دمعة لرجل عراقي

دمعة لرجل عراقي

في سنة 1985 كنت في منطقة تسمى حمام العليل تبعد عن الموصل في العراق ثلاثين ميلا . واستأجرت سيارة صغيرة لتنقلني إلى مركز المدينة وفي الطريق سألني سائق العربية :
من أين ولد العم ؟ قلت له من سوريه ,وسكت هنيهة وقال مرحبا أهلا بيك أخوي الكريم , وتنم عن حزن عميق بداخله .
قال لي , أود أن أحكي لك حادثة جرت لي فهل تصدقني , قلت نعم أصدقك .
قال انظر إلى رجلي فأنا معوق من جرح أصبت به في الدفاع عن دمشق سنة 1973 , فرددت عليه حياك الله . وكانت وقتها الحرب العراقية الإيرانية تدور رحاها بكل عنف .
ثم أكمل حديثه :
كنت بالجبهة نصد الإيرانيين وتمكنا أنا ورفاقي من تحرير موقع إيراني .
وبعد أن سيطرنا على المكان وكنا نفتش بين متاع الجنود وعتادهم وأسلحتم , ورأيت شيئا جعلني مهزوزا وكدت أقع على الأرض من هول مارأيت فما كان مني إلا جلست أبكي ودموعي تتساقط على خدي , كأنها نار تحرق خدودي وهي نازلة .
فقال هل تصدق مارأيت والذي جعلني بهذا الشكل المزري وأبكي كالطفل الرضيع .
أكمل أخي أكمل لقد شوقتني كثيرا
قال وجدنا العتاد الملقى على الأرض والموجود في المخازن مكتوب عليه (صنع في الجمهورية العربية السوريه )والسكر والرز أيضا .
فقد تذكرت هذه إصابتي تلازمني طوال حياتي في الدفاع عنك يادمشق وأسلحتك وغذاؤك ترسل بسخاء لقتلي !!!!!
وخرجت كلماته الأخيرة بحشرجة وتلعثم مما جعلني أنظر لوجهه لأرى دمعة قد سقطت من عينه منحدرة على خده وكأنها تقول :
هذا جزاء المعروف ياأخوتي
</B></I>