مصر تستعين بالكنيسة لحل عقدة سد النهضة :
مراقبون : زيارة الپاپا تواضروس يمكن أن تساهم في تخفيف التوتر بين مصر وأثيوبيا
بعد إعلان الاخيرة الانتهاء من حوالي 47 بالمئة من بناء سد النهضة .
العرب
الأحد 27 ـ 09 ـ 2015
الپاپا تواضروس في زيارة لأديس أبابا تستغرق خمسة أيام يلتقي خلالها مسؤولين أثيوبيين وقساوسة كبارا :
القاهرة -
يبدو أن مصر أخذت في تفعيل قوتها الناعمة لتهدئة المشكلات التي تواجهها في أفريقيا ، والتغلب على المصاعب التي تقف
حائلا أمام تحقيق مصالحها الاستراتيجية ، وقد علمت “ العرب ” من مصادر دبلوماسية أن القيادة المصرية
بدأ يساورها شعور عميق بالقلق من بعض التصرفات الأثيوبية ، التي بدأت تلعب على عنصر الوقت للانتهاء
من عملية بناء سد النهضة ، وبدأ الپاپا تواضروس الثاني پاپا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية
زيارة لأديس أبابا ، تستغرق خمسة أيام ، هي الأولى من نوعها ، منذ حدوث شرخ كبير في العلاقات المصرية - الأثيوبية ،
وتصاعد حدة الاحتقانات التي خلفها بناء سد النهضة .
وأكد مراقبون لـ ” العرب ” أن الزيارة يمكن أن تساهم في تخفيف التوتر بين البلدين ، بعد إعلان أثيوبيا أخيرا
الانتهاء من حوالي 47 بالمئة من بناء سد النهضة ، وتزايد حدة المشكلات عقب إعلان الشركة الهولندية المشاركة
في إعداد دراسة حول آثار السد انسحابها من تقييم المشروع .
وكان الپاپا تواضروس وصل صباح أمس السبت مطار أديس أبابا على رأس وفد كنسي كبير،
حيث سيزور الكنيسة الحبشية الأرثوذكسية .
وكشف الأنبا بيمن منسق العلاقة بين الكنيستين المصرية والأثيوبية في تصريحات صحفية ، أن تواضروس سيجري
لقاءات رسمية مع عدد كبير من المسؤولين والكهنة والقساوسة الأثيوبيين .
ورجح خبراء قيام الپاپا بحمل رسائل خاصة من الحكومة المصرية لنظيرتها الأثيوبية بشأن أزمة سد النهضة ،
خاصة أنه صرح قبيل مغادرته القاهرة ، أنه يسعي من أجل إيجاد “ توافق بين البلدين ” .
وكان شريف إسماعيل رئيس الحكومة المصرية أعلن الأسبوع الماضي ، أن هناك عدة اعتبارات
تحكم موقف مصر من ملف سد النهضة ، أهمها “ ألا يؤثر ذلك على حصتها المائية ،
وألا تكون له استخدامات سياسية ، ويدعم التطور الذي تقوم به ” .
لا بد أن يستغلالپاپا تواضروس علاقته الجيدة بالكنيسة الأثيوبية ، لتحقيق طفرة إيجابية لصالح مصر
في أزمة سد النهضة وتتخوف مصر من تأثير سد النهضة ، الذي شرعت أثيوبيا في تشييده قبل حوالي عامين
على نهر النيل ، على حصتها السنوية من مياه النيل ( 55.5 مليار متر مكعب ) ،
بينما يؤكد الجانب الأثيوبي أنه يمثل نفعًا في مجال توليد الطاقة ،
ولن تكون له تأثيرات سلبية على مصالح كل من مصر والسودان .
وأكد السفير محمد شاكر، رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية ، أن زيارة الپاپا
ربما تنجح في إعادة المياه إلى مجاريها بين القاهرة وأديس أبابا .
وأوضح شاكر لـ ” العرب ” أنه لا بد أن يستغل الپاپا تواضروس علاقته الجيدة بالكنيسة الأثيوبية ، لتحقيق طفرة إيجابية
لصالح مصر في أزمة سد النهضة ، مشيرا إلى أن التصريحات التي صدرت
قبل سفر الوفد الكنسي تكشف عن نية البابا التدخل بشكل رسمي لحل الأزمة بين البلدين .
ووفق الأنبا بيمن ، سيرأس الپاپا تواضروس قداسا صباح اليوم الأحد ، ويشارك
في إحتفالية عيد الصليب التي ستبدأ في الثانية ظهرا ، وتنتهي في السابعة مساء ، بحضور قيادات الدولة ،
ونحو مليون ونصف مليون مواطن أثيوبي .
وأشار بيمن ( منسق العلاقات بين الكنيستين المصرية والأثيوبية ) إلى أن الپاپا سيتطرق لأزمة سد النهضة ،
باعتبار أن الكنيسة المصرية أحد أهم مصادر القوة الناعمة في أفريقيا ، لافتا إلى أن زيارة الپاپا تحمل رسالة
من الشعب المصري لشقيقه الشعب الأثيوبي ، تؤكد الحرص على المصالح المشتركة .
لكن رؤوف سعد ، مساعد وزير الخارجية المصري ( سابقا ) قال لـ ” العرب ” إن أزمة السد أكبر من
أن تحلها قوة واحدة ، وسط حالة التوتر الحالية بين البلدين ، منوها إلى أن العلاقة بحاجة إلى استعادة الثقة المتبادلة ،
للوصول إلى تفاهم كامل وتعاون حول الأزمة ، بحيث لا تتأُثر احتياجات مصر من المياه ،
وفي الوقت نفسه تحقق أثيوبيا التنمية التي تسعى إليها .
خبراء يرجحون قيام البابا بحمل رسائل خاصة من الحكومة المصرية لنظيرتها الأثيوبية بشأن أزمة سد النهضة ،
خاصة أنه صرح أنه يسعي من أجل إيجاد توافق بين البلدين
وحول الدور الذي يمكن أن تلعبه زيارة الپاپا تواضروس لأثيوبيا في حل الأزمة ، أكد الدبلوماسي السابق
أنه لا يجب التعويل على قوة الكنيسة فقط لحل الأزمة بشكل كامل ، مشيرا إلى أن القوة الناعمة
جزء من مجموعة وسائل تلجأ إليها الدولة المصرية في التوصل لاتفاق يراعي حقوقها .
من جانبه ، قلل المفكر القبطي جمال أسعد من أهمية التعويل على
قدرة الكنيسة المصرية في إحداث نقلة نوعية في أزمة سد النهضة .
وقال لـ ” العرب ” إن الكنيسة المصرية فقدت تأثيرها على الكنيسة الأثيوبية بعد سقوط الإمبراطور هيلاسلاسي من
على عرش أثيوبيا منذ أكثر من عقدين ، مؤكدا أنه قبل الانقلاب الذي أطاح به كانت الكنيسة الأثيوبية خاضعة لپاپا الإسكندرية ،
ولها قوة وتأثير في العلاقات السياسية بين البلدين .
وأشار إلى أن الحكم اليساري الذي حلّ مكان الإمبراطور السابق حجّم من نفوذ الكنيسة الأثيوبية
في العمل السياسي عموما ، كما قام بفصلها عن نظيرتها المصرية .
وفي تقدير أسعد أن زيارة الپاپا تواضروس روحية ، ولن يكون لها تأثير كبير على التوتر الحادث بين البلدين ،
بسبب أزمة سد النهضة ، وقال حتى لو تحدث الپاپا مع المسؤولين حول الأزمة هناك فلن يغير ذلك من الواقع شيئا ،
لا سيما أن الرئيس السيسي سبق وأن ألقى كلمة عاطفية في البرلمان الأثيوبي ولم يكن لها مردود إيجابي
على أرض الواقع ، وظلت المصلحة الأثيوبية هي التي تحكم قرارات أديس أبابا حول أزمة السد .