دور القوات المسلحة العراقية في تراجع أمام صعود الميليشيات !!!
صعود الميليشيات الشيعية كجيش رديف ومواز للقوات المسلّحة العراقية يضاعف مصاعب تلك القوات ويقلّص
من دورها بالسطوعلى مهامها ما يثير غضب بعض قادتها المتمسّكين بالدفاع عن مؤسستهم.
العرب
السبت 20 ـ 06 ـ 2015
بغـــداد
المؤسسة العسكرية العراقية دخلت في معركة وجود :
أطلقت استقالة قائد عسكري عراقي كبير من منصبه بسبب النقص الحاد في عدّة المعركة
ضد تنظيم داعش، صفّارة إنذار بشأن ما بلغته أوضاع القوات المسلّحة العراقية من تردّ ينذر
بانهيارها ونهاية دورها في مقابل الصعود اللافت لقوات غير نظامية موازية تتمثل بالميليشيات الشيعية
التي باتت موضع رعاية الدولة ذاتها على حساب القوات النظامية .
ويتخوّف عراقيون من أن تفضي الحرب ضد تنظيم داعش إلى دمج الميليشيات بقياداتها
ضمن القوات المسلّحة ليغدو الجيش العراقي من ثم جيشا طائفيا بشكل كامل .
وتؤكّد مصادر سياسية عراقية أن هذه الفكرة طرحت فعلا للنقاش ، وأن العائق الأبرز
أمام تقدّمها كثرة الميليشيات وتعدّد ولاءاتها والصراعات بين قياداتها .
ويصف خبراء عسكريون ما يواجهه الجيش العراقي من مصاعب وعثرات بالخطرة والمهدّدة لمصير
هذه المؤسسة العريقة التي يقارب عمرها قرنا من الزمان .
ويعتبرون أنّ القوات المسلّحة العراقية التي لم تستفق بالكامل من صدمة حلّها على يد الحاكم
المدني الأميركي [ بول بريمر ] سنة 2003 تعاني المزيد من المشاكل التنظيمية والهيكلية
ومن ضعف التسليح والتدريب ، وتتداخل قضاياها مع فساد الطبقة السياسية التي أهدرت طيلة ما يزيد
عن العشرية من الزمان ميزانيات ضخمة مخصصة لتسليح الجيش وحشد صفوفه بالآلاف
من الجنود والضباط الوهميين يطلق عليهم اسم الفضائيين ويتقاضون رواتب دون أن يكون لهم أي دور فعلي .
وفي خطوة مفاجئة هي الأولى من نوعها منذ تشكيل الحكومة العراقية الحالية برئاسة رئيس الوزراء
حيدر العبادي قدّم قائد عمليات الجزيرة والبادية في محافظة الأنبار اللواء الركن ناصر الغنام
طلبا إلى وزير الدفاع خالد العبيدي لإعفائه من منصبه بسبب النقص الحاد في أدوات المعركة
مع تنظيم داعش والذي يشمل نقص السلاح والعتاد والمؤن العسكرية ، وحتى الطعام.
ونُقل عن مصدر مقرّب من الغنام قوله إن الرجل ظل في حرج شديد مخافة أن يتهم بالهروب
من المعركة وأنّه لم يقدم على طلب إعفائه من مهامه إلاّ بعد أن حاول عدّة مرّات طلب الدعم من وزارة الدفاع .
كما نقل عن أحد الضباط قوله إنّ “ الغنام قاد أكثر من 20 معركة ضد الإرهاب منذ تسلمه
منصبه مطلع العام الحالي ، وانتصر في جميعها وقتلت قواته التي بإمرته عشرات الإرهابيين
وأحرقت عشرات المركبات التي كانت تحمل أحاديات وأسلحة متوسطة
وأسلحة مضادة للطائرات دون أن تقدم قوات الغنام أي قتيل أو مصاب ” .
وبين الضابط أنّ قائد عمليات الجزيرة والبادية لا يريد أن يخسر أي معركة ولا يريد
أن يقدم ضحايا من قواته أو أبناء العشائر في المعركة مع داعش بسبب نقص العتاد
ومزاجية البعض في وزارة الدفاع ، ضبــاط يرجعــون تعثر المعركة ضد داعش إلى تنطع الميليشيات
وجهلها بتكتيكات الحرب ، وقال ضابط ثان إنّ موقف الغنّام ليس فرديا أو شخصيا وإنّما يعكس حالة
من الغضب العام بين الكثير من ضباط القوات المسلّحة وقادتها ، غير مستبعد
أن يتجسّد ذلك الغضب لاحقا في سلسلة أطول من الاستقالات خصوصا، بعد ظهور بوادر خطيرة
على تعثّر المعركة ضد تنظيم داعش ، بفعل ما سماه الضابط “ تنطع الميليشيات ” ،
وتقدّمها إلى مقدمة الجبهاتدون قدرة على التخطيط ودون إلمام بتكتيكات الحرب .
وتتحدّث مصادر عراقية عن وجود انقسامات حادّة بين القادة الميدانيين للقوات العراقية بين صنفين
من الضباط ، صنف راض بالتنسيق مع ميليشيات الحشد الشعبي وبالتنازل عن بعض مهام الجيش
واختصاصاته لفائدتها ، وصنف رافض لذلك ويتمسّك بأولوية الجيش في قيادة المعركة والتخطيط لها
واتخاذ القرار بشأنها ، ويُخشى أن تكون تلك الخلافات انعكاسا للولاءات السياسية وللانتماءات الطائفية
لضباط الجيش العراقي ،ومنذ سقوط مدينة الموصل مركز محافظة نينوى بيد تنظيم داعش
توالت انهيارات القوات المسلحة العراقية ، في مقابل بروز الميليشيات التي دعمت صفوفها بمتطوعين جدد
وانتظمت في ما بات يعرف بالحشد الشعبيالذي يحظى باهتمام ودعم رئاسة الوزراء وتوضع
مقدرات تابعة للدولة تحت تصرّفه ،كما يحظى بدعم المرجعية الشيعية التي وقفت وراء تأسيسه
عن طريق الفتوى التي أصدرها المرجع علي السيستاني تحت مسمى الجهاد الكفائي .
ودعا عبدالمهدي الكربلائي ممثل السيستاني أمس مجددا الحكومة الاتحادية إلى “ دعم مقاتلي الحشد الشعبي
في ظل تصديهم لمسلحي داعش في شمال وغرب البلاد ” .