| | ورحل شيخ الثوار إياد سعيد ثابت د. مثنى عبدالله January 19, 2015 | |
| | كاتب الموضوع | رسالة |
---|
Dr.Hannani Maya المشرف العام
الدولة : الجنس : عدد المساهمات : 60487 مزاجي : تاريخ التسجيل : 21/09/2009 الابراج : العمل/الترفيه : الأنترنيت والرياضة والكتابة والمطالعة
| موضوع: ورحل شيخ الثوار إياد سعيد ثابت د. مثنى عبدالله January 19, 2015 الثلاثاء 20 يناير 2015 - 2:52 | |
| ورحل شيخ الثوار إياد سعيد ثابت د. مثنى عبدالله January 19, 2015 أي نعي تستحقه كي ننعاك به، وأي كلمات يمكنها أن تختصر كل صفاتك البطولية، فتأتي على قدرك من دون استحياء؟ الناس سواسية، لكن الثوار قامات ومقامات، وأنت أحد الأعلى فيهم صولة وثباتا، فتميزك عن الاخرين حق لك وواجب لمن يكتب عنك. كنا صغارا لم تأخذنا مقاعد الدراسة بعد حينما كنت تأتي خلسة وتذهب خلسة.. كنا نسأل كبارنا من هذا الزائر الغريب فكانوا يقولون إنه الثائر، وببراءة الاطفال نستفسر وما الثائر؟ إنه أول من يضحي وآخر من يستفيد كما قالوا، وكبرنا فعرفنا أنك أول من ضحى، لكننا لم نجدك يوما على قوائم من سيستفيد في الآخر، لانك لم تضع هذا في حسابك أبدا. كانت العروبة بالنسبة لك قدرا، والوطن اسما وهوية، ولذلك اختلفت عن جميع الثوار، حينما جعلتهما أكبر من الانتماء السياسي، وهو السبب نفسه الذي منحك شجاعة وبطولة قل نظيرهما في الاوساط السياسية، لذلك لم تأبه بصراخ الغوغاء المتجمهرين على باب محكمة الشعب في عهد عبدالكريم قاسم عام 1959، ولم تخفك حبالهم وعصيهم وأهازيجهم المحرضة على الاعدام. كانت كل كلمة استهزاء يتفوه بها رئيس المحكمة ضدك وضد رفاقك والفكر الذي آمنت به، تردها له بألف ألف كلمة وهتاف، ثم تكمل يسرى سعيد ثابت المشهد في جلسة المحكمة نفسها بالهتاف للعروبة، وهي الفتاة التي كانت مازالت في مقتبل العمر. هكذا سمعنا عنك وقرأنا في تاريخ العراق السياسي الحديث، وحتى عندما اختلفت مع رفاق الأمس كان خلافك من أجل العروبة وليس من أجل منصب أو جاه، فقد كان الهم الوطني والقومي لديك أكبر من أن يحتضنه إطار حزبي وهياكل تنظيمية، فجموحك لا حد له. حاولت صنع إطارك السياسي الخاص بك كي تحمي العروبة، فتنقلت بأكثر من إطار وقطر وسجن ومعتقل، كان من بينها سجون رفاق الامس وحلفاء ما بعد الامس، لكنك لم تكفر بما آمنت به بسبب ما عانيت، بل كان يزيدك إصرارا على السير في الطريق نفسه. كانت أكبر صفاتك هي العودة عن الخطأ والاعتراف به من دون خجل، لان لديك إيمانا عميقا بأن النضال طريق وعر وشاق، وقد تهتز قيم المبادئ خلال الرحلة فتلقي بالثوار مجبرين في أحضان أخرى قد يحسبونها فاضلة. هكذا كان موقفك من الإيرانيين حينما حسبتهم يوما حلفاء لك قد يساعدونك في تحقيق الحلم، في ظل شعارات الموت لامريكا وتحيا فلسطين التي تناثرت منهم بعد خلع الشاه، لكنك سرعان ما كشفت حقيقتهم وسبرت أغوار نفوسهم المريضة بالحقــــد على العروبة والعراق، فلم تتوان عن إعلان خطئك على رؤوس الأشهاد، لتعود فتصطف مع الوطن، رغم كل نقاط الخلاف مع النظام السياسي آنذاك، حيث لم تســـتطع ســـنوات الغربة والمنفى والحرمان أن تسرق منك شعلة العروبة المتقدة في عقـــلك منذ أن كنت صبيا يافعا، ولم تستطع نقـــاط الخلاف السياسي مع سلطة تملك كل القوة، أن تلقي في نفسك الرهبة والخوف مما قد يحصل لك، فقد كان قرارك حاسما في ضرورة أن تكون مع أبنائك وإخوانك وأهلك في الخــــندق نفســــه، بعد العدوان الشامل على العراق عام 1991، لأنك رجل قرار حر مستقل بعيد تماما عن تأثــيرات المخابـــرات الاجنبـــية ووصايتها، وعن وسائل الضغط السياسي لهذا الطرف أو ذاك. وعندما وقفت بين يدي رفيقك في محاولة اغتيال عبدالكريم قاسم، الذي بات هو الرجل الاول في الحزب والسلطة، لم يأخذك الموقف كي تأسف لعمل ما كنت قد فعلته يوما في حياتك السياسية وأنت المعارض الاول، كما لم تبهـــرك السلطة كي تمارس الانتهازية وتبيــــع خلافاتك بســـعر رخيص، وكنت مصرا على حمل جميع ملفاتك الخلافـــية ووضعها على الطاولة، ونقد كل ماكنت تراه خطأ ويستحق النقد والتصحيح، الى الحــــد الذي لم تتوان فيه عن الاعتراض حتى على ما هـــو شخصي، فقد جئت كي تصحح لا لكي تنافق. وعندما عُرض عليك منصب رئيس الوزراء، وجلت نفسك مخافة أن تأخذ منك السلطة شعلة الثورة المتقدة في نفسك، التي لم تستطع كل أعوام عمرك أن تقلل من وهجها وعنفوانها فاعتذرت. جئت يومها تبحث عن صديق من زمن الصبا لتقول له إن السلطة لا يمكنها أن تحقق أحلامك التي أفنيت عمرك من أجلها. إن رحيل إياد سعيد ثابت وهو الذي اختلف مع التنظيم السياسي الذي كان أحد قادته ورمزا عاليا من رموزه، ثم عارض النظام السياسي الذي أنتجه ذلك التنظيم، يجعلنا نعيد قراءة ملف قضية شائكة في الفكر السياسي العربي المعاصر، وهو التضاد ما بين طموح الثوار وطموح السلطة السياسية. فالثوار الحقيقيون غالبا ما يجدون أن الاطر السياسية للنظرية الايديولوجية التي يؤمنون بها، أو حتى النظام السياسي الذي يقيمونه لا يحقق إلا جزءا من الصورة الحقيقية التي رسموها في أذهانهم، على الرغم من أنهم يظهرون كل بطولاتهم على هذا المسرح، لذلك فهم يشعرون بأن سلطة الحزب أو النظام السياسي تقيد حرياتهم وتُقزّم أهدافهم وتصبح عائقا أمام طموحاتهم الوطنية، فتكون النتيجة الصدام بين رفاق الامس. إن فهم هذا الموقف يخلع صفة التآمر والخيانة عن الكثير من الثوار الذين وُصموا بها لفترة من الزمن، ويعيد قراءة مسيرتهم في ضوء اصطفافاتهم في المواقف الصعبة التي تتعرض لها الأوطان وهذا هو المقياس الوحيد. لقد رحل إياد سعيد ثابت وهو الثائر الذي لم يجلس على كرسي السلطة يوما، على الرغم من أنه بذل أكثر من سبعين عاما من عمره في الحركة السياسية، وكان أحد أبرز الذين دافعوا عن قضايا الأمة في فلسطين والجزائر وسوريا ومصر واليمن والخليج والعراق وبقية الاقطار العربية. لقد ألقى رحيله بيننا سؤالا كبيرا عن ماهية السلطة السياسية التي تتصدر المشهد السياسي العراقي اليوم، وعن منهج وسلوك القائمين عليها الذي تثبت الايام يوما بعد يوم بأنهم غرباء عن كل القيم والمعايير والمسؤولية. ٭ باحث سياسي عراقي د. مثنى عبدالله | |
| | | | ورحل شيخ الثوار إياد سعيد ثابت د. مثنى عبدالله January 19, 2015 | |
|
| صلاحيات هذا المنتدى: | لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
| |
| |
| |