كنيسة للجميع! النص الكامل لمقالة "كنيسة للجميع"بقلم الخوري نسيم قسطون
بيروت, 31 مارس 2013 (زينيت) - لا شكّ بأن انتخاب البابا فرنسيس قد
اثار ضجّة كبيرة في العالم! ولا شكّ في أن سلوكه البسيط أثار
إعجاب معظم النّاس الّذين استساغوا طريقته "الشعبيّة" في مقاربة منصب
يعتبر من الأهمّ على مستوى كوكبنا الأرض.
ولكن لا بدّ من التوقّف أمام اللقب
الّذي تردّد كثيرًا في الايّام الأخيرة وهو "بابا الفقراء" وقد كنت
أيضًا ممّن استخدموه إلى أن تنبّهت إلى مسألةٍ خطيرةٍ بدأت بالظهور تدريجيًّا في
وسائل الإعلام.
فقد دأبت هذه الوسائل المتعدّدة من
تلفازٍ وصحف ومواقع إلكترونيّة على التركيز على تصرّفات البابا بصورةٍ كثيفة وعمد
بعضها إلى إجراء مقارنات مع أسلافه بصورةٍ تجعل القارئ يظن وكأن الكنيسة لم تكن
معنيّة بالفقراء قبل قدوم البابا فرنسيس!
لذا يأتي المقال ليؤكّد على
حقيقة أساسيّة: الكنيسة لجميع النّاس وليست كنيسة الفقراء بمواجهة الأغنياء كما
ليست كنيسة الأغنياء بمواجهة الفقراء، بل جماعة المؤمنين الّذين يهتمّ كلّ منهم
بالآخر وفق تعاليم الربّ يسوع ووفق النّموذج الّذي طبّقته الكنيسة الأولى ومن هناك
ننطلق.
1- في
الأناجيل: كنيسة للفقراء وللأغنياء!
ولد الربّ يسوع كالفقراء في مكانٍ
وضيع هو مزود في قاعة للضيوف (لوقا 2: 7) وقدّمت عنه في الهيكل تقدمة
الفقراء، "زَوجَيْ يَمَام، أَو فَرْخَيْ حَمَام" (لوقا 2: 24).
وتضامن كثيرًا مع الفقراء وكان له
الكثير من المواقف في مواجهة الأغنياء ولكنه لم يشجّع الفقير كي بيقى فقيرًا ولم
يهاجم الغنيّ لمجرّد أنّه غنيّ!
هناك نصٌّ أثّر كثيرًا في تفسير موقف
يسوع تجاه الأغنياء وهو نصّ الشاب الغنيّ ونقتبس منه، بعد أن أكّد ليسوع بأنّه
يحفظ الوصايا، ما يلي: "قَالَ لَهُ يَسُوع: "إِنْ شِئْتَ أَنْ تَكُونَ
كَامِلاً، فَاذْهَبْ وبِعْ مَا تَمْلِك، وأَعْطِ الفُقَرَاء، فَيَكُونَ لَكَ
كَنْزٌ في السَّمَاء، وتَعَالَ اتْبَعْنِي!". فلَمَّا سَمِعَ الشَّابُّ هـذَا
الكَلامَ مَضَى حَزِيْنًا، لأَنَّهُ كَانَ صَاحِبَ مُقْتَنَيَاتٍ كَثِيْرَة.
وقَالَ يَسُوعُ لِتَلامِيْذِهِ: "أَلـحَقَّ أَقُولُ لَكُم: يَصْعُبُ على
الغَنِيِّ أَنْ يَدْخُلَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَات". وأَيْضًا أَقُولُ لَكُم:
إِنَّهُ لأَسْهَلُ أَنْ يَدْخُلَ جَمَلٌ في ثِقْبِ إِبْرَة، مِنْ أَنْ يَدْخُلَ
غَنِيٌّ مَلَكُوتَ الله"." (متى 19: 21-24)!
لطالما فسّر هذا النصّ من قبل
الكثيرين كإدانة للغنى بشكلٍ عام... ولكن وجود عدّة أغنياء في محيط يسوع المباشر
يدحض هذه المقولة وخاصّةً في نموذج زكّا العشّار (لوقا 19: 1-10) الّذي قبل
يسوع توبته بمجرّد أن فكّر بالتعويض على من أساء إليهم أو ظلمهم وقدّم ممّا لديه
للفقراء!
ما يجب أن نفهمه من خلال نصّ الشاب
الغنيّ كما من خلال نصّ الغنيّ الجاهل (لوقا 12: 16-21) هو أن يسوع يدين
الغنيّ الأنانيّ والغنيّ الّذي لا دور للّه في حياته ويحبّ المال أكثر من الله!
من جهةٍ أخرى، لم يطوّب الربّ الفقراء
لأنّهم فقراء بل لأنّهم "فقراء بالرّوح" (متى 5: 3) أي على
استعداد ليملأهم الله من روحه بدل أن ينتفخوا من روح العالم!
ولو أراد الربّ أن يبقى الفقراء فقراء
لما شجّع على العطاء والصدقة والتضامن من خلال تعاليمه (متى 6: 2-4) ،على أن
تبقى هذه المساعدات سريّة كي لا تحرج المحتاج ولا تنفخ المعطي!
وكذلك لم يطوّب الربّ الجياع إلى
الطعام والعطاش إلى الشراب، بل طوّب الجياع والعطاش إلى البرّ (متى 5: 6) أي
إلى سماع كلمة الله والاتّحاد به والعمل بوصاياه!
حارب الربّ يسوع بوضوح الفقر والجوع
والحرمان ولم يشجّع أحدًا على البقاء على حاله كما حارب الأنانيّة لدى الأغنياء...
ولكن منطلقه كان المحبّة وليس وضع الفقراء والأغنياء بمواجهة بعضهم البعض بل بناء
جسر تواصل فيما بينهم على قاعدة المحبّة الشاملة...
لا بدّ هنا أيضًا من التنبيه بأنّ
الربّ يسوع حذّرنا من مغبّة استغلال محبّة الفقراء لتمرير مشاريع مشبوهة يوم ورد
في نصّ دهنه بالطّيب ما يلي:" وأَخَذَتْ مَرْيَمُ قَارُورَةَ طِيبٍ مِنْ
خَالِصِ النَّاردِينِ الغَالِي الثَّمَن، فَدَهَنَتْ قَدَمَي يَسُوعَ،
ونَشَّفَتْهُمَا بِشَعْرِهَا، وعَبَقَ البَيْتُ بِرَائِحَةِ الطِّيب. قَالَ
يَهُوذَا الإِسْخَرْيُوطيّ، أَحَدُ تَلامِيذِ يَسُوع، الَّذي كَانَ مُزْمِعًا أَنْ
يُسْلِمَهُ: "لِمَاذَا لَمْ يُبَعْ هـذَا الطِّيبُ بِثَلاثِ مِئَةِ دِينَار،
ويُوَزَّعْ ثَمَنُهُ على الفُقَرَاء؟". قَالَ هـذَا، لا اهْتِمَامًا مِنْهُ
بِالفُقَرَاء، بَلْ لأَنَّهُ كَانَ سَارِقًا، والصُّنْدُوقُ مَعَهُ، وكَانَ
يَخْتَلِسُ مَا يُلْقَى فِيه. فَقَالَ يَسُوع: "دَعْهَا! فَقَدْ حَفِظَتْهُ
إِلى يَوْمِ دَفْنِي! أَلفُقَرَاءُ مَعَكُم في كُلِّ حِين. أَمَّا أَنَا فَلَسْتُ
في كُلِّ حِينٍ مَعَكُم"." (يوحنّا 12: 3-8).
لا يعني ذلك أبدًا إهمال يسوع للفقراء
بل حرصه على عدم استغلالهم لمآرب خاصّة أو لتحقيق مكاسب شخصيّة باسمهم وباسم
حاجاتهم.
ولا ضرورة للشرح بأن الربّ يسوع رفض
استخدام العنف كوسيلة لتحقيق العدالة الاجتماعيّة مفضّلًا الموت على الصّليب
والغفران لصالبيه دون أن يعني ذلك أنّه على الإنسان السكوت عن حقوقه البديهيّة
لأنّه كان المبادر للدّفاع عنها إنطلاقًا من اعتباره كلّ النّاس أبناء لله،
متساوين في الكرامة وفي حقّ الوجود!
هذا ما فهمته الجماعة المسيحيّة
الأولى، كما سيظهر من خلال كتاب أعمال الرّسل.
2- أعمال
الرّسل وآباء الكنيسة: الكنيسة النموذج!
في كتاب أعمال الرّسل، يرد ما يلي:
أ- "وكَانُوا مُوَاظِبينَ عَلى
تَعْلِيمِ الرُّسُل، والـمُشَارَكَة، وكَسْرِ الـخُبْز، والصَّلَوَات" (أعمال
الرّسل 2: 42).
ب- "وكَانَ الـمُؤْمِنُونَ
كُلُّهُم مُتَّحِدِينَ مَعًا، وكَانُوا يَتَشَارَكُونَ في كُلِّ شَيء،
فَيَبِيعُونَ أَمْلاكَهُم ومُقْتَنياتِهِم، ويُوَزِّعُونَ ثَمَنَهَا عَلى
الـجَمِيع، بِحَسَبِ حَاجَةِ كُلٍّ مِنْهُم" (أعمال الرّسل 2: 44-45).
ت- وبِقُوَّةٍ عَظِيمَة، كَانَ
الرُّسُلُ يُؤَدُّونَ الشَّهَادَةَ بِقِيامَةِ الرَّبِّ يَسُوع. وكَانَتْ
عَلَيْهِم جَمِيعًا نِعْمَةٌ عَظيمَة. فَمَا كَانَ فِيهِم مُحْتَاج، لأَنَّ
جَمِيعَ الَّذِينَ كَانُوا يَمْلِكُونَ حُقُولاً أَو بُيُوتًا، كَانُوا
يَبيعُونَهَا وَيَأْتُونَ بِثَمَنِ الـمَبِيعَات، ويُلْقُونَهُ عِنْدَ أَقْدَامِ
الرُّسُل، فَيُعْطَى كُلُّ مُؤْمِنٍ عَلى قَدْرِ حَاجَتِهِ. (أعمال الرّسل
2: 33-35).
هذه الأمثلة توضح كيف أنّ الجماعة
المسيحيّة أسّست لمفهوم "المشاركة" ((communion الّذي يشبه شكلًا المفهوم الاشتراكيّ ولكنّه
يختلف عنه في الجوهر!
فالمسيحيّون الأول تشاركوا بمبادرات
حرّة من الأقدر تجاه الأقلّ قدرة وليس وفق آلية نظام يحدّد الحقوق والواجبات أو
يفرض على أحدٍ ما ليس بإرادته كتأميم الأملاك أو ما شابه، فضلًا عن أن هذه
المشاركة كانت نظام عيش وليس نظامًا سياسيًّا أو اقتصاديًّا!
وهنا ترد قصّة حننيا وزوجته لتؤكّد
على طابع الحريّة وعدم الإجبار في هذه المسألة. فالمذكوران باعا ملكًا لهما
واختلسا قسمًا من المبلغ وأعطوا الباقي للرسل على أنه الثمن الكامل... فلامهما
الرّسل على الكذب ومات كلاهما... (أعمال الرسل 5: 1-11).
أمّا في الفصل السادس من أعمال الرّسل
فنجد بأن الرّسل كلّفوا شمامسة بمهام الخدمة كي يعطوا الأولويّة لخدمة كلمة الله
وهو ما يدلّ على أنّ الرسل لم ينجرفوا إلى تحويل الكنيسة إلى مؤسّسة للشؤون
الاجتماعيّة بل تنبّهوا إلى أن دورها الرّسولي يشمل ناحية اجتماعيّة دون أن يقتصر
عليها فقط!
هذا ما أوضحه البابا فرنسيس في عظة
قدّاسة الأوّل كحبرٍ أعظم قائلًا: "إن لم نعترف بيسوع المسيح فذلك يعني أنه
يوجد شيء متعسّر. سنضحي منظمة غير حكومية، تعنى بالمساعدات، ولن نكون الكنيسة،
عروسة المسيح".
ستتبلور أكثر مقاربة الكنيسة لمسألة
الفقر والفقراء مع آباء الكنيسة وتكفي الإشارة إلى كتابات القدّيسين يوحنا فم
الذهب وباسيليوس الكبير لنفهم وقوف الكنيسة إلى جانب المحتاج وتأنيبها للغنيّ
الأنانيّ لدرجة حدت بأحد الآباء إلى القول: " إن كنت تملك ثوبين في خزانتك
فواحدٌ لك وأمّا الثاني فقد سرقته من الفقير"!!!
3- تاريخ
الكنيسة: نحو بناء جماعة متضامنة!
بعد مرحلة الآباء، بقيت الكنيسة على
الدوام إلى جانب الفقراء وشجّعت على الفقر الإختياري حين يكون سبيلًا للبلوغ إلى
الله وهو ما قاد إلى تأسيس الانماط الرّهبانيّة والنسكيّة في الشرق والغرب على
السّواء وأضحى الفقر أحد النذور الأساسيّة في الحياة الرّهبانيّة.
ولكن، في الوقت ذاته، لم تشجّع
الكنيسة الفقراء على البقاء على حالتهم فبدأ ينمو نموذج بناء القرى حول الأديار
حيث يشكّل الدير والقرية وحدة اقتصاديّة مكتفية بذاتها من خلال الزراعة وتبادل
المنتجات ما بين النّاس وما بين النّاس والدّير ومن نماذج هذا التبادل الأساسيّة:
يعلّم الرهبان النّاس التعليم الأساسيّ ويبادلهم النّاس بالعطايا والمنتجات
الزراعيّة أو الحيوانيّة...
ولطالما حاربت الكنيسة الكسل فألزمت
حتّى النسّاك على العمل من أجل تأمين طعامهم إنطلاقًا من القاعدة التي أرساها مار
بولس: "إِذا كَانَ أَحدٌ لا يُرِيدُ أَنْ يَعْمَل، فعَلَيْهِ أَيْضًا أَنْ لا
يَأْكُل!" (2 تسالونيقي 3: 10).
ويوم دخلت روح الكسل إلى بعض
الرهبانيّات، قامت محاولات للإصلاح في فترات متقاربة جدًّا تاريخيًّا كالإصلاح
الترابيستيني مع القدّيس برناردوس والإصلاح الكرمليّ مع القدّيسين يوحنّا الصليب
وتيريزيا الأفيليّة والإصلاح الفرنسيسكاني مع القدّيسين فرنسيس وكلارا.
هناك على الدّوام من يرغب برؤية نصف
الكوب الفارغ عبر الإشارة إلى الشواذات في الكنيسة ويتناسى أنّ معظم قدّيسيها
عاشوا أفقر من النّاس أو أقلّه بينهم أو تواضعوا وهم في مراكز مهمّة كحالة الملك
لويس التاسع في فرنسا مثلًا.
فمن يريد أن ينتقد الكنائس المنمّقة
بالذهب نقول له لقد سبقك يوحنا الذهبيّ الفم إلى ذلك ولسنا طبعًا مع بناء كنائس
مذهبّة على حساب الفقراء...
ولكننا لسنا مع من يصوِّر كنيسة أنجبت
يعقوب الكبّوشي والأخت تيريزا دو كلكوتا والأخت إيمانويل في مصر ومار منصور والأب
بيار... وكأنّها كنيسةٌ للأغنياء أو كنيسةٌ تتملّق للأغنياء وهو ما يظهره بوضوح
تعليم الكنيسة في العصر الحديث، بعد قيام الثورات في أوروبّا.
4-
تعليم الكنيسة: كنيسة "الفرح والرّجاء"
هذه العقليّة الباحثة عن تراكم الثروة
هي التي دفعت كارل ماركس للثورة على البعد الديني الكامن خلف الجشع واللهاث لتحقيق
الأرباح وهو الّذي أسّس لما ورد من مبادئ في كتابه حول "رأس المال".
بالمقابل، لا بدّ من التوقّف عند
الأحداث التاريخيّة التالية لتأكيد ثبات الكنيسة عبر التاريخ في موقفها تجاه
التضامن الدّائم مع قضيّة الفقراء.
ففي العام 1887 تأسّست نقابة موظّفي
التجارة والصناعة في 13 أيلول حيث جمع الأخ هييرون (جان جيرودياس) من إخوة المدارس
المسيحيّة 18 عاملًا هذه النقابة لتشكّل أساس العمل النقابي في فرنسا.
أ- "الشؤون الحديثة"
(1891). عام 1891 اصدر البابا لاون الثالث عشر الرسالة العامة "الشؤون
الحديثة". فكانت تلك الرسالة نقطة تحول اساسية في حياة الكنيسة في ما يتعلق
بتعاطيها مع "القضية العمالية" حول وضع العمال والاجور والتحولات
الصناعية، اذ للمرة الاولى في التاريخ تأخذ الكنيسة موقفاً عالمياً ورسمياً من تلك
القضية، ولا تكتفي بالاجابة على بعض الاسئلة والتساؤلات المطروحة او باقتراح حلول
جزئية لمشاكل ومسائل ظرفية. أراد فيها البابا لاون الثالث عشر قطع الطريق على
مواقف تطرف الحل الاشتراكي للقضية العمالية. وأراد ايضاً وضع الامور في نصاب العقل
الهادئ، والمنطق السويّ، والعدالة، في إطار فلسفة تتجاوز الظاهر المادي، العرضي في
ذاته، لتبلغ جوهر طبيعة الانسان سيد المادة، وتؤكد لكل ذي حق حقه توصلاً الى عدالة
اجتماعية صحيحة. ومن المعروف ان تلك الوثيقة اصبحت مرجعاً اساسياً استندت اليه
الدول والحكومات لسن القوانين والشرائع الاجتماعية، ولوضع ما سمي في ما بعد
بـ"قانون العمل". يبني البابا لاون الثالث عشر الملكية الخاصة على العدل
فيقول: المُلك الخاص ما هو الا نتيجة أجرة العامل وتعب يديه (4). ويستند البابا في
مطالباته ايضاً بالمحافظة على الملكية الخاصة، على واجبات الانسان العيلية (10).
وهكذا فالاشتراكيون باحلالهم عناية الدولة مكان العناية الابوية يذهبون ضد العدالة
الطبيعية ويفككون اللحمة في العائلات (11). وتربط هذه الرسالة الأجر العادل بتأمين
الحاجات (17). إن ما يجعل أمة تزدهر، هو احترام العدالة والاعتدال في فرض الضرائب
(26).
ب- وفي الرسالة العامة "اربعون
سنة" (1931)، حول تنظيم المجتمع بروح الانجيل، بمناسبة مرور أربعين سنة على
رسالة الشؤون الحديثة للبابا لاون الثالث عشر. يرى البابا بيوس الحادي عشر ان
تنظيم العلاقات بين رأس المال والعمل يجب أن يتم وفقاً لمقتضيات العدالة التبادلية
وفي اخضاع المنافسة الحرة والتحكّم الاقتصادي لسلطة الدولة وفقاً لشرائع عامة تصون
العدالة الاجتماعية (11). "فالعدالة المسماة تبادلية هي التي تفرض احترام
الاملاك المختلفة وتمنع أياً كان من أن يتخطى حدود حقه الخاص ويتعدّى على حق
غيره" (47). فيقول: "قانون العدالة الاجتماعية لا يسمح بأن تمنع طبقة
اجتماعية ما طبقة اخرى من المشاركة في هذه المنافع". بل ينبغي ان توزّع، على
اساس متطلبات الخير المشترك ومبادىء العدالة الاجتماعية، موارد هذا
العالم"(57).
ت- وفي الرسالة العامة
"الحبريّة العظمى" (1939) يقول البابا بيوس الثاني عشر، لا يمكن التمسك
بفكرة التقدم غير المحدود(78)، ولكن السلطات تعدنا بنظام جديد مبني على العدالة
والازدهار(79). فلا بد من الدعوة الى تجديد "روحي ديني" ينبع من المسيح
ويتأسس عليه، تُجسّده العدالة وتكلله المحبة (83). وتود الكنيسة ان يرى جميع الناس
الرب يسوع المسيح وكنيسته في نورهما الحقيقي، بحيث ان الذين بأيديهم السلطة
"يسمحون لها بأن تعمل بحرية لتثقيف الجيل الطالع بحسب مبادىء العدالة
والمحبة"(93). وأن السلام الحقيقي يجب ان يرتكز على العدل والحقيقة.
ث- وفي رسالته العامة "ام
ومعلمة" (1961) يؤكد البابا يوحنا الثالث والعشرون ان تحديد قيمة الاجر يجب
الا يترك أمره للمضاربة الحرّة ولا لمزاجية الأقوياء، بل يجب ان يحدد طبقاً للعدل
والإنصاف (71). وان العدالة الاجتماعية تفرض على التطور الاجتماعي ان يواكب التطور
الاقتصادي. وان ازدهار شعب ما، هو نتيجة توزيع الثروات والخيرات توزيعاً
عادلاً(74).
ج- في الرسالة العامة "السلام
على الارض" (1963) يقول البابا يوحنا الثالث والعشرون بأن العلاقات بين
المجتمعات السياسية يجب ان تتم في الحقيقة والعدل والتضامن والمحبة (35-36).
ويقتضي العدل من السلطات السياسية الاهتمام بالاقليات الإتنية من جهة اللغة
والثقافة والثروات والنشاطات الاقتصادية (96). ومن علامات الازمنة التي رصدتها
الرسالة رفض اللجوء الى الحرب لإحقاق العدالة (127).
ح- "الكنيسة في عالم اليوم، فرح
ورجاء" (1965) تقول ان النظام الاجتماعي يجب ان يبنى على العدالة (26)، وإن
على البشر ان يعملوا كي تسود العدالة (35). والسلام عمل العدالة (77 – 78).
خ- في الرسالة العامة "ترقّي
الشعوب" (1976) حول الإنماء الشامل للشعوب، يرى البابا بولس السادس، مع
المجمع الفاتيكاني الثاني أنه "على خيرات الخلق تصبّ بإنصاف بين أيدي الجميع،
بمقتضى سنة العدل الذي لا ينفصم عن المحبة" (22). وأن التزامات الشعوب،
النابعة من جذور الأخوة الانسانية والفائقة، تقتضي "حق العدالة الاجتماعية"
(44). ويثبت تعليم لاون الثالث عشر في "الشؤون الحديثة": ان رضى الأطراف
اذا كانوا على وضع شديد التفاوت، لا يكفي لضمانة عدالة الفقر". "فهذا
الذي كان صحيحاً بالنسبة الى عدالة أجرة الفرد هو إياه أيضاً بالنسبة الى العقود
الدولية... أن حرية التبادل لا تكون نصيفة إلا بخضوعها لمقتضيات العدالة
الاجتماعية"(59).
د- في الرسالة العامة "فادي
الانسان" (1979) يعالج البابا يوحنا بولس الثاني الاخطار التي تهدد انسان
اليوم ويقول: "ان حالة الانسان اليوم تبتعد على ما يبدو عما تطلبه
العدالة" (16/1). ويبدو انه في عالمنا المعاصر انتشر حسّ العدالة. وهذا الحس
يُظهر بشكل أشد ما يناقض العدالة في العلاقات بين الناس وبين الطبقات وبين
الجماعات وبين الدول. "وقد اصبح مبدأ حقوق الانسان مرتكزاً للعدالة
الاجتماعية" (17/7).
(إنتهى الاقتباس من المقال)
أمّا البابا بينيدكتوس السادس عشر
فسنورد أهمّ ما ورد في كلمته أمام المشاركين في المؤتمر في الذكرى 50 ل Mater
et Magistra للبابا يوحنا
الثالث والعشرين التي نشرت في عام 1961، وبعد 70 سنة من Rerum
Novarum للبابا
لاوون الثالث عشر، حيث دعا البابا بينديكتوس إلى العدالة "على الصعيد
العالمي"، عبر وقف التوزيع غير العادل للموارد. كما أعرب البابا عن قلقه إزاء
أوجه التفاوت التي تميز عصرنا على حساب الفقراء ولا سيّما الظواهر المتعلقة
بالتمويل وما يؤدّي إلى مزيد من إفقار الذين يعيشون بالفعل في حالات هشاشة شديدة.
كما انتقد البابا الزيادة في أسعار موارد الطاقة الأساسية داعيًا إلى البحث عن
مصادر الطاقة البديلة مشيرًا إلى ضرورة "التوزيع العادل للموارد المادية وغير
المادية، وعولمة الديمقراطية الاجتماعية والتشاركيّة". وشدّد على وجوب بناء
علاقة ما بين العدالة والسياسة وضرورة أن تكون "السلطة السياسية صادقة
وشفافة" ودعا إلى تقديم شهادة "وفقا للإنجيل" وتجسّدة في
منطق المحبة والإخاء.
كلّ ما سبق يظهر انسجام الكنيسة
مع تعليم الربّ يسوع حول الفقر والفقراء...
نعم ولكن البابا فرنسيس هو في
خطى أسلافه بابا لكنيسة جامعة، تحضن الفقير دون أن تشجّعه على الكسل وتحفّز الغني
كي لا تقتله الأنانيّة.
نعم لدينا بابا خليفة للرسل ولكنيسة
مات ربّها في سبيل خلاص الإنسان وقام كي يمنحه الحياة بوفرة (يوحنّا 10: 10)
وبكرامة.
لدينا بابا لكلّ إنسان ولكلّ الإنسان:
البابا فرنسيس، فقير مع الفقراء وغنيّ بالربّ ليغني الأغنياء...
المونسينيور توماسي: يجب الحد من
إنتقال الأيدز من الأمّ إلى طفلها دعوة إلى منظّمة الأمم المتحدةبقلم ميريام سركيس
روما, 31 مارس 2013 (زينيت) - في مداخلة له قال المونسينيور سيلفانو
توماسي، وهو المراقب الدائم للكرسي الرسولي لدى الأمم المتحدة ومنظمات دولية أخرى
في جينيف، خلال الجلسة الثانية والعشرين من مجلس حقوق الإنسان التي عقدت في 7 مارس
2013 وتناولت "الجلسة السنوية ليوم حقوق الطفل"، للسيد الرئيس أنّه لشرف
عظيم له أن يتمّ توكيله للتركيز على حقّ الطفل بالتمتع بصحة جيّدة وأنّه يطالب
بالإنتباه إلى موضوع هام يجب مناقشته ألا وهو وضع الأطفال الذين يعيشون مع فيروس
نقص المناعة البشرية (الأيدز) والمصابين بعدوى مرض السل. وما زال هناك عوائق،
وبخاصّة في البلدان ذات الموارد المحدودة التي تمنع الأطفال الذين يعيشون مع فيروس
نقص المناعة البشرية من الحصول على العلاج المناسب للتغلب على المرض وذلك رغم وجود
علاجًا فعالًا له. وأردف قائلًا بأنّ الصعوبة في كشف
العدوى عند الأطفال ما دون الـ 18 شهرًا تعيق بشكلٍ كبيرٍ علاجهم من فيروس نقص
المناعة البشرية ويمكن للأطفال المقيمين في بلدان ذات الدخل المرتفع الخضوع إلى
تشخيص دقيق خلال 48 ساعة بعد الولادة غير أنّ الأطفال المقيمين في بلدان ذات الدخل
المنخفض يصعب عليهم الخضوع إلى مثل هذا التشخيص بسبب كلفته الباهظة وعدم توفّر
الإختبارات المختصة والمتطورة والمختبرات المجهزة ومقدمّي الرعاية الصحية
المتدربين. ويصل معدل الأطفال المصابين بهذا الفيروس عبر إنتقاله من ثدي الأم عند
الولادة والرضاعة الطبيعية 90% حيث سُجلّت عام 2011 330000 حالة جديدة لأولئك
الأطفال رغم المداخلات لمنع نقله.
وأشار إلى ما ورد عن الكرسي الرسولي
بأنّ عدد الأطفال المصابين بالفيروس قد ينخفض بسرعةٍ في حال زادت إمكانيّات الوصول
إلى برامج متخصّصة للحدّ من هذا الإنتقال وذلك بواسطة تشخيصٍ مبكرٍ للأمّهات
وتوفير لهنّ علاجات مضادة للفيروسات القهقريّة. كما أكّد بأن إنعدام الرعاية
والعلاج يسبّب وفاة ثلثي الأطفال الذين يولدون وهم مصابين بالفيروس عند بلوغهم
السنة الأولى ونصفهم عند السنة الثانية. مع ذلك، على الأطفال الخاضعين للعلاج
المضاد للفيروسات الناشطة للغاية تناول ثلاثة أدوية مختلفة مضادة للفيروسات
القهقرية عدة مرّات في اليوم بغية منع تطور الفيروس لاحقًا. ويجب تركيب هذه
الأدوية بطريقة مختلفة عن تلك الخاصة بالكبار وأخذ الظروف المناخية بالإعتبار
والجدير بالذكر أيضًا أنّ عدم توفّر مياه الشرب، والغذاء الكافي والكهرباء في
العديد من المناطق ذات الدخل المرتفع يهدّد نوعيّة العلاج فمن غير الكافي تنويع
تلك الأدوية وذلك بسبب ضعف سوق الأدوية لتأمين هذا النوع من البحوث.
أخيرًا، أشار المونسينيور توماسي،
خلال حدث نُظّم في 6 مارس 2013، إلى أنّ كلّ تلك العوائق المذكورة أعلاه تمنع
الطفل من حقّه في التمتع بصحة جيدة المعترف به في الإتّفاقيّة بشأن حقوق الطفل
وإلى أنّ توكيله كان بسبب التجارب التي إكتسبها من منظمات كاثوليكيّة متّصلة
بالكنيسة والتي من شأنها تعزيز حقوق الطفل وحمايتها وأنّ دراسة حديثة لمكافحة
الأيدز وشبكة من المنظمات الكاثوليكيّة غير الرسميّة لتقديم الدعم الماديّ
والمساعدة التقنية للبرامج التي تُعنى بالأيدز في البلدان النامية تُظهر جهود تلك
البرامج للقضاء على إنتقال الفيروس. وأضاف بأنّ البابا شدّد، خلال اليوم العالمي للأيدز
عام 2012 على أنّ هذا المرض يصيب البلدان الفقيرة بشكلٍ خاص وأنّه يصلي على
نيّة الأطفال الذين يصابون بالمرض من أمّهاتهم على الرغم من وجود أدوية وقائيّة
لذك ويشجع المبادرات الكنسيّة لوضع حدٍّ لهذه الآفة. زد على ذلك أنّه طالب
بالتعاون مع شركات أدوية ومعاهد بحوث لحماية كرامة الطفل الذي يعيش مع فيروس نقص
المناعة البشرية والمصاب بعدوى مرض السل من خلال تأمين التدابير اللازمة.
كيف ينقل الطبيب الأمل مع التشخيص؟ بحسب رأي البروفيسور جوزيبي نوياروما, 31 مارس 2013 (زينيت) - بحسب رأي البروفيسور جوزيبي نويا، إن
ردّة الفعل على خبر انتظار طفل قد شخّص له بتشويه معيّن يعتمد على استشارة الطبيب
المناسب ومواجهة صحيحة لخوف الوالدين إن البروفيسور نويا، خبير في
طبّ ما قبل الولادة ومسؤول في مستشفى جيميللّي في روما، حدّثنا عن مدى أهميّة
الدور الذي تلعبه الاستشارة الدقيقة والصحيحة، أمام والدين لحظة معرفتهما بأن
الجنين المنتظر بحبّ كبير يحمل تشويهًا معيّنًا. يعتبر البروفيسور نويا بأن خيار
الأهل باستقبال أو التخلي عن الجنين المنتظر يعتمد على الطريقة الصحيحة بنقل
الموضوع حتى لا يتملك الخوف والذعر على عقل الوالدين.
أغلبيّة
الأزواج يصلون إلى جمعيّة ’كوريشا ميلليناريا’ بعد تلقيهم التشخيص المشؤوم،
الذي هو بحدّ ذاته أمر مؤلم. ولكنك لاحظت بأن الجرح الأكثر ألماً يتأتى من الطريقة
اللاإنسانيّة التي تعلن بها نتائج التشخيص. هنا تكمن أهمية الاستشارة... لماذا
تبدو مهمّة لهذا الحد معرفة إعطاء نتيجة التشخيص؟
على ضوء الاستشارة يرتكز مصير العديد
من الأطفال. أهميّة الاستشارة تكمن في كيفيّة تقديم شرح علمي وجدي للواقع، حول وضع
الجنين في الرحم، غالباً، ان الخوف والجهل لدى العاملين في المجال اللذين لا
يفقهون حقّاً التشخيص الطبيعي لأمراض الأجنّة، يولّد لديهم نوع من الشكّ
التشخيصيّ، وطريقة عرض هذا التشخيص يصبح ضروريّ للمرأة والعائلة لتحاشي خيار
الإجهاض المدمّر.
هل برأيك أن موضوع
’الاستشارة’ يحظى بتقدير عادل في الأوساط الطبيّة؟
ان هذا السؤال بغاية الأهميّة، العديد
من الأطباء والتقنيّن والممرضين يعتبرون أن لحظة الاستشارة لا تعني فقط الوضع
الطبيّ ولكن أيضاً الوضع القانوني الطبيّ. وللأسف ان في بعض الأحيان تفهم
الاستشارة كأنها عامل ضغط لحضّ النساء على أخذ خيارات بعيدة عن أهميّة الاستشارة
وواقعها الطبيّ. هناك كتاب جميل تحت عنوان "ولادات متمرّدة"، لكاتبة
أمريكيّة، تظهر كيف أن في المجتمع الأمريكي، كأن الأطباء يدفعون بالنساء لخيار
الإجهاض متناسين بذلك بأن الاستشارة يجب أن تكون موقف طبيّ ’حياديّ’ بالمطلق. وبعد
ذلك يبدأ التعرّض لمصير الطفل... في تلك اللحظة يتوجّب علينا، نحن الأطباء اللا
نكون حياديين فيما يتعلق بمصير الطفل، انما يتوجّب علينا أن نكون ’موضوعيين’
ونتمتّع ’بجديّة علميّة’ حول ما يتعلّق فعليّاً بما هي الطبيعة الحقيقيّة لهذا
المرض. وبهذه الطريقة يمكننا اعطاء الطفل الاعتبار الكامل.
وبالتالي، أن القدرة على تقديم استشارة
دقيقة يجب أن تتماشى مع معرفة استعمال هذه التقنيّة. إذ أننا عندما ننقل بشكل
موضوعيّ حالة الجنين علينا مرافقتها ببعض الأحاسيس. لا يجب علينا التصرّف
بلامبالاة تجاه مصير ذلك الطفل. واجبنا القول، على سبيل المثال: "أنظري، هناك
وادٍ وإذا ذهبت إليه ستصابين بالأذى"... هذا بالشكل الموضوعيّ. وإذا كان جواب
المرأة بأنها تريد الذهاب بكل الأحوال، هنا يجب أن ندخل القليل من الأحاسيس، مع
الشرح المطوّل والدقيق حتى نتمكن من إفهامها بكل الأمور. هذا قسم من الإستشارة:
ليس فقط معرفة المشكلة، بل معرفة التعامل مع الخوف والصعوبات التي ستواجههما
المرأة والزوجين.
لماذا، برأيك، اللجوء إلى
الإجهاض اليوم أصبح أمرًا معتادًا؟
لأننا نحيا في مجتمع حيث الألم
والتضحية لا يجب أن يتواجدا. في أيامنا هذه، عيش مفهوم تخفيف الألم مقبول بشكل
جزئيّ فقط. الميل اليوم هو باتجاه محو الألم، وهنا يأتي الخطأ المزدوج، أولاً لأنه
لا يجوز "محو الألم، بمحي المتألّم" وثانياً لأنّه قد يتمّ تهدئة الألم
ولكن لا يمكن محوه من حياة الإنسان. يجب اعطاء العلم القدرات التي لم يتم منحها
حتى اليوم. ومع قدرات القلب، يمكن مشاركة الآخرين بآلامهم، ومساعدتهم على تهدئة وفي
بعض الأوقات شفاء الآلام.
ما هو التزامك مع جمعيّة
’كوريشا ميلليناريا’؟
أكثر من التزام يمكن تسميته هبة،
قادمة من الله. لا يمكننا إلّا أن نشكر، لأن هذه الحقيقة تجعلنا ننضج فنجعل
المعرفة بخدمة الإنسان، وتصبح عندها العلوم بخدمة الإنسان. لا أعتقد بأن أحد غير
الله قد يتمكن من خلق طريقة لمساعدتنا نحن الأطباء أمام معاناة وبطولة هذه العائلات.
نحن عطاء لهم وهم بدورهم عطاء لنا... وجمعيّة ’كوريشا ميلليناريا’ هي عطاء للجميع!
(إنها جمعيّة الأطفال الذين عادوا إلى السماء).
تحدثت في كتابك الذي تشاركك
بكتابته سابرينا بيترانجيلي بالوتزي عن مرافقتك للأزواج الذين علموا بأن ابنهم
سيموت قريباً. ماذا تمثّل ومثّلت هذه العائلات لك؟
يمثلون ما يسميه العهد القديم
"تذكر يا إسرائيل". هم شهادة حيّة تاريخيّة لكم أن مهنة ممارسة بصدق
وجهد تتحوّل ليصبح خدمة. ويجب مواجهة الفقر الشديد بالحب الكبير.
أين تجد هذه العائلات القوّة
لاستقبال طفل مصيره الموت المؤكّد؟
يجب عليّ القول بأنّ "الموت
المؤكّد" و"الجنين المنازع"، عباراتان تمثّلان الوضع الخطير
للجنين. لدينا مجموعة من "حقائق لا يمكن شرحها" قد غيّرت تاريخ طفل،
لنتمكن من التأكيد على ذلك. ولذلك فإن جمعيتنا بدأت مع قصّة طفل ذات "أمور لا
يمكن شرحها" قد كتب على ملفّه الطبيّ "حلّ طبيعي" ولكن لا يمكن
شرحه "عجائبي". غير أن الأطفال الذين قد تشخّص لهم عدم النجاة خارج
أحشاء والدتهم هم هبة رائعة للوالدين. وطريقة مرافقتهم لهذا الطفل مليئة بالمعاناة
ولكن ليس بفقدان الأمل أبداً. إن القبول بالطفل المريض، ومرافقته، حتى الموت
بذاته، يصبح ممكناً لأنه ممزوج بالحبّ والقبول، مع الإقتناع بأن خلف هذه الحياة
الفارغة ودون مستقبل، يختبئ مشروع حب سيظهر مع الوقت. وغالباً ما يعطي الوقت الحقّ
لهذه العائلات.
أخبارلقاء معايدة بالفصح المجيد في مطرانية
زحلة للروم الكاثوليك زحلة, 31 مارس 2013 (زينيت) - استضافت مطرانية زحلة للروم الكاثوليك
لقاء معايدة بالفصح المجيد، جمع اساقفة المدينة : عصام يوحنا درويش، اندره حداد،
منصور حبيقة، اسبيريدون خوري، يوستينوس بولس سفر وجورج اسكندر ، وكهنة المدينة
وراهباتها والشمامسة والإكليريكيين من كل الطوائف . بداية اللقاء كانت مع صلاة للمطران
درويش وترانيم فصحية من جوقة المطرانية، القى بعدها سيادته كلمة توجه فيها
بالمعايدة بإسم السادة الأساقفة الى الكهنة والراهبات والى كل الحاضرين ومما
قال " بيسوع القائم من بين الأموات نجد المغفرة، لأن خطايانا غسلت بموته
وقيامته " نؤمن بمن أقام من بين الأموات ربنا يسوع المسيح الذي أُسلم الى
الموت من جراء زلاتنا وأقيم من أجل برّنا (رو25:4)، وبه حصلنا على المصالحة "
والفضل لربنا يسوع المسيح الذي به نلنا المصالحة ( رو11:5)."
وأضاف " اراد يسوع بذلك أن يضع
المبادئ الأساسية لبناء الجماعة، فأبناء القيامة يجب أن يتعلموا أولاً الغفران،
كيف يعيشون معاً ويتجاوزون إساءة الآخرين لهم. إن الرسالة الأولى التي يحملنا
اياها يسوع القائم من بين الأموات هي أن نكون متسامحين ، نمد الجسور نحو الآخرين،
نرسخ المحبة والتفاهم ونبني بصلاتنا وسهرنا بنوتنا لله. لقد صرنا بقيامته قادرين
على نبذ التطرف والتفرقة والبغض والكراهية وعلى العيش بسلام ووئام ومحبة"
وختم المطران درويش كلمته متطرقاً الى
أمور تثير الكثير من القلق، كالمخدرات، بعد الشباب عن الكنيسة، غياب العائلات عن
الكنيسة، البعد عن القيم المسيحية، الخلافات العائلية، الكره بين الناس والحسد
والنميمة ومشكلة البطالة بين الشباب، داعياً الجميع الى التلاقي والتواصل لإيجاد
الحلول لها.
وكانت مداخلات من السادة
الأساقفة والكهنة والراهبات .