> > > > انقلاب 8 شباط 1963والحقيقة التاريخية التي تزعج الكثيرين .. سلام عادل.. وطني ديمقراطي لا يستحق هذه النهاية المأساوية
كاتب الموضوع
رسالة
Dr.Wisam Yousif مشرف
الدولة : الجنس : عدد المساهمات : 1458تاريخ التسجيل : 22/03/2011الابراج :
موضوع: > > > > انقلاب 8 شباط 1963والحقيقة التاريخية التي تزعج الكثيرين .. سلام عادل.. وطني ديمقراطي لا يستحق هذه النهاية المأساوية الثلاثاء 16 فبراير 2016 - 0:25
اقتباس :
انقلاب 8 شباط 1963والحقيقة التاريخية التي تزعج الكثيرين .. سلام عادل.. وطني ديمقراطي لا يستحق هذه النهاية المأساوية!
2016-02-08 12:07:27 | (صوت العراق) - انقلاب 8 شباط 1963والحقيقة التاريخية التي تزعج الكثيرين .. سلام عادل.. وطني ديمقراطي لا يستحق هذه النهاية المأساوية!
بصراحة مهما كانت مسوغات انقلاب 8 شباط 1963 التي انتهت بقتل عبد الكريم قاسم وتصفية الحزب الشيوعي العراقي وقيادته وفي مقدمتهم سلام عادل فـإنها مسوغات غير مقنعة للمؤرخ الحصيف والمعتدل. فالانقلاب – مهما كانت حجج وذرائع الانقلابيين لقيامه- محسوب على انقلابات السي آي إيه، وطبخات الولايات المتحدة التي طالت الحركات والأحزاب اليسارية والشيوعية، منذ انقلاب مصدق مرورا بالزعيم عبد الكريم قاسم وسلام عادل والحركة الشيوعية العراقية، وما تلاها من انقلاب في اندونيسيا مماثل للانقلاب البعثي في بغداد، والسي آي إيه خاضت حروبا شرسة مع الاتحاد السوفيتي في ما يسمى بالحرب الباردة، بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية!
أنا لستُ شيوعيا ولي مواقف نقدية من الحركة الشيوعية في العراق وممارسات الشيوعيين قبل أكثر من نصف قرن ولكني لست مع ابادة الشيوعيين بالطريقة التي جرت في 8 شباط 1963 او بعدها في عام 1978 ومع جميع الاخطاء التي ارتكبت عام 1959 فان البعثيين والناصريين عندما نجحوا بانقلابهم عام 1963 وازاحة عبد الكريم قاسم عن الحكم بطريقة عنيفة وقاسية ووحشية (اعدم ورميت جثته في قعر نهر دجلة!!) ارتكبوا من الجرائم ما يشيب لها الرأس!!
انقلاب 8 شباط لا يحتاج الى شهادة من علي صالح السعدي او غيره ليؤكد سكته «الأميركية!» وسواء كان الانقلاب ممولا من الولايات المتحدة بطريقة مباشرة او غير مباشرة فالانقلاب جاء على وفق ما تريد اميركا والغرب وهو »اجتثاث!» الشيوعية والقوى اليسارية والديمقراطية من العراق والتخلص من عبد الكريم قاسم الذي اصبح بعد اربع سنوات من الحكم مواليا جدا للاتحاد السوفيتي ودول المنظومة الاشتراكية واستبدل تسليح الجيش والقوات المسلحة العراقية بالسلاح السوفيتي بدلا من السلاح البريطاني والاميركي وتحولت بغداد الى عاصمة للمؤتمرات الديمقراطية ونمت الحركة الشيوعية وتوسعت جماهيريا حتى ان اصواتا داخل الحزب الشيوعي كانت تدعو الى اسقاط قاسم وتسلم الحكم بدلا عنه وتحويل العراق الى «كوبا ثانية»!
كان الغرب والولايات المتحدة في حالة فزع قوي من نمو الحزب الشيوعي العراقي والحركة الديمقراطية على حساب القوى اليمينية وكان القوميون والبعثيون والناصريون منزعجين جدا من ممارسات الشيوعيين التي تحولت بفعل انتماء عشرات الالاف من الغوغاء والانتهازيين الى الحزب الشيوعي الى ممارسات عنيفة وخاصة بعد فشل انقلاب الشواف في اذار 1959 بالموصل!
كان الاتحاد السوفيتي ينظر الى الزعيم قاسم باعتباره زعيما وطنيا برغم بعض مواقفه المعادية للشيوعية والنهج الديمقراطي لكن خروشوف والمكتب السياسي واللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفيتي كانت تفضل الزعيم قاسم على الرئيس عبد الناصر وتعد الاخير قوميا مهووسا بعداء الشيوعيين العرب واسرائيل معا!
كان عبد الناصر في عام 1959 على خلاف قوي مع الحكم العراقي وعد وجود الزعيم قاسم في السلطة تعويق للتيار الوحدوي فقد كان حلم عبد الناصر ضم العراق كاقليم شرقي الى دولة الوحدة التي سميت بـ»الجمهورية العربية المتحدة»!
كتب قائد شيوعي كبير زار الاتحاد السوفيتي بعد ثورة 14 تموز 1958 برفقة سلام عادل لحضور مؤتمر الأحزاب الشيوعية في موسكو ان الجهات الحزبية السوفيتية عطلت سلام عادل عن القاء كلمة الحزب الشيوعي العراقي قبل ان يضمن كلمته عبارة «الزعيم عبد الكريم قاسم ابن الشعب البار» وبالفعل اضاف سلام عادل هذه العبارة الى كلمته وكانت تعني تأييد الاتحاد السوفيتي لقيادة الزعيم قاسم للعراق.
كان قاسم يتمتع باحترام وتقدير الزعماء السوفييت وزار ميكويان نائب الرئيس السوفييتي بغداد كما زارها عدد كبير من قادة افريقيا واسيا تأييدا للزعيم قاسم ونهجه السياسي المعادي للغرب!
كان سلام عادل – حسين الرضي او الرضوي- له راي اخر في سياسة الزعيم قاسم ولم يكن مندفعا لتأييده تأييدا مطلقا وقد تبلورت معارضة سلام عادل لنهج الزعيم منذ ان القى قاسم خطابه في سينما الخيام بمناسبة الاول من ايار 1959 عندما وصف الاحزاب السياسية في العراق بانه »رجس من عمل الشيطان»!
كان عامر عبد الله يسعى جاهدا لكي لا تتقاطع سياسة المكتب السياسي للحزب الشيوعي مع النهج الوطني البورجوازي الصغير لقيادة الزعيم قاسم واحتضان قاسم في مواجه الغرب والحفاظ على مكتسبات ثورة 14 تموز ولهذا بذل مسعاه لعقد لقاء بين سلام عادل والزعيم عبد الكريم قاسم وبالفعل تحقق هذا اللقاء الذي انتهى بانطباعات غير ايجابية لدى سلام عادل!
كان سلام عادل غير واثق من سياسات الزعيم قاسم وينظر اليها بحذر واعتقد انصافا للقائد الشيوعي سلام كان محقا في استنتاجاته لان الزعيم قاسم بعد خطابه في كنيسة مار يوسف في تموز 1959 شن هجوما لاذعا ضد الحزب الشيوعي وحمله مسؤولية ما جرى في كركوك في 14 تموز من العام نفسه كما لا يفوتنا ان نذكر ان مخاوف كبيرة تلبست الزعيم قاسم من موقف الحزب الشيوعي العراقي وشكوكه من تأييده له وقلقه من انقلاب الشيوعيين عليه واستلام السلطة خاصة بعد ان هتف مليون متظاهر في مسيرة أيار 1959 بصوت واحد وبعفوية ومن دون اي توجيه حزبي اذهل اعضاء اللجنة المركزية الذين كانوا يتصدرون المسيرة: «هذا زعيمي عبد الكريمي سبع ملايين تريد حزب الشيوعي بالحكم مطلب عظيمي«!!
ارتعب عبد الكريم قاسم من الهتاف الجماهيري المدوي وشعر انه مرتب مسبقا ضده لإخافته بل وتحذيره وهو رسالة يجب ان يدرك ابعادها بينما الحقيقة التاريخية تقول ان لا سلام عادل ولا أي عضو في المكتب السياسي او اللجنة المركزية كان وراء اطلاق هذه «الهوسة» الشعبية!
لقد فوجئ سلام عادل بها ايضا بعد ان اخبره احد اعضاء اللجنة المركزية الذي ترك المسيرة وتوجه اليه في مطبعة الحزب التي كان متواجدا فيها وقال سلام للعضو القيادي انه لم يوجه بهذا الشعار بل هو مزاج الجماهير.. ولم يعترض سلام على الشعار ولم يأمر بالتوقف عن ترديده!!
قال لي عدنان القصاب عضو قيادة فرع بغداد للحزب قبل انقلاب 8 شباط في عام 1992 عندما حاورته في نقابة المهندسين ان الحزب تفاجأ بموقف سلام عادل عندما وجه برفع السلاح ضدنا بعد اندلاع الانقلاب بساعات قليلة وكنا نتوقع من الشيوعيين الوقوف ضد قاسم لان قواعدهم كانت تتململ وتنتقد سلوك قاسم المعادي للحزب الشيوعي «بالمناسبة نشرت الحوار مع عدنان القصاب كاملا في العدد الحالي من مجلة ألف باء ويمكن للقارئ الكريم الاطلاع عليه»!
سلام عادل شخصية قيادية مرموقة وشجاعة وقف بجرأة – استثناءا من جميع اعضاء المكتب السياسي واللجنة المركزية للحزب الشيوعي – ضد سياسة عبد الكريم قاسم التي انتهجها ضد الشيوعيين واليساريين بعد تموز 1959 ولكن الرجل انصافا لحقيقته التاريخية وقف ضد انقلاب 8 شباط لانه في تحليله العلمي انقلاب ليس ضد عبد الكريم قاسم ونظامه الفردي بل ضد مكتسبات ثورة 14 تموز وكان سلام بحكم نباهته السياسية واطلاعه الدقيق يرى في حزب البعث خصما لدودا للحركة الشيوعية في العراق ينبغي التصدي لانقلابه باي ثمن ودحره ليس تخليصا لحكم قاسم من مأزقه السياسي والأخلاقي بل انقاذا للقوى الديمقراطية واليسارية التي كانت مهددة بنجاح الانقلاب اليميني في بغداد آنذاك!
بعد «53» سنة على قيام انقلاب 8 شباط يرى بعض انصار عبد الكريم قاسم ومحبيه – للأسف الشديد- ان موقف سلام عادل «المعادي!» لعبد الكريم قاسم في أيار 1959 يستحق الموت عليه عام 1963 وهذا ما قاله لي احد القاسميين قبل سنة!! هل كان سلام عادل يستحق هذ القتلة الشنيعة في عام 1963؟!
ان القادة البعثيين الذين تولوا الاجابة عن هذا السؤال يتناقضون فيما بينهم فعلي صالح السعدي قال انه كان في وفد خارج العراق وعندما عاد سمع ان «الرفاق!» اعدموا سلام عادل في حين يتفاخر حازم جواد في مذكراته التي نشرته صحيفة «الحياة» انه قابل سلام في القبو الذي حبس فيه داخل النادي الاولمبي وحقق معه وطلب منه ان يدلي باسماء اعضاء التنظيم في عموم العراق!!
لم يستح حازم جواد من اشارته انه لعب دور الشرطي بالتحقيق مع سلام عادل وهو يعرف ان سلام كان على غير وفاق مع الزعيم الذي ثاروا على نظامه وقتلوه شر قتلة!
لا يستحق سلام عادل ان يعذب بالطريقة الوحشية التي رويت!
ولا يستحق ان يقتل بعد ان حطمت اضلاعه وكسر صدره!!
ولا يستحق ان يضعوا رأسه تحت حادلة كما تردد وقيل!!
لا اعرف ما سر هذه القسوة المطلقة التي مارسها الانقلابيون ضد سلام عادل وعبد الكريم قاسم؟!
للحقيقة التاريخية ايضا كان الزعيم عبد الكريم قاسم متوافقا الى حد كبير ومنسجما مع القوى القومية في الجيش والامن والشرطة منذ نهاية عام 1962 حتى يوم الانقلاب عليه.. لقد اعاد تعيين الضباط القوميين على راس الوحدات المدرعة والفعالة وفي القواعد الجوية بينما نحى الضباط الشيوعيين واليساريين عن اي نفوذ داخل الجيش ماعدا العميد جلال الاوقاتي!! كان الزعيم قاسم ضد الشيوعيين طوال عامي 1962و1963وفي شباط 1963 اعتقل المقدم صالح مهدي عماش وعلي السعدي فقط وترك العميد خالد الهاشمي امرا لكتيبة الدبابات الرابعة التي انطلق منها الانقلابيون والعقيد الطيار حردان التكريتي امر قاعدة كركوك الجوية والعقيد الركن هادي خماس امر فوج حماية الاذاعة والتفلزيون والمقدم الركن جاسم العزاوي سكرتيره الشخصي ومنذر الونداوي الطيار في قاعدة الحبانية وعشرات الاسماء من الضباط القوميين والبعثيين الذين مكثوا في مناصبهم بموافقة وعلم عبد الكريم قاسم بينما لم يبق ضابط واحد من اليساريين في الجيش!! قال العميد الطيار عارف عبد الرزاق انهم نفذوا انقلاب 8 شباط مستهدفين الحزب الشيوعي وليس عبد الكريم قاسم!! وقال لي المقدم الدرع زكريا جاسم السامرائي رحمه الله امر كتيبة ومن المشاركين في الانقلاب: ما حصل في رمضان 1963 هي «فزعة ثارات عشائرية» ضد الشيوعيين!! اعتقد ان الضباط القوميين والناصريين وعبد السلام عارف ارادوا بانقلابهم الثاني في 18 تشرين الثاني 1963 تنقية سمعتهم مما وقع في 8 شباط 1963 وتبرئة ذممهم من دماء مئات العراقيين الذين قتلوا وعذبوا وطردوا من وظائفهم بسبب عقيدتهم الشيوعية او حبهم للزعيم عبد الكريم قاسم!! أتمنى ان لا يزعل من هذا المقال قومي اوناصري او قاسمي او بعثي شارك في «عروس الثورات!!» فالحقيقة التاريخية تسمو فوق جميع العواطف والانفعالات والاحكام الجائرة.. لان التاريخ لن يرحم أحدا! مشرق