المرجع الشيعي الأعلى في العراق يتعهد في لقاءه للأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بحسم أمر رئاسة الحكومة للتدليل على تأثيره في المشهد السياسي للبلاد.
العرب [نُشر في 26/07/2014، العدد: 9631، ص(1)]
ميليشيات إيران تستعرض علنا في بغداد حاملة صور الخميني في يوم القدس.
النجف (العراق) – دعا المرجع الشيعي الأعلى في العراق علي السيستاني الزعماء السياسيين أمس إلى عدم التشبث بمناصبهم، في إشارة إلى رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي. وقال السيستاني في خطبة الجمعة التي تلاها أحد مساعديه في مدينة كربلاء إنه يتعين على الزعماء السياسيين التحلي بالمرونة حتى يكسر الجمود السياسي. واعتبر مراقبون أن رسالة السيستاني الرافضة لبقاء المالكي بالحكومة هي ثمرة لقائه الأخير بالأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، متوقعين أن يكون السيستاني قد تعهد بحسم أمر رئاسة الحكومة في العراق للتدليل على تأثيره في المشهد السياسي. وأعلن الأمين العام للأمم المتحدة بعد لقاء السيستاني أنه اتفق معه على ضرورة تشكيل حكومة جديدة تكون بابا للعمل الجاد لبناء العراق وتنهي انقسامات العراقيين وتواجه الإرهاب ضمن إطار الدولة وبقوات الجيش العراقي وبحسب الدستور. وأعرب عن تقديره لدعوات السيستاني بوقف الخطاب الطائفي ومطالبته الجميع بضبط النفس.. مشددا بالقول “اتفقت مع السيد السيستاني على أن يوقف السياسيون الخطابات المتطرفة وأشجع جميع القيادات على سماع تعاليمه”. وقال المراقبون إن السيستاني لا يستطيع أن يطالب المالكي بالتنحي (ولو تعريضا) لو لم يكن قد تلقى أوامر من طهران للمضي قدما في ذلك، خاصة في ظل تسريبات عن توافق إيراني أميركي حول تنحية المالكي مقابل الاستمرار في التفاوض حول الملف النووي والرفع التدريجي للعقوبات الغربية عن إيران. وعادة ما تدعي المرجعية الدينية في النجف أنها لا تتدخل في السياسية، إلا أن بياناتها وتصريحاتها المعلنة أضحت أشبه بالفرض على الأحزاب السياسية الحاكمة في بغداد خصوصا الدينية منها. ويتساءل المراقبون عن الصفة التي يشكلها السيستاني حامل الجنسية الإيرانية في التأثير على تشكيل الحكومة العراقية، وعما إذا كانت زيارة الأمين العام للأمم المتحدة لمسكنه في النجف تمثل بداية اعتراف سياسي دولي به وليس مجرد مرجعية دينية للشيعة.
الشيخ علي النجفي: المرجعية هي التي ترسم خارطة العراق الجديد
ولا يسمح بتصوير السيستاني من قبل وسائل الإعلام، كما أنه لا يصرح عادة بلسانه ويكتفي المقربون منه بإعلان رأيه في خطب الجمعة أو في بيانات على موقعه الإلكتروني، والسماح بتصويره مع الأمين العام للأمم المتحدة يعد من النوادر. وقال الشيخ علي النجفي نجل بشير النجفي أحد مراجع الشيعة الأربعة متحدثا لوكالة الصحافة الفرنسية أن “للعراق الجديد ظروفا وطابعا خاصا والمرجعية هي التي ترسم خارطة العراق الجديد”. وأضاف أن “المرجعية لم ترغب في السيطرة على البلاد لكنها أرادت أن تعبر عن رأيها في الأوقات الحرجة والصعبة”. وبشير النجفي أسوة بالمراجع الأخرى من أصول باكستانية يعيش في العراق منذ صباه. ويخشى عراقيون أن تسعى الأحزاب الدينية الحاكمة إلى نقل التجربة الإيرانية إلى بلادهم، خصوصا ما يسمى بـ”أحزاب إيران في العراق”. ويرون أن “العراق ليس إيران”، وتطبيق “ولاية الفقيه” وفق الفكرة الخمينية لا تتناسب مع العراق كبلد متعدد الطوائف والديانات، إلا أن الأحزاب الدينية التي تقلد رئاستها مراجع عربية وفارسية والميليشيات التابعة لها لا تخفي إعلانها التمسك بمبدأ نقل تقاليد المسجد إلى الدول وفق الفكرة الخمينية. واستعرض أمس المئات من الميليشيات الشيعية في بغداد حاملين صور الخميني وخامنئي، استجابة لما خصصته إيران يوما للقدس في الجمعة الأخيرة من رمضان. وشجعت فتوى للمرجع آية الله علي السيستاني هي الأولى من نوعها منذ أكثر من تسعين عاما مئات الالاف من الشيعة على التطوع للقتال إلى جانب القوات الأمنية. وتطوع خمسة آلاف من الرجال الشيعة لحمل السلاح بعد إعلان ثوار العشائر في شمال العراق تحرير مدن الموصل والأنبار وصلاح الدين، فيما أعلنت الدولة الإسلامية في العراق والشام “داعش” المتطرفة سيطرتها على المدينة.