رئيس الوزراء البريطاني الاسبق يفرض 150 جنيهاً استرلينياً على كل نسخة موقّعة من مذكراته. ميدل ايست اونلاين لندن – من كرم نعمة
كشف رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير عن "جشع" مالي عبر بيع كل نسخة من مذكراته تحمل توقيعه بقيمة 150 جنيهاً إسترلينيا.
وأثار بلير الذي كون ثروة من "الخدمات السياسية" بعد اسهامه في حرب احتلال العراق، استهجان الاوساط السياسية والثقافية البريطانية بتسعير مذكراته بمبلغ باهض.
وذكرت صحيفة "ديلي ميل" في عددها الصادر الاثنين أن رئيس وزراء بريطانيا الأسبق قرر فرض هذا السعر المضخّم للنسخ الموقّعة من مذكراته رغم حصوله على 4.6 مليون جنيه إسترليني مقدماً من دار النشر "راندوم هاوس".
وأعرب سياسيون بريطانيون عن دهشتهم من أن بلير، الذي جنى 20 مليون جنيه إسترليني على الأقل منذ استقالته من منصبه كرئيس لوزراء بريطانيا عام 2007، كان جريئاً في فرض سعر مرتفع للنسخ الموقّعة من مذكراته في خضم الركود الاقتصادي.
ونقلت الصحيفة عن تشارلي ويلان مستشار رئيس الوزراء البريطاني السابق غوردون براون قوله "أنا شخصياً لن اشتري أي كتاب بهذا السعر، ويتعين على بلير أن يخصص جزءاً من عوائد مذكراته لحزب العمال الذي قدم له المنصة ليكون رجل دولة من الطراز الأول".
وأعلن بلير أن مذكراته "ستعطي القارئ نظرة عن الأبعاد الإنسانية والسياسية لحياة رئيس الوزراء، وفكرة صريحة عن حياته في السياسة كزعيم في بريطانيا وعلى الساحة الدولية وتعرض للقرارات الصعبة والايجابيات والسلبيات أيضاً".
وسيجني بلير عدة ملايين من الجنيهات الاسترليني من وراء مذكراته (رحلة) والتي من المتوقع أن تصدر في أيلول- سبتمبر المقبل.
ودافعت متحدثة باسم دار النشر "راندوم هاوس" عن بيع النسخة الموقّعة من مذكرات بلير بسعر 150 جنيهاً استرلينياً في أسواق الولايات المتحدة، حيث يحظى بشعبية تفوق بكثير شعبيته في بريطانيا.
وقالت لصحيفة "ديلي ميل" ان "المحتوى هو نفسه لكن الفارق في السعر يتعلق بوجود نسخ موقعة ومحدودة من المذكرات وتمت طباعتها بصورة مختلفة عن معايير الكتب الدارجة تتناسب مع العناوين البارزة لدينا".
الى ذلك يواجه بلير تحقيقاً برلمانياً حول ارتفاع تكاليف حمايته الأمنية من أموال دافعي الضرائب، والتي وصلت إلى ستة ملايين جنيه استرليني في العام.
واشتكى السكان المحليون من أن وجود عدد كبير من رجال الشرطة المسلحين قدّروا عددهم بنحو 20 شرطياً يتناوبون على حراسة منزل بلير في ساحة كونوت وسط لندن، يجعلهم يشعرون بالعصبية ويؤثر على هدوء الحي الراقي.
وذكرت تقارير صحفية "أن 16 شرطياً مسلحاً آخرين يتولون توفير الحماية لبلير ويسافرون معه حول العالم في نشاطاته التجارية وحين يزور الشرق الأوسط حيث يعمل كمبعوث للجنة الرباعية لعملية السلام، المكونة من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا والولايات المتحدة".
وسيدرج مارك فيلد النائب عن حزب المحافظين الشريك الرئيسي في الحكومة الائتلافية البريطانية في غضون الأيام القليلة المقبلة سؤالاً على جدول أعمال مجلس العموم (البرلمان) حول تكاليف الحماية الأمنية المرتفعة باستمرار لبلير، ويوجّه رسالة إلى اللجنة البرلمانية للحسابات العامة تقترح فتح تحقيق حول هذه التكاليف.
وقال النائب فيلد "السؤال الذي يطرح نفسه هو ما إذا كان من الحكمة بالنسبة لبلير أن يعيش في مكان يجعل من السهل توفير الأمن له، بالنظر إلى فاتورة حمايته الأمنية والثروة الشخصية التي جمعها منذ أن ترك منصب رئيس الوزراء".
وتعادل تكاليف فريق الحماية الذي يرافق بلير في العطلات الفاخرة ورحلات الأعمال التجارية الدولية، تقريباً ضعف تكاليف حماية خلفه غوردون براون قبل أن يترك منصبه في أيار- مايو الماضي، وتصل إلى زهاء ربع مليون جنيه استرليني سنوياً في النفقات وحدها، فيما يعمل هو على تضخيم ثروته الشخصية البالغة 20 مليون جنيه استرليني".
وانفق فريق الحماية المرافق لبلير، الذي يمكن أن يكسب ما يصل إلى 80 ألف جنيه استرليني في الساعة الواحدة مقابل أي كلمة يلقيها في المناسبات العامة، 5000 جنيه استرليني في الأسبوع خلال مرافقته لمبعوث اللجنة الرباعية في عطلاته الفاخرة ورحلاته التجارية الدولية، كما أن انفاقه السنوي وصل إلى ربع مليون جنيه استرليني من أموال دافعي الضرائب البريطانيين بالمقارنة مع 135 ألف جنيه استرليني أٌنفقت على فريق الحماية لخلفه براون في السنة الأخيرة له كرئيس للوزراء.
ويرافق بلير، الذي يقضي معظم وقته في الخارج بموجب عمله ونشاطاته التجارية، فريق حماية مكّون من خمسة حراس شخصيين من وحدة الحماية التخصصية في الشرطة البريطانية، المكلّفة بتوفير الحماية المسلحة للوزراء والمسؤولين الحكوميين وكبار الشخصيات الأجنبية الزائرة.
ورافق فريق الحماية من ضباط الشرطة البريطانية بلير، فضلاً عن العطل، في أكثر من 21 رحلة دولية في الأشهر الأربعة الأولى من العام 2010 إلى وجهات، من بينها أبوظبي والأردن وليبيريا والصين واسرائيل وسنغافورة وماليزيا والولايات المتحدة.
وفشل بلير في أخفاء عشرين مليون جنيه استرليني كسبها عبر تسهيل مهمات شركات نفطية عالمية في العراق بعد احتلاله عام 2003.
ونفذ صبر لجنة التعيينات التجارية البريطانية المشرفة على عمل رؤوساء الحكومة السابقين بعد مماطلة بلير في اخفاء المبالغ التي حصل عليها.
وذكرت صحيفة "ديلي ميل" في عدد سابق إن بلير بذل جهداً لإخفاء صفقات كبيرة مع شركة النفط الكورية "UI Energy Corporation" العاملة في العراق بما فيها محافظات كردستان، وحصل بموجبها على عمولة تقدر بالملايين منذ عام 2007.
وتتباهى الشركة الكورية بمستشارين غربيين من الولايات المتحدة واستراليا مثل بوب هوك.
واضافت صحيفة ""ديلي ميل" في تقريرها الذي كتبه "جايسون جروفز" الى ما سبق وان اخفاه بلير من حصوله على مليون جنيه استرليني من استشاره شكليه قدمها لشيوخ آل صباح بالكويت.
ووصف المراقيون آنذاك استشارة بلير "بالرشوة الكويتية" تقديرا لمجهوداته في احتلال العراق.
وكان بلير قد أقنع لجنة الإشراف على عمل رؤوساء الحكومة السابقين بإخفاء الصفقات عن الجمهور لمدة 20 شهرا تحت مسوغ حساسيتها التجارية.
إلا ان صبر اللجنة قد نفذ الامر الذي دفعها الى نشر التفاصيل وتجاهل اعتراضات بلير.
وتسعى اللجنة في عملها الى تهدئة قلق الجمهور حول استخدام الوزراء السابقين علاقاتهم لتحقيق مكاسب خاصة.
ووصفت الصحيفة الصفقات السرية التي انهالت على بلير بـ"سياسة الباب الدوار" لتحقيق مكاسب غير شرعية من احتلال العراق، وتناسي المسوغات التي اعلن عنها في انقاذ العالم من اسلحة الدمار الشامل التي يمتلكها العراق.
وسلطت الصحيفة الضوء على المبالغ التي يحصل عليها بلير بصفته مبعوثاً للشرق الاوسط ومشاركته في حفلات العشاء والاستشارات الشكلية التي يقدمها للمصارف والحكومات الاجنبية، فضلا عن الرواتب والمزايا التي يحصل عليها باعتباره رئيس وزراء سابق.
واتهمت الصحيفة بلير ببناء شبكة معقدة من الشركات الوهمية التي تسمح له تجنب نشر حسابات مفصلة عن الاموال التي يحصل عليها.
ووصف النائب دوغلاس كارسويل صفقات بلير بـ"النتنة" مؤكدا انها ليس مجرد افعال سيئة وجشعة.
وأكد النائب الليبرالي الديمقراطي نورمان بيكر على ان الكشف عن صفقات بلير التجارية تؤكد لنا ان رئيس الوزراء الاسبق كان يعرض مواقفه السياسية للبيع، وكل ما فعله في حرب العراق كان يهدف لكسب المال لنفسه.
وكانت لجنة التعيينات التجارية البريطانية قد وافقت على طلب بلير بتأجيل الاعلان عن صفقاته السرية لمدة ثلاثة أشهر، وبعد انتهاء المدة طالب بتمديد آخر الامر الذي دفعها الى التشكيك بمسوغاته.
وذكر رئيس اللجنة، اللورد لانج ان صفقات بلير وتقارير امواله ستكون متاحة للجمهور في نهاية الامر بعد مماطلته في الكشف عنها، بما فيها الصفقة الاستشارية مع الكويت التي ظلت سرية بناء على طلب من الحكومة الكويتية.
ونشرت صحيفة "ديلي ميل" مخططات وجداول ووثائق للاموال والصفقات التي اجراها رئيس الوزراء البريطاني الاسبق توني بلير.
وكان بلير قد اقترب من الحصول على وظيفة استشارية لدى أثرى رجل في فرنسا، بعد الوظائف المشابهة التي حصل عليها عند السلطات الكويتية والشركات النفطية الدولية العاملة في العراق.
وذكر تقرير سابق لصحيفة "ديلي ميل" البريطانية إن الصداقة التي يقيمها بلير مع برنارد أرنولت ستثمر في النهاية عن نتائج مالية سيحصل بموجبها على أجر مرتفع لقاء تقديمه استشارات لشركة البضائع الفاخرة "لويس فويتون مويت هينيسي" التي يملكها ويرأسها الثري الفرنسي.
واضافت الصحيفة أن بلير دخل المرحلة النهائية من المفاوضات على الوظيفة التي سيحصل من ورائها على راتب من ستة أرقام في الشركة الفرنسية التي تملك "شمبانيا مويت" و "كاندون" وماركات فاخرة أخرى.
واشارت إلى أن المنتقدين يرون أن بلير في حال حصل على هذه الوظفية سيُتهم بالتربح شخصياً من وراء الاجراءات التي اتخذها أثناء توليه منصب رئيس وزراء بريطانيا من 1997 إلى 2007، والنيل من كرامة منصب رئيس الوزراء من خلال القفز على كل فرصة تسنح له لكسب المال.
وكانت تقارير صحافية كشفت أن بلير تفاوض مع مخازن (تيسكو) البريطانية للمواد الغذائية لمساعدتها على فتح فروع لها في الشرق الأوسط مقابل مليون جنيه استرليني، لكن المفاوضات انهارت بعد فشل الطرفين في الاتفاق على شروط الصفقة.
وتردد بأن بلير كسب 15 مليون جنيه استرليني من وراء نشاطاته التجارية منذ أن ترك منصبه كرئيس لوزراء بريطانيا في حزيران/يونيو 2007، من بينها 5 ملايين جنيه استرليني لكتابة مذكراته، و2.5 مليون جنيه استرليني من وراء عمله كمستشار غير متفرغ للمصرف الأميركي (جي بي مورغن)، ومليوني جنيه استرليني كمستشار للشركة المالية (زيوريخ).
وكان توني بلير قد دخل على خط الصفقات النفطية في العراق بحصوله على مليون جنيه استرليني سنوياً بصفته مستشاراً لتسهيل الفوز بتطوير حقل الزبير النفطي في محافظة البصرة جنوب العراق.
وذكر تقرير لصحيفة "صاندي تايمز" البريطانية ان صندوق "مبادلة" الاستثماري الذي يوظف رئيس الوزراء البريطاني السابق مستشارا له براتب ضخم، يسعى حاليا الى الفوز بصفقة تطوير احد اهم حقول النفط العراقية.
وتفند الاموال التي يحصل عليها بلير حيال هذه "الخدمة الشكلية" مزاعمه المصرة دائما على ان احتلال العراق لم يكن له علاقة اطلاقاً بالثروة النفطية.
واستغرب روث تانر الذي يرأس منظمة دولية ضد الحرب والفقر استسالة المبالغ الهائلة على الشركات الدولية من دون توفير الحاجة الواقعية للعراقيين من الوقود.
وعبر تانر عن صدمته في تصريح لصحيفة "صاندي تايمز" بقوله "بدلا من أن يحاسب بلير على افعاله في احتلال العراق، صار ينتفع على حساب الشعب العراقي".
وأتهم بلير بدعم مصالح شركات النفط الغربية مع غزو العراق عام 2003، الا انه نفى هذه الاتهامات واصفاً اياها بـ "نظرية المؤامرة" واقترح ان توضع عائدات النفط العراقي في صندوق يدار من قبل الأمم المتحدة.
واشرفت على الصندوق سلطة الائتلاف التي كان يرأسها آنذاك بول بريمر الحاكم المدني للعراق بعد الاحتلال، وكشف فيما بعد الفساد الذي شاب التعامل مع الاموال العراقية وتهريب كميات هائلة من النفط العراقي لحساب أحزاب طائفية شاركت في مجلس الحكم.
وساعدت شركات النفط الغربية على صياغة مشروع قانون الاستثمار الذي بموجبه اكتسبت دورا قوياً في السيطرة على احتياطيات العراق النفطية الضخمة.
وكانت صحيفة "ميل أون صندي" قد كشفت أن رئيس الوزراء البريطاني توني بلير تلقى نحو 90 ألف جنيه استرليني لزيارة شركة لانتاج الميثانول في أذربيجان يملكها ثري يقيم مصالح تجارية في سوريا وايران وافغانستان.
وقالت الصحيفة إن الزيارة، التي تعد الأولى من نوعها لبلير الذي يشغل حالياً منصب مبعوث اللجنة الرباعية لعملية السلام في الشرق الأوسط، موّلها نظامي بيرييف مالك شركة "إي زد ميكو" لانتاج الميثانول، وستثير تساؤلات جديدة حول علاقاته التجارية.
واضافت أن عائلة بيرييف، هي واحدة من أثرى الأسر في أذريبجان، وأدار نظامي بيرييف البالغ من العمر 51 عاماً قسماً من شركة النفط الروسية (غازبروم)، قبل أن يؤسس شركته التي حصلت على عقد قيمته ملياري جنيه استرليني لتطوير مجمع أذربيجاني للبتروكيميائيات في سوريا.
وذكرت الصحيفة أن بلير عقد اجتماعاً خاصاً مع الأمير أندرو، نجل العاهلة البريطانية الملكة إليزابيث الثانية، بعد أن أقاما في الفندق نفسه في الجمهورية السوفياتية السابقة أذربيجان، حيث كان الأخير يجري زيارة خاصة.
واشارت إلى أن الأمير أندرو، الذي زار أذربيجان سبع مرات في السنوات الخمس الماضية، مقرّب من الرئيس إلهام علييف ومرر خبرته في هذا البلد إلى رئيس الوزراء البريطاني السابق.
وقالت "ميل أون صندي" إن بلير ألقى كلمة بعد حضوره مراسم التوقيع على قرض بين "إي زد ميكو" والبنك الأوروبي للإعمار والتنمية، أشاد فيها بخطط بيرييف لبناء مصنع جديد للميثانول.
ونسبت الصحيفة إلى شركة "إي زد ميكو" قولها إنها "تأمل أن يستمر بلير في الترويج لمصالحها حين يلقي كلمات في مختلف أنحاء العالم"، مشيرة إلى أن متحدثاً باسم مكتب بلير نفى أن تكون لرئيس الوزراء البريطاني السابق أية مصالح تجارية مع شركة "إي زد ميكو".
وابلغ المتحدث ميل أون صندي "إن بلير زار باكو لإلقاء كلمة في اطار زيارة اعدتها الشركة الأميركية التي تمثل مصالحه (مكتب واشنطن للمتحدثين) وبالطرق الاعتيادية وكانت واحدة من ارتباطاته الخطابية".