عون: أنا الرئيس وتوقفت عن صنع رؤساء بيضون لـ «القدس العربي»: حزب الله أخّر الانتخاب لأنه وبشار موهومان بالإنتصار
September 6, 2014
بيروت – «
القدس العربي»:
لبنان أمام موعد جديد لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية حدّد موعدها رئيس مجلس النواب نبيه بري في 23 ايلول/سبتمبر ومشى الى الخارج في إجازة خاصة تدوم بضعة أيام بعدما تقدّم بترشيحه الى الانتخابات النيابية في سياق معركة عض الأصابع بين المطالبين بإجراء الانتخابات النيابية في 20 تشرين الثاني/نوفمبر وبين الداعين الى تمديد تقني لستة اشهر أو تمديد لسنتين و7 أشهر في انتظار جلاء الظروف في المنطقة التي عاد
لبنان ساحة ومساحة لصراعاتها على أرضه في استعادة مؤسفة لتعبير حروب الآخرين على أرضه التي كانت السبب وراء إنفجار الحرب الأهلية في 13 نيسان/ابريل 1975 .
ومن يراقب سير الأحداث حالياً لا يمكنه سوى التخوف من الآتي الأعظم، وكل ذلك في ظل دولة بلا رأس ومجلس نيابي معطّل وحكومة معرّضة للشلل في أي لحظة ومؤسسات تنازع ولم يبقَ منها موحداً سوى المؤسسة العسكرية التي تخوض اختباراً صعباً ولعلّه الأصعب في تاريخها من خلال مواجهتها مع التنظيمات الإسلامية المسلحة على الحدود اللبنانية السورية من ناحية ومن خلال إدخالها من خلال قائدها العماد جان قهوجي في السباق الرئاسي وهو ما عرّضه لحملات سياسية من قبل أطراف في قوى 8 آذار وعلى رأسها التيار الوطني الحر الذي يعتبر زعيمه العماد ميشال عون أنه الأولى بالرئاسة، وهذا هو السبب المباشر وراء رفضه الفوري لمبادرة قوى 14 آذار قبل أن يجف حبرها على الورق.
واذا كانت قوى 14 آذار دخلت مجتمعة وموحدة حلبة الترشيح بتحالف متين بين الرئيس سعد الحريري ومسيحيي 14 آذار من قوات لبنانية وكتائب ومستقلين، فإنها حفظت خط الرجعة في خلال طرحها مبادرتها التي أبدت فيها استعدادها الضمني لسحب ترشيح رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، من خلال التمسك بترشيحه والبقاء على الموقف السابق في حال عدم قبول المبادرة، فإنها بهذا الطرح حاولت فتح باب التفاوض على رئيـــس توافقــــي ورمي الكرة في ملعب الفريق الآخر الذي بدا واضحاً عدم جهوزيته للتسوية بفعل اصرار العماد عون مدعوماً من حزب الله على أحقية انتخابه رئيساً، وهـــذا ماكان يشدّد عليه عون في لقاءاته في زمن الانفتاح على الآخرين وعلى رأسهم الرئيس الحريري الذي بقي ملتزماً بتحالفه مع جعجع مشترطاً للقبول بعون موافقـــة حلفائه المسيحيين.
وبحسب معلومات «
القدس العربي» أن قوى 14 آذار لم تكن متفائلة كثيراً بتجاوب 8 آذار مع طرحها، لكنها ارادت تسليط الضوء على تعنت هذا الفريق ولاسيما أمام البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي الذي ما إنفك يطالب بإنتخاب الرئيس المسيحي. ووسط هذين الفريقين يقف رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط الذي دعم ترشيح أحد أعضاء كتلته النائب هنري حلو لتفادي الإحراج والتصويت لأي من المرشحين الآخرين، وكانت «
القدس العربي» أول من ألمح الى هذه الخطوة قبل اقدام جنبلاط عليها.
وتحت تأثير هذا الستاتيكو، يستمر تعطّل النصاب في جلسات الانتخاب منذ الجلسة الأولى في 23 نيسان/ابريل والتي بلغ تعدادها إحدى عشرة جلسة حتى تاريخه مع تحديد جلسة اخرى في 23 ايلول/سبتمبر مع ما يحمله هذا التاريخ من رمز لبداية ولايات رؤساء الجمهورية السابقين. ولكن يبقى الأمل ضعيفاً بإمكان التوصل الى تسوية حتى ذلك التاريخ ولاسيما أن الرئيس بري حزم حقائب السفر وغادر بعدما أعلن توقف اتصالاته التي بدأها مع النائب جنبلاط في مسعى للخروج من المأزق، وهذا أمر قاد جنبلاط الى الضاحية للقاء الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله كما قاده الى الرابية للقاء العماد ميشال عون والى بنشعي للقاء رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية.
يومها وفي عزّ هذه الجولة تردّد أن جنبلاط وبعد وقوع معارك عرسال بين الجيش اللبناني وكل من «جبهة النصرة» وتنظيم «داعش» أكد أن المرحلة الراهنة خطيرة وتقتضي توافقاً وطنياً ودعماً للجيش مقترحاً التفاهم على مرحلة انتقالية لسنة أو سنتين تكون مدخلاً لتعزيز الاستقرار ريثما تنجلي تطورات المنطقة. وفُهم من كلام جنبلاط بشكل غير مباشر أنه حاول تسويق ورقة قائد الجيش العماد جان قهوجي مبدياً استعداده لسحب ترشيح النائب حلو، لكن الجواب الذي تلقاه من السيد نصرالله هو ضرورة التفاوض المباشر مع عون الذي سبق وأقنعناه في المرة السابقة بالانسحاب لمصلحة العماد ميشال سليمان، ولن نعيد الكرّة هذه المرة ونترك للجنرال أن يقرر ماذا يريد.
حمل الزعيم الدرزي مسعاه الى الجنرال عون الذي بدا متوتراً كلما سمع بإسم قائد الجيش، لكنه أظهر انفتاحاً ظاهرياً على النقاش في المرحلة الانتقالية لسنتين وكان يفكّر بأنه هو من سيتولى قيادة هذه المرحلة وخصوصاً في ضوء معلومات وردت الى «القدس العربي» عن رسالة غير مباشرة بعث بها صهر عون الوزير جبران باسيل الى أحد اقطاب 14 آذار يقترح فيها انتخاب عمّه الجنرال عون لسنتين ولاسيما أنها فرصته الأخيرة لتولي رئاسة الجمهورية بسبب تقدمه في السن. ويتوافق هذا الكلام مع ما يتم تناقله عن لسان العماد عون وقوله «توقفت عن ان أكون صانع رؤساء. أريد ان أكون الرئيس».
في غضون ذلك، سألت «القدس العربي» القيادي السابق في حركة أمل الوزير السابق محمد عبد الحميد بيضون عن مصير الاستحقاق الرئاسي ومدى تأثره بأي تقارب أو تسوية ايرانية سعودية فقال «لا أجواء تسوية في المنطقة، هناك تحييد لبعض المشاكل لأن المطلوب حشد القوى لاسقاط دولة داعش. ولكن في لبنان البعض وخصوصاً الرئيس بري والنائب جنبلاط عندما شاهدا نائب وزير الخارجية الايراني متوجهاً الى
السعودية هلّلا واعتبرا أن الحل إقترب وبات بإمكاننا الإتيان برئيس لأنهما كل عمرهما يعتمدان على الخارج ليأتي لهما برئيس. ولكن إذا أخذت كلام السيد حسن نصرالله الأخير ماذا قال؟ قال لدينا مرشح تعرفون مَن هو، إذهبوا وتفاوضوا معه وكأنه يقول للبنانبين كلهم عيّنت لكم فلانا رئيساً روحوا إحكوا معه وإقبلوا به. وهذا يعني أن جنبلاط لم يتكلم شيئاً مع نصرالله، لأن أمين عام حزب الله مازال ينفخ برأس العماد عون».
وعن نظرته الى مبادرة قوى 14 آذار قال بيضون «14 آذار تقول إن بري وجنبلاط ونصرالله ونائب نصرالله ونواب حزب الله يقومون ببروباغندا مفادها أنه يمكننا التحاور والإتفاق على مرشح تسوية وإجراء انتخابات رئاسية في البلد ولكنهم يضيفون أن 14 آذار لا تريد انتخابات لأن لديها سمير جعجع المرشح الاستفزازي ، فقاموا 14 آذار وردّوا عليهم بأننا جاهزون لمرشح تسوية، ماذا عنكم ؟ فكان الرد أننا غير جاهزين، والأمور مكربجة عند ميشال عون، وليس فقط 14 آذار لا تريد ميشال عون، إنما جنبلاط وبري لا ينتخبان عون ويكون ميشال عون موهوماً إن إعتقد أن بري وجنبلاط يصوّتان له، فالفيتو الأول على عون يأتي من جنبلاط وبري».
وعلى ماذا يراهن حزب الله في الاستحقاق الرئاسي؟ قال «حزب الله جمّد أو أخّر الانتخابات الرئاسية في انتظار جلاء التطورات في
سوريا إعتقاداً منه بأن بشار الأسد كان يحتاج لسنة من أجل حسم الأمور، فبشار الأسد مقتنع أو موهوم وحزب الله إما مقتنع أو موهوم بإمكان السيطرة على الوضع في
سوريا، وعندما يسيطرون على
سوريا يعتقدون أن بإمكانهم الإتيان بالرئيس الذي يريدون وقناعة كل العالم أن بشار الأسد يريد أن يفرض سليمان فرنجية في لبنان لا ميشال عون، وحزب الله كذلك إذا عاد الامر اليه ينتخب سليمان فرنجية لا ميشال عون. إنهم موهومون ويقولون دعونا ننتصر في
سوريا وعندها نضع يدنا على لبنان وهذا وهم، لأن الانتصار في
سوريا مستحيل وعلى العكس هم يخسرون في
سوريا وسيخسّروننا لبنان».
وعلى هذا الواقع تبقى الإنتخابات الرئاسية معلّقة وتدور في حلقة مفرغة في غياب التفاهم الإقليمي وتصاعد لغة العنف في سوريا، الأمر الذي يجعل الاستحقاق الرئاسي في لبنان معلّقاً على حبال التفاهم الإقليمي بعدما خرج الاستحقاق من يد اللبنانيين وبات بحاجة الى أعجوبة ليعود القرار اليهم.