بسبب الجهل وقلة الوعي والتضليل السياسي من بعض دول الجوار وفي مقدمتها ايران٬ ينساق بعض العراقيين وراء شعار "الفيدرالية" لتقسيم العراق الى اقاليم ودويلات ومشايخ وامارات وسلطنات ما انزل الله منها من سلطان. ويخلط كثير من العراقيين بين الفيدرالية كنظام اتحادي لتجميع اقاليم ودويلات منفصلة أساساً وبين فيدرالية شاذة لتقسيم الوطن الواحد الى اقاليم. ولو كانت الفيدرالية التي يدعو اليها بعض العراقيين العرب تعني اللامركزية الادارية والمالية فانه ليست هناك مشكلة كبيرة٬ ولكنهم يريدونها على غرار "اقليم كردستان" دويلة داخل دولة لها جيشها وعلمها ونشيدها الاقليمي ووزراؤها وبرلمانها وحدودها السياسية وليست الادارية وكتبها الدراسية وامتحاناتها ومطاراتها وشرطتها وحتى تأشيراتها لدخول بقية العراقيين الى "اراضيها"!
انها محاولة اجرامية لتقسيم العراق وشرذمته الى شعوب وقبائل وعشائر وعصابات. واذا كنا نتهم الغوغاء الجهلة وعملاء بعض دول الجوار بترويج هذه الفيدراليات المريضة فماذا يمكن ان نقول عن بعض المحامين في النجف الذين تظاهروا مطالبين باقالة وفصل واجتثاث جميع المسؤولين في المحافظة غير النجفيين باعتبار ان النجف "جمهورية حرة مستقلة سبق ان تحررت من الاستعمار العراقي"! ولم يقف الاحتجاج عند حدود هؤلاء المحامين الذين يبحثون عن رزق جديد فتعداهم الى من يسمون انفسهم ناشطين حقوقيين الذين اتهموا مسؤولين ينحدرون من "اصول غير نجفية" بالوقوف وراء الفساد المستشري في المحافظة كما ذكر مراسل صحيفة "الحياة" اللندنية. على اعتبار ان المنحدرين من "أصول نجفية" لا يوجد بينهم فاسدون ولا فاسقون٬ وان الفاسدين هم من المحافظات الاخرى أو من جمهوريات الموز العراقية الاخرى!
بل وذهب الوعي أو قلة الوعي بأحد المحامين الذين نظموا المظاهرات الى القول بان النجف لا تحتاج الى استيراد مديرين ومسؤولين! مطالباً بعزل كل هؤلاء المسؤولين من غير أهالي النجف.. فالنجف لا تحتاج الا لتوابيت المرحومين من المحافظات الاخرى لان فيها من
العلماء والمخترعين والمبتكرين والمبدعين ما يجعلها تستغني عن الجهلة والاميين والمتخلفين المستوردين من محافظات الجوار.. "على غرار دول الجوار"!
وبالغ بعض هؤلاء المحامين باتهام كل من يتولى مسؤولية حساسة في النجف وهو ليس من أهلها بالوقوف وراء تفشي الفساد وسوء الخدمات وحرمان ابناء المدينة من تبوء مناصب ادارية في المحافظة. وقال محامي من هؤلاء ان الفاسدين في المحافظة هم مديرو الشهر العقاري والشرطة والامن الوطني والاحوال المدنية ومكافحة الارهاب لانهم "ليسوا من مواليد النجف" وانما من مواليد محافظات أخرى متخلفة وربما كافرة وزنديقة٬ وانهم غزوا النجف مع الاحتلال الامريكي وسيطروا على مقاعد ابناء المدينة.
هل سنستغرب اذا اصدر محافظ النجف قراراُ بمنع دخول غير النجفيين الى النجف اذا لم يحصلوا على فيزا أسوة بالمحافظات الكردية؟ وهل ستبلغ النكتة البايخة مداها بمنع دفن غير النجفيين في النجف؟ لماذا يتعمد هؤلاء الموتورون الاساءة الى النجفيين الذين كانوا دائما في قلب وحدة العراق وطناً وشعباً؟
ومعرف ان المجلس الاسلامي الاعلى بزعامة عمار الحكيم المدعوم من ايران تمويلاً وتسليحاً وتوجيهاً يقود الحملة الداعية الى اقامة اقليمي الوسط والجنوب على غرار اقليم الاكراد في الشمال. وسبق لبعض الداعين الى فصل البصرة اجراء استفتاء شعبي في المحافظة في العام الماضي لطمت نتائجه وجوههم بالخزي والعار بعد ان رفض البصراويون باغلبية ساحقة هذا الهراء والتهريج الذي يصل الى حد الخيانة الوطنية. وقد اتهمني رئيس التيار الداعي لقيام اقليم البصرة علناً بأنني سبب فشل قيام هذا الاقليم بحملتي الواسعة ضده!