صور + فيدو .. جز الصوف في برطلي .. صورة الماضي في عيون الحاضر

جز الصوف في برطلي .. صورة الماضي في عيون الحاضر

برطلي . نت / خاص

مشهد اصبح قليلا ما يتكرر في برطلي بل بات من النوادر ، ذلك هو موسم جز الصوف ، فمن العمليات التي تدخل في صلب تربية الاغنام ، هي قيام اصحابها بقص صوفها وهي ما تسمى بعملية ( جز الصوف ) التي تجري مرة واحدة في السنة .
وبسبب انحسار تربية الاغنام في برطلي وربما اصبحت تنحصر في عائلة واحدة ، لذا فان المشهد اصبح من النادر مشاهدته او حضور مراسيمه ، بل كاد غريبا بعض الشيء على ابناء هذا الجيل ، سيما ولم يعايشوا تربية الاغنام في بيوت ابائهم واجدادهم .
تجتمع عائلة السيد بهنام بولص متي ال هدايا ( بهنام حياة ) اولاده وكذلك الشباب والرجال من اقاربه واصدقائه في هذا اليوم النيساني الربيعي وفي حضيرة الاغنام التي تعود له لمعاونته على اتمام عملية جز الصوف لقطيع اغنامه في عملية اشبه ما تكون بالاحتفال .
تعود الذكريات بالسيد بهنام حياة ( المربي الوحيد الذي بقي ملتزما بمهنة تربية الاغنام في برطلي ) الى فترة الخمسينيات وما قبلها من القرن الماضي ، يوم كانت بيوت البرطليين وبيادرهم تعجُّ بالاغنام ، حيث كانت المهنة الرئيسية لابناء البلدة قبل ان يتركها ابنائها ويتوجهون الى ميادين العمل الاخرى .
يقول السيد بهنام حياة ( ابو اسعد ) عندما كان يقترب موعد جَزّ الصوف في برطلي كان يستعد له اهل البلدة من اصحاب الاغنام بتهيئة المستلزمات الخاصة به وخصوصا ادوات جزّ الصوف والتي تسمى ( زَو ـ zaw ) وجعلها جاهزة عن طريق حدّها واحضار العدد الكافي منها و ( الزّو ) هذا عبارة عن مقص كبير لكن ذراعاه لا يلتقيان في الوسط كما المقص العادي وانما في احدى نهايتيه.
كما يجب تهيئة العدد الكافي من العاملين وهذا ضروري ايضا ، كون الاعداد الكبيرة من الاغنام والتي يملكها اصحابها يحتاج الى ايدي عاملة كثيرة ، فكان المربون يتعاونون مع بعضهم بالمشاركة في انجاز عملية جزّ الصوف ، ولاجل ذلك كان يخصص يوما لكل منهم يتم فيه قص صوف غنمه ، فكان يجتمع الاقارب والاصدقاء ليشكلوا فريق عمل حتى يُنهي مهمته في يوم واحد او اثنين ليتوجهوا الى دار آخر وهكذا حتى تُنهي البلدة جزَّ صوف غنمها جميعا ، فكان التعاون سمة المجتمع الفلاحي .
يُضيف السيد بهنام حياة ان موسم جزّ الصوف يبدأ مع بداية شهر نيسان حيث يصبح الجو لطيفا فيكون موسم الشتاء قد انتهى والغنم لم يعد يحتاج الى صوف يقيه برودة الشتاء ، ويضحى الغنم اكثر خفة تساعده على التنقل بين الزروع حيث الربيع في أوَجِه .
ويَصِفُ السيد بهنام حياة يوم جزّ الصوف بانه عُرسٌ ( خلولا khloola ) كل من في البيت منشغلون به ، كل حسب عمله الرجال في عملية قص الصوف والنساء في تهيئة الطعام ، فتُنحرُ الذبائح وتُعَدُّ وليمة كبيرة كما العرس يتوجه اليها العاملون والحضور جميعا بعد يوم مضني من العمل ، يتبادل اثناءها الحضور احاديث عن يوم عملهم والاشادة بخفة فلان في عمله ودقة آخر وجودة الصوف واسعاره وعن الموسم الزراعي ووفرة امطاره .
يُرتبُ صوف كل نعجة بطريقة يُعطيها شكلا منتظما وسهلا للخزن والنقل وتسمى كل واحدة منها ( جزَّة ) ، ويٌخزن في مكان خاص ، فكان في السابق يقول السيد بهنام في السراديب التي تتمتع بالجو الرطب والبارد والتي لم يكن يخلو منها اي بيت برطلّي حتى يحين موعد بيعه ، فكان التجار يحضرون من الموصل الى برطلي لشراء الصوف او ان ياخذه اصحابه الى سوق الموصل لبيعه .
اما عن سرُّ تمسكه بهذه المهنة ؟ يقول السيد بهنام حياة انني ترعرعت معها فكانت مهنة آبائي واجدادي فعَشِقتُها رغم صعوبتها ومن بعدي ابنائي فكانت السبب في كل ما املكه من نِعَم .
بعدها توجهنا جميعا الى وليمة خاصة اعدها كما في السابق للعاملين والحضور جميعا .

جز الصوف في برطلي .. صورة الماضي بعيون الحاضر

المصدر :

" منتديات برطلي دوت نت "