الدولة : الجنس : عدد المساهمات : 6397مزاجي : تاريخ التسجيل : 24/09/2010الابراج :
موضوع: هل تشكل الثورات العربية نهاية مسيحيي الشرق؟ الأربعاء 18 ديسمبر 2013 - 19:58
كريستوف عياد، "الموند"+النهار
طرحت الحرب في سوريا من جديدقضية مسيحيي الشرق، وذلك في ظل ازدياد هجرة المسيحيين الذي يمثلون نحو 10% من سكان سوريا البالغ عددهم 22 مليوناً. لقد وجد مسيحيو سوريا انفسهم محشورين بين الولاء المطلق للنظام، وبين الولاء لثورة يغلب عليها الطابع الإسلامي. والمسيحيون وحدهم من بين الطوائف الاخرى في سوريا ليس لديهم قوة عسكرية، على عكس السّنة المؤيدين في غالبيتهم للثورة، والعلويين الذين وظفوا كل ما لديهم في النظام، والدروز المعروفين بتقاليدهم القتالية، والأكراد الذين لديهم ميليشيا خاصة بهم. وتجيء هجرة المسيحيين من سوريا بعد رحيلهم عن العراق في اعقاب الفوضى الدموية التي اعقبت الغزو الأميركي سنة 2003. ويمكن ان نضيف الى ذلك قلق الأقباط في مصر على مصيرهم. وحتى الآن لا توجد ارقام موثوقة بشأن ازدياد نزوح الأقباط عن مصر بعد ثورة يناير 2011. لكن الاحساس بعدم الامان لدى الاقباط ظهر بوضوح خلال حادثتين اساسيتين: بعد مجزرة ماسبيرو في تشرين الأول 2011 بعد ان اقدمت دبابة للجيش على دهس المتظاهرين الأقباط؛ وبعد الهجوم على رابعة العدوية الذي ادى الى حرق نحو خمسين دوراً للعبادة تابعة للأقباط احتجاجاً على قمع الجيش المصري للإخوان المسلمين. فهل اصبحت الثورات العربية مقبرة المسيحيين في الشرق؟ من المفارقات ان هذه الفكرة منتشرة في الغرب اكثر من الشرق. ومن سخرية القدر ان الذين يدافعون عن هذه الفكرة هم في آن معاً التيارات "اليسارية المعادية للإمبرالية"، والمدافعين عن نظام استبدادي ظاهرياً علماني. وتجدر الاشارة الى ان الدفاع عن مسيحيي الشرق يتجاوز الانقسامات التقليدية وهو يجمع بين اليسار والفاتيكان، وبين روسيا بوتين الحليف القوي لبشار الأسد المدافعة عن كنائس الشرق الأوسط، وبين فرنسا من كبار الدول الغربية المؤيدة للمعارضة السورية. بيد ان الادعاء بان الثورات العربية تحمل نهاية الاقليات المسيحية يجب الا يجعلنا ننسى ان اكبر هجوم تعرض له الأقباط في مصر كان ايام حكم أنور السادات وحسني مبارك. كما علينا الا ننسى ان نزوح المسيحيين عن الشرق الأوسط شكل ظاهرة دائمة وتعود الى زمن طويل. ففي فلسطين ازداد نزوح المسيحيين مع ظهور حركة "حماس" في غزة،وفي العراق خلال الحرب العراقية–الإيرانية وبعد فرض الحظر الغربي على العراق (1991-2003)، أما في سوريا فبدأت حركة نزوح المسيحيين مع مطلع القرن التاسع عشر، ومن هذا الشتات المسيحي السوري ظهر الرئيس الأرجنتيني السابق كارولس منعم.