الدولة : الجنس : عدد المساهمات : 60579مزاجي : تاريخ التسجيل : 21/09/2009الابراج : العمل/الترفيه : الأنترنيت والرياضة والكتابة والمطالعة
موضوع: الشيخ حارث الضاري/ وليد الزبيدي الخميس 19 مارس 2015 - 2:24
الشيخ حارث الضاري/ وليد الزبيدي
الشيخ حارث الضاري/ وليد الزبيدي 16 /03 /2015 م 01:57 مساء في لحظات حرجة يعيشها العراق هوى علم بارز، ليس في حاضر هذا البلد بل على امتداد تاريخه الطويل، يرحل فضيلة الشيخ الدكتور حارث الضاري سليل عائلة مقاومة وطنية عريقة، وخلال أربعة وعشرين ساعة من إعلان خبر رحيله اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي بالحديث عنه والتذكير بمواقفه العراقية وثباته فكان عدد التغريدات في شبكة تويتر فقط مائتان وسبعون ألف تغريدة، حسب إذاعة بي بي سي البريطانية، ناهيك عن المواقع الاخرى والمنتديات، ومعروف أن الغالبية العظمى من رواد هذه المواقع من الشباب، ما يعكس حجم الأثر الذي تركه الراحل الضاري في نفوس هذا الجيل.
تعرفت إلى الشيخ الجليل حارث الضاري في بداية الاحتلال الأميركي للعراق، وجمعتنا ندوة في إذاعة البي بي سي بمكتب بغداد بتارخ 16-11-2003 ، لمناقشة تأثيرات “قانون إدارة الدولة “على الواقع العراقي ومستقبل هذا البلد، قدم خلالها الراحل رؤية عميقة وواسعة وحذر من خطورة تقسيم العراق وقصم ظهر المجتمع العراقي، ومنذ ذلك اليوم وعلاقتي به لم تنقطع، ولم يكن هناك حدث أو تطور يخص القضية العراقية إلا وطلب شيخنا الراحل اللقاء للنقاش والتداول، فكان يصغي ويتفاعل ويسعى لكل حل لقضية العراق، ولم يحصل أن انقطعنا عن بعض لأسابيع، وفي حال لم أزوره لأسبوعين، كان يقول لي بمحبة ” لاتغيب عني طويلا”، جمعتنا الغربة الجارحة والمؤلمة بسبب الاحتلال وافرازاته، فأمضينا سنوات طويلة في الأردن، ومنذ عام 2007 حتى آخر زيارة لي له في مشفاه باسطنبول، لم نلتق إلا وقضية العراق وهموم العراقيين تطغى على نقاشاتنا، يبحث عن جذور الأخطار ولا يتردد عن التفكير بصوت عال عندما يرى الاخطار تهدد وحدة المجتمع العراقي، مستقرئا أفق المستقبل بكل ما يحمل من غيوم سود حالكة الظلمة ومن رعود وزلازل.
أزعم وبكل فخر أنني كنت – ربما – الأقرب إليه في جميع الأوقات، وهنا اذكر للتاريخ، أن الشيخ والعالم الجليل، لم يكن إلا العراقي الحريص على وحدة العراق واهله وناسه، وكلما يشعر أن مخطط وخطوات الطائفيين والمرضى قد تقترب من العراقيين، يتحرك قدر استطاعته لابعاد تلك المخططات والاخطار، ولم أسمع منه أو أشعر في يوم ما أي نفس أو نزعة ذات صبغة طائفية، وهو الذي يثق بي ويكلمني بكل شيء، بل على العكس من ذلك، كان يفتش عن أي مسعى أو تحرك يفشل تلك المخططات ويبعدها عن العراقيين.
أحمل مع الشيخ حارث الضاري كما هائلا من الذكريات والنقاشات والحوارات وكلها لم تخرج عن إطار واحد نشترك به سوية، وهو رفض الاحتلال الأميركي الاجرامي للعراق ورفض افرازاته من عملية سياسية خائبة وحكومات بائسة، وكانت رؤيته رحمه الله وفي وقت مبكر جدا تقول بأن استمرار الاحتلال ومن معه سيدمر العراق والخشية ـ كما يردد دائما – أن ينجح اعداء العراق في جرجرة الناس إلى الاقتتال وبرك الدماء، وهذا يتحقق بكل اسف على أرض الواقع.
مهما كتبت عن الراحل الرمز عنوان العراق والجبل الأشم فإنني لن أقول إلا القليل عن جبل عراقي لا يبارى، رحمه الباري عز وجل وأسكنه فسيح جناته.