رحيل الفنان المسرحي البصري كارين أرشبير

رحيل الفنان المسرحي البصري كارين أرشبير

البصرة ـ عنكاوا كوم - محمد جواد الدخيلي

أقامت فرقة إبراهيم جلال المسرحية أمسية تأبينية للفنان المسرحي كارين أرشيبر من ( الأرمل ) مساء الأحد الماضي على قاعة البيت الثقافي في البصرة، بحضور نخبة من الفنانين والإعلاميين وأدباء المدينة، وذوي الفقيد وأصدقائه.

وكان الفقيد ناهز عمره 60 عاماً قضى أكثرها في العمل المسرحي وأعطى عصارة جهده للمسرح البصري.

تضمنت الأمسية كلمات تحدثت عن سيرته وإبداعه طيلة 40 عاماً، شارك فيها كل من الكاتب والإعلامي عبد الخالق كريم ، الدكتورة ثورة يوسف ، الدكتور طارق العذاري ، والمسرحي والإعلامي عامر الربيعي . وشارك من اتحاد الأدباء والكتاب في البصرة الشاعر عبد الرزاق صالح والشاعر قاسم محمد علي .

وقال الدكتور مجيد حميد الجبوري استاذ في كلية الفنون جامعة البصرة عن الراحل انه "قلبٌ نابض يمشي متثاقلا بيننا .. يسمعُ أحاديثنا .. ولا يعلقُ عليها.. لا يتحدثُ أو يتكلم ألا نادراً... يبقى صامتاً ما لم تكلمه...أو تسأله سؤالا ً..مغلفٌ بالأسرار والصمت...عرفته في الحياة كثيراً ؛ ولم أتعرف عليه...عرفته في المسرح قليلا ..فتعرفت عليه ... مفضوح في المسرح ..طلسم في الحياة. كارين أرشبير..أسم غريب، وفنان حبيب ودود...لا يناظره في الغرابة والحب والود في الوسط الفني ؛ ألا اثنان : العملاقة أزاد وهي صامؤيل و سيتا هاكوبيان ..الأولى بتولة وسيدة المسرح العراقي بلا منازع لفترات طويلة ، والثانية رقيقة تشترك مع (كارين) في كونهما فنانان بصريان ..كلاهما جاد ومبدع في عمله ... سيتا شدت بصوتها الملائكي غناءً .. عن البصرة...والرميلة...والحبيب ،وكارين ملأ صوته الأجش مسارح البصرة أداءً...وتمثيلاً...ومشاعر.

(كارين أرشبير)...الجسد الضخم...الرشيق على خشبة المسرح ، هو رفعة وكبرياء وأنفة ..تذكر طلعته بالمحاربين الرومان القدماء... هكذا توحي الصورة الخارجية ..لكن الصورة الداخلية هي غير ذلك بالمرة : قلبٌ رقيقٌ..ومشاعر فياضة ..وعطاء غير محدود...متعلق بالحياة.. وبالرغم من الصمت الذي يتغلف به ؛ غير أن هناك فيض من المرح يتعمد إخفاءه لأسباب لا أدريها.

(كارين أرشبير)..يمثل بقلبه وعواطفه ...لا بفكره وحرفيته..قلبه النابض يقوده على المسرح..ويوجهه نحو الأداء والعطاء الأفضل .. هو ملك على المسرح ..يملأ ظله فضاء المسرح بأكمله ..ويتردد صوته مجلجلا في كل جنباته..فصيحٌ في لغته ؛ كما هو فصيحٌ في مشاعره.. هاو ٍللمسرح ،لم ينل شهادة فيه ؛ غير أن أداءه يتفوق كثيرا على أداء محترفين ...وهذا ما أفرد له مكانة مميزة بين أقرانه.

(كارين) ..هذا هو الاسم الذي تعودنا عليه ونسينا أسم أبيه تخوفا من الخطأ بنطقه ، أو هروبا من صعوبة التلفظ به ..(كارين) كان أمين أسرارنا ومستودعها ..نبث له همومنا ..آلامنا .. دون أن نسمع منه يوماً شيئا عن آلامه وهمومه .. لأنه تعود أن لا يشتكي .. ربما بين حين وآخر – وفي لحظات نادرة جدا – يتحدث عن آلام والدته ..التي نحسب من اهتمامه الكبير بها، وملازمته إياها ..أنه كان يحبها كثيرا ..فأن غاب (كارين) عنا يوما ..نعلم حينها: أن غيابه ذاك ..كان لرعاية والدته ..أو تلبية لطلبها.

(كارين)..تزوج المسرح..ولم يتزوج الحياة مع عشقه إياها .. لا أدري .. لِمَ لم يتزوج ؟ ..هل فاق حبه للمسرح ، عشقه للحياة؟ ..أم أنه أراد أن يشترك بالتبتل مع العملاقة (أزاد وهي) التي رعت والدتها ..ورفضت الزواج والارتباط برجل ؛ حتى لا تبتعد عن أمها.. فـ (كارين) هو الآخر دأب السهر على ولادته ورعايتها.. ربما كان ذلك هو السبب وراء عدم زواجه ..فنحن لم نألف منه حديثا عن امرأة أو فتاة في حياته..سوى الحديث عن والدته .

(كارين) أثبت أنه ليس قلبا نابضا على المسرح حسب...بل هو قلب نابض في الحياة .. ألا أن هذا القلب الذي سما به على المسرح دوما..أوقعه في الحياة...فراح ضحيته ..شأنه في ذلك ..شأن الأبطال الرومانسيين الذين يذهبون – دائما – ضحية قلوبهم..

قلب (كارين) وقع بعد أن تعب من خزين الهموم وآلام التي أبت الانطلاق أو الإفصاح عن أسرارها ..وفضلت البقاء سجينة ذلك القلب..وبدلا من مكافأته ، فأنها أطاحت به ..وعندما وقع قلب(كارين)..وقع (كارين) معه ..لأن (كارين) قلب فقط" .

وعلى هامش الأمسية قدمت عروض تسجيلية لمسرحيات الفنان الراحل المسرحي البصري كارين أرشبير بحضور رئيس اتحاد أدباء البصرة علي نوير .

نقلا عن عنكاوا . كوم

رحمــــه الله ,, ولذويه ومحبيه الصبر والسلوان * إنا لله وإليـه راجعون * ...
وكل من عليها فان ,,, ويبقى وجـه ربك الأكـرم !!!