| | المورسكيون ضحايا المحرقة الجماعية الأولى بحق البشر | |
| | كاتب الموضوع | رسالة |
---|
Dr.Hannani Maya المشرف العام
الدولة : الجنس : عدد المساهمات : 60486 مزاجي : تاريخ التسجيل : 21/09/2009 الابراج : العمل/الترفيه : الأنترنيت والرياضة والكتابة والمطالعة
| موضوع: المورسكيون ضحايا المحرقة الجماعية الأولى بحق البشر الأربعاء 17 يوليو 2013 - 4:04 | |
| “التاريخ الوجيز لمحاكم التفتيش” يكشف الوجه الظلامي للتطرف الديني الكاثوليكي مفيد نجم محاكم التفتيش علامة سوداء في تاريخ الكنسية الأوروبية، عكست في مضمونها ظلامية العصور الوسطى واستبداد الكنيسة وهيمنتها على الحياة العامة، في تلك المرحلة التي كانت أسبانيا تنتقل فيها من التعايش والتسامح بين الديانات السماوية الثلاث، إلى مرحلة الاضطهاد الديني الذي أخذت تمارسه محاكم التفتيش التي استعارت القواعد التي كانت سنتها محاكم التفتيش في القرون الوسطى. كتاب التاريخ الوجيز لمحاكم التفتيش بأسبانيا، من تأليف جوزيف بيريز وترجمة مصطفى أمادي، الصادر عن “مشروع كلمة للترجمة” بأبو ظبي، يعد إضافة مهمة للتعريف بالصورة التي كانت عليها هذه المحاكم والطريقة التي كانت تعالج بها وجود الأقليات الدينية هناك. نشأت محاكم التفتيش بقرار من فردناند ملك أراغون وإيزابيلا ملكة قشتالة وبمباركة من البابا لطرد اليهود وإجبار مسلمي قشتالة على اعتناق الكاثوليكية. الباحث يميز منذ البداية بين تاريخين وثقافتين متباينين عرفتهما أسبانيا، ثقافة عربية هي الأغنى وثقافة مسيحية عملت على تنحيتها هي الأدنى، حيث استطاع اليهود أن يتأقلموا مع الثقافتين ما جعلهم يلعبون دور الوسيط بينهما خلال القرنين الحادي والثاني عشر دون أن يتخلوا عن تقاليدهم الدينية. لكن عمليات الاضطهاد والمذابح التي تعرضوا لها فيما بعد أجبرتهم على التنصر بعد أن استغل الرهبان فزع تلك الجاليات اليهودية للقيام بحملة دعوية مكثفة أدت إلى تنصر أكثر من نصف يهود أسبانيا، من بينهم العديد من الحاخامات والشخصيات البارزة. كما أن المواقع التي تركها اليهود سيطر عليها اليهود المتنصرون الذين أطلقت عليهم تسمية المسيحيين الجدد . لقد راهن كل من الملك فرديناند والملكة إيزابيلا على الدور الكبير الذي يمكن أن تلعبه محاكم التفتيش في تحقيق انصهار المتنصرين في الدين المسيحي ما يجعل من الصعب تمييز هؤلاء المتنصرين عن باقي المجتمع المسيحي. على هذه الخلفية لجأ الملكان إلى طرد اليهود الذين قرروا البقاء باعتبار أن وجودهم سيحول دون تخلي هؤلاء المتنصرين الجدد عن عاداتهم وعقيدة آبائهم، ما يكشف عن رغبة حقيقية في القضاء على اليهودية. ويذهب الباحث في تفسيره للمقاصد التي كانت تكمن وراء قيام محاكم التفتيش وطرد اليهود من أسبانيا إلى أن الغاية لم تكن نابعة من موقف معاد للسامية، لأن تلك السياسة كانت تهدف إلى معاقبة المهرقطين من المسيحيين ذوي الأصول اليهودية، الأمر الذي جعل من كل متنصر مجرما محتملا ومتهما ومنبوذا. هكذا، فإن هذه الملاحقة التي قامت بها محاكم التفتيش هي التي سوف تقود إلى تنفيذ حملة اعتقالات بين المتنصرين المشتبه في تهودهم عام 1481 ومن ثم تنظيم أول عملية إعدام بالمحرقة حتى بلغ عدد أحكام الإعدام التي صدرت عن محكمة إشبيلية وحدها أكثر من سبعمائة عملية إلى جانب آلاف العقوبات الأخرى كالسجن المؤبد. هكذا فإن محاكم التفتيش التي قامت من أجل معالجة مشكلة محددة سيعمل اللاهوتي خوان توركيمادا كاهن اعتراف الملكين فرديناند وإيزابيلا على تمديد صلاحياتها عبر الديوان المقدس لتشمل جميع أراضي قشتالة والمدن الرئيسة في أسبانيا، كما سيتكفل بإنشاء محاكم التفتيش في مملكة أراغون. لم يكن اتهام اليهود المتنصريين بالهرطقة من قبل محاكم التفتيش هو السبب الوحيد لاتخاذ قرار طرد اليهود من تلك المدن بل كان هناك سبب سياسي تمثل من وجهة نظر بيريز في طموح أسبانيا بأن تصبح بلدا كباقي البلدان المسيحية الأخرى والتي لم تكن تقبل ديانة غير الكاثوليكية. لم يكن اليهود وحدهم ضحايا محاكم الاضطهاد والعنف اللذين كانت تمارسهما محاكم التفتيش بل كان هناك الموريسكيون المسلمون الذين يؤكد الباحث أنهم تعرضوا للإكراه على اعتناق الكاثوليكية، وقد اكتسبوا تلك التسمية في هذه المرحلة بعد أن كان يطلق عليهم سابقا تسمية المدجنين. من جهة أخرى يوضح الباحث طبيعة التردد الذي أظهرته أسبانيا تجاههم على عكس اليهود. ويكشف عن السبب الذي جعل محاكم التفتيش أقل صرامة تجاههم والمتمثل في أن المسلمين كانوا أقل اختلاطا بالمجتمع المسيحي وبالتالي كانت مشكلتهم اجتماعية أكثر منها دينية. الباحث بيريز يرى أن السياسة التي اتبعها الملكان فرديناند وإيزابيلا تجاه المسلمين كانت تقوم بعد سقوط غرناطة على عدم إجبارهم على ترك دينهم بالقوة لاعتقادهما بأن مآلهم هو الدخول في المسيحية ولذلك اعتمدا على سياسة التبشير الذي تم تسريعه فيما بعد، ما جعل المسلمين يدركون أن العهد الذي منح لهم قد تم نقضه فثاروا، ما أعطى السلطات هناك المبرر لإجبار جميع المسلمين على التنصر. في عام 1526 جرى تنصير مسلمي أراغون دون تقديم أي تبرير لذلك وبذلك لم يكن بعد هذا التاريخ أي وجود للمسلمين في أسبانيا كما تشير المصادر الأسبانية. لكن بيريز يسخر من هذا القول لأن المورسكيين رغم ذلك ظلوا مسلمين، وهو ما تجلى من خلال موقف الملكين اللذين أدركا أن المتنصرين الجدد لن يكونوا مسيحيين، وأن أبناءهم يمكن أن يكونوا كذلك ما دفعهما لاتخاذ مجموعة من القرارات التي تمنع المورسكيين من الاحتفال بأعيادهم والتخلي عن ملابسهم التقليدية وعن استخدام اللغة العربية، لكن من دون أن تتخذ محاكم التفتيش ضدهم أي قرار تعسفي. يؤكد الباحث أن الديوان المقدس في القرن السادس عشر تدخل لتطبيق تلك القرارات بصرامة أكبر لكنها لم تبلغ المستوى الذي كانت تمارسه تجاه اليهود وهو يدلل على ذلك بمحدودية عدد المسلمين الذين أرسلتهم تلك المحاكم إلى المحرقة والذي لم يتجاوز أربعة عشر شخصا لأن الحكم الذي كان يصدر بحكم المورسكيين هو التصالح مع الكنيسة مرفقا بمصادرة أملاكهم. مشكلة الموريسكيين كما يقدمها لم تكن مطروحة بنفس الحدة في جميع مناطق أسبانيا إذ كان الأمر يتوقف على كثافة وجودهم في تلك المناطق. في ضوء هذه القراءة للوضع العام للملسمين في مناطق أسبانيا المختلفة يحاول أن يشرح العوامل التي جعلت وجود المسلمين في أسبانيا مستمرا خلال القرن السادس عشر، فقد كان المورسيكيون مسيحيين في الظاهر ومسلمين في الواقع. في قشتالة تم تفعيل القرارات التي لم تطبق حتى عام 1566 فكان أن تم منع المورسكيين من الحديث باللغة العربية ومن الاحتفال بأعيادهم التقليدية ومن استخدام الحمامات العمومية وارتداء الملابس الخاصة، كما منعت النساء من ارتداء الحجاب. لقد اعتبر الأسبان المورسكيين مسيحيين مزيفين ما أدى إلى تهميشهم في المجتمع ثم تطور الأمر لاحقا إلى اعتبارهم الطابور الخامس الذي يمثل أعداء الداخل. المفارقة التي يتوقف عندها تكمن قي سلوك الملوك الكاثوليك تجاه اليهود والمسلمين فهم بعد انتهاء عملية الاسترداد انقلبوا إلى ممارسة الشدة وعمليات الطرد لهم بسبب ما يسميه شعور الأسبان بالذنب والسعي إلى الاندماج في العالم المسيحي مما كان يتطلب منهم العمل على محو جميع التأثيرات السامية في الدين والحياة الثقافية والعامة. المفارقة الثانية التي تتناقض مع الأولى كانت ظاهرة الإعجاب بالعرب والتي كانت ترتبط بالسلوك الارستقراطي، وذلك عبر تمجيد الطبيعة الملحمية للحظات الأخيرة لغرناطة المسلمة والتي امتزج فيها التاريخ بالأسطورة. في النهاية يلخص الباحث الموقف الأسباني العام من التراث السامي للمسلمين واليهود في محاولة إلغاء كل ما يذكر بهذا الحضور الطويل له، والعمل على محو بصماته على خلاف ما يدركه الدارسون الأسبان المعاصرون الآن من حالة الإشعاع الفكري والعلمي التي مثلتها خلافة قرطبة. | |
| | | | المورسكيون ضحايا المحرقة الجماعية الأولى بحق البشر | |
|
| صلاحيات هذا المنتدى: | لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
| |
| |
| |