“ فتح ” و ” حماس ″ .. ” الانقسام” و ” المصالحة ”
غزة / علا عطاالله وياسر البنا / الأناضول :
مرّ ملف “ المصالحة ” الذي احتفل الفلسطينيون، الأربعاء بالتوقيع على اتفاق جديد بخصوصه، في مدينة غزة، بالكثير من المراحل، والعقبات.
وكان رئيس الحكومة الفلسطينية المقالة في قطاع غزة، إسماعيل هنية قد أعلن، مساء الأربعاء 08 إبريل / نيسان الجاري، بحضور وفد،
أرسله الرئيس الفلسطيني محمود عباس، لغزة، عن توقيع اتفاق لإنهاء الانقسام الفلسطيني.
ونص الاتفاق على أن يبدأ الرئيس محمود عباس بمشاورات تشكيل حكومة التوافق الوطني، بالتزامن مع تفعيل الإطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير الفلسطينية.
وفيما يلي رصد زمني، أعدته وكالة الأناضول، يوضح تفاصيل أسباب الانقسام الفلسطيني بين حركتي فتح وحماس، وجهود المصالحة بينهما :
أسباب الخلاف :
- يسود الخلاف بين حركتي فتح، وحماس، في الأساس، بسبب المرجعيات الأيديولوجية، حيث تتبنى حركة فتح، الفكر العلماني،
فيما تتبنى حركة حماس، الفكر الإسلامي.
-تؤمن حركة فتح، بأسلوب التفاوض مع إسرائيل، لحل القضية الفلسطينية، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، فيما تؤمن حركة حماس، بأسلوب الكفاح المسلح.
- بداية الخلافات :
-عقب تأسيس السلطة الفلسطينية عام 1994، تنفيذاً لاتفاقية أوسلو ( بين منظمة التحرير الفلسطينة، وإسرائيل )، رفضت حماس التوقف
عن العمل العسكري ضد إسرائيل، وهو الأمر الذي أحدث تصادماً كبيراً مع حركة فتح التي أدارت السلطة الفلسطينية.
-شنت الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية، خلال الفترة ما بين ( 1996-2000 ) حملات اعتقال واسعة ضد قادة ونشطاء حركة حماس،
حيث اتهمت فتح حركة حماس، بالعمل على “ تقويض السلطة الفلسطينية ” ، فيما اتهمت حماس، السلطة الفلسطينية، بالعمل كوكيل أمني لصالح ( إسرائيل )
وهو ما أدى إلى تعميق الفجوة بينهما بشكل خطير.
-شكّل انطلاق الانتفاضة الفلسطينية الثانية نهاية سبتمبر/ أيلول 2000م وما شهدته من جرائم ومجازر إسرائيلية
بشعة ضد الشعب الفلسطيني دافعاً قوياً للحوار بين الحركتين.
- حوارات القاهرة :
رغم تسجيل بعض الخلافات والاشتباكات بين الجانبين خلالها، إلا أن الحركتين شرعتا في حوارات رعاها نظام الرئيس المصري السابق
محمد حسني مبارك، وانتهت بـ ” اتفاق القاهرة بين الفصائل في مارس / آذار 2005 م.
ونص الاتفاق على “ تطوير وتفعيل منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني ”، بحيث “تضم جميع القوى والفصائل،
والحفاظ على المنظمة إطارا وطنيا جامعا ومرجعية سياسية عليا للفلسطينيين، وانتخاب مجلس وطني جديد في الداخل والخارج حيثما أمكن ”.
وعقب تولي الرئيس الفلسطيني محمود عباس، رئاسة السلطة في يناير 2005، خلفاً للرئيس الراحل ياسر عرفات، فتح حواراً موسعاً
مع قادة حركة حماس، وحثهم فيه على المشاركة في الانتخابات التشريعية الفلسطينية، وإعلان هدنة مع إسرائيل.
- الانتخابات الفلسطينية ( 2006 ) :
وافقت حماس على خوض الانتخابات التشريعية التي جرت مطلع 2006، وحققت فيها مفاجأة بحصد أغلبية المقاعد في المجلس التشريعي.
في المقابل رفضت حركة فتح وبقية الفصائل المشاركة في الحكومة التي شكلتها حركة حماس،
برئاسة إسماعيل هنية، بدعوى “ عدم الاتفاق على البرنامج السياسي ”.
وتقول حماس إن حركة فتح، عملت على الإطاحة بحكومتها، بتعمد إحداث قلاقل داخلية،
وأن الرئيس عباس سحب الكثير من صلاحياتها، وهو ما تنفيه حركة فتح.
وشهدت تلك الفترة اشتباكات متفرقة بين أنصار الحركتين، لم تنجح الكثير من “ الوساطات ” الفصائلية في وقفها.
وثيقة الأسرى 2006 :
حركّت وثيقة أطلقها قيادات أسرى الحركتين في السجون الإسرائيلية في مايو / أيار 2006م المياه الراكدة بين الجانبين، لكنها لم تنجح
في رأب الصدع بينهما، حيث تواصلت الاشتباكات.
كما فشلت وساطة قطرية بدأت في أكتوبر/ تشرين الأول 2006 في تهدئة الأوضاع.
وتزايدت حدة الاشتباكات عقب خطاب ألقاه الرئيس الفلسطيني محمود عباس في ديسمبر / كانون الأول 2006 دعا خلاله إلى “
عقد انتخابات لمجلس تشريعي فلسطيني جديد، كحل للخروج من المأزق الحالي ”.
انقسام 2007 :
وانعكس الخلافات بين الحركتين على الأرض فعليا عقب فوز حركة حماس بغالبية مقاعد المجلس التشريعي في يناير/ كانون ثان 2006.
وشهدت بداية عام 2007 اشتباكات مسلحة دامية بين كتائب القسام، الجناح المسلح لحركة حماس، والأجهزة الأمنية الفلسطينية، ومقاتلين من حركة فتح.
حوار مكة :
على إثر الاشتباكات السابقة، أطلق الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز مبادرة دعا خلالها حركتي فتح وحماس إلى التحاور في مدينة مكة.
ونجحت الجهود السعودية بدفع الحركتين إلى توقيع اتفاق “ اتفاق مكة ” في فبراير / شباط 2007، وشكلت على إثره حكومة وحدة وطنية ترأسها
القيادي في حماس اسماعيل هنية، وشاركت فيها حركة فتح، وشغل فيها القيادي البارز في فتح عزام الأحمد منصب نائب رئيس الحكومة.
سيطرة حماس على غزة :
لم يصمد اتفاق مكة طويلاً، حيث اندلعت الاشتباكات المسلحة بين الحركتين مجدداً في مايو 2007، وانتهت بسيطرة حركة حماس على قطاع غزة
في 14 يونيو/حزيران 2007م.
وشكّل هذا الحدث، علامة بارزة في التاريخ الفلسطيني الحديث، حيث انقسمت أراضي الحكم الذاتي الفلسطيني ( السلطة الفلسطينية ) إلى جزئين،
الأول في الضفة الغربية، تديره حركة فتح، والثاني في قطاع غزة، تديره حركة حماس.
وقد فشلت كل الجهود العربية والإسلامية في دفع الحركتين إلى العودة لطاولة الحوار، حيث اتهمت فتح، حركة حماس، بالانقلاب
على الشرعية الفلسطينية، فيما اتهمت حماس، حركة فتح، بالانقلاب على نتائج التجربة الديمقراطية التي فازت فيها.
العودة للحوار:
أدت الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة ( 28 ديسمبر 2008-18يناير 2009 ) والتي تسببت بالعديد من المآسي الإنسانية، والأضرار المادية الهائلة،
إلى كسر جبل الجليد بين الحركتين حيث قبلتا العودة للحوار من جديد.
الورقة المصرية :
أطلق نظام الرئيس المصري السابق محمد حسني مبارك، في سبتمبر/ أيلول 2009، مبادرة لتحقيق المصالحة، عرفت لاحقاً باسم “ الورقة المصرية ”.
وقد قبلت حركة فتح الورقة، لكن حركة حماس طلبت إجراء تعديلات عليها، وهو ما أدى لتجميد جهود المصالحة لعدة شهور.
حوارات دمشق :
في نهاية عام 2010 عقد لقاء بين قيادات فتح وحماس في دمشق، لكنها لم تسفر عن نتائج ملموسة.
وكانت الخلافات تتمحور حول عدة قضايا، أبرزها قضية الانتخابات، حيث تطالب فتح بعقد انتخابات جديدة، فيما تطالب حماس بتحقيق المصالحة أولا،
وتوفير ضمانات تتيح اجراءها في أجواء سليمة.
كما تختلف الحركتين حول “ البرنامج السياسي ” ، حيث تتبني فتح خيار المفاوضات مع إسرائيل، من أجل اقامة الدولة الفلسطينية،
فيما تتمسك حماس بخيار “المقاومة المسلحة”، لكنها تقبل بـ ” هدنة طويلة ” مع إسرائيل.
إعلان الدوحة:
وقّعت الحركتان في فبراير/ شباط 2012 اتفاقية مصالحة جديدة، في العاصمة القطرية، “ الدوحة ” ، عرفت باسم “ إعلان الدوحة ”.
ونص الإعلان أن يترأس الرئيس محمود عباس الحكومة الانتقالية المقبلة، والتي ستشكل من كفاءات ومهنيين ومستقلين، لتولي المرحلة المقبلة،
والإعداد للانتخابات التي تم الإعلان عن تأجيلها ليتسنى التحضير اللازم لها، لكن الاتفاقية لم تجد طريقها للتطبيق فعليا.
حوارات القاهرة :
كما تحاورت الحركتين في العاصمة المصرية القاهرة مجددا، وتوصلتا في 20 مايو/ أيار 2012 لاتفاق نص على بدء مشاورات تشكيل حكومة
التوافق الوطني، والسماح للجنة الانتخابات المركزية بتجديد سجلات الناخبين الفلسطينيين بقطاع غزة.
إلا أن حماس أوقفت في الثاني من يوليو/ تموز ( 2012 ) عمل لجنة الانتخابات المركزية بعد السماح لها بالعمل بدعوى استمرار
الاعتقالات السياسية وقمع الحريات بالضفة الغربية، ما أدى لتعطل تنفيذ اتفاق المصالحة.
العودة للحوار بعد حرب غزة الثانية :
عقب العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة ( 14-21 نوفمبر/ تشرين الثاني 2012 ) حدث تقارب جديد بين الحركتين، حيث شاركت
حركة فتح في مهرجان ذكرى تأسيس حركة حماس في 8 ديسمبر/ كانون أول 2012، كما سمحت فتح لحركة حماس بتنظيم مهرجانات احتفالية في الضفة الغربية.
وسمحت حركة حماس من جانبها بعودة عدة كوادر من حركة فتح لقطاع غزة، كانوا قد غادروه عقب سيطرة حماس عليه في عام 2007.
وسمحت كذلك لحركة فتح بتنظيم مهرجان كبير بداية الشهر الجاري، في ذكرى تأسيسها الت 48.
لقاء عباس ومشعل :
في 9 يناير/ كانون الثاني 2013، عقد الرئيس الفلسطيني محمود عباس، مباحثات مع خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي
لحركة حماس، في القاهرة، واتفقا على “تنفيذ اتفاق المصالحة الفلسطينية ”.
لكن الاتفاق لم ينفذ.
اتفاق غزة الأخير :
وصل الثلاثاء الماضي، إلى قطاع غزة وفد منظمة التحرير الفلسطينية، المكلف من الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، لبحث آليات
تنفيذ المصالحة الفلسطينية مع حركة “ حماس ″.
والتقى وفد المصالحة، مع وفد حركة “ حماس ″ ، برئاسة عضو المكتب السياسي للحركة موسى أبو مرزوق، الذي وصل القطاع
عبر معبر رفح البري الاثنين الماضي.
ويتكون وفد منظمة التحرير الفلسطينية، من عزام الأحمد مسئول ملف المصالحة في حركة فتح، ومصطفى البرغوثي الأمين العام
للمبادرة الفلسطينية مصطفى البرغوثي، وجميل شحادة الأمين العام للجبهة العربية الفلسطينية، والأمين العام لحزب الشعب بسام الصالحي،
إضافة إلى رجل الأعمال منيب المصري.
وبعد عدة جلسات من الحوار بين وفدي المنظمة وحركة حماس أعلن رئيس الحكومة الفلسطينية المقالة في قطاع غزة، إسماعيل هنية
مساء أمس الأربعاء عن توقيع اتفاق إنهاء الانقسام الفلسطيني.
وقال هنية، خلال مؤتمر صحفي عقده، في منزله غرب مدينة غزة : ” أزف إلى شعبنا انتهاء مرحلة وسنوات الانقسام الفلسطيني ”.
وأضاف : ” عملنا بروح الفريق الواحد، ولقد استطعنا وبوقت قياسي، أن نتجاوز سنوات الانقسام، وأن نضع آلية تنفيذ الاتفاق ”.
وأشار إلى أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس، باركا الاتفاق.
وأوضح أنه تم الاتفاق خلال الاجتماعين، اللذين عقدا على مدار اليومين الماضيين على وضع الجداول الزمنية لإنهاء الانقسام.
المصدر / صحيفة رأي اليـــــوم .