في البدء، والمبتدى.. مع الحزن، والخيبات، والانكسارات..
مع كل ما يفتت الروح، ويحيلها إلى شظايا أوجاع، وداءات، ويفرغها من كل الأحاسيس بمعاني القيم، والمثل، والحياة، والفعل، والدور، وصناعة الأوطان..
مع كل هذا، وأكثر من هذا نسجل «هامشاً» نفتتح به موضوعنا، والمقال..
هامشاً على متن المأساة، ونستدعي الراحل عمو بابا في ذكرى رحيله والتي تصادف هذه الايام من هذا الشهر وناخذه رمزا رياضيا مثخن بالجراح النفسية، يتكئ على بقية باقية من وعي وطني لم تطُلْها شراسة الإحباطات، والهزائم، وأدوات التهميش والاقصاء والعزل..
أيها الحبيب الرائع..
إذا أردنا اقتحام الصورة " المأساة، وفتح «الزووم» على المشهد التراجيدي لمؤسساتنا الرياضية والكروية والتي تتصدى اليوم، وتتحكم بمصائرنا ومستقبلاتنا الرياضية محليا وعربيا وقاريا ودوليا ؛ فإنه كما في السابق ؛ اقصاء وعزل وتهميش واغتيال عقول المفكرين من الرياضيين ، والصحافيين، وصناع الرأي..
انتهى الهامش الذي طال، نضع نقطة على السطر، نبدأ موضوعنا باختصار غير مخل، ولا ممل - كما أرجو -.
ونسأل: - لماذا يموت المثقف، والمفكر، وصاحب القلم، ميتة مأساوية، محزنة في كل الأحوال، ولا نقول في بعضها، وتكون هذه الميتة خارج دائرة الكرامة، والأخلاق، والقيم الإنسانية..؟؟
سؤال مقلق يتغلغل في تلافيف الذاكرة فيدمرها، ويسحقها، ويجلب إليها كل تراكمات الحزن، والقلق، والضياع.
يموت المثقف، والشاعر، والروائي، والصحافي، وصاحب الكلمة والفنان، والمبدع الشريف، إما على الأرصفة الغريبة تحت الشموس الأجنبية .
أو يموت تحت عجلات سيارة طائشة لم يكن بإمكانه تفاديها لأن تركيزه الذهني قد اغتيل في السجون والأقبية، واستهلكته وسائل التعذيب، وأدوات القمع والتسلط والبطش، وتحول إلى كائن يصلح للمصحات العقلية أكثر من ممارسة الحياة الطبيعية..!؟
أو يموت منسياً، مُقصىً، تائهاً، معزولاً يمج دماءه على ورق الجريدة، أو يعاني من نوبات استشراء السرطان في جسمه ثم لا يستطيع أن يجد لنفسه سريراً في مستشفى متواضع، أو شراء حبة مسكن للآلام المبرحة..
أو يموت معجوناً لحمه بالحديد، وقطع البلاستيك بعد أن فُجر بعبوة ناسفة أُتقنت بأيدي ارهاب المؤسسة الدينية في الأنظمة العربية المجاورة..
هكذا.. مسكين هو المثقف ؛ والثقافة في وطننا والوطن العربي :
ابا سامي ايها المبدع الرياضي الشريف في حالة رحيلك احتوانا الحزن، وسكننا الألم، وفتننا الفقد، بحيث لم يعد في مقدورنا التوازن، والسيطرة على فعلنا، وسلوكنا، ومشاعرنا، وطغت علينا كبشر حالة من اليتم والضياع، الأمر الذي جعل الصمت سيد المواقف، والتأمل وقراءة الحدث نوعاً من ممارسة فهم المصيبة.
الموت - هذه المرة - لم يسرق كائناً عادياً،
والموت لم يفجعنا في شخص عادي نكون قادرين على تجاوز فقده، وألم رحيله مع الأيام. هذه الايام نتذكر رجلاً استثنائياً، ملهماً، طبع حياتنا، وحياة الوطن بإنجازات ومكاسب التحديث الرياضي الكروي التي نقلت الحياة الكروية العراقية إلى قمم النمو والتنمية ، ونقل وعي الناس، وثقافاتهم إلى فضاءات العلم، والعمل، والإنتاج، والعطاء منذ أن كان مدربا يحمل إيماناً قوياً بأن العلم والوعي والثقافة والتنوير هي مداميك بناء الإنسان، والوطن، والمجتمع. فوضع للثقافة الرياضية الكروية استراتيجيات تختصر الزمن، وتتحدى الواقع المعاش ، وتحفز الاجيال العراقية إلى المجالات الرحبة، والآفاق الواسعة في التدريب والتحصيل، والفهم، والاستيعاب، والتفكير، مؤمناً بأن قيمة الإنسان، والوطن لا تأتي إلا عبر زراعة حقول من الوعي في عقل النشأ، وانتشالهم من الآفات والداءات والإحباطات والهزائم التي يخلفها الجهل.
إذن: الكابتن عمو بابا رجل إستثنائي ليس في مساهمته برسم الاستراتيجيات الكروية للمؤسسة الكروية أو صياغة توجهاتها الإقتصادية، والتعليمية، والثقافية ، والحياتية، وبناءها، وتوطين التحضر، والوعي فيها ، ولكن استثنائيته رحمه الله تنبع، وتتكون، وتكبر بتواجده في داخل كل قلب عراقي بانحيازه إلى همومه، ومتاعبه، ومشكلاته أينما وجد، وكيفما وجد، وحيثما وجد، وتلاحمه مع كل الاسر الرياضية في سرّائها، وضرّائها، في فرحها، ووجعها، يحمل الهم عنهم، ويمنح الفرح، والدهشة، ويستنبت الورد في حياة الآخرين من البراعم والشباب، ويحرص أن يكون قريباً، قريباً جداً، وفي تماس مباشر معهم كما لو كان فرداً من مكونات أسرهم.
برحيلك ايها الشامخ " تعمق الوجع، وكبرت المأساة، وتضخمت الفاجعة، والناس في ذهول فقد فقدوا رمزاً من رموز العطاءات الكروية المتنوعة في كل مجالات الشأن الرياضي العام، والعمل الوطني، وودعت البراعم والشباب من هو لهم مأمناً، وملاذاً في سود الأيام.
والحديث عن ذكراك التي استقبلتها الأذن عبر التلفزيون، وتلقفتها العين عبر الإعلام المكتوب هو حديث عن رجل تحسس المسؤولية، ووضع الأصبع على مكامن الأوجاع، وشخص الداءات في جسم المؤسسات الرياضية والكروية ، وأعطى مزيداً من الرؤية لوضع الحلول. إذ لا أحد ينكر وجود الخلل، والهدف هو كسب الوقت لمعالجته.
وأحسب أن الجميع مؤمن بأن عدم الرؤية والتخطيط هي من أكثر العوامل فتكاً في مؤسساتنا الرياضية وبالخصوص " الكروية منها ؛ وغيرها على كل أصعدة المسلك الحياتي، والأخلاقي ، والاقتصادي. فمؤسسات رياضية عاجزة وعاطلة ؛ هي إضافة فساد وخلل في تكامل المجتمع الرياضي، وهي خطر على أمنه ومستقبله، وإعاقة لحياته الرياضية .
رحمك الله ابا سامي .. ستبقى خالدا في القلوب ".
ونظل .. رغم الداء.. رغم الموت.. نفرح بالوجود "
ونظل.. رغم الداء.. رغم الموت.. نحلم بالخلود "
حبيب حنا حبيب عضو فعال جداً
الدولة : الجنس : عدد المساهمات : 21916مزاجي : تاريخ التسجيل : 25/01/2010الابراج :
موضوع: رد: في ذكرى رحيل الكابتن عمو بابا..!؟ الإثنين 27 مايو 2013 - 12:27
رحم الله العــزيز *** عمّـــو بــــابـــا *** الذي وقفَ حياتـــه لخدمـة الكرة العراقيّة والعربيّـــة وتطوير العابهــــا ! أسكنهُ الربّ يسوع فسيح جنّاتـــــهِ ؛؛ لعائلتــــه وذويهِ ومحبّيـــهِ وعشّاق الكرة العراقيّــــــة الصّبر والسّلوان ! شكراً اختي الغاليـة كريمـة لتذكيرنا بهذه المناسبة المعطّــــــرة ! حياكـــم الله .
كريمة عم مرقس عضو فعال جداً
الدولة : الجنس : عدد المساهمات : 24429مزاجي : تاريخ التسجيل : 31/01/2010الابراج :
موضوع: رد: في ذكرى رحيل الكابتن عمو بابا..!؟ الأربعاء 29 مايو 2013 - 12:03