جسر راتزنغر:
العبور إلى حقبة ما بعد الفاتيكاني الثاني (3) قراءة نسكية في استقالة بندكتس السادس عشربقلم الأب د. ميشال روحانا الأنطوني
بيروت, 27 مارس 2013 (زينيت) - ·
بأي حق نعتبر تنحّي بندكتس السادس عشر جسر العبور إلى حقبة ما بعد الفاتيكاني
الثاني ؟ وما الفرق الذي أحدثه الفاتيكاني الثاني؟ إن نهاية منفى الكنيسة في قلب
الامبراطورية قد بدأت مع تنحّي بندكتس السادس عشر. فلنتبع مسار الأحداث ونحكم:
في ملء من الزمن الجديد، كما قلنا
أعلاه، قرّر يوحنا الثالث والعشرون، نائب المسيح، أن تلامس قدماه الأرض لكي يتطابق
شخصياً مع من يمثله. معه، دُعيت الكنيسة إلى الاقتداء به فكانت تلك الخطوة الأولى
في مشروع المجمع الفاتيكاني الثاني. بعده، أكمل بولس السادس الخطوة، ليس فقط
بمتابعة الأعمال النظرية للمجمع، إنما أيضاً بالتنقية العملية للكنيسة من الرواسب
الامبراطورية التي كانت لا تزال تسمّمها، وبخاصة أحادية الرأي. لقد علّم:
"يكفي أن نعمل، ونعطي الآخر عملاً، وندَعه يعمله"، وأضاف: "إن
الحقيقة هي في الشراكة". فبات هذان الشعاران لبولس السادس مفتاحَي القديس
بطرس وبهما استمرّ العمل. أما عملياً، فإن كان يوحنا الثالث والعشرون قد استعاد
الأرض ملمساً لقدميه، فإن بولس السادس سلّم إلى العالم الدنيوي ما يعود إليه، أي
"تاج" الحبرية العظمى، لقاء سدّ عوز الجياع في العالم. ومنذ ذلك الحين،
يتواجد ذاك التاج الامبراطوري الحبري في متحف في واشنطن.
في الوقت عينه، أبصر نصّ
الفاتيكاني الثاني النور مسبباً تشققات كثيرة، على الصعد كافة، في الممارسات
القاسية والظلامية المتأتية من القرون الغابرة وأدبياتها.
عام 1978، دخل يوحنا بولس الثاني
البابوية وكان عليه، بحكم الاسم الذي اتخذه، أن يدفع من لحمه الحي ثمن استكمال
الخطوة التي بدأها سلفاه، وتطبيق تعاليم الفاتيكاني الثاني. لم يعد هناك من خيار
آخر لا لجيله الذي يضم أيضاً جوزيف راتزينغر، ولا للأجيال التالية. بات التحدّي
يكمن فقط في اختيار الطريقة والوسيلة لإحداث الفرق.
عليه، وإذا كان بولس السادس هو البابا
الأول الذي غادر الفاتيكان نحو الهند، فإن يوحنا بولس الثاني سوف يحفر كوّة من
الحنين إلى مسكنه ومكان راحته. إن التفتيش عن الإنسان بهدف إعادة بهاء صورة الله
ومثاله إليه مكلف جداً. ومع "خروجه" من حاضرة الفاتيكان، سقط تقليد جديد
من تقاليد الامبراطورية والذي هو الجمود على الكرسيّ وحفظ المسافة من الشعب.[1]
ما الذي تُرك لخليفة يوحنا بولس
الثاني لكي يلغيه ليستمرّ في استكمال خطوة التنقية والتحرير الجبارة من رواسب
الامبراطورية وإحداث فرق إضافي؟ إنه تقليد "الحكم لمدى الحياة" (Ad
Vitam). إن القول في
تعاقب هذه الأعمال التحريرية بأنه ليس ناتجاً عن تدخّل الروح القدس أمر عبثي. إن
خيط التلازم واضح كما هو عليه في العهد القديم طيلة الإعداد للخلاص... ونعيد رسمه
على الشكل التالي:
استعاد يوحنا الثالث والعشرون الأرض
موطئاً لقدميه... سلم بولس السادس التاج الامبراطوري الشهير إلى العالم الذي يعود
له... كاد يوحنا بولس الثاني يهجر الفاتيكان بحثاً عن الخراف الضالة وإستعادة لله
ما يعود له تعالى، ومن ثم، أعاد للشبيبة، من خلال يوم الشبيبة العالمي، الكنيسة
وحاضرتها، والتي بالأساس تعود لهم، هم مستقبل المسيحية الرسولة في هذا العالم...
وكان راتزينغر بقرب يوحنا بولس الثاني
حاضرا في كل هذا حضور يوسف البتول، الذي حمل اسمه، لعائلة الناصرة. كان دائم
الحضور من خلال الكتابة والإرشاد لأن قضية مجمعهما الفاتيكاني الثاني كانت على
المحك. وبدوره، عندما أصبح هو "البابا"، أكمل تحرير الكنيسة تاركا
امتياز "مدى الحياة" (Ad Vitam) للذين يعود بحق لهم، ملوك هذا العالم وأباطرته. لا يحاولنّ أحد
إقناعنا بأن ذلك كان ممكناً من دون مسابير الروح القدس وبخاصة بعض المسابير
الضرورية لأسس الكنيسة. نذكر على سبيل المثال أمومة مريم "والدة الإله"
بالتجسد، مع لقبها الجديد "الشريكة في الخلاص" الذي أسبغه عليها بولس
السادس ، بقوة الختم البابوي، في ختام المجمع. هذا هو الجديد والمختلف الذي حمله
الفاتيكاني الثاني.[2]
وهكذا، بالروح القدس، نلاحظ الخط
الإلهي الذي يشق عباب هذا العالم خلف سفينة كنيسة المسيح والذي يعمل على استكمال
تحرّرها تطبيقيا. صحيح أن هذا التحوّل، على مدى نصف قرن، قد بدى وكأنه تجريد
الكنيسة من كل امتياز وكل عظمة عالمية - بشرية، ولكن أليس هذا ما أراده المسيح
بقوله: " إن الأخيرين يصيرون أولين..."، و "إن من لا يخسر ذاته --
بالحنوّ على الأكثر حرماناً --لا يربحها، سواء كان شخصاً مادياً أو معنوياً، حتى
الكنيسة بذاتها ؟ (متى 16: 24-28)
في بدايات الكنيسة، كان البابوات
يندفعون لمعانقة صليب الشهادة على صورة معلمهم ومثاله. مع الامبراطورية، بدأ تمني
الحياة الطويلة والازدهار لهم، كما يتمناه سكان هذا العالم للمسلطين عليهم.
وللتحرّر من نقطة المجد البشري هذه، كان لا بدّ من شخص يضع نفسه في تصرّف الروح
القدس حتى يضع بدوره، من خلاله، نقطة النهاية الشاملة للفاتيكاني الثاني، نقطة رفض
ألـ "Ad Vitam" في السدّة
الحبرية. هذا الشخص كان جوزيف راتزينغر.
إن الانتقال إلى حياة التنسك بتجرد
كامل لكي لا يُعبد خلالها سوى المسيح المصلوب يعني، كما قلناه في الفراشة، مطابقة
الذات بشكل شامل مع شخص المسيح. إنه الترقي إليه للتطابق معه في حالته ما بعد
الصعود. أما في كافة حالات التطابق الأخرى (alter
christus)، فتكون مع
المسيح في حال التجسد الخاضع للخطر الوحيد الذي لم يسقط هو به، ألا وهو الخطيئة،
خطيئة أن مطابقة الله الآب، بشكل صامت ونسبية لوسيفرية، على ذواتنا الوصولية،
وإخضاع كل شيء، بدناءة سافلة، للأنانية الصماء كما لإله العالم المُسمّى في زمننا
"الاستهلاك".
[1] لقد وُضعت شمولية الخلاص
لأول مرّة موضع التنفيذ دون طمع بالنعيم ولا خوف من الجحيم بل فقط حبا بالمسيح على
أنه الطريق والحق والحياة. إنها المحبة المتعاطفة (compassion) واحترام شرارة الله (Étincelle
divine) المتواجدة في
كل روح بشري هي ما أوحى بالعودة إلى أسيزي وإلى فرنسيسها...
[2] وهنا يجد الشرق المسيحي نفسه مرة
أخرى ، بخاصة شرق القديس أفرام السرياني، على قدم المساوات مع خليفة بطرس الروماني
إذ أنه ليس عند الروح القدس شرق وغرب. إنه مؤسّس العولمة الشاملة التي بالفقر
والطاعة والتواضع والتراحُم يجمع حتى بين كون المخلوقات وكون الخالق.
أخبارالبابا فرنسيس: التسلم الرسمي لكرسي
روما الأسقفية قي 7 أبريل 2013الفاتيكان, 27 مارس 2013 (زينيت) - أعلنت دار الصحافة التابعة للكرسي
الرسولي عن أنه يوم السابع من أبريل 2013 سيجلس الأب الأقدس فرنسيس على سدة كرسيه
الأسقفية في روما. وسيتم الاحتفال عند الساعة الخامسة
والنصف من بعد الظهر.
العراق: رئيس الوزراء يستقبل بطريرك
الكلدان ورؤساء الطوائف المسيحية ببغداد ويقدمون له مبادرة مصالحة بين الأطرافبغداد, 27 مارس 2013 (زينيت) - استقبل دولة رئيس الوزراء نوري المالكي
في الساعة الثانية عشر من ظهر اليوم، الأربعاء 27 آذار 2013، غبطة البطريرك مار
لويس روفائيل الأول ساكو بمعية رؤساء الطوائف المسيحية في بغداد، وبحضور السيد
سركون لازار، وزير البيئة، والسيد رعد جليل، رئيس ديوان أوقاف الديانات المسيحية
والايزيدية والصابئة المندائية.
وحضر اللقاء من رؤساء الطوائف المسيحية قداسة البطريرك مار أدي الثاني، بطريرك
كنيسة المشرق الآشورية القديمة، والسادة الأساقفة: سويريوس حاوا، مطران السريان
الأرثوذكس؛ آفاك آسادوريان، مطران الأرمن الأرثوذكس؛ كوركيس صليوا، مطران الكنيسة
الآشورية؛ عمانوئيل دابغيان، مطران الأرمن الكاثوليك؛ شليمون وردوني، معاون بطريرك
الكلدان؛ والأب يونان الفريد، رئيس طائفة الروم الارثوذكس؛ القمص مينا الاورشلمي،
رئيس طائفة الأقباط الارثوذكس؛ والأب ألبير هشام، مسؤول اعلام بطريركية
الكلدان.
شكر غبطة البطريرك ساكو دولة رئيس الوزراء على حضوره مراسيم تتنصيبه مما ترك أثرًا
كبيرًا في نفوس المسيحيين. من جانبه، عبّر دولة رئيس الوزراء عن سعادته الكبيرة
بقدوم غبطته إلى بغداد وعن استعداده لدعم الوجود المسيحي. ثمّ عرض غبطة البطريرك
على دولة رئيس الوزراء مبادرة للمصالحة باسم رؤساء الطوائف المسيحية في بغداد (نصّ
المبادرة في الصورة أدناه)، قائلاً له: "المسيح يقول الأكبر فيكم يكون لكم
خادمًا، فأنتم أكبرنا مسؤولية فينبغي أن تبادر بالمصالحة من أجل العراق
والعراقيين. الكل هم أولادكم، وإن حصل زعل بين الأولاد فالأب هو الذي يبادر
بالمصالحة. نحن بحاجة إلى مبادرات جادة للحوار ولحلحة الوضع". فأجاب السيد
المالكي: "بارك الله فيكم، أنا مستعد وأدعم مبادرتكم وأشكركم على
تفكيركم".
كما أشار السادة الأساقفة إلى أهمية المصالحة في الوقت الراهن للخروج من الأزمة
والانعكاسات على الوضع الأمني.
وقدم غبطة البطريرك لدولة رئيس الوزراء بعض الهدايا، ومنها طاولة مزخرفة قائلاً له
إنّ على السياسيين أن يخرجوا من الانشغال السياسي ويفسحوا عن أنفسهم باللعب
مع الآخرين. *
مسؤول إعلام البطريركية الكلدانية
الفاتيكان: مراحل درب الصليب من تحضير
شبيبة الشرق الأوسط صليب المسيح يحمل الألم والرجاءبقلم ألين كنعان
بيروت, 27 مارس 2013 (زينيت) - نشرت مكتبة الفاتيكان تأمّلات درب
الصليب التي ستُتلى يوم الجمعة العظيمة في 29 مارس 2013 في روما ولأوّل مرّة بحضور
البابا فرنسيس، وهي من تحضير شبيبة لبنان وبإشراف البطريرك الكاردينال بشارة بطرس
الراعي. تترافق كل محطة بترسيمات تشرح درب الصليب هي من رسم فنان فرنسيسكاني
فلسطيني. وقد جاء في مقدمة التأملات أننا كلنا
مدعوون الى اتباع المسيح وبالأخص الشبيبة والأشخاص المجروحين من الحروب
والانشقاقات والظلم الذين يناضلون من أجل أن يكونوا صانعي سلام بين إخوتهم. وقد
كُتبت التأملات بأسلوب شعري يمسّ كلّ الفئات.
وقد شملت تأملات درب الصليب كل من هم
بحاجة الى الصلاة فذُكر في المرحلة الأولى كلّ من يشوّهون السلطة ويدوسون على
كرامة الإنسان. وفي المرحلة الثانية، ذُكرت العائلات المفكّكة وكلّ الأذى الذي
يسببه الأهل لأولادهم من دون أن يدركوا ذلك، ودُعوا لكي يجعلوا من عائلاتهم واحات
حب وسلام وأمان.
أمّا المرحلة الخامسة فتساعدنا على
تقبّل الصلبان التي تواجههنا في حياتنا وعلى أهميّة حملها بفرح على مثال سمعان
القيرواني الذي ساعد يسوع على حمل الصليب.
وقد اختُتمت المرحلة السادسة بالصلاة
من أجل كلّ الذين يبحثون عن وجه يسوع فيلتقون به بوجه كلّ الأشخاص المشرّدين
والفقراء المعرّضين للعنف والاستغلال.
أما المرحلة الحادية عشرة، فخُصصت من
أجل كلّ ضحايا الحروب والعنف الذين ينتشرون في الأراضي الشرقية وفي كلّ أرجاء
العالم راجين أن تكون دماؤهم خميرة الشرق الجديد المتميّز بالسلام والأخوّة
والعدالة.
وأخيرًا، ركّزت المرحلة الأخيرة على
وضع يسوع في القبر، على تقبّل المصاعب والأحداث المؤلمة والموت متشبّعين من الأمل
والرجاء مختتمين بهذه الصلاة قائلين: "لقد وُهبنا الحرية لكي لا نقع ضحية
العبودية من جديد..."
وثائقرسالة الفصح للمطران أوغسطينوس كوسا أسقف الإسكندرية للأرمن الكاثوليكالإسكندرية, 27 مارس 2013 (زينيت) - المطران كريكور أوغسطينوس كوسا بنعمة الله
أسقف الإسكندرية للأرمن
الكاثوليك
"إذا كان المسيح لم يقم
من بين الأموات فإيماننا باطل" (1 قورنتس 13:15)
إلى إخوتي الكهنة الأحباء والراهبات
الفاضلات،
وأبناء الكنيسة الأرمنية الكاثوليكية
في أبرشية الإسكندرية،
وإلى المؤمنين بالمسيح أبناء الكنيسة
الواحدة الجامعة المقدسة الرسولية،
بهذه البشارة المفرحة والسارة، نُلقي
في هذا الصباح السلام على بعضنا ونحن على ثقة كاملة في تأكيدنا هذا على قيامة
السيّد المسيح من بين الأموات كما يُعلّمنا القديس بولس الرسول في
رسالته الأولى إلى أهل قورنتوس(1:15-28)، مبيّناً بين حقيقة القيامة وعدمها
تثبيتاً للمسيحية بأجمعها أو تعطيلاً كاملاً ونهائياً لها.
فالمسيح في إيماننا المسيحي، وعلى
الرغم من قيامه على الأرض بدور نبوي كامل، حيث أنه أوصى لنا بكل ما سمعه من الآب،
وهو كلمته الأزلية، الذي تجسّد في الزمن من مريم العذراء وسكن بيننا (يوحنا
14:1)وهدانا إلى ما فيه خيرنا في هذا الدهر وفي الدهر الآتي، لم يقتصر عمله على
النبوّة وحدها أو الإرشاد والهِداية، بل تعدّى هذا الوجه ليكون عملاً إنقاذياً أو
فدائياً أو خلاصياً للإنسانية كلها مما كانت تتخبّط فيه من شرّ وخطيئة وموت،
وعملاً تغييريّاً للكون والتاريخ، يرفع معه أبناء البشر جميعاً من مرتبة عبيد لله
إلى مرتبة أبناء الآب السماوي، ويتحوّل الأبناء بفعل النعمة المُغدقة عليهم بالابن
إلى
إخوة متصالحين فيما بينهم بالحبّ والسلام، ومجتمعين حول أبيهم
القدوس في ملكوت هو غاية الخليقة كلها وكمالها ونهايتها السعيدة.
المسيح آدم الجديد:
يعلّمنا القديس بولس أيضاً، أن السيّد
المسيح هو في التاريخ بمثابة آدم الجديد، أي بعد خطيئة آدم الأول وعصيانه أوامر
الله انقلب الفردوس الأرضي الأول من جراء هذا التصرف إلى جحيم من الشرّ والإنقسام والعداء،
فحمل يسوع بموته على الصليب ثقل خطايا كل أبناء البشر وقدَّم ذاته كفّارة عنهم
جميعاً بدون استثناء، وذلك ليمنحوا بصليبه فرصة لانطلاقة جديدة وكيان جديد وحياة
جديدة.
والكنيسة التي أسسها السيّد المسيح
ليست إلاَّ خادمة للإنسانية المدعوة كلها إلى أن تتجدّد بالنعمة والحبّ.لأن
الرّب يريدها خميرة جديدة في عجين العالم، تساعده في عملية تحقيق ذاته كما يريد له
الله أن يكون وأن يتحقّق.
القيامة ثمار الرجاء
والمحبّة:
أما قيامة المسيح، فهي تعني بالعمق أن
هذا المشروع الخلاصي للبشرية بأسرها قادها إلى نجاح، وان قوة الشرّ على الخير قد
صرعت واستبعدت وتلاشت نهائياً من الوجود. هذه هي ثمرة الإيمان والرجاء والمحبّة
المزروعين في قلوب المؤمنين بقيامة يسوع المسيح.وفي المؤمنين بالله إيماناً صافياً
يملأهم محبّة وسلاماً للناس أجمعين، ويدفعهم إلى عدم إهمال أحد من حساب هذه
المحبّة. ولولا قيامة السيّد المسيح له المجد لما كان فينا أي أمل بمثل هذه الثمار
"كان
إيماننا باطلاً ولا نزال بخطايانا" (1 قورنتس 17:15) وكنّا أشقى
من جميع الناس.
على هذا الأساس من النظرة الكونية إلى
المسيحية وإلى رسالتها في العالم، يدعونا قداسة البابا بندكتس السادس عشر من خلال
السينودس "الكنيسة في الشرق الأوسط: شركة وشهادة" إلى الالتزام المسيحي،
سواء كان على مستوى المجال الإنساني الشامل أم على مستوى الشهادة التي نحملها في
محيطنا الإقليمي وفي مجتمعنا الوطني.
القيامة إلتزام وفحص ضمير:
نحن المسيحيون ملتزمون بفعل إيماننا
بالقيامة، وكل عمل نقوم به، يعني أن نبني إنسانية متضامنة حقاً في كل ما يعود إلى
الخير العام وتوزيع خيرات الأرض لكل أبنائها بدون استثناء.
ونحن ملتزمون بذلك لأننا نؤمن
بالأخوّة الشاملة فوق حدود القوميات والأعراق والحضارات على أنواعها... إن عملنا
هو في سبيل خدمة الله وخدمة القريب. وما يريده الله منّا أن نفعل الخير ونخدم كل
إنسان. فالله يسعى لخلاص الإنسان بكل رحمته وحنانه ليردّه عن ضلاله والعودة إليه.
نرى المسيحية اليوم في حزن لما يحدث
في العالم، وخاصة في الشرق الأوسط من منازعات وحروب واضطهادات، وأساسها عدم
الاعتراف بالآخر وبحقوقه، وعدم قبوله أخاً ومشاركاً في ميراث الله الواحد. نحن في
حاجة إلى المحبّة والحوار الأخوي البنّاء. لعلَّ الله يهدينا بالحسنى سواء السبيل
فلا يسيطر ولا يقوى بعضنا على بعض، بل نصلح أمورنا بالمحبّة التي تنير وحدها
الأبصار والقلوب، وتحل المعضلات جميعها مهما كانت مستحيلة ومستعصية.
اليوم وبمناسبة عيد القيامة نحن
مدعوون إلى مراجعة ضميرنا وفحصه فحصاً دقيقاً، والإرشاد الرسولي
الذي أعطانا إيّاها قداسة البابا بندكتس السادس عشر"الكنيسة في الشرق الأوسط:
شركة وشهادة" هو إرشاد ورسالة للعيش الأخويالكريم
المبني على المحبّة الجامعة ومساعدة كل إنسان بحاجة إلى مساعدتنا، وتوفير لهم
بقّوة ضمائرنا الحيّة حلاً لمطالبهم وصعوباتهم، لأن محبّة الله لا تسمح بأن ندعهم يقعون
فريسة لما يتخبّطون به من مشاكل تمس كرامتهم البشرية قبل أن تضرب أجسادهم بالعوز
ونفوسهم باليأس والقنوط.
أيها الأخوة والأبناء الأحباء
إن تحدّيات القيامة كثيرة والرّب
يطلّب منّا في نفض الأنانية والكبرياء من على أجسادنا وقلوبنا، وإقامة
العدل والإنصاف وترسيخ حياة الحبّ الصافي الذي لا غشّ فيه، لأن قيامة المسيح كانت
في بادئ الأمر وما زالت انتصاراً شخصياً له على أن تصبح انتصاراً لنا جميعاً على
كل عداوة أو شرّ أو تقصير.
فلنستقبل العيد بإيمان
بقبولنا لمعانيه ومضمونه، وبهذا فرح القيامة يكتمل وبهجة القلوب تشعّ وتنشر حبّه
بين الناس.
فليزيّن الرّب يسوع، القائم
من بين الأموات والمنتصر على كل أنواع الشرّ حياتكم بهذا الحبّ الإلهي. عليكم
جميعاً نعمة الرّب يسوع!
محبّتي لكم جميعاً في المسيح
يسوع (1 قورنتس 23:16-24).
المسيح قام... حقاً قام
رسالة بطريرك الأقباط الكاثوليك إلى
أقباط المهجر بغداد, 27 مارس 2013 (زينيت) - القاهرة في 27 مارس 2013 أحبائي في المسيح المنتصر على الشر
والموت،
الآباء القمامصة والكهنة والشمامسة،
وجميع ابناء كنيستنا القبطية
الكاثوليكية في بلاد المهجر،
الذين أحملهم في قلبي وصلاتي.
"تبارك
الله أبو ربنا يسوع المسيح لأنه شملنا بفائق رحمته، فولدنا بقيامة يسوع المسيح من
بين الأموات، ولادة ثانية لرجاء حي"(ا بط 1:3)
كنت أود أن أرسل إليكم الرسالة البطريركية المعتادة في عيد القيامة المجيدة، ولكن
نظراً لاختلاف تواريخ الأعياد، ولسفري إلى روما للمشاركة في القداس الاحتفالي
لقداسة البابا فرنسيس، لم أتمكن من كتابتها بعد. ولكننى أحببت أن أعبر لكم بهذه
الكلمات البسيطة عن شكري وتقديري لصلواتكم بمناسبة تنصيبي بطريركا.
أوكد لكم بالرغم من بعد المسافات التي تفصلنا بالجسد، وتبعدكم عن كنيستكم الأم
بمصر، إلا إنني متحد بكم وأشعر بصعوباتكم التي تعيشونها من أجل حياة كريمة تليق
بأبناء الله وكذلك من أجل أمانتكم في المحافظة على طقس وتقليد كنيستنا القبطية
الكاثوليكية.
كونوا على ثقة ان سعيكم هذا يجد معناه وقيمته في نور إيمانكم بقيامة الرب، الذي
تألم لأجلنا وجعل لنا من نفسه قدوة لنسير على خطاه. فإذا شاركناه في آلامه سيشركنا
هو في مجده.
أشكر من كل قلبي الأباء الرعاة في بلاد المهجر على أمانتهم ورعايتهم وتضحياتهم من
أجل خدمة شعب الرب، طالبا لهم وافر النعمة والبركة والصحة.
أهنئي وأصافح وامنح البركة لكل أبناء وبنات شعبنا المحبوب، وبالأخص المرضى
والمتألمين، وكل من هم في شدة أو ضيقة. اطلب من المسيح القائم ان يفيض بروحه عليكم
ويمنحكم سلامه ونعمته وبركته.
أرجو الصلاة من أجلي ومن أجل الكنيسة في وطننا الذي نطلب من الرب أن ينعم عليه
بالسلام والأمان والرخاء.
المسيح قام .. حقا قام..
مع محبتي الأبوية وشكري.
+ الأنبا إبراهيم اسحق
بطريرك الإسكندرية للأقباط
الكاثوليك