سامر الياس سعيد رائحة التاريخ تنبعث من مقالات ترسخ في الذاكرة وتستقر في ثنايا الاعماق لتنطلق مع اثارتها عند رحيل الاعزاء وهاهي رائحة اخرى من روائح التاريخ تنطلق برحيل الكاتب والاديب يونان هوزايا حينما تصفحت بريدي الالكتروني لاجد مقالة كنت قد نشرتها في جريدة (بهرا ) عن اصدارللراحل ابصر النور في ربيع عام 2012 واهداني اياه الصديق شموئيل شليمون لاجدني غائصا في متونه مطلقا العنان لكلماته في قراءة واستعراض قمت بنشرها في هذه الجريدة اعتزازا بالقلم الذي دون كتاب (محطات ..ونجوم )وارى من المناسب ان اعيد نشر ذلك الاستعراض نظرا لما فيه من محطات غنية بالمعلومات اضافة للراي والتجربة التي وفرها الكاتب لقرائه وتحت عنوان (محطات ونجوم في حياة كاتب سرياني ) كتبت قبل ما يقارب ما يزيد على الثلاثة اعوام هذا المقال مع اعترافي بان هذه الكلمات لم تصل للمحتفى به : يتابع الكاتب يونان هوزايا في كتابه المعنون (محطات ..ونجوم ) سلسلة من مقالاته المنشورة التي لم يخبو بريق كلماتها بل تبقى تلمع بسيرة شخصيات مهمة احتواها التاريخ ليضع هوزايا كلماته إزاء كل شخصيةمتحدثا عما قدمته في كتاب مهم ويحوي الكثير من الأسفار التي تتحدث بإسهاب عن قضايا راهنة وتاريخية عاشها السريان خلال حقبهم وفي 193 صفحة من القطع المتوسط يسرد يونان هوزايا سلسلة من الاستذكارات ويقرنها برؤى وأفكار ضمتها صفحات هذا الكتاب المهم الذي يعد وثيقة لما حدث واعتراف بجميل سلسلة من المفكرين لما قدموه عبر عشرات السنين ليتناقله الأحفاد بعرفان وحبور كبيرين ويستهل الكاتب سفره بمقدمة يتناول فيها مهمة إصدار الكتاب مشيرا بأنه مجموعة مختارة من عشرات المقالات المنشورة في جريدة (بهرا ) أو على صفحات المواقع الالكترونية لعدد من المواقع السريانية ويقسم هوزايا المقالات بواقع أربع مجاميع منها تسع مقالات طويلة أو أبحاث ومن خلال تلك المقالات يتطرق الكاتب لنخبة من رجالات الفكر كيوسف مالك والأب الدكتور يوسف حبي فضلا عن إثارة استهداف السريان كما يختار في مجموعة تالية عشرات الأعمدة التي كان يكتبها في جريدة (بهرا ) تتحدث تلك الأعمدة عن شخصيات غادرت مسرح الحياة واستذكارات لمناسبات مازالت تبرق بدماء ضحاياها أما مقالات المجموعة الثالثة فتناولت شؤونا وشجونا شتى من بينها ما حصل على مسرح الأحداث السياسية في العراق وتتوالى صفحات الكتاب لتنطلق من نعوم فائق الذي يصفه الكاتب بعلم قومي شامخ حيث تتناول المقالة المختصة به سلسلة من محطاته الحياتية كما يتابع مع يوسف مالك بمقالة معنونة نصير الاقليات كما يسلط الكاتب الضوء في صفحة تالية على ما قدمه فريدون اثوريا من حنكة واقتدار كاشفا عن أهم محطات حياته وما سطره مداده كما يكتب عن فريد نزها القومي الغيور والصحفي الجريء متابعا ما قدمه نزها من اثار صحافية أهمها مجلة الجامعة السريانية حيث كان من ابرز المساهمين في المجلة التي صدر العدد الأول منها في عاصمة الأرجنتين (بوينس ايرس ) في عام 1934 ومن أهم من كتب فيها جبرائيل ربز وابراهيم كوركجي والياس جرجس طراد وجبرا ابراهيم جبرا وانطوان رسام ويوسف مالك والشعراء الكبار أمثال خليل مطران ورشيد سليم الخوري وجبران خليل جبران كما يفسح الكاتب صفحات واسعة للتطرق الى شخصية مهمة تركت بصماتها على واقع الفكر والتاريخ حيث يتابع سيرة حياة الأب الدكتور يوسف حبي معنونا مقالته بـ( الموسوعة ولقاء الوداع ) ومع محطة الشخصيات ينتقل الكاتب الى محطة أخرى يتابع فيها بشكل موسع ما تعرض لها الاشوريون من حملات استهداف لعل أبرزها ما تعرضوا له في مذبحة سميل حيث يصفها الكاتب بثورة 1933 ومذابح سميل ويستهل هذا الفصل بالقول بان تفاوت الاراء إزاء الأحداث التاريخية خصوصا تلك التي تتداخل فيها الأمور السياسية والعسكرية والمخابراتية لتضم بين دفتيها اخبارا وأوامر وتحركات في غاية السرية والكتمان ويصف تحركات المحللين المعاصرين تجاه تلك الثورة بالاقتراب من حقائق الأمور من خلال تعدد مصادر المعلومات وتسرب بعض الوثائق الهامة واستفادة المحللين من ذكريات ومذكرات اناس عايشوا تلك الاحداث كما ينتقل الكاتب الى محطة أخرى هامة تشغل بال المشتغلين بالشان القومي فيما يخص قضايا الاقليات ومنها التسميات المتعددة بين الحقيقة والإشكالية معربا عن فخره بان الشعب الحي الذي بنى مدينة عريقة عرفها التاريخ بقي مناضلا في وطنه لإقرار حقوقه والحصول على إقرار رسمي بهوية هذا الشعب والسعي للبقاء والمشاركة الإنسانية رحلة الحياة والتطور كما تطرق الكاتب الى موضوع مهم وبارز من خلال التطرق الى مفهوم هيمنة الأكثرية وديباجة الدستور نموذجا كما تحدث عن تجارب حياتية عاشتها المكونات فضلا عن التطرق لمدن تاريخية كطور عبدين منوها بان المدينة كانت عبارة عن سجل للتاريخ والشهادة وفي محطات المدن توسع الكاتب ليتحدث عن مأساة بلدة اسمها صوريا كما واصل متابعة أسفار ذاكرته ليتوقف عند محطة هرمز شيشا كولا وفي فصل تالي توقف عند ما تعرض له مسيحيو الموصل من حملة استهداف فكتب عنهم مسلطا الأضواء عما تعرضوا له من حملات قتل واختطاف واستهدافات منظمة شهدتها أعوام ما بعد التغيير كما تحدث في سياق مقالة أخرى عن خريف راوي وكتب في محطة أخرى عن نصيبين واورهاي كما توقف عند محطة تالية ليتابع سيرة الأب اوغسطين صادق وتحدث باختصار عن تسمية كلدان واشوريون ليتابع في سياق صفحات تالية سيرة فنان يدعى بيبا واصفا اياه بالملك ولم يتحدد بالواقع الفني بل بقي يتابع مشواره ليطل إطلالات على واقع الانتخابات ويبدي رأيه بشان تكامل الجهد القومي كما افرد صفحات للحديث عن سياسة الحياد الايجابي وتوحيد الخطاب السياسي القومي وفكرته بشان مشروع سهل نينوى كما افرد في صفحات أخيرة فصولا للحديث عن تاريخ الصحافة السريانية باعتبارها فصلا من فصول تاريخ هذا الشعب واختتم الكاتب كتابه بنشر قصته الفائزة بالمرتبة الأولى في مسابقة مجلة الفكر المسيحي التي اقامتهاعام 1985..