- ثلاث ساعات صاخبة امضاها الجمهور السوري مساء الجمعة في قلعة دمشق مع مارسيل خليفة، استمع فيها الى ست عشرة أغنية غلبت عليها اشعار محمود درويش وطلال حيدر، كان اللافت فيها خصوصا أن الفرقة كانت هذه المرة سورية بامتياز، حيث العازفون ومغنو الكورال في معظمهم من سوريا.
غنى مارسيل امام 2500 شخص تقريبا من كلمات طلال حيدر "أحلى من الركوة" و"بغيبتك نزل الشتي"، و"سجر البن" و"لبسوا الكفافي". ومن كلمات محمود درويش "الكمنجات"، و"ريتا"، وتعاليم حورية" و"أجمل حب"، و"جواز سفر". كذلك قدم من كلمات أدونيس "انهض يا ثائر"، وللحلاج "يا نسيم الريح".
واعتبر ناهل الحلبي، قائد الفرقة الفلهارمونية السورية، أن "الأمسية كانت مميزة لأنها أظهرت الذكاء الكبير الذي يتمتع به هذا الرجل، حيث تمكن من دمج عدة أنواع في نمط واحد محبب للجمهور".
وأضاف الحلبي "فمن ارتجالات الجاز، والارتجالات نمط موسيقي عربي، إلى موسيقى مارسيل الجادة والملتزمة، إلى النمط الشعبي، عبر عازف الطبل وارتجالاته، بالإضافة إلى الموسيقى الكلاسيكية في بعض المقاطع".
في إطار هذا التنوع قدم مارسيل أيضا موسيقى تانغو بعنوان "تانغو لعيون حبيبتي" أهداها إلى تشي غيفارا. هذا التنوع هو ما "جعل الجمهور يتابع ثلاث ساعات من أغاني مارسيل دون أن يغادر المسرح" على ما اعتبر الحلبي.
واضاف "لقد تمكن مارسيل من حصد ثمار طيبة بمجهود ذكي، ليس كبيرا جدا ولكنه ذكي. عندما يوظف موسيقيين من مستوى عال ليبدعوا في اطار موسيقاه هو".
وقد أتاح مارسيل للعازفين، ومعظمهم تقريبا معروف في سوريا، لأن يقدموا ارتجالاتهم منفردين في إطار مقطوعاته، إلى حد أن المستمع يكاد ينسى المقطوعة الأساسية، مستمتعا بالارتجال.
ومن بين أبرز هؤلاء العازفين محمد عثمان على البزق، وبشار خليفة على الإيقاع، وعلى الطبل ألكسندر بيتروف ورامي خليفة على البيانو، والكلارينيت اسماعيل لومانوفسكي والأكورديون أنطوني ميلليت وعلى الباص مارك هيلياس. بالإضافة إلى المغنين شادي العلي وليندا بيطار إلى جانب المغنيتين يولا التي غنت "تعاليم حورية" وأميمة خليل التي غنت "الكمنجات" و"عصفور طل من الشباك" التي أهداها مارسيل "إلى السجناء العرب في السجون الإسرائيلية"، قبل أن يستدرك "وإلى السجناء العرب في السجون العربية".
ولدى سؤاله عما يجعل مغنيا كمارسيل يستمر كل هذا الزمن يقول الحلبي "ذلك مرتبط إلى جانب اختياراته الموسيقية باختياراته الشعرية، فمن لا يعشق شعر محمود درويش والقضية الفلسطينية؟"
ولدى سؤال المغني السوري شادي العلي، الذي غنى في كورال مارسيل عما يجده المغني حين يغني مع مارسيل يقول "رجعنا صغار، عدنا إلى الأغاني التي كنا نغنيها في طفولتنا. كذلك عدنا إلى حماسنا للقضية".
ويضيف العلي أن "مارسيل متنوع، حيث تجد لديه +طقطقتيني+ كما تجد +أحمد العربي+ و+غن قليلا يا عصافير+، أي من الشعبي إلى النخبوي وما بينهما"، ويقول "لكنني صرت أسمع مارسيل بعيدا عن القضية، وبمعزل عن كونه شخصية اعتبارية، صرت أسمعه بتجرد وأحببته، خصوصا حين بدأ يعمل مع الأوركسترا، بتوزيع أوركسترالي جديد".
لكن الموسيقي باسل داوود يقول "إن تجربة مارسيل لم تعد قوية كما بدأت مع الأغاني الأولى الملتزمة، والتي تربت عليها أجيال بحالها. مارسيل صار منهمكا ليبقي صورة الفنان الملتزم فوقع أسير التكلف والتصنع".
ويضيف داوود "هو في الحقيقة يعامل الجهات الممولة منذ زمن بعيد كأي فنان تجاري، ثم يصعد إلى الخشبة ليعامل الجمهور على أنه الفنان الملتزم"، ويؤكد داوود "أعتقد أن جمهور اليوم يكرم مارسيل الشاب، صاحب +ريتا+ و+أجمل الأمهات+..".
واللافت أن جمهور مارسيل يظل على الدوام جمهور الشباب، الجمهور الذي يحتاج تلك النبرة العالية عند مارسيل وسواه.
وفي هذا الاطار تقول المحامية الشابة أميمة ابراهيم "جيلنا بحاجة لمارسيل، نريد أن نستمع إلى شيء نكون سعيدين به، ويكون فيه كرامة". وتضيف "أحس به تشي غيفارا، وحسن نصر الله في وقت واحد".