التنبؤ بالمستقبل من «مرايا» إلى «ضيعة ضايعة : هل دفع الإعلام الفرنسي الملك للرحيل؟ وبساطة الرئيسة التي تدهن منزلها والونشرة
كاتب الموضوع
رسالة
Dr.Hannani Maya المشرف العام
الدولة : الجنس : عدد المساهمات : 60590مزاجي : تاريخ التسجيل : 21/09/2009الابراج : العمل/الترفيه : الأنترنيت والرياضة والكتابة والمطالعة
موضوع: التنبؤ بالمستقبل من «مرايا» إلى «ضيعة ضايعة : هل دفع الإعلام الفرنسي الملك للرحيل؟ وبساطة الرئيسة التي تدهن منزلها والونشرة الأربعاء 5 أغسطس 2015 - 22:25
في مقال سابق، كنت قد ذكرت في سياقه شيئا عن الفنان السوري عابد فهد، ومسلسله الرمضاني مع شريكته الموسمية الجديدة سيرين عبدالنور، وذكرت حينها عن بدايات عابد فهد في الكوميديا السورية من خلال سلسلة ياسر العظمة «مرايا» والتي ظهر فيها فهد منتصف الثمانينات فتى يافعا متخما بالحس الكوميدي الجميل. لا أفهم، منذ كتبت ذلك، سر بعض الغضب الذي وصلني من أصدقاء وصديقات ارتأوا أني تجنيت على النجم السوري، مع أنني أرى في بداياته تلك، إبداعا فنيا متميزا بالنسبة لعمره الفني آنذاك وأمام قامة كوميدية كياسر العظمة. سلسلة «مرايا» لياسر العظمة كانت حسب تعريف نجمها نفسه على التتر، مما قرأ وسمع وشاهد، وقد اكتشفت بعد أن قرأت أغلب أعمال الكاتب التركي الساخر الكبير عزيز نيسين، أن معظم حلقات مرايا في البدايات كانت من قراءات نيسين، وهذا لا يعيب العمل بقدر ما يثريه ويعطي لياسر العظمة السبق في تحويل السخرية التركية إلى عربية بسهولة، ربما لتشابه الأحوال وتقارب الثقافات. المغزى من القول، هو تلك القدرة في ما مضى من زمن قريب، على إنتاج كوميديا جميلة وممتعة، ولاذعة بحس ساخر وناقد اجتماعيا وسياسيا، فيما المفارقة أن زماننا الراهن، حيث السقوف أعلى والنقد مباح أكثر وانتشار مذهل للفضائيات، تصبح الكوميديا التي نفتقدها عملة صعبة في سوق الأعمال المنتشرة على كثرتها، وتلك الكوميديا النادرة، تعلق في الذاكرة، لا تتلاشى بانتهاء حلقتها الأخيرة.. وهنا تكمن قيمتها. «أم الطنافس الفوقا» هي عالمنا العربي وفي الحديث عن كوميديا لا تنسى، فلا أزال أعتقد أن آخر ما قدمته الدراما السورية من كوميديا راسخة في الذاكرة، وذكية، كان في مسلسل «ضيعة ضايعة» بجزأيه الأول والثاني. فقد نشأ التحالف العجيب عام 2008 بين مؤلف سوري مثقف اسمه ممدوح حمادة ومخرج هادئ ويحمل رؤية ساخرة اسمه الليث حجو، لتكون فكرة «ضيعة ضايعة» عملا متميزا يمكن اسقاط كل واقعنا المرير على أحداثه الساخرة، بل ويمكن اعتبار قرية «أم الطنافس الفوقا» المنسية تماما من على الخارطة هي ذاتها عالمنا العربي قياسا إلى باقي جغرافيا الكوكب. وفي كل حلقة، هناك لازمة مكررة أشبه بمقدمة على لسان المؤلف والعمل كله، نصها نسمعه قبل بداية كل حلقة، وهو نص قصير ومكثف ويلخص واقعنا لا في العالم العربي وحسب، بل على هذا الكوكب برمته. فمع صورة لكوكب الأرض عن بعد من الفضاء الخارجي مع «زوم إن» بطيء.. يأتيك التعليق بصوت جهوري ويقول: «الثورة الرقمية جعلت أشياء كثيرة لم نكن نتصور حدوثها قبل عدة سنوات امرا ضروريا لحياتنا اليوم، لا يمكن أن نتخيل حياتنا بدونها، باختصار يمكن القول إن الإنسان أصبح عبداً للتكنولوجيا بكل ما تعنيه كلمة «عبد» من معنى. وكما هي العادة في كل المجازر التي تحدث هناك ناج وحيد… أم الطنافس الفوقا». وفعلا، كلما تأملت في حياتنا اليوم، وكيف أصبحنا أسرى لكبسات الأزرار والتقنيات الرقمية، تأملت بذاكرتي شيئا من بساطة «أم الطنافس الفوقا» وناسها، ومشاكلهم البسيطة بالنسبة لي، والكبيرة جدا بالنسبة لهم. لم تكن السخرية التي أضحكتنا على الشخصيات في حقيقتها سخرية عليهم، بقدر ما هي سخرية بالمقلوب علينا نحن المشاهدين.. وهذه كوميديا حقيقية تسخر بحدة من واقعنا بذكاء. هدايا الزعماء العرب وكتاب ريغان وعلى ضفاف السياق ذاته، فيبدو ان العودة لأصول البساطة في الأشياء بات من مدهشات زماننا. ومن ذلك ما تناقلته الأخبار والصور عن رئيسة كرواتيا (وهي سيدة جميلة للإنصاف والضمير)، حيث تقوم بدهان منزلها بنفسها وقد اعتلت السلم وأمسكت بالفرشاة وانهمكت في العمل الشاق لمنزلها، مما أراه طبيعيا ما دام الأمر يتعلق بمنزلها، لكن في زمن كبسة الزر، والفخفخات الرئاسية اللامعقولة، يصبح الأمر خبرا غير معقول، تتناقله الوكالات ونشرات الأخبار. عربيا، ومنذ عرفنا الرياسة والسياسة، ونحن مبهورون بأولي الأمر الذين نراهم فوق الطبيعة، وهذا يجعلنا نرى في عاديات الأخبار عن رؤساء العالم غرائب وعجائب مدهشة. أذكر في الثمانينات، أن زعيما عربيا لدولة ثرية، أراد أن يهدي الرئيس رونالد ريغان في نهاية مدته الرئاسية هدية وداع له ولزوجته نانسي، فوصل إلى ساكن البيت الأبيض في شهوره الأخيرة، سيف ذهبي مرصع بالجواهر، ووصل السيدة الأولى حقيبة جلدية فاخرة مطعمة بالجواهر أيضا!! طبعا كان مصير الهدايا حسب القانون الأمريكي إلى الخزانة العامة وبلا تردد، ذلك ان الهدايا التي يتلقاها الرئيس وتتجاوز قيمة يحددها القانون تؤول لدافع الضرائب الأمريكي ومنفعته العامة. في المقابل، وردا للهدايا الثمينة، أرسل ريغان وزوجته نانسي للزعيم الراحل إياه، هدية كانت عبارة عن كتاب مصور يتحدث عن الطيور البرية في أمريكا!! وبصراحة، ومنذ قرأت الخبر منذ سنوات طويلة، وعندي فضول قاتل وأموت وأعرف مصير الكتاب وأين انتهى؟ حينما يجرؤ الإعلام على الشكوى من هنا، فإنني ومع احترامي للمصادر السعودية التي نفت أن يكون للضجة الإعلامية في فرنسا أو للإحتجاجات الشعبية «المحترمة» أي علاقة بتغيير العاهل السعودي لخطط إجازته في الجنوب الفرنسي، فإنني أؤمن أن الضغط الشعبي المرافق لإعلام مسؤول ومحترم، كانا سببا في قطع إجازة العاهل السعودي وتغيير برنامجها إلى المغرب، حيث – كما في كل العالم العربي – لا احتجاجات ولا إعلام يجرؤ على الشكوى او نقل الشكوى حتى!! كاتب من الأردن يقيم في بروكسيل مالك العثامنة [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
ظلت الثقافة الوطنية تتحقق دائما من خلال اللغة العربية الذي يشارك كل المثقفين العرب على اختلاف ألوانهم في الإنتاج بواسطتها. فاللغة العربية هي «اللغة الرسمية» لكل الأقطار العربية، وبذلك نعتبر كل تلك الإنتاجات داخلة بالقوة وبالفعل في إطار «الثقافة العربية» الحديثة. لكننا نجد، لظروف اجتماعية وثقافية وتاريخية خاصة، العديد من المثقفين ممن هم من أصول عربية أو غير عربية، وينتمون تاريخيا إلى أحد الأقطار العربية، يهاجرون إلى الكتابة بلغات غير اللغة العربية (الفرنسية ـ الإنكليزية). فكيف نتعامل مع عطاءات هؤلاء المثقفين، سواء في مجال الإبداع أو الفكر؟ وكيف يتحدد انتماؤهم الثقافي؟ أإلى بلاد المهجر؟ أم إلى الأصول التي ينتمون إليها؟ في بدايات القرن الماضي، هاجر العديد من العرب الشوام إلى إحدى الأمريكتين، وساهموا في تشكيل فضاء ثقافي ظل مرتبطا ارتباطا وثيقا بثقافتهم الأصلية، فأصدروا الصحف، وأسسوا دورا للنشر، وأبدعوا إنتاجاتهم المختلفة باللغة العربية، فاعتبروا بذلك جزءا أساسيا من الثقافة العربية، وكل الكتابات التي اهتمت بتاريخ الأدب، مثلا، أدرجت الأدب الهجري في إطار الأدب العربي الحديث. مع منتصف القرن، بدأت تبرز ظاهرة الكتابة باللغة الفرنسية في المغرب العربي، ومع تنامي الهجرات، والاستقرار في بلاد «الغربة»، نبغ كتاب ومثقفون وعلماء من مختلف البلاد العربية، في مختلف المهاجر، وصاروا يكتبون بلغات الأوطان التي هاجروا إليها (فرنسية، إنكليزية، هولندية، إسبانية…) ويساهمون إبداعيا وفكريا في الإنتاج وفق الواقع الذي يعيشون فيه. وهنا بدأ يطرح السؤال: هل يمكننا اعتبار، على سبيل التمثيل فقط، إدوارد سعيد كاتبا فلسطينيا أم عربيا أم أمريكيا؟ ويمكننا طرح السؤال نفسه، عن محمد خير الدين: هل هو كاتب مغربي؟ أم أمازيغي؟ أم فرنسي؟ علما بأن هذين الكاتبين عندما نطلع على الأنطولوجيات، أو الكتابات الأدبية التاريخية، الأمريكية أو الفرنسية نجدها تدرج أمثالهما ضمن «النقد الأمريكي»، أو ضمن «الأدب الفرنسي» أو الفرنكفوني؟ إنه سؤال الانتماء الثقافي؟ بماذا يتحدد الانتماء الثقافي للمثقف كيفما كان مجال إبداعه أو تفكيره؟ هل بواسطة اللغة التي يكتب بها بغض النظر عن انتمائه القطري، أو العرقي؟ أم أن هذا الانتماء يتحدد في ضوء العرق والقطر، من دون اعتبار للغة التي يكتب بها؟ أم أن الانتماء الثقافي يتعالى على القطر والعرق والطائفة واللغة؟ أم أنه أخيرا يتحقق من خلال انتماءات متعددة (عامة وخاصة)، تتنوع بتنوع الأصول والمشارب التي ينتمي إليها المثقف أو ينخرط فيها؟ أو بحسب القضايا التي يتناولها؟ ما كان لهذا النوع من الأسئلة أن يطرح لولا التطور الذي طرأ منذ أواخر القرن الماضي مع بداية تضخم الحديث عن الأنا والآخر، والهوية الثقافية، والذاكرة الجماعية، والتنوع الثقافي، على المستوى الفكري. وبداية ظهور النزعات المختلفة في الوطن العربي التي تطالب بحقوقها الثقافية والعرقية واللغوية والطائفية، على المستوى السياسي. عندما نعود إلى التاريخ العربي ـ الإسلامي لا نجد فرقا بين امرئ القيس والسموأل، أو بين جرير والأخطل أو ابن الرومي وأبي تمام، أو الكندي أو ابن رشد وابن سينا وابن ميمون، أو بين الجرجاني والقرطاجني، إنهم جميعا، وإن اختلفت أصولهم وأعراقهم ودياناتهم، كانوا يؤثثون الفضاء الثقافي العربي ـ الإسلامي، وينخرطون في الإضافة إليه وإغنائه. صحيح كانت اللغة العربية لغة الكتابة في ذلك العصر. لكن ميلاد الأقطار الحديثة، وتنامي الهويات، أدى إلى تعزيز الهويات القطرية، وتحديد الانتماءات: فصار جلجاميش والمتنبي عراقيين، والمعري سوريا، وابن سينا فارسيا… بل أن إخواننا الأمازيغ عادوا إلى تاريخ ما قبل الإسلام، فعدوا القديس أوغستين، وأبوليوس.. وفي العصر الحديث محمد خير الدين أمازيغيين… وصارت الانتماءات تتحدد حسب العرق، أو الفضاء الجغرافي الذي ولدوا فيه، بغض النظر عن اللغة أو الثقافة التي كانوا يشتغلون في نطاقها، ويفكرون ضمن متخيلها وتاريخها. ما هو الآن انتماء المثقف الكردي، والأمازيغي والسرياني والقبطي والطوارقي، الذي يكتب بالعربية شعرا وسردا وفكرا؟ وبماذا نحدد انتماء الكتاب، من أحد أصول الأقطار العربية الذين ولدوا في المهجر، وتعلموا لغات أجنبية وكتبوا بها؟ في المصنفات العربية القديمة، كانوا يترجمون للكاتب ويعرفونه من خلال تحديد محتده ومولده ونشأته وداره ومنزله (نزيل كذا). كما أنهم في التأريخ الثقافي للمدن، كانوا يتحدثون عمن ينتمي إلى المدينة، أو ولد بها، أو حل، أو مر بها. وكل ذلك إمعانا في تحقيق الانتماء الخاص بالكاتب في علاقته بالفضاء، وتأكيد صلاته برجالاتها وأخذه عنهم، أو استفادتهم منه، أي أن ذلك كان لغايات ثقافية محضة. أما الآن، فإن انتماء المثقف، لأنه صار ذا بعد سياسي، أمسى يتحدد وفق الأبعاد الإيديولوجية الخاصة التي يتم التركيز عليها لتثبيت هوية معينة، أو إعطائها شرعية ما. لا مراء في أن المثقف ابن بيئته، وثقافته ولغته. وهو لا يسهم في ثقافته الخاصة المتصلة بعرقه أو لغته الوطنية، إلا إذا كانت تتحقق في نطاق الثقافة الإنسانية. وهذا هو الانتماء الحقيقي: إنه يتجسد وطنيا لينفتح إنسانيا. ولهذا السبب أصبحت الليالي العربية تعد تراثا إنسانيا. كاتب مغربي سعيد يقطين [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
القاهرة ـ «القدس العربي» ركزت الصحف المصرية الصادرة أمس الثلاثاء 4 أغسطس/آب على الموضوعات ذاتها التي اهتمت بها في الأيام الماضية، وهي استعدادات حفل افتتاح قناة السويس الجديدة غدا الخميس، وقيام رئيس أركان حرب الجيش الفريق محمود حجازي بتفقد استعدادات القوات المسلحة والشرطة، لحماية المنطقة ولمنع محاولة تسلل الإرهابيين، أو غيرهم للقيام بأعمال لإفساد الاحتفال. وبعد انصرافه وقع حادث شكك في الإجراءات الأمنية أخبرنا به زميلنا الرسام أنور في «المصري اليوم» أمس، وشاهده بعينيه الاثنتين، وسمعه بأذنيه أيضا، قال إنه شاهد مواطنا بائسا نجح في الوصول إلى شط القناة للنزول فيها وحاول جندي شرطة منعه فرد عليه قائلا: - مش عملنا القناة دي عشان الشعب يستفيد، أهو الشعب حران وعايز ينزل وسع يا عم. كذلك امتلأت الصحف بالإعلانات التي تهنئ بافتتاح القناة، واستفادت الصحف ماليا منها، لاسيما وهي تعاني كلها ـ عامة وخاصة ـ من مشاكل مالية حادة. وكان الموضوع الثاني الأكثر اجتذابا لاهتمام الأغلبية هو حصول نادي الزمالك رسميا على درع الدوري العام، بعد تعادله مع وادي دجلة، ومقتل الطفلة جاسمين ذات الأربعة أعوام عندما حاول ارهابيون في الفيوم اغتيال والدها رائد الشرطة شريف سامي النشار، بإطلاق الرصاص على سيارته، إلا أنه لم يصب وقتل صديقه المحامي رامي أحمد كامل. ومن الأخبار الأخرى التي وردت في الصحف بدء المرحلة الثانية من عمل مكاتب تنسيق القبول في الجامعات، واستمرار الموجة الحارة، ومناشدة وزير الكهرباء المواطنين بترشيد استخدام المكيفات، وكثرة إعلانات بيع الشاليهات والفيلات في المنتجعات السياحية والرحلات للخارج والداخل بأسعار مخفضة. وإلى بعض مما عندنا…. هشام جنينة: هل الزواج من فلسطينية جريمة؟ ونبدأ بالمعارك والردود المتنوعة، التي تشمل قضايا عديدة لا رابط بينها، ومنها المعركة التي لا تريد أن تهدأ بين المستشار هشام جنينة، رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات ووزير العدل المستشار أحمد الزند، وجهات أخرى يتهمها صراحة بأن الفساد يرعى فيها، وهي تحاربه، بينما يتعرض هو للاتهامات بأنه إخوان مسلمون، فالذي عينه في منصبه الرئيس الأسبق محمد مرسي، وبعد إصدار الرئيس عبد الفتاح السيسي القانون رقم 89 لسنة 2015 بشأن إعفاء رؤساء الهيئات الخاصة من مناصبهم بأن المقصود بالقانون إعفاء هشام من منصبه، ودارت مناقشات حول جواز إعفاء رؤساء الهيئات الخاصة ومدى قانونيته، فأكد البعض حق الرئيس في ذلك، إذا توافرت الأسباب، وآخرون قالوا إنه لا يحق له. ولوحظ أن الرئيس لم يقابل هشام أي مقابلة خاصة وكلما يسأل عن تفسيره لذلك يرد بأن الرئيس إذا طلبه سيذهب إليه وقد تجددت الحملة على هشام جنينة في الأيام الماضية ومنها، أن له علاقة بحركة حماس ويتخابر معها لأن زوجته لها أصول فلسطينية. وقد نشرت «المصري اليوم» يوم السبت الماضي حديثا مع جنينة أجراه معه زميلانا طارق أمين ومحمد السنهوري على حلقتين، وأبرز ما قاله في الحلقة الأولى يوم السبت هو: «لا أفهم كيف يعتبر البعض الزواج من فلسطينية جريمة، مع العلم أن زوجتي من أب فلسطيني وأم مصرية وجميعهم عاشوا على تراب هذا الوطن، وحصلت على الجنسية المصرية، وأقارب زوجتي لا علاقة لهم من قريب أو بعيد بحركة حماس، وأغلبهم في مراكز مهمة في السلطة الفلسطينية، وابن عمها الطيار الخاص للرئيس الفلسطيني أبو مازن، وآخر كان سفيراً سابقاً في ليبيا، وبعضهم التحق بسلك القضاء في مصر، ولا أفهم في الحقيقة هذه الاتهامات في ظل منح أقاربها الجنسية المصرية، ولهذا أتساءل: «هل يتم منح الجنسية المصرية لمتخابرين؟».. أحد أقارب زوجتي كان رئيساً في محكمة استئناف القاهرة، هل كان الرجل أيضاً متخابرًا؟ بالإضافة إلى أن لها أقارب بمناصب مهمة في الدولة، هل كلهم متخابرون مع حماس. وأنا أقول لكل من ردد كل هذه الأكاذيب عيب أن تخوضوا في سمعة العائلات، فعائلة زوجتي من أكبر العائلات الفلسطينية المشهود لها بالوطنية والحرص على الأمن القومي المصري «وأنا شرفت بهذا النسب. لدي معلومات أن البعض يحاول تلفيق اتهام لي بالتخابر مع حماس، هناك أصابع خفية تسعى إلى تدبير مكيدة لي بعد انتهاء هذه الحملة الإعلامية الشرسة، يتم الإعداد لهذه القضية الملفقة الآن، لكن ثقتي في أن العدالة ستأخذ مجراها ضد هؤلاء كبيرة، فهذه الحملة يمولها رجال أعمال على علاقة بوزير مسؤول حالياً يستغل منصبه في الحصول على بيانات خاصة بأسرتي، من خلال علاقته ببعض القيادات الأمنية، واستخدام بعض الإعلاميين لحشد الرأي العام ضدي، وذلك كله بقصد ترهيبي عن ملاحقة وكشف قضايا فساد طالت بعضهم، وسيأتي الوقت قريباً للكشف عنها، ويتم ترويج هذه الأكاذيب من مجموعة من الإعلاميين المأجورين الذين مع الأسف يسيئون إلى الغالبية العظمى من الإعلاميين الشرفاء، وهؤلاء معروف عنهم التكسب على حساب الطعن في سمعة المواطنين وشرف العائلات، ويعطون لأنفسهم الحق في منح صكوك الوطنية والولاء للوطن، فضلاً عن أنني لم أستعمل سلطة وظيفتي لبيع الأراضي المملوكة للدولة والمخصصة للمنفعة العامة، لأي من أقارب زوجتي، كما فعل هذا الوزير، وأطالب الأجهزة التي أمدته بالمعلومات عن حياة أسرتي الخاصة أن تتحرى عن ذمته المالية وتطبيق الكسب غير المشروع، حتى يترسخ لجموع الشعب أنه لا أحد فوق القانون ولا يحتمي أحد بمنصبه ،أنا لست في حاجة لقانون حتى أرحل عن منصبي، في اليوم الذي سيرى فيه السيد رئيس الجمهورية أنني غير متعاون أو غير مؤد لعملي أو غير أهل ثقة، سأوافق على طلبه باستقالتي فوراً وسأرحب بذلك. أنا ثقتي في عدالة القضاء المصري كبيرة، رغم اعتراضي على سوء أداء البعض به، لكن لأنني تربيت وسط القضاء أعرف أن به الكثير من الشرفاء، وحتى إذا تعرض الإنسان لظلم ولم يحصل على حقه فإن عدالة السماء لن تغيب عني، أنا لا احتمي إلا بالله، وثقتي في نفسي كبيرة، وقد يكون رحيلي عن الجهاز خيرا لي وأفضل من بقائي، لست أخشى الرحيل عن الجهاز، لكن فكرة تلفيق القضايا للتخلص من أي مسؤول يجب أن تكون انتهت، وأؤكد أن الأجهزة التي تعمل على تقويض العدل تقوض الحكم أيضا». الرئيس لم يهتم أو يطلب تحقيقا في المعركة الدائرة بين جنينة والزند! وفي اليوم التالي الأحد علقت زميلتنا الجميلة في «المقال» مريم الخولي على كلام هشام قائلة: «السؤال الأهم هل ستمنع احتفالات قناة السويس الجديدة الرئيس من التحقيق في مدى دقة حديث جنينة، أم أن الفرحة ستجب ما قبلها، ويمر ما قاله رئيس أهم جهاز رقابي في مصر عن محاولة بعض الأجنحة، التي كانت لها مصالح مع نظام مبارك تصفية كل رموز ثورة 25 يناير/كانون الثاني، بل أن ما يحدث على الساحة الآن من قضايا يتم إعدادها هدفه التخلص من كل من له رأي أو موقف أدى إلى تلك الثورة مرور الكرام؟ الحقيقة أننا لا نتوقع أن يهتم الرئيس، كما لم يهتم من قبل، فالرئيس لديه بالتأكيد أجهزة معلوماتية وتقارير استخبارتية ترفع له يوميا وتنقل له ما يدور بين المسؤولين من خلافات، حتى إن كانت هذه الأجهزة مقصرة، والتقارير تتعمد تغييب الرئيس، أفلا يقرأ الرئيس الصحف الصادرة كل يوم ليرى إلى أين وصلت المعركة بين جنينة والزند؟ ورغم كل ذلك لم يصل إلينا أن الرئيس اهتم أو انشغل أو طلب تحقيقا في ما يدور بينهما، بالضبط كما لم يطلب من قبل التحقيق في الخلافات بين الوزراء وبعضهم بعضا. السؤال المهم الآن كيف لنا الآن كمواطنين أن نثق في جهاز مهمته مراقبة مؤسسات الدولة وهو في خصومة صريحة مع وزير؟ وكيف لنا أن نثق في وزارة اسمها العدل ووزيرها في خصومة معروفة ومفضوحة مع أطراف عديدة من بينهم جنينة؟». جنينة يستعين بالصحافة لمواجهة الحملات الإعلامية ضده أما جريدة «البوابة» اليومية المستقلة فقد بادرت أمس الثلاثاء إلى نشر تحقيق على كامل الصفحة التاسعة لزميلنا محمود الشهاوي، رد فيه على حديث جنينة وقال: «إن عائلة زوجته وهي عائلة قديح، من أكبر العائلات في المنطقة الشرقية من خان يونس، ويزيد عدد أفرادها على خمسة آلاف مواطن، وبين يدي الآن بيانات متكاملة حول انتماء عدد من أفراد عائلة زوجة هشام جنينة إلى كتائب القسام، وأسماء من قتلوا منهم، القائد الميداني سالم قديح وجهاد فوزي قديح ورأفت أحمد قديح وعبد الرحمن عبد الله قديح ونائل فوزي وصلاح الدين رشاد وإسماعيل سليمان وسالم حمدان وسناء عبد الهادي، قتلت في 21 مارس/آذار 2004 وجاسر جبر قديح». وجاء في التحقيق تساؤل عن أسباب سفر زوجة هشام إلى عدد من الدول وتواريخها، خاصة إلى تركيا، وفي الحقيقة لم أشعر بالارتياح إلى هذا التساؤل لأننا بدأنا ندخل إلى مناطق لا يجوز الاقتراب منها في هذه المعركة التي يجب حصرها مع أطرافها. كما أشار محمود الشهاوي إلى معلومة أخرى بقوله: «مع اشتداد الحملة ضده بدأ هشام جنينة التفكير بأسلوب جديد، إذ تقدم بطلب إلى المجلس الأعلى للصحافة للحصول على ترخيص بإصدار مجلة عن الجهاز باسم الرقابة الشاملة، حصل جنينه على الترخيص بالفعل وتجري الآن الاستعدادات بإصدارها عبر مجموعة من الصحافيين، أشرف جنينه على اختيارهم بنفسه». كانت هذه المعلومة لافتة بالنسبة لي، فوفق ما أعرفه ليست لدينا إصدارات صحافية عن جهات رقابية في الدولة. مصادر في الجهاز المركزي للمحاسبات فسرت إقدام جنينة على إصدار مجلة برغبته في تشكيل لوبي من الصحافيين يكون عونا له ضد الحملات الإعلامية، وتحذر المصادر من نشر تقارير سرية خاصة بالجهاز في هذه المجلة أو استخدامها في الهجوم على مؤسسات في الدولة». عبد الناصر وإخفاقات ثورة يوليو وإلى ثاني المعارك وستدور حول خالد الذكر، حيث سمعت صراخا يوم الأحد صادرا من صحيفة «المصريون» لصاحبنا هشام الحمامي، الذي كان يصرخ من جرح وألم سببه زميل صديق له قال: «كانت صدمتي كبيرة في الصديق الكريم أيمن الصياد، حيث كتب في مقال في جريدة «الشروق» 2/6 أن زعيم يوليو/تموز قال «إرفع رأسك يا أخي فقد مضى عهد الاستبداد» قاصدا البكباشي ج .ح .عبد الناصر مشيرا في مقاله إلى جيل يوليو الذي شاهد الأحلام الكبيرة والإخفاقات الكبيرة. وقد كان صادقا كل الصدق في كلمة «الأحلام» هي بالفعل أحلام وما كانت مجانية التعليم ولا خطط التصنيع والإصلاح الزراعي سوى خرافة من أشهر خرافات التاريخ المتداولة، لم تكن سوى أضغاث أحلام لم تعرف إلى الواقع الأليم طريقة ولا حقيقة، وهاكم اليوم لا يجد المصريون في أياديهم بعد ستين عاما إلا أياديهم ليس هذا فقط، بل وسلبهم أغلى ما كان لديهم الأخلاق المصرية والكرامة الوطنية، لقد كان أشبه بوباء أطاح بالمدينة ومن فيها». تغير الكثير من السياسات والأهداف بعد عبد الناصر المهم أنني نسيت أن أؤكد له صدق أحلامه بأنه لم تكن هناك مجانية تعليم ولا إصلاح زراعي ولا سد عالي أو مصانع وخطط للتصنيع، بأن أضيف إلى الأحلام الحلم النووي، إذ نشرت مجلة «المصور» في عددها الصادر في الثالث والعشرين من يوليو الماضي مقالا للدكتور محمد مجدي بدر الدين نائب رئيس هيئة المحطات النووية السابق قال فيه: «وبعد إعلان الدولة الصهيونية عام 1948 بدأت إسرائيل فورا، وفي العام ذاته بتطوير برنامجها النووي الخاص بها. وكان معهد وايزمان للعلوم الذي أنشئ في عام 1934 هو المنوط به ذلك، وقد بدأ بدعم الأبحاث النووية في عام 1949 تحت إشراف إيرنست دافيد بيرجمن، الصديق الشخصي لرئيس الوزراء آنذاك ديفيد بن غوريون. وقد تمّكن بيرجمن هذا في ما بعد من تبوأ منصب الرئيس الأعلى للجنة الإسرائيلية للطاقة الذرية التي تشكلت سرا في عام 1952، وكان بن غوريون وبيرجمن يعتقدان أن الخيار النووي العسكري ضروري لبقاء الدولة الإسرائيلية. وفي 19 فبراير/شباط عام 1955 صدر قرار رئيس الوزراء بتشكيل لجنة الطاقة الذرية وتحديد اختصاصاتها. وتشكلت اللجنة برئاسة الرئيس جمال عبد الناصر. وفي 30 مارس/آذار 1955 وافق مجلس الوزراء على برنامج اللجنة الذي تضمن :إعداد الكوادر العلمية والفنية وإنشاء مركز للنظائر المشعة، إنشاء مفاعل ذري للأبحاث، إنشاء معمل للطبيعة النووية، الكشف عن الخامات الذرية في الأراضي المصرية. وفي 14 أكتوبر/تشرين الأول 1955 صدر قانون رقم 509 لسنة 1955 بإنشاء لجنة الطاقة الذرية، كهيئة قائمة بذاتها تستهدف تمكين الدولة من استغلال الطاقة الذرية في الأغراض السلمية في مجالات الطب والزراعة والصناعة لمسايرة التقدم العلمي. وفي عام 1955 تمكنت اللجنة من الحصول على اعتمادات مالية كبيرة لتنفيذ برنامجها لإعداد وتدريب الأفراد وإرسالهم في بعثات ومنح تدريبية ومؤتمرات في الخارج، ولذا فقد قامت اللجنة بإيفاد عشرين باحثا للحصول على الدكتوراه من جامعات المانيا وفرنسا وسويسرا وأمريكا والاتحاد السوفييتي، شاركت مصر من خلال السفير إسماعيل فهمي بدور مهم في وضع دستور الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وفي أغسطس/آب من العام ذاته اشتركت مصر في مؤتمر «الطاقة الذرية في الأغراض السلمية» في جنيف، وفي عام 1957 صدر قرار جمهوري رقم 288 لسنة 1957 بإنشاء مؤسسة الطاقة الذرية وفي عام 1957 انضمت مصر إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية كعضو مؤسس. وعلى التوازي بدأت الإنشاءات في مركز انشاص تحت إشراف السيد صلاح الدين هدايت عضو الضباط الأحرار ورئيس مجلس إدارة مؤسسة الطاقة الذرية ووزير البحث العلمي… وفي أول يوليو/تموز 1968 قامت مصر بالتوقيع على المعاهدة فى كل من لندن وموسكو، أي في أول يوم فتحت فيه المعاهدة للتوقيع، وبوفاة الرئيس جمال عبد الناصر وتبوؤ أنور السادات منصب رئيس الجمهورية تغيرت الكثير من السياسات وتبدلت الأهداف والأولويات، وجرت إعادة صياغة جذرية لعلاقات مصر مع المجتمع الدولي ومع القوى العظمى «. صندوق «تحيا مصر» وضع الرئيس في موقف محرج أما ثالث المعارك فقد دارت حول الرئيس السيسي وأولها لزميلنا وصديقنا في «المصري اليوم» سليمان جودة يوم السبت، إذ عبر في عموده اليومي «خط أحمر» عن شكوكه في نوايا السيسي نحو رجال الأعمال وما قد يخططه ضدهم بالقول: «صورة رجل الأعمال عند المشير طنطاوي ليست جيدة، وأخشى أن تكون هذه الصورة قد انتقلت كما هي إلى الرئيس، بحكم العلاقة الحميمة التي نعرف أنها قائمة بينهما من زمان، وإذا أنت راجعت الآن سلوك الدولة مع رجال الأعمال بشكل عام، في فترة حكم المجلس العسكري، وهي الفترة التي كان فيها طنطاوي بمثابة رئيس الدولة، فسوف تتبين لك ملامح هذه الصورة بالضبط. الذي يزيد من مخاوفي من انتقال الصورة، كما هي من المشير إلى الرئيس، أن رأس الدولة الآن ومنذ تولى الحكم يكاد يحكم على رجل الأعمال من خلال شيء واحد، هو تبرعه لصندوق تحيا مصر بسخاء، أو عدم تبرعه، وأظن أن رفع السقف في الصندوق إلى رقم المئة مليار، ثم تواضع الرقم الذي جري التبرع به فعلا، قد وضع رئيسنا في حرج، هو في غني عنه تماما، لو أنه أدرك منذ البداية أن المطلوب من أي رجل أعمال شريف ليس أن يتبرع بالمليار، وإنما أن يؤدي ضرائبه بالمليم، ولا يزال أمام الرئيس أن يطلب وضع نظام ضريبي صارم يكون على يقين من أن وضع مثل هذا النظام الصارم سوف يأتي له أو للدولة، بمعنى أدق، بأضعاف أضعاف ما كان يريده هو في الصندوق». موقف المشير طنطاوي واضح من رجال الأعمال وسليمان لا يذيع سرا عن موقف المشير طنطاوي من رجال الأعمال، ولكنه اخطأ عندما حصرها أثناء رئاسته المجلس العسكري بعد ثورة يناير/كانون الثاني، وهي الفترة التي لم يظهر فيها طنطاوي موقفه في أي إجراءات أو قرارات، ذلك أن موقفه وموقف الجيش والمخابرات العامة والحربية وكذلك قطاع داخل النظام أيام حكم مبارك عندما كان وزيرا للدفاع والإنتاج الحربي، كان معلنا داخل اجتماعات مجلس الوزراء في حكومة احمد نظيف عام 2005، الذي أتي به جمال مبارك، وكذلك مجموعة الوزراء من رجال الأعمال، ومن يرجع إلى التقارير المنشورة في «القدس العربي» في هذه السنوات سيجد تفاصيل وافية وأسرارا كثيرة عن الصراعات التي كان يقودها طنطاوي علنا لوقف بيع مؤسسات ومصانع القطاع العام بعد تخريبها أولا، وكان معروفا عنه استخدام أوصاف معينة عن مجموعة جمال مبارك، مثل شوية العيال، ومعركة منعه الحكومة من بيع بنك القاهرة كانت علنية، كما ساند وزير الطيران المدني وقتها الفريق أحمد شفيق في وقف مخطط بيع شركة مصر للطيران ومساندة وزير البترول سامح فهمي لوقف بيع مصانع تكرير البترول وشركات الوزارة ومساندة وزير الكهرباء الدكتور حسن يونس في معركة استيلاء عدد من رجال أعمال جمال مبارك على الأرض المخصصة في الضبعة لإقامة المفاعل النووي عليها، وكانت معركة علنية وبأسماء الأطراف المشاركين فيها وتفاصيلها في التقارير لمن أراد. قناة السويس الجديدة ملك للشعب كله كما تناولت الرئيس السيسي يوم الاثنين في «البوابة» زميلتنا الجميلة أميرة ملش بقولها عنه: «من حقنا إذن أن نفرح بما نحققه من إنجاز، وهذا كله ليس معناه أننا نطبل أو نجامل النظام، لأن إنجاز المشروعات القومية مثل قناة السويس الجديدة ملك للشعب كله وللأجيال القادمة. كلنا ساهمنا بشكل أو بآخر في الانتصارات والنجاحات والإنجازات، لذلك سيذهب النظام الحالي ويأتي غيره، ولكن المشروع باق مثل السد العالي، فقد ذهب جمال عبد الناصر والسد العالي باق حتى الآن، وسيبقى من حقنا أيضا أن نعارض الرئيس «السيسي» وان نحاسبه لأننا نحن من أتي به إلى كرسي الحكم. الاحتفاء والفرح بمشروع «قناة السويس الجديدة» وصفقات «الرافال والفرقاطة» لا يتعارض مع انتقاد النظام والمطالبة بالإفراج عن الثوار المحبوسين في السجون بسبب قانون التظاهر، والمطالبة أيضا بإسقاط قانون التظاهر لأنه غير دستوري. الفرح لن يمنعنا من الدفاع عن المظلوم ومواجهة الظالم وللنظام الذي لم يلتفت إلى الآن، لإصلاح منظومة التعليم والحد من الفقر الذي يسير على نهج من سبقوه من تضييق الخناق على حرية الرأي والتعبير». تنازل «المكون المدني» لصالح «المكون العسكري» وفي «المصريون» كتب رئيس تحريرها التنفيذي محمود سلطان مقاله عن الدعاية للقناة الجديدة قال فيه: «مع ظهور الحركات الاحتجاجية عام 2004، نُشرت مقالات من باحثين في مركز الأهرام الاستراتيجي، ومقربين من مؤسسات القوة، توقعت سقوط مبارك، مؤكدة أن سقوطه، سيترك فراغًا كبيرًا، ولا توجد مؤسسة منظمة قادرة على شغل هذا الفراغ إلا المؤسسة العسكرية. المقالات.. «نصحت» القوى السياسية، على الاتفاق ـ من الآن، وذلك قبل سقوط مبارك ـ على مدونة وطنية بمطالبها لتقدمها لـ»الجنرال» الذي سيخلف عائلة مبارك في الحكم. ما نشر في ذلك الوقت، كان يسوق لـ»ضعف» النخبة المدنية، وأنها «غير مؤهلة» لتولي السلطة، بعد إزاحة آخر جنرالات المدرسة الستالينية، التي حكمت مصر بالحديد والنار. وتحققت النبوءة، ومبارك نفسه، يوم 11 فبراير/شباط، قرر حرمان النخبة المدنية من الحكم، وقرر نقل سلطاته إلى المؤسسة العسكرية، ولا يهم ـ في هذا السياق ـ ما إذا كان قراره طوعيًا، أم بعد تهديده من قبل المجلس العسكري في ذلك الوقت.. المهم أن الحاكم كان هو الجنرال حسين طنطاوي. لم يتخل الأخير عن السلطة، إلا بعد أن قدم شباب الثورة، أكثر من 50 شهيدًا في شارع محمد محمود، حيث اضطر طنطاوي إلى التخلي عن المماطلة والتسويف، وقرر جدولة الانتخابات، وأجريت الانتخابات الرئاسية، وانتهت بأول رئيس مدني منتخب يحكم مصر، منذ الإطاحة بآخر ملوك أسرة محمد علي في يوليو 1952. عودة الجيش عشية التحضير لاحتجاجات 30 يونيو/حزيران 2013، كـ»حكم» بين مرسي (الإخوان) والمعارضة، لم تكن مدفوعة بالسلطة الأبوية التقليدية للجيش، وإنما كانت برسالة ضمنية تريد الإعلان عن فشل النخبة المدنية في الحكم.. ليستحضر الرأي العام، البديل التلقائي «المنظم» و»المنضبط».. الجيش.. لنسمع رأيًا عامًا يطالب طواعية بحاكم عسكري «قاس»، لمواجهة الفوضى، و»تأديب» المعارضة «غير المسؤولة».. والمشغولة بنفسها ومصالحها، كما سُوق لذلك حينها. ولا يمكن بحال فصل هذا السياق، عن عمليات الدعاية الصاخبة، لاحتفالية افتتاح قناة السويس الجديدة.. إذ ليس بوسع المراقب الوطني المدقق، أن يتجاهل، ما يستشعره بشأن وجود دعاية مشابهة، تعزز من مشاعر فشل «الخيار المدني».. إذ ينسب البعض إنجاز القناة الجديدة للجيش حصريًا. لم نسمع ـ في السياق ذاته ـ عن جهود المجتمع المدني، الذي وفر مظلة مالية ضخمة وغير مسبوقة بلغت 8.5 مليار دولار (ما يعدل 62 مليار جنيه).. وهو المبلغ الذي اختصر وقت الحفر من ثلاث سنوات إلى سنة واحدة.. كل هذا توارى ولم يقدم المسؤولون الحكوميون ولا المشرفون على المشروع، كلمة شكر واحدة لهذا الجهد المدني غير المسبوق في تاريخ مصر المعاصر.. فيما اتشحت الشوارع والميادين بصور الرئيس عبد الفتاح السيسي وحده.. والرئيس هو ابن المؤسسة العسكرية ولم يأت من محاضن مدنية، لها تاريخ في النضال الاجتماعي والمدني. هذه الدعاية خطرة جدًا.. ولا حيلة لدفعها على الأقل الآن، لأن القوى المدنية ذاتها، تعتبر جزءًا من تلك الدعاية، التي تقلل من شأن نفسها «المكون المدني» لصالح «المكون العسكري» في الحكم.. وهو إحساس مؤلم، لأنه يشير إلى أن الرتابة والنمطية الموروثة منذ 60 عامًا مضت، قد يطول عمرها إلى أجل غير مسمى». الدولة ما زالت بعيدة عن الجدية في التخطيط وفي العدد نفسه من «المصريون» كتب رئيس تحريرها ورئيس مجلس إدارتها جمال سلطان عن موضوع القناة أيضا قائلا: «الهوجة التي تنتشر الآن في الشوارع والميادين احتفالا بحفل افتتاح التوسعة الجديدة لقناة السويس لا تصدق في هوسها وهستيريتها، الميادين الرئيسية في القاهرة والمحافظات امتلأت باللافتات التي أعدها تجار ورجال أعمال، بعد توجيهات «حانية» من الجهات المعنية، تزف البشرى للعالم «أجمع» بهرم مصر الرابع والمعجزة الإنسانية الجديدة التي ستجعل الرخاء يعم مصر والعالم «أجمع»، والشوارع تتزين بمئات الآلاف من الأعلام الصغيرة والكبيرة، وسوق المزايدات فتح على مصراعيه، وفي محافظة فقيرة في صعيد مصر، تمثل واحدة من أكبر مستودعات البطالة للشباب، أعد المحافظ ومعه آخرون غير معروفين بالتحديد ما اعتبروه أطول علم مصري في العالم، بطول يصل إلى اثني عشر ألف متر، وهو ما يكفي لكسوة عشرة آلاف طالب من فقراء تلك المحافظة، وهو بذخ كان يتوجب على الجهات الرقابية محاسبة فاعله، لأنه سفه، في بلد لا يملك مثل هذا الترف المقيت لمجرد الاستعراض وتقديم آيات الولاء. الشعار الذي تم رفعه هو «مصر بتفرح»، وكان ورطة لجهات كثيرة في البلد، لأن أي حكم قضائي يمكن أن «يعكنن» على الاحتفال وعلى الضيوف، وأي حادث مأساوي مثل الذي راح ضحيته أربعون مواطنا ابتلعهم النيل في قلب القاهرة، يمكن أن يفسد على صاحب الشعار آماله، وبالتالي يتوجب «تحجيم» المسألة إعلاميا وإنسانيا، وأي مصائب إدارية وفنية من الشائعة في البلد مثل قطع المياه عن أكثر من اثني عشر حيا في العاصمة نفسها وانقطاع الكهرباء في مدن «الغلابة» وقراهم ليستمر نكدهم المزمن، لا ينبغي التوقف عنده والإشارة إليه، لأن المفترض أن «مصر بتفرح»، تشعر بأن هناك رغبة متشنجة في صياغة مشهد سينمائي تمثيلي أيا كان اغترابه عن الواقع أو تزويره للواقع، المهم أن يتم إخراج المشهد السينمائي بأي شكل وأي ثمن. على الجانب الآخر من المشهد ذاته، تجد التصريحات المتشنجة من القيادات الأمنية والعسكرية، تهدد بالويل والثبور وعظائم الأمور كل من يفكر في «إفساد فرحة المصريين»، وأن الأوامر صدرت بالتعامل بمنتهى العنف والقسوة، كما تضاعفت الكمائن الأمنية والعسكرية على الطريق السريعة والرئيسية ومداخل المدن والشوارع المختلفة بصورة لافتة جدا، تعطيك الإحساس البديهي بأن البلد في حالة «هلع» وتوتر أمني غير مسبوق وقلق وخوف من «المفــــاجأة»، وهو انطباع لا يستقيم مع الفرح أبدا، ناهــــيك عن أنه لا يعطي الرسالة المأمولة لضيوف مصر المستهدفين من هذا الإعلان وذاك «الفرح» بأن مصر آمنة، وتملك مناخا جاذبا للاستثمار وواعدا، كل ذلك يتبخر ويتلاشى بنظرة واحدة إلى الشوارع والميادين والكمائن والرشاشات المشرعة والدوريات الأمنية والعسكرية التي تجوب الشوارع خاصة في مدن القناة. الرسالة الجديدة تقول بأن مصر الدولة ما زالت بعيدة عن الجدية في التخطيط، ووضع الاستراتيجيات الجادة والعلمية للتنمية والمستقبل، وأن مصر الدولة ما زالت تعيش حقبة الديماغوجية السياسية، والتركيز على المظاهر الاحتفالية، لتوظيف ذلك في صناعة انتصارات سياسية صغيرة وقصيرة المدى في الداخل، على حساب التحديات الحقيقية للبلد التي تسبب متاعب يومية ضاغطة على المواطنين وتنكد عيشهم، رغم أي ضجيج آخر يتحدث عن الفرح». حسنين كروم [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
عدل سابقا من قبل Dr.Hannani Maya في الأربعاء 5 أغسطس 2015 - 22:32 عدل 1 مرات
Dr.Hannani Maya المشرف العام
الدولة : الجنس : عدد المساهمات : 60590مزاجي : تاريخ التسجيل : 21/09/2009الابراج : العمل/الترفيه : الأنترنيت والرياضة والكتابة والمطالعة
موضوع: رد: التنبؤ بالمستقبل من «مرايا» إلى «ضيعة ضايعة : هل دفع الإعلام الفرنسي الملك للرحيل؟ وبساطة الرئيسة التي تدهن منزلها والونشرة الأربعاء 5 أغسطس 2015 - 22:28
إسطنبول ـ «القدس العربي»: على التلة التركية المقابلة لمدينة عين العرب ـ كوباني السورية، كانت هناك دائماً مجموعات من الكرد، سوريين وأتراك، يراقبون المعارك في المدينة، ويهللون لقصف الطائرات الأمريكية لمواقع تنظيم الدولة الإسلامية. وكثيراً ما كنت ترى آنذاك أعلاماً أمريكية مرفوعة، أو مرسومة على خدود أطفال جاؤوا مع عائلاتهم ليراقبوا مدينتهم الموجوعة. مديح أمريكا والتهليل لقوتها لم يكن غريباً لدى هؤلاء الكرد الذين رأوا فيها محرراً لديارهم من التنظيم المتوحش، بل ولم يكن غريباً أن يكون أعضاء حزب العمال الكردستاني من المشاركين فيه، فالحزب الستاليني لم يكن أول حزب يساري يرفع شعار حشد جميع الطاقات في معركة التحرير الوطني، وتأجيل كل الصراعات، بما فيها الصراع الطبقي، لصالح الصراع مع العدو، وهي بلاغة سبق إليها اليسار الفلسطيني. من ثم لم تكن هناك غضاضة في أن يكون التحالف هذه المرة بين الحزب الأحمر ورأس الإمبريالية العالمية. غير أن تحالف الحزب مع الولايات المتحدة، والذي بدا متيناً ومستمراً، بأقله، طالما استمر قتاله ضد تنظيم الدولة الإسلامية، سرعان ما انهار بإعلان الحكومة التركية الحرب المزدوجة على الحزب والتنظيم معاً، ومسارعة واشنطن لتأييد التحرك التركي. كان من الهيّن على الولايات المتحدة أن تبدل موقفها في زاوية من زوايا منطقة مختلطة الأوراق والأوجاع، غير أن هذا التغيير مثّل كارثة لحزب العمال، ووضعه في موقع مكشوف، يحاصره فيه الخصوم من جميع الاتجاهات. حزب العمال يتخبط في بحر من الأعداء لا شك أن حزب العمال الكردستاني ارتكب من الأخطاء ما سهل وصوله إلى هذا المأزق. ولعل آخر تلك الأخطاء، وأبرزها، هو تبنيه لعملية قتل ضابطين تركيين تحت عنوان الرد على تفجير مدينة سوروج، الخطأ الذي منح الحكومة التركية مبرراً ساطعاً لتحركها العسكري ضد تنظيم الدولة الذي حملته مسؤولية تفجير سوروج، لكن الأهم، ضد حزب العمال الذي اعتُبر مبادراً بخرق الهدنة مع الحكومة التركية، وعاد إلى مربع التنظيم الإرهابي الخارج عن القانون، في مغامرة وضعت النجاحات الانتخابية لذراعه السياسي، حزب الشعوب الديمقراطي*، في مهب الريح. والواقع أن هذا الطلاق البائن بين الحكومة التركية والحزب، كان الأخير قد مهد له طويلاً من خلال دعاية معادية للحكومة على طول فترة الصراع مع تنظيم الدولة الإسلامية، وعلى نحو خاص معارك كوباني. دعاية اعتمدت عملية شحن مستمرة للعواطف القومية الكردية المعادية للحكومة التركية، جاعلة من حزب العدالة والتنمية، المؤسس والداعم والمتواطئ الأول مع التنظيم المتطرف. دعاية حققت انتشاراً كبيراً لدى الكرد، وساعد في ذلك بلا شك أخطاء الحكومة التركية الجسيمة في التعامل مع ملف كوباني خصوصاً، والمواجهة مع تنظيم الدولة عموماً. وكان من أهم ثمار نجاح خطاب الحزب، مستنداً على بطولات مسلحيه في كوباني، أن سحب البساط من تحت أقدام حزب العدالة والتنمية في المناطق ذات الغالبية الكردية، واتجهت أصوات الكرد بالجملة نحو حزب الشعوب الديمقراطي. بيد أن تلك الدعاية، واستثمار الحزب لعذابات كوباني التي تحولت بقدرة قادر إلى مسؤولية مباشرة وحصرية وشخصية لرجب طيب أردوغان، كل ذلك أحرق عملية السلام بين الطرفين، وجعل الفكرة تسقط جماهيرياً. وهي نتيجة أرضت جناح الصقور في الحزب الإيديولوجي، والذي لم يكن متحمساً لدعوة أوجلان لوقف العمل المسلح. في سوريا لم تكن أخطاء الحزب أقل أثراً، فقراره إقامة مناطق إدارة ذاتية (الجزيرة، كوباني، عفرين)، وتفرده بالسلطة، وتراكم إجراءاته التعسفية من تهميش الأحزاب الأخرى، وقمع المظاهرات والاعتصامات، وعسكرة المجتمع عبر التجنيد الإلزامي، والتقييد على الصحافة والحريات. كان لتلك الإجراءات التي تولت تطبيقها وحدات حماية الشعب أن أثارت غضب الكرد من خارج الحزب، واستفزت العرب، والسريان، والتركمان، من سكان تلك المناطق، الذين وجدوا في الحزب استنساخاً لصلف الإيديولوجية البعثية. ناهيك عن دعاية تهجير العرب والتركمان والسريان في أكثر من منطقة، وهي ممارسات وإن كانت محدودة، وتم الاعتذار عن بعضها، إلا أن الدعاية التي غذتها الأطراف المتخاصمة مع الحزب، وما أكثرها، حولتها إلى حقيقة مرعبة تدل على عنصرية هذا الحزب الذي يشك الكثير من السوريين بأنه يسعى إلى السيطرة بشكل كلي ونهائي على الشمال السوري، بعيداً عن أية حسابات سورية شاملة، وأية شعارات كانت قد رفعتها الثورة السورية. هذه الصورة السيئة للحزب، تعرضت للمزيد من التشويه بفعل الخلاف السياسي الدائم بينه وبين المجلس الوطني الكردي، وبين الائتلاف الوطني السوري، إضافة إلى المواجهات المتقطعة وانعدام الثقة بين وحدات حماية الشعب الكردية وبين الفصائل المسلحة في الشمال السوري. «الغرور» الذي أصاب حزب العمال الكردستاني، حسب وصف الزعيم الكردي مسعود البرزاني، وثقته المفرطة بثبات الدعم الأمريكي والأوروبي، جعل منه يستسهل الخصام مع جميع الأطراف الفاعلة في المنطقة. خصام لم يستثن حتى حكومة كردستان العراق، والتي لم يتردد الحزب في تشويه صورتها، والاستهزاء بقوتها العسكرية (البشمركة) طوال المعارك مع تنظيم الدولة الإسلامية، وخاصة في جبل سنجار، ثم في كوباني، في محاولة حثيثة لاحتكار المجد والبطولة، وهو ما أثار حفيظة الكرد الموالين للبرزاني في العراق وسوريا، وحفيظة غالبية الكرد الذين يرون في وحدة الصف الكردي السبيل الوحيد لتحقيق الآمال. أردوغان يخوض معركة انتخابية بالسلاح والشعوب هذا المشهد يثير النشوة لدى الحكومة التركية التي تعتبر نفسها أوقعت الحزب في شر أعماله، وأعادته إلى خانة الإرهاب بعد أن صفعها بانتصاره السياسي، وحدّ من سلطتها. ويبدو أن أردوغان أراد من خلال اتفاقه مع واشنطن الانتقال إلى استراتيجية همها الأساسي هو الانتخابات. فالزعيم الأوحد الذي جعلته النجاحات الانتخابية المتكررة يتصرف وكأن الأغلبية استحقاق ثابت ملك يديه، بدا مضطراً للعودة إلى لعبة الاستقطاب الانتخابي، ولا بأس من تأجيل بعض الأولويات الخطابية كقضية إسقاط طاغية دمشق. مع إعلان أنقرة عن السماح للقوات الأمريكية باستخدام قاعدة انجرليك في حربها ضد تنظيم الدولة الإسلامية، أطلق المسؤولون الأتراك جملة من التصريحات الدعائية لاتفاقهم مع الأمريكيين بالحديث عن غطاء جوي للمعارضة السورية المعتدلة، ومنطقة آمنة محظورة جوياً على الطيران السوري، والتهديد بحرب شاملة ضد تنظيم الدولة الإسلامية، إلا أن تلك الزركشات سرعان ما ظهر زيفها، ليتضح أن الاتفاق أقل مثالية، وأكثر عملية للزعيم التركي. الاتفاق مع أمريكا ضَمِن للحكومة التركية إقفال باب الانتقادات الغربية الملحة لتركيا بتقصيرها في مواجهة «تنظيم الدولة»، بل والتلميح لتواطؤ تركي مع مسلحي التنظيم، استناداً في الأساس للآلة الإعلامية لحزب العمال الكردستاني، والمعارضة التركية العلمانية. وبات من الواضح أن ثمن الانخراط التركي في التحالف ضد التنظيم المتطرف يتمثل أساساً في تلقي الضوء الأخضر بتصفية حسابه مع حزب العمال الكردستاني لجهة تحجيمه داخلياً من خلال اعتقال ناشطيه، والتضييق على نوابه، وفتح النار على مسلحيه في كردستان العراق عبر قصف جوي ومدفعي، لكن أيضاً لجهة إحباط مشاريعه في سوريا، ومنعه من مد سيطرته على طول الحدود السورية التركية، وبالتالي تحقيق تواصل بين شرق وغرب الفرات وصولاً إلى عفرين، أي بقول واحد سيخنق أي احتمال لدولة كردية، أو كيان كردي مستقل وآمن، لكنه سيعتمد في المهمة كما يبدو على جماعات كبيرة من المعارضة السورية في الشمال، والتي تتمتع تركيا بنفوذ كبير لديها. هذه المعارضة ستحارب على الأرض بالوكالة عن تركيا ضد «تنظيم الدولة» وحزب العمال معاً، وهو ما سيستغرق وقتاً طويلاً، وسيستهلك بقدر كبير هذه الجماعات في مثلث المعارك التي ستتصدر المشهد بين تنظيم الدولة الإسلامية، ووحدات حماية الشعب الكردية، وفصائل المعارضة السورية المسلحة. ولعل هذه الحسبة ستوفر للقيادة التركية تبريراً لتسليح المعارضة السورية بعد أن كان ذلك أيضاً محل انتقاد المعارضة التركية، خاصة وأن الاستراتيجية التركية الجديدة، والاتفاق مع أمريكا، يبدو أبعد ما يكون عن الشعارات السابقة بأولوية إسقاط نظام الأسد، والذي كان بدوره موضع انتقاد داخلي في تركيا. وفق هذا المنحى يبدو حزب العدالة والتنمية بصدد إنجاز معادلة رابحة، تضمن له كسر شوكة حزب العمال الكردستاني، وتنظيم الدولة الإسلامية، بأقل التكاليف، وربما دون الحاجة لإنهاك جيشه بأي تدخل بري. ومن الواضح أن القيادة التركية لا تخشى من احتمالات وقوع أعمال إرهابية من قبل عدوّيها، فمثل هذه الأعمال ستصب بدورها في صالح العدالة والتنمية، فهي من جهة تدعم خطابه بأن حربه هي أساساً ضد الإرهاب، ومن جهة ثانية تضمن التفافاً جماهيرياً حوله بسحر سياسة مواجهة الخطر، وبالاستناد إلى نفخ الروح القومية التركية، كما أن ذلك سيبرر الاستمرار في حملاته الأمنية التعسفية. أما الاتفاق على الغطاء والحظر الجويين، وهو ما سارعت واشنطن إلى نفيه، فلم يكن أكثر من غلاف جذاب لتمرير قضية المنطقة الآمنة التي ستضمن تخفيف الضغط عن تركيا التي زاد عدد اللاجئين السوريين فيها عن المليونين. وهي بذلك تمثل أيضاً ورقة انتخابية رداً على انتقادات المعارضة القومية والعلمانية لأردوغان بأنه أغرق تركيا بالسوريين. ولعل ما ستسعى إليه تركيا في الفترة القادمة هو إعادة الأزمة السورية إلى حدودها شيئاً فشيئاً، عبر منطقة «آمنة» تجمع فيها ما تستطيع جمعه من السوريين لاجئين وسياسيين وعسكريين، وهي منطقة ستحقق أمراً أكثر استراتيجية لتركيا، يتمثل في إبعاد مخاطر الحرب السورية عن حدودها، تحسباً من أي فوضى إضافية قد يتسبب بها انهيار النظام. التحرك التركي المدعوم غربياً، والمستفيد من عنجهية وتسلط حزب العمال الكردستاني، قد يحقق نجاحاً مرحلياً لحزب العدالة والتنمية، ما لم يبالغ أردوغان كعادته باستفزاز الشرائح والأحزاب المعارضة له، لكن ذلك لن يغير من حقيقة مفادها أن النجاحات السياسية المبنية على قهر الحقوق، لا يمكن أن يكتب لها الاستمرار، وخاصة في لحظة عنيفة من التاريخ كالتي نعيشها، ولا يمكن لحكومة أردوغان أن تضمن استقراراً مديداً بينما يعتلج القهر والغضب في صدور الملايين. تبقى هناك حقيقة أن حزب الشعوب الديمقراطي في تركيا، وحزب الاتحاد الديمقراطي في سوريا، ووحدات حماية الشعب، ليست سوى فروع وأذرع ضمن هيكلية تنظيمية لحزب العمال الكردستاني. صادق أبو حامد [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة][/size]