذكر أنّ المترجم محمد ميلود غرافي هوشاعر وروائي وباحث مغربي مقيم بفرنسا. أستاذ جامعي دكتوراة من جامعة السوربون في السيميائيات وعلوم التواصل. ومدير سابق لقسم اللغة العربية بجامعة تولوز الفرنسية ومنظم يوم الشعر العربي بها بين 2001 و2006.و صدرله : حرائق العشق (شعر)، أمضغها علكا أسود (شعر)، لم أر الشلالات من أعلى (رواية). وله مقالات عدة بالعربية والفرنسية بخاصة في مجال تحليل الخطاب والنقد الأدبي. وهوعضو في لجنة مباراة الكفاءة في اللغة العربية بفرنسا. وشارك في ملتقيات شعرية دولية عديدة. وقد ترجم العديد من النصوص الشعرية لشعراء أجانب إلى العربية.
بعد أربع سنوات من صدوره بالعربية باب احمد الشهاوي ومنازله يظهر بالفرنسية