ابرز البصمات المسيحية في تاريخ الحركة الرياضية والكشفية في الموصل
الموصل –عنكاوا كوم-سامر الياس سعيداصدر الباحث الدكتور رعد احمد امين الطائي كتابا حمل عنوان (الحركة الرياضية والكشفية في الموصل منذ أواخر القرن 19 حتى عام 1958) وهو في الأصل رسالة دكتوراه كان قد تقدم بها الباحث لقسم التاريخ في جامعة الموصل وقد احتوى الكتاب الذي استهله الأستاذ الدكتور إبراهيم خليل العلاف أستاذ التاريخ الحديث في جامعة الموصل بمقدمة اشار من خلالها الى طموحه بالتصدي للكتابة عن تاريخ الحركة الرياضية والكشفية في الموصل خصوصا في فترة أواخر السبيعينيات لكن الفرصة المذكورة لم تتيسر إلا مع التحاق الدكتور رعد احمد امين في الدراسات التاريخية في
جامعة الموصل وقد اشار العلاف الى ان الباحث اختار ولوج هذا الموضوع كونه احد أبطال العراق بالساحة والميدان فضلا عن كونه حكم درجة أولى بكرة القدم بالإضافة الى دوره كإعلامي بارز في الصحافة الرياضية وهو احد خريجي قسم التاريخ كما اكد الباحث في سياق مقدمته الى أهمية الرياضة وبروزها في مدينة الموصل مشيرا الى تجسيد ذلك من خلال جدران مقاهي المدينة الى كانت أشبه بمعارض الصور الفوتغرافية الخاصة بالألعاب الرياضية فضلا عن ان تلك المقاهي كانت تعتبر مقرات للفرق الشعبية كما تحدث المؤلف الى الكثير من الألعاب الرياضية التي اشتهرت في
المدينة منها ركوب الخيل حيث كان الفرسان يتباهون بفروسيتهم وخيولهم وأصالة نسبها ويستهل المؤلف كتابه الذي احتوى على العديد من المحاور التي عالجها حيث كانت البداية مع البواكير الأولى لنشأة الحركة الرياضية والكشفية في الموصل ومن ثم الحركة الرياضية والكشفية خلال فترة الاحتلال البريطاني (1914-1921)كما تحدث المؤلف عن الحركة الرياضية والكشفية خلال العهد الملكي (1921-1958)وعن بروز الحركة الكشفية وانتشارها في العراق والموصل فقد اشار المؤلف الى ان وزارة المعارف وضعت عام 1922 برنامجا إصلاحيا سمي بإصلاح التعليم في المدارس تم بموجبه
وضع مناهج تعليمية حديثة وتحديد الكتب المنهجية ومن ضمن تلك الفعاليات تم التأكيد على تنمية الروح الرياضية لدى طلاب المدارس فأنشئت فرق للكشافة في مدارس المدينة ونظمت في مدينة الموصل العديد من الفعاليات المرتبطة بالكشافة ومنها تنظيم رحلات راجلة مشيا على الأقدام في القرى التابعة لقضاء الموصل كتلكيف وتل أسقف والقوش ووصلت تلك الفرق الى قضاء دهوك حينئذ ذهابا وايابا وقد بين المؤلف ان بعض العوائل الموصلية امتنعت عن الحاق أبنائها في فرق الكشافة كون بعض المتزمتين وبالذات من المسلمين زعموا ان للحركة الكشفية أصولا مسيحية وأهدافا
دينية ومن حججهم التي دعمت تلك الآراء ان سلام الكشافة يكون برفع اليد مع فتح ثلاث أصابع وهذا حسب وجهة نظرهم رمز صريح للتثليث الذي يعد من أركان العقيدة المسيحية ويخالف أسس الديانة الإسلامية التي تقوم على التوحيد وان إشارة الكشافة المرسومة على أعلامها هي الصليب اللاتيني الذي انتشر خلال الحروب الصليبية فضلا عن لبس الكشافة لبنطلون قصير تكشف الركبتين التي لابد من سترها على مذهب أبي حنيفة ومن ابرز فرق الكشافة التي اشتهرت في المدينة فريق كشافة مدرسة شمعون الصفا الذي كان من ضمن الفر ق الكشفية التي قدمت ألعابا شيقة وتمارين
منظمة مساء الاثنين الموافق 15 ايار 1921 وكانت كشافة مدرسة شمعون الصفا قد اشتركت بهذه الفعاليات بالإضافة لفرق مدارس الموصل والعراقية وكانوا قد اجتمعوا في الساعة الثامنة والنصف من صباح اليوم المذكور في ساحة مدرسة السريان القديمة ومن هناك سار الموكب الكشافي الى شارع نينوى ومن هناك اجتاز شارع الجسر الجديد وهو المعروف بجسر ساندرسن الخشبي الذي حل محله جسر نينوى الحديدي قاصدا البساتين قرب أنقاض نينوى القديمة وكان الجمهور قد اكتظ على الرصيف لمتابعة المواكب الكشفية كما تم اقامة استعراض اخر لفرق كشافة الموصل وبالتحديد في
6حزيران عام 1928في ساحة الثكنة العسكرية وموقعها الحالي قرب بناية المستشفى العسكري القديم وكان من ضمن تلك الفرق ممثلين عن مدارسنا المسيحية وهي الطاهرة ومار توما وشمعون الصفا والتهذيب وقد نالت فرقة كشافة مدرسة شمعون الصفا المركز الثاني فيما حلت فرقة كشافة مدرسة الطاهرة بالمركز الرابع في الاستعراض الذي تضمن مسيرة منتظمة لفرق الكشافة وتقديم حركات نظامية رشيقة وفعاليات منها بناء جسور وتوضيح بيان العقد الكشفية كما أشار الكتاب الى ان الفرق الكشفية كانت قد تنامت خصوصا في سنة 1929في عموم العراق وكانت لمدينة الموصل حصة الأسد في
زيادة إعداد تلك الفرق بعد ان تشكلت فرق في العدنانية وباب النبي بالإضافة الى قرةقوش التي كانت ضمن معارف مدينة الموصل وفي محور اخر من محاور الكتاب والذي اهتم بإبراز تاريخ الحركة الرياضية فقد اشار المؤلف رعد احمد امين الى انه كان من بين الأسماء التي اشتهرت بممارسة لعبة كرة القدم في الفترة من 1925-1939اكوب المصور وكوريون الارمني وتوما المسيحي وقد مثلت هذه الأسماء الى جانب عدد من اللاعبين أول منتخب بكرة القدم في المدينة وذلك عام 1921وفي عقد الخمسينيات انعكس التطور في الرياضة على المستوى العام في العراق وفي مدينة الموصل بالتحديد
وكانت المهرجانات التي تقام في عقد الخمسينيات من القرن المنصرم ناجحة بشكل كبير حيث كانت تجري بإشراف مديرية التربية البدنية في وزارة المعارف وقد قدمت تلك البطولات العديد من الرياضيين المتميزين ومنهم هرمز بولص الذي اعتبر من ابرز عدائي المدينة وقد حقق بطولة العراق بركضة 3000م عام 1950 مسجلا زمنا قدره9،55،80 وكرر بولص الانجاز في العام التالي مسجلا زمنا قدره 10،04،05كما حقق في هذا العام 1951انجازا مهما بانتزاعه بطولة العراق من منافسيه الذين كانوا يمثلون بغداد وديالى والعمارة وكربلاء وغيرها من المدن العراقية حيث جرى السباق في تلك
الفترة في ملعب الكشافة كما شهدت حقبة الستينيات والسبيعينيات بروز كوكبة أخرى من رياضي المدينة وكان من ضمنهم الرياضي أسدور اوميد معلم الرياضة في مدرسة الغسانية وكان معروفا بفعالية رمي القرص كما ابرز المؤلف نشاطات رياضية كانت تحرص على إقامتها المدرسة الثانوية في مدينة الموصل التي اعتادت على اقامة استعراض بشكل شبه سنوي وفي عام 1932 وبالتحديد في الأول من نيسان من العام المذكور تم إقامة هذا الاستعراض في ساحة العرض المجاورة للثانوية وحضرها جمع غفير من المتفرجين بالإضافة الى متصرف لواء الموصل حينذاك تحسين العسكري بالإضافة
لكبار موظفي اللواء وأسفرت نتائج السباق عن فوز العديد من الرياضيين من بينهم الرياضي بهنام جرجيس الذي احرز المركز الثاني في سباق 100 متر والرياضي بهنام باسيليوس الذي حقق مركز الوصافة في سباق الميل وهو ما يعرف اليوم بسباق 1500متر وفي عام 1936 يشير المؤلف رعد احمد امين الى إحراز فريق مدرسة مار توما بطولة كاس المدارس الابتدائية في الموصل بكرة السلة حيث كان الداعم الأول لفريق المدرسة مديرها السيد شيت نعوم ومعلم الرياضة ميخائيل حنا كما استطاع فريق مدرسة الطاهرة الابتدائية من تحقيق كاس معارف لواء الموصل بالكرة الطائرة في العام ذاته
مقدما في البطولة مستويات جيدة وفي محور تأسيس الأندية الموصلية ابرز المؤلف العديد من المحطات المختصة بهذا الموضوع ومنها محاولة بعض شباب المدينة المثقف استحصال الموافقات لإطلاق نادي رياضي خصوصا في حقبة الثلاثينيات من خلال الفكرة التي اختمرت بذهن الرياضي والسياسي عبد الجبار الجومرد الذي استنبط هذه الفكرة من خلال تأثره بنادي بردى السوري الذي مثله خلال دراسته في الجامعات السورية وكان من ضمن الأسماء من أبناء شعبنا التي أسست نادي الجزيرة و الذي حصل على موافقة لإطلاقه في الأول من آذار في العام من خلال موافقة وزارة الداخلية 1936
المحامي نوئيل رسام والذي تبوء منصب امين الصندوق في الهيئة الإدارية التي تشكلت للنادي وتألفت من عبد الجبار الجومرد رئيسا للنادي وسكرتير النادي نجم الدين جلميران ونائب الرئيس يوسف زبوني ومدير الألعاب عبد الرحمن امين أغوان وعضوية كلا من عبد الجبار إسماعيل وبشير حديد كما في محور الأندية التي تأسست في مدينة الموصل فيذكر المؤلف البدايات الأولى لنادي الهواة فرع الموصل والذي جرت انتخابات هيئته الإدارية في يوم15 كانون الثاني من العام 1954والتي تشكلت من المؤسسين وهم كلا من غانم نوري الصراف محاسب النادي فضلا عن مدير الإدارة نزار
روفائيل بالإضافة لعضوية ثروت سعيد جلميران وفائز عوني وصالح احمد البنا وعبد الأحد بطرس كما يذكر المؤلف تشكيل أول اتحاد فرعي بكرة القدم حيث ترأسه سليم البير كما حظي غانم اسحق مدرس الرياضة في المركزية المتوسطة بمنصب أمين الصندوق هذا الاتحاد وذلك في الرابع من تشرين الأول عام 1957كما يذكر المؤلف ان هنالك عدة أندية تم تشكيلها في نهاية الخمسينيات ومطلع الستينيات وكان من بينها نادي الهومنتمن الارمني والنادي الاثوري حيث أسهمت تلك الأندية بتطوير الحركة الرياضية في مدينة الموصل..