خاتمة الاستبداد الثيوقراطي من اجتثاث البعث الى اجتثاث الشعب
كاتب الموضوع
رسالة
البيت الارامي العراقي الادارة
الدولة : الجنس : عدد المساهمات : 10384تاريخ التسجيل : 07/10/2009
موضوع: خاتمة الاستبداد الثيوقراطي من اجتثاث البعث الى اجتثاث الشعب الأحد 8 أغسطس 2010 - 17:16
خاتمة الاستبداد الثيوقراطي من اجتثاث البعث الى اجتثاث الشعب
ا.د.عبد الكاظم العبودي
ان هذه الصورة المجسدة للظلم والمرتسمة لاجيال عديدة في عقل العراقيين الباطني، سواء بحادثة مقتل الامام الحسين أو سجن الامام موسى الكاظم، لا تحتاج بعد اليوم الى مخيال يستدر العواطف، ويستثير الشجن المطلوب؛ طالما ان العواطف قد تحجرت من خلال محنة العراق اليومية الدامية. و للجماهير ترى اليوم في كل مدن العراق مسبية، وهي مثل كربلاء أو الكاظمية، فكل الرؤوس المقطوعة في الشوارع هي رؤوس الحسين والعباس، وكل الجثث الملقاة في الشوارع ليلا هم من الكواظم، وكل المتشردات والمسبيات في شوارع عمان ودمشق والقاهرة من ماجدات العراق هن زينبات وسكينات ورقيات، وثكالى أهل العراق، هن أسيرات في بلاط يزيد. اما من يعيد تشغيل الاسطوانة ليستدر بها دموع المظلومين هو اليوم يسب مقام يزيد الاموي، ويذم قصرهارون العباسي، هو يجلس في أحد القصور الرئاسية المغتصبة بحراب الاحتلال في المنطقة الخضراء. وان من يدعو الاجتثاث لكل من يخالف سلطته فهو أَفاق مُتاجر بدء بدم الحسين وانتهاء بغيبة المهدي المنتظر وتغييب أحرار العراق. والسلطة المغتصبة التي اجتثها المتاجرون في صفحات الحواسم تستصرخ العراقيين لكي يفيقوا ويخرجوا من دهاليز الإقصاء السياسي داخل وخارج العراق. وان اللوذ بمظالم اجتثاث البعث تسقط إدعاءاتهم بحق الاقتصاص من الناس من دون وجه حق أو شرع مقنن. لقد سقط الترويج الاعلامي لمشاهد إعادة إخراج واكتشاف المقابر الجماعية ونبشها على يد الجلبي والطالباني، وبما تكرره مشاهد قنوات الفيحاء والفرات والعراقية وأشباهها، يكفي التجول ببغداد لنرى صور الاجتثاث مجسدة، تلجم دعاة "المظلومية" ممن تجاوزوا حدود المظالم نفسها. لقد مات زمن "الشعائر" المُفتَعَلَة لإستثارة الكامن من جراح المظالم السابقة. والتاريخ عندما يردم خطاياه سيحرم العودة للتلذذ في المتع الشاذة. ان المُمارس اليوم هو الشكل المطبوع في ذاكرة الساعة العراقية التي لا تُريد الانزياح عن ردم المأساة المتراكب. ويقيني بأن الضحايا اليوم سوف لا يأبهون بمقولة "دروس التأريخ" ولا "التأريخ يعيد نفسه"، إن لم تكن تلك الدروس او تلك العودة ذات فائدة، وذات منفعة، أو صالحة للاستعمال بالاتجاه الايجابي لمسيرة التقدم الاجتماعي للشعوب. والسلطة كما قال الحكماء عنها : هي الفتنة بعينها، لم تدم لأحد مهما طال عمره وطغى صولجانه، وقد تبادلها العراقيون وتداولوها من يد الى أخرى، ومن عهد إلى آخر،ومن حزب لحزب، وكما ساندوها يوما فقد رفضوها في أيام أخرى، وقد تقاتلوا من أجلها أو تجمعوا وتفرقوا من حولها، هم نفس العراقيين وقفوا مع الانقلابات المختلفة وأيدوها، ولكنهم في ذات الوقت قاوموها عندما انحرفت عن شعاراتها او إرتدت وأوغلت في ظلمهم وبطشهم. والسلطة امام العراقيين لم تكن لها قدسية ابدا، كونها مُرذلة لأهلها إن لم تعدل، لذلك تمردوا عليها، ولم يخشوا في الثورة عليها لومة لائم، أو مناشدة ايا من كان، ومهما كان عدد الوعاظ من خلف سلطة الحاكم ،ومهما زاد عدد الداعين الى طاعة أؤلي الامر بعد الله. والعراقيون لا يهمهم حين ينتفضون مدى الربح والخسارة عندما يشملهم الظلم. ولا يهمهم ان كان الحاكم خليفة من نسل قريشي او علوي، أو كان يحكم باسم الدين والسنة ويدعي انه يمتلك رضا الله عليه ومتمسك بتطبيق بما هو منزل وحكيم. وبسبب تلك التمردات والانقلابات والثورات التي تكررت مع تاريخ العراقيين في تأريخهم الطويل، تعرضوا الى الخذلان والعدوان وحتى الابادات والمظالم، لكنهم يعودون كلما اشتد ساعدهم لمواجهة الطغاة والغزاة ليعيدوا العراق الى أهله. لهذا كله كثر القول عنهم وتسلطت عليهم الالسن والوشايات فنعتهم الكتبة في دواوين وحاشية الحكام والجبابرة وفقهاء السلاطين الطغاة، بتسمية ثورات اهل العراق بالفتن ووصفهم بأنهم من "اهل الشقاق والنفاق". ذلك الوصف لا يعني في صفحات التاريخ الثوري للشعوب، سوى انهم شعب متميز، له حراكه الاجتماعي، يفتخر بانتفاضاته على المظالم. ولهذا ظلت الثورة في هذا العراق هي القاعدة وليست الاستثناء. هكذا هم العراقيون، قوم مجبولين على التمرد، ورفض الظلم، خلافا لما هو سائد عند بعض جيرانهم من الاقوام، سواء عند اهل الشام أو أهل مصر؛ فالعراقيون سريعوا الاشتعال، قليلوا العطب، ساعتهم قائمة لا محال بعد أن يصبروا ويصابروا، وعندما يثورون لا يقف في طريقهم حاكم أو غاز أو لص أو حتى إمام . وان غدا لناظره قريب.
خاتمة الاستبداد الثيوقراطي من اجتثاث البعث الى اجتثاث الشعب